أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - كلمات من دفتري















المزيد.....


كلمات من دفتري


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كـــلـــمــات من دفــتــري
في سـوريـا؟... هل كنا نعيش مع بعضنا البعض؟... أم كنا نــتــعــايـــش؟...
أيام طفولتي.. وأولى أيام شبابي, كنت أعيش مع أهلي في حي متوسط نصف بورجوازي. وكانت عائلتي هي العائلة البورجوازية المسيحية الوحيدة الي تعيش في هذا الحي الضئيل الاختلاط. لأن والدي كان ضابطا رفيع المستوى في الجيش الفرنسي آنذاك, ودارنا كانت واسعة كبيرة, فيها حديقة رائعة و كثير من الورود والزنبق والفل, والعديد من أشجار الفاكهة المتنوعة... حينذاك, كان كل سكان الحي من المسيحيين... ما عدا عائلتين من اسم واحد.. من المسلمين. وكان حينا نظيفا آمنا.. نظرا لوجود والدي في هذا الحي الذي لم يعرف الضجيج الدارج في مدينة اللاذقية... ونظرا لعلمانية والدي التي ورثتها, لم أكن أميز أية تفرقة طائفية, رغم أن والدتي كانت مؤمنة جدا, تملك عدة أيقونات (مقدسة) حقيقية, ترعاها بالبخور والصلوات اليومية المتكررة... بالإضافة إلى زيارات لبيتنا من كهنة معروفين ذوي رتب ومقامات وسلطة في الكنيسة الأرثوذكسية... وكنت بين أخوتي وأختي, الوحيد الذي لا يؤمن ولا يمارس أيـة طقوس دينية...ولا أذهب إلى أية كنيسة, مفضلا الشغب واللهو واختراع ألعاب ســيـنـمـا مع أولاد جيراننا, وخاصة مع الفقراء المدقعين منهم... وخاصة المسلمين منهم... وحينها كنت لا أعرف لا هذه الميزة ولا غيرها.. سوى أنهم جيران فقراء.. وكانت والدتي التي تطلق علي عدة نعوت شيطانية, تحاول منعي من اللعب مع أولادهم, لا لأنهم مسلمون.. إنما لكونهم فقراء... مما يزيد لذتي ورغبتي بمخالفتها, والاستمرار باكتشاف ألعاب من اختراعنا. وتقربت من هاتين العائلتين, أكثر مما كنت مقربا من أهلي وعائلتي... وخاصة عندما انتسبت إلى حزب سوري قومي, وانتسب اقرب أصدقائي من هذه العائلة إلى نفس الحزب الذي كنت منتسبا إليه.. وكنت عرابه... ولكننا في تلك السنين وما بعدها, وهجرتي النهائية إلى فرنسا... فقدت اتصالاتي بصديق الطفولة والشباب الذي عانى مثلي أحداث اضطراب تلك الأيام من سجن وعزلة, وعدم اتصال أحدنا بالآخر, حتى لا يجلب له المتاعب... ولكن خلال زيارة قصيرة بعد ثلاثين سنة للاذقية.. عرفت أن هذا الرفيق ـ الجار, والذي أصبح من تجار البلد, وأشهر أغنيائها المعروفين...أردت زيارته...وخاصة عندما عرفت أن يقطن فيللا فاخرة واسعة, قرب فيللا أخي الكبير... ومن اللقب الذي أطلق عليه أخي : الــحــاج فلان.. أجبت أخي فورا : أي حاج يا رجل؟ هذا الإنسان عرفته علمانيا أكثر مني ألف مرة.. فضحك أخي من استغرابي.. نعم رفيقك حاج وأكثر من مرة.. وخاصة عمل في السعودية ويواصل تجارته معها... وبالفعل لما زرته.. ولم تستغرق زيارتي أكثر من عشرة دقائق... لم أر أية صورة لأنطون سعادة.. ولا تخطيطا ظاهرا لإحدى كلماته.. كما كنت أنتظر... بل كان صالون الاستقبال مليئا بعشرات اللوحات, لا رسم ولا فن... إنما آيات قرأنية.. وأيات قرآنية فقط... لم أبد أية علامة استغراب أو دهشة أو استفسار... وكل ما نطق بـه جاري ورفيقي السابق أن الله أهـــداه... وأعطاه وأنزل عليه الهدى.. وملايين الدولارات... كما فهمت وعرفت بالتالي... أن له زوجتين.. وأكثر.....
لم أعترض.. لم استفسر.. ولكنني لم استطع ابتلاع القهوة (العربية) المرة التي قدمها لنا غلام في العاشرة أو الحادية عشرة من العمر.. والذي لم أدر حتى هذا اليوم, إن كان الغلام مقدم القهوة حفيد جاري ــ رفيقي القديم أم ابنه من إحدى زوجاته...............
*******
هذه النادرة العابرة من ذكرياتي, تدفعني للتفكير والتحليل البسيط... وأن يطرح السؤال : هل كنا نعيش مع بعضنا؟؟؟... أم نــتــعــايـــش؟؟؟... صديقي.. رفيقي.. جاري الذي كان علمانيا أكثر مني ألف مرة... ماذا أصبح الآن.. إن كان ما يزال حيا, بصحة جيدة...إنه حتما لا يسمع سوى قناة الجزيرة أو العربية.. أو إقرأ... وباقي القنوات السعودية... التي أهداه الله باستماعها... وأنه يعتبرني كافرا.. علي دفع الجزية, إن أردت العودة إلى ســوريـا, لأنهي ما تبقى من العمر فيها... وأن من يقتلون ويقاتلون ويفجرون ويقطعون أجساد الكفار بالبلطة والسيف, من جهاديي نصرة الإســلام وجحافل القاعدة القادمين من تونس وليبيا والصومال والشيشان وغيرهم من مختلف البلاد العربية والإسلامية, هم أقرب إلى قلبه, وأحق مني ألف مرة بتراب هذا البلد.. وهم شركاؤه فيه أكثر مني. وأن ســـوريـا التي خلقت أولى الأبجديات والحضارات, ووزعتها على العالم كله, قبل خلق كل الديانات...يجب محو كل هذه العلامات الحضارية منها... وتحويلها إلى خلافة إسلامية سلفية, قـيـمـة المرأة فيها أقل من مـاعــزة, كما في الصومال أو في السعودية... مجرد التفكير إن حالة صديقي رفيقي جاري, مرهونه بهذا التغيير الذي سمي في بداية البدايات.. الربيع العربي....
هل يؤيد جاري صديقي رفيقي, أسـاليب هؤلاء القتلة وتشويههم لكل مطالب بداية البدايات بالحرية والديمقراطية.. هذه الكلمة الممنوعة قطعا بقاموسهم ومعتقدهم... وأن الله هـو الذي يــحــكــم.. على رغبتهم وهواهم؟؟؟... هل هناك الكثيرون مثل صديقي جاري رفيقي, يؤمنون كما يؤمن ؟؟؟ حاضنين هذه المبادئ العجيبة الغريبة... والتي تـدفـشـهـم حتما للهرب من الــدب, حتى يقعوا في الــجــب؟؟؟... يهربون من هذه السلطة التي عانوا منها أكثر خمسين سنة, حتى يقعوا بديكتاتورية إســلامية, لا خلاص على الإطلاق منها... لأنها تعتبر نفسها صوت الله على الأرض!!!...
آمـل ألا يكون غالب شعب بلدي, الذي عانى وعانى, وتألم وصمد.. قد تغير وحضن هذه الجماعات التي اجتاحت بلد مولدي, خلال هاتين السنتين الأخيرتين.. وأنـه سوف يتخلص منها كما يتخلص من هذه السلطة الحالية التي تسببت بألاف أخطائها لـوصـول هذه المساطر العجيبة الغريبة التي تريد فرض شــريعتها الوحيدة الفريدة على شعب سوريا كله...
السوريون لن يهربوا من فــخ جهنمي قاتل.. حتى يقعوا في فــخ مسموم أدهى...والذي لن يؤدي سوى إلى تقسيم طائفي عرقي رهيب... مصيره موت كل مستقبل واحتراق كل أمـل...........
بــــالانــــتــــظــــار............
للقارئات والقراء الأحبة.. كل مودتي ومحبتي وصداقتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ــ ليون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجوبة على تساؤلات
- تحية إلى البابا بينيديكتوس السادس عشر
- الأزهر.. ومؤتمر القمة الإسلامية...
- مفاوضات و حوار؟؟؟!!!...
- خواطر إلى وعن بلدي
- دفاعا عن الشعب السوري
- اللي بياخد أمي.. بسميه عمي... يا للعار.
- عودة إلى صديقي الكاهن
- جاري لديه مسدس...
- ما بين جنيف وباريس!...
- صور على الفيسبوك أو كلمات صريحة غير منقحة
- جرائد عربية...تحية إلى نزار قباني
- غوبلز.. مدام كلينتون.. ومساعد وزير الإعلام السوري
- مقال مفيد ضروري
- 2 + 2 = 5
- سياسات عجيبة غريبة
- رد و مشاركة
- تذكر... واقرأ ميخائيل نعيمة.
- سوريا.. يا سوريا.. إلى أين؟؟؟!!!...
- مالي.. مالي مال...حالي.. حالي حال...


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ ...
- بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
- لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
- تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
- الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
- تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
- ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
- لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
- مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - كلمات من دفتري