أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيهة عبد الرازق - كم يلزمني..؟














المزيد.....


كم يلزمني..؟


نبيهة عبد الرازق

الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


جاء الصباح.. خرجت من غرفتي لأجد الساعة قد أوشكت على الحادية عشر ظهراً.. لم أصدق أني نمت كلَّ هذا الوقت.
طلبت قهوتي وخرجت إلى الشرفة عند إيناس أشعر ببعض الضيق ما يجري.. ولكنها وقفت تستقبلني بوجه مشرق أزاح عني كل ما أنا فيه.. زضعتْ قبلتين على خدي وسحبتني من يدي لنجلس سوياً إلى الطاولة..
- سألتها.. ماذا يجري؟
أخذتْ إحدى الصحف التي أمامها.. قلّبتْ في صفحاتها، لتتوقف عند إحدى صوركَ المطبوعة في الصحيفة وتسألني.. أليس جميلاً؟.

(إيناس)
- هناك أكثر من صورة، وأكثر من تعليق حول ما صرح به كاتبنا في اللقاء.. ولكن انظري إلى ما قاله صاحب الرواية هنا عندما سأله أحد الصحفيين.. كيف اتتك هذه الفكرة الغريبة للاعتذار.
تركتْ الصحيفة بين يدي لأقرأها دون أن تضيف شيئاً..

- ذكريات كثيرة وأحلام بعيدة مرت يوماً في ذاكرتي كما في مخيلتي.. أبت إلا أن تدوّن لتكون رفيقتي في يوم قد أحتاج فيه أن أستجمع كل الذكريات لتكون ملاذي من مجهول قادم.

تابع الصحفي حديثه قائلاً: يقولون أن من يقرأ التاريخ جيداً، يستطيع أن يقرأ المستقبل البعيد.. فهل صح ما يقولون؟.
بمعنى آخر هل تستطيع أن ترسم المستقبل بينكما بناءً على الماضي الذي جمعكما؟.

- لا أدري صحة ما يقولون ولكن.. يحدثني عقلي دائماً بأشياء حدثت.. كما يدق قلبي بأمور تمنى لو تحدث.. أما خيالي فيحاكيني برسم ما أراده أن يحدث.. ولشدة ما تمنيت عودتها إليَّ اختلط إحساسي ببعض الأمور التي حدثت والتي لم تحدث.. فلا هي جاءت، ولا أنا عدت إليها.

* (منولوج أول)

- استوقفني طويلاً فيما قال.. أجد كلماته تشبهني.. فأنا أيضاً لم أدرك كل ما تمنيت.. ولا كل ما أدركت كان تمنيّ.
وما استطعت يوماً أن أقرأ مستقبلي كما أقرأ ذكرياتي.. فأنا إلى اليوم، مازلت في كل مرة أحاول فيها أن أقرأ حياتي، أعود مهزومة من شيء ما.. ومتعبة من كل ما مرّ بي.

ولكني للحظات خيالية.. أظن أني عشت عدة نساء في امرأة واحدة.. وأني في كل حياة منها.. كَبَوْتُ ووقفت.. هفوتُ وعدت.. خسرتُ وربحت.
أعرف أني أدركت نجاحات عدة كما أدركت صعوبات كثيرة.. وأعرف أني حققت كثيراً من الأماني وأن كثيراً أيضاً لم يتحقق.

- صوت إيناس تنادي وحيدة لتحضّر لنا القهوة.. أنظر باتجاهها ألاحق صوتها.. أجدها تتمشى ذهاباً وإياباً.. يبدو عليها القلق لأمرٍ ما.

- سألتها.. هل أنت بخير.
تركتني وذهبت لتطمئن على سيف كما قالت.

* ( منولوج ثانٍ)

أعود إلى صورتكَ في الصحيفة.. أبتسم لك كأنك أمامي.. أنظر أمامي فلا أجدك.. أجد هذا البيت وأجد معه رحيل أحبتي ووحدتي.. أجده مازال محور حياتي، ومازالت شرفته التي أجلس عليها الآن، هي نافذتي إلى هذا العالم الكبير الصغير.

كيف عدت هكذا بكل سهولة بعدما تغيبت أنا عن كل الطرق المؤدية إليك.. بعدما كادت جراحي القديمة منك أنْ تلتئم وترحل.

ترى.. كيف السبيل إلى نسيانك.. وأنت كالوطن المفقود، تطل من عينيك وداعة تصاحبها مأساة أجيال طال امتدادها.. فأنا لا أدري إنْ كان قدومك إلى حياتي سيسعدني أمْ سيشقيني.

أرفع رأسي قليلاً.. أتنفس بعضاً من الآمال مع نسمات الهواء.. أنظر من النافذة.. أرى إيناس لا تزال قلقة.. تدخل إلى الصالة.. تُجري مكالمة هاتفية وتعود صامته دون أن تقول أي شيء.
ترى ما بها اليوم!.

قبل عودتك لم أكن لأشعر بثقل السنين التي مرت دونك.. ولكنك بعودتك أيقظت الماضي كلَّه دفعة واحدة.. مربكاً كل أحاسيسي مختصراً كل المسافات لتضعني بين يديك قصيدة مترددة ودّتُ حقاً لو تكتبها.

ما أصعب ما كان من أمر غيابك، وما أقسى ما علمتني في حضورك.. بُعدك فيه وجع كما عودتك.. ولكن ألا تخبرني.. ما الذي قاد خطاك إلينا! ما الذي عاد بك!

كم يلزمني من الكذب، كي أقنع نفسي أنك لم تأت..
وكم يلزمني من الحب، كي أنسى أنك ذهبت يوماً وتركتني.
-------------------------------------
من رواية " رومينا"
2010



#نبيهة_عبد_الرازق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلاكيت أول احساس... من رواية - رومينا -


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيهة عبد الرازق - كم يلزمني..؟