|
هل هناك افق شيوعي في العالم 2
ادم عربي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 18:24
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ان معظم الاحزاب الشيوعية اليوم لا تقوم بواجبها كما ينبغي ، قسم من هذه الاحزاب وفرت على نفسها وعلى جمهورها زيف الخداع وتحولت الى احزاب وطنيه يساريه تهتم بالشان الداخلي للبلد وتسعى لاصلاحات سياسيه من اجل العدالة الاجتماعيه وتوزيع ثروة البلد ، وقسم اخر من الاحزاب الشيوعيه يمارس الغش لجمهورة ، من خلال الوعد بثورة اشتراكيه تهزم الراسماليه ، وهم بذلك غير مدركين للبنى السياسية والاقتصادية في العالم ، فهم يقودون جماهيرهم الى نفق معتم ومظلم ، ان من يقود العمال الى طريق مظلم لهو مخادع ، ويقوم بابشع خيانة ضد العمال .
لكن ما هي المفاهيم الخاطئة التي ترافق هذه الاحزاب ؟ اولا : الاعتقاد ان الغرب كافة راسمالي امبريالي وتحديده كعدو امبريالي ، مع العلم ان الدول الاوروبيه الان تعتمد اقتصاد السوق الاجتماعي ، وهو لا يمت باي علاقه بالاقتصاد الراسمالي ، لذلك لا يمكن ان تعتبر دولا امبرياليه وهي تان تحت حمل الديون الباهظه ، وحتى ان الولايات المتحده ، ليست مسيطرة عالميا على اسواق العالم او عمال العالم ، بل هي مسيطر عليها من قبل الصين المنتج الوحيد في العالم ، فاين الراسماليه والامبرياليه في ذلك؟.
ثانيآ : الاعتقاد غير الصحيح والمضلل بقدوم الثورةالاشتراكية ، او حتى تذهب تلك الاحزاب الى حتميتها ، ان هذا الطرح مرتبط بالخيال ولا يمت للواقع باي صلة ، والمعضله في ذلك هو ان الثورة الشعبية الديموقراطية والجمهوريات لا يمكن ان تبنى بشكل سليم وناجح من دون مركز اشتراكي كبير وضخم ، والسبب في ذلك ، اليوم لا يمكن بناء اقتصاد وطني ومستقل في ظل العولمة ، بل هو مستحيل ، فالعولمه بطبيعتها تنفي اي اقتصاد وطني مستقل وتعزله عن باقي العالم، وتتغول يوما بعد يوم لمن يشكل لها تهديد - ايران ، كوريا ، تشيلي....الخ - فمثل هذه الدعاوي بثورة اشتراكيه لا يعدو عن كونه حماس طفولي غير مدرك لطبيعة الاقتصاد العالمي ، ولنا في هذا المقام ان نتذكر كيف تراجع لينين في عام 1923م بشكل مؤقت عن الاشتراكيه ، بسبب الحرب الاهليه وما نتج عنها من مجاعه ، حيث انشأ آن ذاك السياسة الاقتصادية الجديدة ، واذ يدل هذا التصرف على فهم لينين الواقع الاقتصادي الروسي بدقه في تلك الفترة وتصرف وفقا لها . ثالثا : بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكيه كلها ، وانتصار البرجوازيه الصغيرة حيث تم تبني أفكارها المتمثله بالحرية ، العدالة الاجتماعيه ، الديموقراطية والمساواة تحت مسميات وشعارات مختلفه مضلله مثل تنمية وتطوير الماركسية ، او تجديد الماركسيه او عدم صحتها الان ، ومما لا شك فيه ان هذه الافكار تدلل على عدم فهم الواقع بل تتعدى الى عدم فهم المحتوى الماركسي .
رابعا : عدم فهم التجربة الاشتراكيه السوفيتيه ، وعدم فهم حقيقة الصراع الطبقي في التحاد السوفيتي ، حيث دائما يتم النظر الى التجربة السوفيتيه بانها كلها تجربة اشتراكيه ، وهنا يكمن الخطأ ، بينما حقيقة تم الغاء الاشتراكية عام 1960-1961 ، فعدم معرفة هذه الحقيقه او تجاهلها يعني اول ما يعنية هو طمس الصراع الطبقي وهو من اضاح بالاشتراكيه ، ويدل ايضا على عدم فهم طبيعة ومضمون الصراع ، هذا يؤدي الى عدم فهم العالم اليوم و كيف انتقل الى النظام العالمي الحالي. هذه هي اهم المشكلات التي تعاني منها الاحزاب والافراد والمجموعات ، لكن على ضوء ذلك ، هل تعيق تلك المشاكل والمعضلات العمل الشيوعي؟. بكل تأكيد ، حيث تلك العقول لا زالت في صناديق القرن الماضي ، لا تريد الخروج خوفا من تدمير احلامها و اوهامها . تلك المشكلات تحديدا تؤدي الى ادلجة الماركسية ، و ادلجة المادية الديالكتيكية ، التي لا يمكنها ان تجمد الا في عقول كتلك. لا يمكن للعمل الشيوعي ان يتواصل دون تحديد وفهم وتحليل الأشياء التالية : -طبيعة الصراع الطبقي الذي كان في الاتحاد السوفيتي. -موضوع الرأسماليه والامبريالية . -من هو العدو الطبقي الحالي. فهم جميع هذه الاشياء هو من يحدد كيفية العمل الشيوعي. موضوع الصراع الطبقي في الاتحاد السوفيتي هو سبب انهيار الاتحاد السوفيتي ، طريقة فهم هذا الصراع هو من يحدد ماركسية الفرد ، فمثلا القول ان الثورة المضادة للاشتراكية وقعت عام 1991م هو قول غير صحيح ، هذا الانقلاب حدث قبل ذلك بثلاثين عام ، بل سقوط الاتحاد السوفيتي اكبر دليل على صحة اماركسية من مبدا استمرار الصراع الطبقي الذي اطاح بالبروليتاريا . القول بوجود الراسمالية والامبرياليه هو ما يحرف العمل الشيوعي ، لا يمكن محاربة وهم ، فجميع اقتصاديات المراكز الراسماليه لم يعد اقتصدها رأسمالي اليوم ، فهي تتبنى اقتصاد دولة الرفاه ، اقتصاد مغاير للراسماليه ، الاقتصاد الاستهلاكي او اقتصاد السوق الاجتماعي ، هذه الدول اخذت مسارا بين الاشتراكيه والراسماليه مما يعني عدم تبنيها للراسماليه ، اذن كيف تكون امبرياليه؟ تلك المسأله لا بد من حسمها وهو ان الامبرياليه تم تفكيكها نهائيا منذ السبعينيات ، ومن يطرح محاربة الامبريالية اليوم انما يحارب وهما لا اكثر . واخيرا تحليل البنية الاقتصاديه العالميه بدقه سيحدد من هو العدو الطبقي ، ان تحليل الواقع يقول ان احزاب البرجوازيه الصغيرة تتربع الان على عرش السلطات في معظم دول العلم ، وتحديدا الدول الراسمالية سابقا ، والمصيبة الكبري ان كثير من الاحزاب الشيوعية تتبنى افكار ومعتقدات تلك الطبقة مثل الحرية و العدالة الاجتماعية و المساواة و الديمقراطية و التعددية والاصلاح الاجتماعي من اجل زيادة الاجر ......الخ هذه الافكار غريبة عن الماركسية ومن هنا يمكن القول ان تلك الافكار جمدت وعطلت الماركسيه والعمل الشيوعي عن الحركة .
ان هذه الافكار وهذه الشعارات والانجرار خلفها بحجة تطوير الماركسية ، هي نفس افكار خرتشوف الذي اعلن ان الاتحاد السوفيتي دولة الشعب كلة ، وبهذا يصبح هذا الفكر في تناقض مع الاشتراكية ، وقد حذر ماركس من مثل تلك المفاهيم والانجرار خلفها " البرجوازيون الديمقراطيون الصغار يريدون تحسين أجور و توفير الأمن للعمال , و يأملون أن يحققوا ذلك في ظل دولة توفر العمل و الرفاهية بشكل أكبر , بإختصار , يريدون رشوة العمال من خلال صدقات مقنعة و كسر عزيمتهم و قوتهم الثورية بتوفير وضع مقبول بشكل مؤقت " . دولة الرفاه تقوم على هذا الشرح الماركسي الذي اوضحه ماركس في خطابه امام اللجنة المركزيه لعصبة الشيوعيين عام 1950م ، لذلك على الشيوعيين ان لا ينجروا وراء تلك الشعارات ووصفها انها تقدميه ومطورة للماركسية ، ان تحديد العدو الطبقي يفتح الطريق للعمل الشيوعي ولا يقع على عاتق فرد واحد بل جميع الاحزاب الماركسية الحقيقيه .
#ادم_عربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هناك افق شيوعي في العالم؟
-
برجوازية صغيرة ام وضيعة
-
الموروث الثقافي و دونية المراة
-
إسرائيل بين الهوية الدينية والصراع الطبقي 2
-
إسرائيل بين الهوية الدينية والصراع الطبقي
-
استحالة وجود يسار اسرائيلي
-
فشل اسرائيل2
-
فشل اسرائيل
-
مسيرة الماركسيه العربيه 2
-
حراكات العرب الى اين؟
-
الراسمالية والبيئة
-
كل عام وانتم بخير
-
انا المستحيل يا زمني.......
-
رد على كتابات صهيونيه
-
رد على كتابات ابراهامي
-
حرف الحراكات العربيه عن مسارها
-
اليسار الصهيوني2
-
اليسار الصهيوني
-
قراءة في نتائج الانتخابات الامريكية
-
iلأزمة الاجتماعية في البلدان الاسلاميه وغياب الأسس المادية ل
...
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|