إياد أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 03:06
المحور:
الادب والفن
ما قرأته منذ بضعة أيام في العدد الثاني في جريدة " شام " السياسية الإخبارية الصادر في العاشر من الشهر الجاري تحت عنوان ( هل سيحلَّ "عيد الحب" على سوريا؟! عاشقات سوريات يتحدثن عن الحب في زمن الثورة.. والموت ) , أثار اندهاشي ما قرأت و هذا ما كان مكتوباً :
نور العمر
في ظل هذه الظروف القاسية كيف يعيش السوريين عيد الحب وكيف يحتفلون، هل لازال عيد الحب يعني شيئاً للشباب والشابات السوريين؟
أحببت وطني واعتزلت الغرام
"لم أكن أفكر يوماً بأن السياسة سوف تفرق بيننا" قالتها هدى وهي تبكي، وأضافت: "عشنا قصة حب رائعة جداً، وكان من المفترض أن نكون قد تزوجنا منذ سنة تقريبا، ولكن اختلاف وجهات النظر بشأن ما يحصل في البلد باعدت بيننا جداً، لم يكن يتقبل فكرة أنني ضد النظام أو أفكر بذلك مجرد تفكير، حاولت معه مراراَ وتكراراً لكن دون جدوى، فقررت الانفصال عنه مع أن ذلك كان صعباً جداً، آثرت بلدي على نفسي، أنا لا أقبل العيش مع شخص يدافع عن نظام مجرم وقاتل لأي سبب كان، والذي لا يحب بلده لا يستطيع أن يحب الاخرين، وأنا اعتزلت الغرام" ختمت هدى مبتسمة.
الحب الالكتروني:
أما سمر فتقول: "منذ سنة تقريباً لم أشاهد أو أسمع صوت خطيبي وحبيبي، كان من أوائل الشباب الذين طلبوا للاحتياط في المدينة، فقرر الهرب إلى الأردن، كي لا يكون فرداً في جيش القتل الذي يفتك في بلادنا". وتضيف مع تنهيدة طويلة: "لقد كانت أحلامنا كبيرة جداً، ولكن للأسف لم تكن الظروف لصالحنا، ومع هذا الحمد لله قد أصبح لي حبيبان: الانترنت وحبيبي، فهو الذي يقرب المسافات بيننا، وأتواصل معه كل يوم إن كان الانترنت متاحاً". وتعقب أخيراً: "أنا متفائلة كثيراً بأننا سنحتفل قريباً جداً وسننتصر".
سأزوره في المقبرة:
ليلى تكلمت عن حبيبها الشهيد: "مضى على رحيله حوالي الخمسة أشهر، حبيبي كان وسيبقى دائماً حبيبي، كان مثل كثير من شباب ورجال بلدي الثائرين لا يرضى الذل والهوان الواقع علينا جميعاً، درسنا الهندسة وتخرجنا وكنا نؤسس لحياتنا معاً، شاركنا بأعمال الإغاثة والمساعدات الطبية على الأرض في أغلب المناطق المنكوبة من العاصمة، ولم نفترق أبداً".
وتتحدث عن ظروف استشهاد حبيبها: " في تلك الليلة المشؤومة، خرج حبيبي خالد لتوصيل بعض الملابس لأسر نزحت من مدينة حمص، عندما كان في طرق العودة استهدفه قناص، ولم أره منذ ذلك اليوم".حبست دموعها وأكملت: "كنت أعلم أنه يحب سورية أكثر مني، ولكن لم أتوقع أن يذهب ويتركني بهذه السرعة فلقد كنا نحلم بالانتصار وبأن يوم زفافنا سيكون يوم سقوط النظام، لكنه ذهب وتركني وحيدة ومع هذا لن أتركه وسأزوره في المقبرة يوم عيد الحب لنحتفل سوياً لأنه كان وسيبقى حبيبي".
حبيبي ثورجي
"نعم سأحتفل بعيد الحب وسأحب حتى آخر يوم في حياتي، لقد علمني حب الحياة وحب الوطن، تعلمت منه الكثير وتعلم مني" بهذا التفاؤل قابلتنا رنيم عند سؤالنا لها عن معنى عيد الحب لديها، وأضافت: "حبيبي ثورجي وهذا ما أحببته فيه قبل كل شيء، لا طوله ولا شكله ولا أناقته... ما جمعني به هو حب الوطن، كنت أحلم بأن ألتقي بفارس أحلامي يوماً ما ولكن لم يخطر ببالي أن نجتمع في إحدى المظاهرات، وأقف معه جنباً إلى جنب ونهتف معاً"
عيد للوطن:
أما حنان فقد قررت تجاهل هذا العيد باعتبار أنه من المعيب الاحتفال به في ظل ما يحدث، وقالت: "الناس تعاني البرد والموت والظلم والتهجير، فكيف لنا أن نحتفل، لم نحتفل في أعيادنا الدينية حتى نحتفل بهذا العيد .. أرى من المعيب علينا أن نعطي لقلوبنا مساحة من الحب والتمتع بلحظات حميمة مع المحبين فيما وطننا يذبح وشبابنا تقتل ونسائنا تغتصب وإخواننا يعانون في داخل البلد وفي خارجه". وتضيف: "اعتبره نداء للجميع، بأن نكرس هذا العيد وكل عيد وأية مناسبة للتضامن مع حبيبتنا سورية لنرفع شعارات تدعم ذلك، فسورية في قلوبنا في كل الأوقات".
هنا انتهى الخبر و أعجبني تعليق أحدهم على النص المذكور و هو كالتالي :
عمر علي باشا • علم اجتماع
مابين الحب والحرب حرف راء ,,,,,, الحب ليس امر نطلبه او نرفضه , حتى يكون لنا راي فيه ان تعيشه او نتجنبه ,,, فهو بلا موعد ولايقدر الازمات ولا تعنيه ,, ومع ذلك فهو ليس قليل ادب ولا قليل ضمير ,,, انما قدر ,,, وعن مواسمه فاعظم الحب ما انتجته الازمات ففي الحروب تزدحم البشر بعضها فيعشعش الحب ولان في الحروب تستنفر الفروسيات والحب فروسي الهوى يعيش الحب ,, وينتشر ,,,الحب يعيش في كل الازمان لكن اجمل و اروع بل يكاد ان يكون الحب وليد الحرب..
هنا تذكرت أعز أصدقائي عندما تحدث ذات مرة عن قصة عشقه الجنوني كما يسميه حيث بدأ يقص حكايته و كأنه يخاطب حبيبته قائلاً :
حبيبتي يا أعذب الحب ، يا أشهى ثمرة سقطت على قلبي لتنمو حتى تغزو جسدي بأكمله ، ويصبح ملكك بكل ما فيه .. يا غادة لم أمل ساعة من ضمها بين ذراعي حتى تمتزج دمائنا ، و تتراقص قلوبنا على لحن نبضها . حبيبتي يوماً عن يوم يزداد غرقي في بحر عينيك ، ولم أحاول للحظة إنقاذ نفسي من هيجان الحب .
قبلتك لأول مرة ، فثملت ولم أقم من سكرتي حتى الآن .. آآه ما اروع الثواني التي تتشابك فيها أيدينا يا عذراء حبي ونحن ننظر للمستقبل الذي أبهرتني منذ صغري .. كانت أنواره تضاء لنا ولنا فقط ، وكأن الحياة تدفعنا لنعيش قصتنا حتى يتغلغل الحب في دمائنا فيكون هو أكسجين القلب ، وخط المناعة الأول لأي طارئ في الحياة .
حبيبتي أيتها العذبة الحلوة قولي لي ماذا أقول .. إن الأصابع التي تغلغلت في شلال شعرك الغجري ترتجف الآن ، ليس خوفاً بل شوقاً . كنت لي الهواء والماء ، فقولي لي كيف يحيا العاشق بدون هواه ... قولي لي لماذا يداي ثقلت الآن .. هل لأنك أصبحت أبي وأمي ، أخي وأختي ، .. هل نسيت دماء أبي التي طهرت ملابسي ؟ .. هل نسيت أخي وخالي وجدي وكل سوري ذرف الدماء من عينيه لأجلك أنت حبيبتي .
ماذا فعلت بي ياسوسنة نبتت في بقية عمري الحائر ، وبدل أن أقطفها قطفتني هي روحاً عشقت لمسة يدها الحانية . يا باباً فتحته فعجزت عن إغلاقه إنني أعشقك ، بل أذوب في مشاعري هذه حتى ألفيت نفسي طفلاً يبحث دوماً عن صدر أمه الحاني ، ويتشبث به فلا يغادره .
حبيبتي العاشقة التي أسرتني بكل ما فيها سأشتاق لأحضانك ، لرائحة سجائرك التي يخالطها عبق فنجان قهوتك .. سأشتاق لرقصتك التي كانت سبباً في حياتي و مماتي .. سأشتاق لتقبيل شفاهك كعاشق ومجنون . يا من تسربتي كضوء ملائكي ليشتت عتمة ليلي السرمدي سامحيني فأنني مفارقك لا محالة ، وهاهو الموعد حان لبذل النفس ، فالحرية تناديني ، وقومي ينادونني ، و المستقبل يناديني و كله من أجلك فهل ألبي أم أتخلف يا روحاً أخرى زرعت بداخل روحي ، فنزعت روحان من جسدي بدل روح . يا حبي هل ستسامحينني يوم ما ؟ يا جرحاً خلق في جسدي بسببهم هل ستسامحينني ؟
أنت لست مثلهم ، أنت أطهر منهم .. أنت أنثى أدخلت يدها في صدري ونزعت قلبي لتغسله برحيق شفاهها الطهور ، ثم أعادته أكثر نقاءً وشغفاً .
لقد عشقتك حتى الثمالة ولكن النداء من أجلك أقوى مني، فهل ستسامحينني . أرجوك باسم الحب الذي تأرجح في قلبي ، وأعدك بأن تكون صورتك آخر ما أراه من دنيا لم أعيش فيها إلا ما قضيته من وقت معك . قولي لي ماذا أقول فقد اختنقت بكلماتي .
أحبك .. كلما مرت الأيام زاد تمسكي بك .. وزاد تغلغل الحب في أعماقي .. كنت أرى نظراتك ، همساتك ، لمساتك .. كان كل شيء فيها ينطق بأجمل احساس .لم ألحظ نظرات كانت ترقبنا من بعيد .. تحمل معاني الغيرة والكره .لقد كان حبنا عفيف ، وهوانا عذري .. آآه من الجوى كيف كدره إرث ثقيل . كل حرف بدمعه ، وكل دمعة بآه حارقة .. سأذهب إليها الآن على صهوة الموت لأعطيها بقايا إنسان في الذاكرة .
ارتمت في أحضاني دون أية كلمة .. وغصت أنا في بحر شعرها الثائر ، ليزيد من وجعي .. رفعت رأسها وأمسكت خدي برقة ولامست شفاهها موطن الآه في شفتي ، لتغوص في رمال رغباتي الخانقة .. وقفت باستسلام لكل عبثها الأنثوي على وجهي .. لتشدني بعدها لتكمل مسرحية العشاق دون أن يخامرها الخجل أو يقاومها جسدي الجبان .
اعتصرتها بين يدي بكل لهفة الحب .. وشهق قلبي شهقات الموت .. وصحت بلوعة تبكي القساة أمثالهم على حالي . وقفت حائرة ، خائفة ، لا تعلم الحال وحبيبها يبكي في أحضانها .. نعم إنها النهاية وحق علي أن أخبرك بكل الحكاية . وقفت أمامي مدهوشة ، فاقدة لكل تعبير ، لم تتحدث إلا عيناها عندما رفت بدمعة مخنوقة ... عانقتني بعنف .. لم تترك مفردة . قبلتها قبلة طويلة أودعتها كل مشاعري المحترقة .. ثم أبعدتها عني .. وطلبت منها ألا تنساني . دمعة ذُرفت من عيني, في لحظة نادرة اقتربت مني حينها أخذت تلك الدمعة لحتفظ بها , كانت أشعة الشمس مظلمة جداً و لأول مرة لم تكن قادرة على إظهار ظلي الطويل حينها. في حقيقة الأمر, خرجت من جسدي و صرت أترقبه من الأعلى.
إني أعشقها بجنون كالملايين مثلي يؤلمهم أنها مُغتَصَة و مُكَبّلة و تجلس وراء قضبان الزمن , اجتمعنا ليلاً و الجميع غاضب يمر أمام كلّ منهم شريط قهر و استبداد لا ينتهي بدأ بولادتنا و وصل الآن إلى ذروة ما يمكن للصبر ان يحتمله. من أجلك يا حبيبتي خرجت جموع الرجال إلى الساحات تهتف بملء أفواهها “الله.. أنت ..حرية و بس”
في كل تالية يعلو الصوت أكثر كأنهم يزيحون الصدأ الذي تراكم من أصواتهم . لهتافهم دوي ملأ سماؤك الآبية, و هتافاتهم كانت كمثل الكفر بمعتقدات قطاع الطرق الجاثمين فوق قلوبنا منذ حين. لم يكن لذلك جوابا إلا زخ للرصاص مطر شتاء منهمر انتظناه طويلاً بصدور عارية إلا من قلوب ملؤها الإيمان بك و بالحرية يقابلها أجساد خاوية تحمل الأسلحة النارية تطلق الرصاص حيا ليدخل قلب الحي فتحيا الشجاعة في قلوب الرجال و تسطر العهد بأننا على ما بدأنا مستمرين اختلطت المظاهرات و أعراس تشييع الشهداء ببعضها, فكل مظاهرة تزيد الشهداء و كل عرس شهيد يزيد المظاهرات. و كل يوم أصبح لدينا دماً طاهراً يروي أرضك الظمآى للحرية و الكرامة العزة. انطلقت تلك النار التي ستطهرك من طغاة الليل من هنا من درعا الأبية و زّفت لنا حين سمعنا
“من حوران هلّت البشاير”
نحن الآن نغني لأجلك أجمل الأغاني و ننظم لك أجمل القصائد.. يفصلنا عن جامعك العمري مئات الأمتار .. ولكن شيء ما حدث .. التفتت إلى الجميع من حولي .. وأنا أرى صورك تتوالى أمام عيني ، و والدي ، و إخوتي و أصدقائي ، و أقاربي، سرت لحظة نظرت للسماء مبتسما , شعرت بالرصاص يخترق جسدي ، أحدث نفسي أنا صامد لن أتزحزح برغم الألم .. دمي يسيل على جسدي , لأجلك لن أموت سأتابع مع الجميع عرسك الذي بدأناه .
يا إلهي إنني أرى كل شيء .. جسدي ممدد على ثراك هناك ، أن تضميني إلى صدرك , تبتسمين لي , و لكن الغريب ما يحدث معي .. لماذا روحي مازالت موجودة هنا برغم الموت منذ فترة .. تذكرت عندها قول الحق تعالى :
" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون "
إذاً روحي مازالت هنا .. نظرت حولي فوجدت أجمل مخلوقات الله تلفني من كل جانب .. لحظة أنني أعرفهم كلهم معي هنا من جديد ، ولكن بهيئة أفضل .. لقد كان النور يشع من أجسادهم ، وثياب بيض تغطيهم ، كما أن رائحة المسك تفوح من أجسادهم . حانت مني التفاتة إلى نفسي لأجدني مثلهم في الهيئة ..
هل أنا شهيد ؟ .. هل هذه بركات الشهيد ؟.. هل هكذا ستسري روحي بين أحبائي وأهلي ؟.. هل سأكحل عيني برؤيتهم حتى بعد الممات ؟... تملكتني سعادة غامرة أعجز عن وصفها , كم أنت جميلة و رائعة , كم هو دافئ حضنك يا حبيبتي , أردت أن أعبر عن عشقي لك , فهذه أعظم مكافئة لمن بذل نفسه فداء لك .. أشكرك ربي إن تقبلتني عندك شهيد .
د. إياد أبازيد
#إياد_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟