أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - اختراق سياسي للأزمة السورية















المزيد.....


اختراق سياسي للأزمة السورية


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4005 - 2013 / 2 / 16 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يبدو أن الأزمة السورية تحتاج إلى مزيد من الوقت، لبلورة توجه باتجاه مصيرها، رغم كل التوقعات التي يتم إطلاقها من وقت لآخر من دوائر مختلفة بشأن قرب حسم الصراع عسكرياً من قبل المعارضة، وأن النظام السوري بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط، أو اعتبار في المقابل أن نظام الأسد استعاد عافيته العسكرية، وبات على وشك الإجهاز كلية على المعارضة المسلحة، وتصفية وجودها داخل الأراضي السورية .

حتى التصورات المتفائلة بشأن التسوية السياسية المرتقبة هي الأخرى لا يمكن المبالغة فيها، فثمة إشكاليات قائمة لم تتم تسويتها بعد، وتباين في رؤى كل الأطراف سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، ومثل تلك القضايا المعقدة والمركبة، كما هو متعارف عليه، تتحرك على أكثر من صعيد، وتتطلب أكثر من متغير، وبيئة سياسية معينة، وتأخذ وقتها حتى تصل لمحطتها الأخيرة، سواء عبر لغة الحرب أو التفاوض .

لا شك في أن مؤتمر الأمن الأخير بميونيخ كان نقطة تحول مهمة في مسار العملية السياسية السورية الممتدة منذ شهور، التي تعاقب عليها أكثر من وسيط دولي من دون نتائج ملموسة، وهي لا تقل أهمية عن اجتماع جنيف الأول لمجموعة العمل من أجل سوريا، الذي بلور “بيان جنيف” الشهير الذي وضع أساساً للحل السياسي للأزمة السورية .

وإن كانت التصريحات الأخيرة المتكررة للمبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي تبدو في غاية القتامة بحديثه عن أن “الأوضاع في سوريا تتجه للأسوأ، وأن كلاً من واشنطن وموسكو لا تعملان حتى الآن على خطة للخروج من الأزمة، وأن مبادرة رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب غير كافية لتنفيذ مشروع حل سياسي”، إلا أن لقاء معاذ الخطيب لأول مرة مع كل من وزير خارجية روسيا وإيران، تلك الدولتان الداعمتان بقوة للنظام السوري، التي تنظر إليهما المعارضة السورية كخصوم ألداء كونهما مصدر قوة نظام الأسد، يمكن اعتباره بمثابة كسر لجمود الموقف، واختراق مهم لجبهة معارضي النظام السوري من قبل داعميه، والأهم كان تدشين جسور تواصل مع طرف سياسي رئيس في المعارضة، بالاتفاق على استمرار اللقاءات والحوارات سواء مع موسكو أو طهران، كما تم مسبقاً مع جبهة من معارضي الداخل كهيئة التنسيق السورية بقيادة هيثم مناع، ومع قوى أخرى .

ومن هنا يمكن تفسير حجم الانتقادات لمعاذ الخطيب ومبادرته للحوار مع النظام من قبل رموز عدة من جبهة المعارضة، على النحو الذي يعكس عدم انسجام وتنافر في الرؤى والمواقف، بل وصراعاً وتناقضاً داخل الائتلاف، وغيره من جبهات المعارضة .

وإن كانت أصوات معارضة قد اعتبرت مبادرة الخطيب شخصية، ولا تعبر عن موقف المعارضة، سواء داخل الائتلاف السوري المعارض أو خارجه، إلا أنه لا يمكن اعتبار أن تلك الخطوة أتت بشكل عفوي، وإنما سبقها تحضير واتصالات، وأتت بتنسيق بشكل رئيس مع أطراف إقليمية ودولية وفي مقدمتها واشنطن الراعي الرسمي للقوى المعارضة، فلو كان ثمة فيتو على مثل هذه الاتصالات ما تمت من الأساس، فضلاً عن الترحيب الأمريكي بهذا اللقاء، والقبول الدولي الواسع به، وبهذه المبادرة التي جرى طرحها من قبل معاذ الخطيب، فيما عدا الموقف التركي الذي يبدو أنه مصرّ على المضي في عدائه للنظام السوري، وخطاب الإسقاط بالقوة ودعم الخيار العسكري .

صحيح أن الخطيب وضع شرطاً لقبول الحوار مع النظام السوري، وهو الإفراج عن كل المعتقلات السوريات، واختار نائب الرئيس فاروق الشرع لمحاورته في الخارج، وأمهل الحكومة السورية مهلة زمنية للاستجابة، وأتى الرد على لسان عمران الزعبي وزير الإعلام أننا نرحب بالحوار داخل سوريا ومن دون شروط مسبقة، ما يعني أنه لا حوار بين النظام السوري والائتلاف السوري المعارض يلوح في الأفق حالياً بالشكل الذي كان ينتظره البعض . لكن رغم أن لقاء ميونيخ ومبادرة الخطيب لم تسفرا عن نتائج عملية، إلا أن ثمة قيمة رمزية لها لا يمكن التقليل من أهميتهما، أولها أنهما حركتا المياه الراكدة، وأعطتا إشارات للمرة الأولى إلى إمكانية جلوس النظام والمعارضة على طاولة واحدة، رغم وجود أصوات متشددة ترفض حتى اللحظة هذا الخيار، كما أنهما أحدثتا تحولاً نوعياً في المواقف المتشددة لكل من طرفي الصراع الداخلي، فلأول مرة يتحدث ممثل بارز للمعارضة عن الحوار مع النظام، بعد أن كان الخطاب “لا حوار إلا بعد رحيل الأسد”، ولأول مرة تأتي المبادرة من المعارضة على هذا الصعيد، وفي المقابل وإن كان نظام الأسد لم يستجب لأول مطلب للخطيب الذي يُنظر إليه كنوع من بادرة حسن النية ولتهدئة الأصوات المعارضة الرافضة لخطوة رئيس الائتلاف السوري المعارض، إلا أنه استجاب بشكل آخر، ورد على مبادرة الحوار بالدعوة لحوار غير مشروط، ولم يستثن أحداً من الحوار هذه المرة .

وبحسب عمران الزعبي وزير الإعلام السوري، فإن “الباب مفتوح والطاولة موجودة، ولا إقصاء لأي أحد”، في حين أن الرئيس السوري بشار الأسد في آخر خطاب له كان قد حدد الأطراف التي يمكن التحاور معها، وهي أن تكون معارضة الداخل وليس الخارج، وغير المتورطين في عمليات عسكرية .

وحتى موقف المبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي المقلل سابقاً من قيمة مبادرة الخطيب سياسياً، يبدو أن ثمة تحولاً في موقفه إذ بحث مع الأمين العام للجامعة العربية، حسبما أعلنت مصادر دبلوماسية عربية، ترتيب عقد لقاء بين معاذ الخطيب رئيس “ائتلاف الدوحة”، وفاروق الشرع نائب الرئيس السوري، من دون تحديد موعد لهذا اللقاء أو مكان عقده أو جدول أعماله .

ولا شك في أن هذه إنجازات، ولو محدودة على طريق التسوية السياسية والخيار التفاوضي، لكن مثل هذه الإجراءات ما زالت تدخل في باب تهيئة الأجواء، والعمل على خلق بيئة تفاوضية ملائمة، ومسار داخلي مواز للمسار الإقليمي التركي الإيراني، والمسار الدولي الروسي الأمريكي، حتى يمكن التوصل إلى نقاط تلاقٍ واحدة بين كل هذه المسارات التي يخدم كل مسار فيها الآخر .

ومن الملاحظ أنه خلال اجتماع ميونيخ الأخير لم يكن البارز فيه فقط لقاء الخطيب بكل من علي أكبر صالحي وسيرغي لافروف، لكن أيضاً لقاء وزير الخارجية الروسي ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وحديثهما أن ثمة خلافات قائمة لا تزال حول موقف بلديهما من الأزمة السورية، لكن ثمة اتفاقا على ضرورة العمل بين الطرفين على إيجاد تسوية، وهذه المواقف، وإن كانت ليست جديدة بين كل من موسكو وواشنطن، إلا أنها تعكس حرص كل من الطرفين على عدم ترك أي فرصة للحوار إلا ويتم استغلالها، وثمة قناعة أيضاً أن الحل في سوريا يتطلب جهود كليهما، وأنه لا يمكن لطرف واحد مهما كانت له تأثيرات في الأطراف الداخلية أن يحسم ذلك الصراع المعقد . ويبدو أن واشنطن في هذه المرحلة تريد الإبقاء على المسار العسكري نشطاً على الأرض من دون تدخل مباشر، وفي الوقت ذاته تحافظ على خطوط الاتصال السياسي مفتوحة، سواء بين الأطراف الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، حتى يتم إنضاج الموقف، ويكون ثمة وضوح لحجم القوة الحقيقية، وما تبقى من أوراق لدى كل طرف يتم وضعها على طاولة التفاوض .

ويمكن النظر إلى قدوم جون كيري إلى قمة الدبلوماسية الأمريكية، كنقطة تحول أخرى في مسار الأزمة السورية، إذ يبدو أقل تشدداً في مواقفه من هيلاري كلينتون التي كانت تنتهج خطاً عدائياً لنظام الأسد، وتتبنى بشكل فج المعارضة، ومطلبها بالتسليح وإسقاط النظام السوري بالقوة، مثلها مثل المسؤولين العسكريين، خاصة وزير الدفاع ليون بانيتا .

كما أنه بحديثه في بداية تسلمه مهام عمله، عن تقييم للوضع والاعتراف بأنه في غاية التعقيد والخطورة، وأن ثمة حاجة لإيجاد طريقة للتقدم عبر الدبلوماسية بشكل خاص، يعني وجود رؤية ناضجة للصراع في سوريا يمكن التعويل عليها .

ولا شك في أن حديث كيري على مبادرة دبلوماسية لوقف الصراع في سوريا، مع رفض البيت الأبيض خطة لتسليح المعارضة كانت قد أعدتها هيلاري كلينتون، يعد مؤشراً إلى إنهاء الانقسام بين موقف كل من البيت الأبيض والخارجية الأمريكية بخصوص خيارات التعاطي مع الأزمة السورية، وسوف يلقي هذا الانسجام وهذه المؤشرات الجديدة بظلالهما، بلا شك، على الاتصالات الروسية الأمريكية، وقد يصب في دعم تدشين الحوار بين النظام والمعارضة، كما أن افتتاح مكتبين للائتلاف السوري المعارض قريباً في كل من واشنطن ونيويورك، وإعلان موسكو عبر مبعوثها في الأمم المتحدة عن إجراء اتصالات معهما لتشجيع المعارضة على الحوار مع النظام السوري، محاولة جديدة لمزيد من التقارب مع الائتلاف السوري المعارض، كما أن إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن الاتحاد الأوروبي لن يرفع الحظر عن الأسلحة المرسلة إلى المعارضين السوريين طالما أن إمكانية الحوار السياسي لتسوية الأزمة في سوريا ما زالت قائمة، فضلاً عن تأكيده في تصريحات له على هامش اجتماعات للمجلس الأوروبي في بروكسل أن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي “مازال متمسكاً بفكرة إجراء حوار سياسي في سوريا رغم الخلاصة المريرة التي توصل إليها حول الوضع في سوريا” . كل هذه المواقف تصب جميعها في خانة دعم التوجه نحو المسار التفاوضي .

لكن النتائج تحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد حتى يمكن تلمسها، وتقييم المدى الذي وصلت إليه، وهل هي باتجاه حلحلة المواقف أو حركة في ذات المكان أو إنجاز مادي وتسوية شاملة للصراع الدائر تحقق مصالح كل الأطراف .



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة
- سوريا إلى نقطة الصفر
- تونس في مواجهة الافلاس والعنف
- الجحيم السوري يفيض على الجيران
- ثورة الياسمين تضل الطريق
- غموض المشهد السوري مجددا
- -نهضة- تونس.. العنف بدل الحوار
- صراع النفوذ في سوريا
- -ائتلاف الدوحة- خطوة على طريق الألف ميل
- الأزمة السورية في دهاليز التسويات
- -طائف جديد- في سوريا
- حتمية التحالف المصري مع إيران.. وفك الارتباط مع الكيان الصهي ...
- دراما رمضان المصرية ومواصلة الخصم من رصيدها الطويل
- ثقافة العبيد التي قوضت ثورة المصريين
- الأرض الثابتة: انتصار أخلاق البحر على القانون
- فيلما -من وراء الستار- و-جوه البحر-:الاختيار الصعب والتحقق ا ...
- هيمنة الحضور الامريكي وهاجس ترميم نظام مبارك
- اسقاط اوهام استقلال قضاء تحكمه الديكتاتورية
- الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم
- المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - اختراق سياسي للأزمة السورية