أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن بشير محمد نور - (الربيع العربي) بين الاحتواء والاجهاض















المزيد.....

(الربيع العربي) بين الاحتواء والاجهاض


حسن بشير محمد نور

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 16:27
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



بالرغم من التحذيرات المتكررة من أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير الثوري في الدول العربية واقتلاع أنظمة الطغيان والفساد من جذورها، من محاولات احتواء الثورات او الانتفاضات التي تمت، إلا أن احتواء ما صار يعرف بثورات (الربيع العربي) قد ذهب إلي أشواط بعيدة ودخل مرحلة الإجهاض التام. بعد مرور عامين علي اندلاع الشرارة الأولي لحراك الربيع العربي فان حصاد النتائج النهائية ما زال بعيدا والمخاض عسير. ها هي تونس تشهد حادث عنيف ضرب في قلب الصفوة السياسية الثورية المستنيرة وادي إلي اغتيال المناضل شكري بلعيد، بينما تتصاعد التحركات السلمية والعنيفة ضد حكومة الاخون في مصر ويمر الشارع هناك باقصي حالات الاستقطاب السياسي والاجتماعي.باعتبار ان الشارعين التونسي والمصري يشكلان البوصلة الرئيسية لرصد حراك وتطور حركات الربيع فيمكن الاعتماد عليهما كمثالين للرصد والقياس والتقييم، دون اغفال الحالات الاخري مثل ليبيا، اليمن ثم سوريا.
يمكن القول أن القوي التي تسعي لإجهاض الحراك الثوري تتمتع بإمكانيات وقدرات كبيرة ولديها مهارات متقدمة في التخطيط ورسم الأهداف وابتكار أساليب التنفيذ التي تتراوح بين الالتفاف والاحتواء ثم الإجهاز التام علي إي أمل في التغيير المنشود. الامر يبدو واضحا في سوريا حيث تم حرف الثورة عن أهدافها، منذ البداية وتلغيمها بمجموعات بعيدة عن التطلعات الحقيقية لغالبية الشعب السوري الذي يسعي لإقامة نظام ديمقراطي في دولة حديثة تلحق بركب التقدم والحداثة بمشاركة جميع ألوان الطيف السياسي والقومي، كما يشكل بؤرة لإنتاج تطرف عالمي باركان مكتملة. بخصوص ما جري في اليمن وليبيا فلا يمكن البناء عليه نتيجة لطغيان العامل الخارجي وتأثير (الجيوبولتيكا) الآمر الذي أدي إلي خلط الأوراق وبعثرتها إقليميا ودوليا بشكل سيؤدي إلي تداعيات بعيدة ألمدي.
نتائج (الربيع العربي) جاءت مخيبة لآمال الكثيرين، من الذين كانوا يحلمون بالحرية وكرامة العيش، بعد ان تم استثمار الحراك الثوري بنجاح من قوي ليست غير ثورية فحسب وإنما تشتمل علي تيارات موغلة في الرجعية والتخلف وفي بعض عناصرها تنتمي لقوي التطرف الديني والمذهبي بشكل فاضح.هذه التيارات كانت جاهزة بشعاراتها التي تلامس عواطف ووجدان الإنسان البسيط ، إضافة للعمل ذي الطابع الإنساني والدعوي. دعم كل ذلك بمراكمة خبرة سياسية من خلال العمل لفترات طويلة - كتف بكتف- مع الأنظمة التي تم إسقاطها (خاصة في مصر) من خلال أساليب ملتوية لا يمكن إتقانها ألا من قبل مجموعة ذات مواصفات خاصة تجيد التقلب والتلون وتبرع في فن التآمر والخداع.
بعد وصول تلك القوي إلي الحكم تطورت الأمور بشكل دراماتيكي، فبدلا من السعي نحو تقديم أنفسهم بشكل جديد يحترم تضحيات الذين قاموا بالتغيير ويسير نحو نهج يدل علي إمكانية تطوير أنظمة (تعددية) يتم فيها التوافق علي النظم الدستورية، القانونية والمؤسسية الحاكمة لمرحلة الانتقال، والعمل علي استيعاب التنوع السياسي والاجتماعي في منظومة تساعد علي توفير الحد الادني من مطالب (الثورات والانتفاضة) (خبز، حرية، كرامة، عدالة اجتماعية)، بدلا عن ذلك، أبي الطبع إلا أن يغلب التطبع، فسارت جماعات الإسلام السياسي نحو الهيمنة والإقصاء والتمكين. عمق من ازدراء تلك الجماعات (للآخر)، الذي شارك بفاعلية اكبر في التغيير، التأييد الذي وجدته من الغرب خاصة الإدارة الامريكية والتمويل الكبير المباشر وغير المباشر من البترودولار العربيي، وهذا ما يجب الوقوف عنده طويلا وتحليل كافة جوانبه لمن أراد لثورة ما أن تنج وتستمر في تحقيق أهدافها. كانت النتيجة دخول دول (الربيع) في مرحلة جديدة من الصراع بطابع عنيف هذه المرة كما جري بتقتيل الناشطين الشاب في مصر واغتيال المناضل شكري بلعيد في تونس. هذه المرحلة الجديدة يمكن تسميتها ب(الثورة مستمرة) أو (الثورة الجديدة).
هذا الواقع بالرغم من مرارته إلا انه يعطي الكثير من الدروس والعبر للشعوب التي باشرت العمل في انجاز ثوراتها، أو تلك التي لم تفعل بعد إلا من إشارة توحي بوجود شرارة تتقد جذوتها تحت الركام.
اظهر الحراك الثوري ضعف اليسار في الدول العربية (بعربها ومكوناتها القومية الاخري بالغة الأهمية في إي فعل ثوري يؤدي إلي لتغيير حقيقي، عميق ومستدام) وعمق الفراغ الذي تركه اليسار بفكره وفعله. الآن وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي، وبعد سقوط الأنظمة القومية العربية او تراجع تأثيرها بشكل حاسم، تغيرت قواعد اللعب ولا مجال لان يكرر التاريخ نفسه، إلا أن المنطق يقول لكل ثورة أساليبها وأهدافها ولن يشذ ما يجري في الدول العربية عن القواعد العامة لحتمية التاريخ في فرض ألطبيعة والمكون الاجتماعي لهذا البلد او ذاك، بقواه الحية وإزكاء نار الصراع الطبقي بشكل جديد من اجل تحقيق أهداف اجتماعية تراعي عدالة التوزيع وتقليل حدة التفاوت بين الأغنياء والفقراء وتحقيق تنمية متوازنة مستدامة تلبي متطلبات العيش الكريم في العمل، النمو والاستقرار بمختلف عناصره.
لا مناص من الاستجابة لإرادة الشعوب الغالبة في نهاية المطاف ولا يمكن لأي نظام أن يستمر ويتمكن في الحكم مهما كانت شعاراته وادعاءاته دون أن يلبي طموحات غالبية الشعب، خاصة إذا كان نظام الحكم ناتج عن ثورة أو انتفاضة شعبية. أما إذا كان نظام قائم علي القسر والاستبداد فمصيره الزوال والنسيان بعد ان يطمر في مزبلة التاريخ، مهما كان الدعم الذي يجده أو القوي التي تقف وراءه.
نتيجة اخري شديدة الوضوح هي ان ما جري بعد الثورات العربية قد اضعف قوي الإسلام السياسي وزعزع مكانتها ووضعها في حالة دفاع، بعد فشلها السريع في تطبيق شعاراتها علي الأرض وما أبدت من شراهة وشهوة للسلطة والتملك والاستبداد. من اكبر الشواهد علي ذلك موكب تشييع بلعيد بدلالته العظيمة بمليون وأربعمائة ألف مشيع في بلد يبلغ تعداد سكانه حوالي عشرة مليون نسمة وبما يجري في مصر من اتساع للمعارضة الشعبية وفي شروع الغرب في التملص من بعض إطراف الصراع السوري ووصمها بالإرهاب والخوف من ارتداد ما زرع من سحر عليه.
يبدو أن المطلوب من القوي الثورية هو تغيير الإستراتيجية والتكتيك وابتداع أساليب جديدة للعمل السياسي والاستقطاب الجماهيري حول أهداف واضحة، إلا ان الأهم هو تجديد الرؤي الفكرية وفلسفة وتنظير قوي اليسار في الواقع الجديد الذي تحكمه قوانين العولمة والامبريالية المالية بأنماط انتشارها وتغلغلها الجديدة غير التقليدية. لا يغيب عن الفكر هنا مختلف أنوع الفعل السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي. الآن يمكن لرأس المال ان يذهب إلي أي مكان ويستوطن فيه دون ان يتم تمييز مصدره او جنسيته، من هنا يكتسب العمل الاستثماري أهمية قصوى بوعي جديد حول التقييم والمردود المادي والاجتماعي، اذ لا يمكن الوصول إلي الحكم اليوم بجيوب فارغة.
اختلفت أساليب السيطرة مما يتطلب تجديد وتنويع أساليب العمل من اجل التغيير، وستتفتح عندها براعم الربيع وستزهر وتعطي ثمارا طيبة يستمتع بها ويستفيد منها الجميع. لكن إلي أن تصل الدول العربية إلي أنظمة معافاة تستطيع إنتاج قادتها وبدائل حكمها بشكل تلقائي يجب البحث عن آلية لصنع البديل وابتكار أساليب متطورة للقيادة الجماعية وإنجاح أشكال التحالف والعمل الجبهوي الجامع لعناصر مختلفة في الرؤى متوحدة في الأهداف. هذه واحدة من متطلبات هذه المرحلة في غياب كاريزما القيادة وإلهامها ولا شك أن هذا واحدا من اكبر المآزق التي واجهتها الثورات العربية التي تفجرت تلقائيا وبعيدا عن قيادة منظمة وما يمكن ان يحدث من تحدي علي ألمدي القصير.
في واقع اليوم لا ضرورة لقادة مثاليين أو استثنائيين بل المهم وضوح الرؤية والتعبير عن الأفكار والقدرة علي الانجاز والاستمرارية النسبية. ربما تكمن الإجابة عن أسئلة البديل والقيادة في قدرة الحركات اليسارية والديمقراطية في تجديد ذاتها وتطوير بنيتها وإشاعة الديمقراطية في صفوفها وتأهيل شبابها وتقديمهم لقيادة الصفوف. عندها سيتم وضع مسار جديد لمواكب التطور ولا يعاند منطق التقدم وحتمية التاريخ.في النهاية فان وضع تقييم موضوعي لنتائج (الربيع العربي) بعد عامين من اندلاعه يحتاج لورش من النقاش الجاد لاستخلاص النتائج ووضع ما يلزم من حزم ثورية لمواجهة الاحتواء وإفشال إجهاض ثورات (الربيع).



#حسن_بشير_محمد_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكاليف الاجتماعية للازمات المالية العالمية
- الاثار الجانبية لغزوات (الناتو)


المزيد.....




- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...
- شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
- الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل ...
- العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها ...
- روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين ...
- الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن بشير محمد نور - (الربيع العربي) بين الاحتواء والاجهاض