|
منشار وحبل وعقد
حمزة مفيد عرار
الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 08:50
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تعد قهوتك ، تجلس الى جهاز حاسوبك ، وتدخل الى الشبكة ، وتجوب بحارا وبحارا ، وبذروة خضم إبحارك ، يتبادر لذهنك كم كان العالم فقيرا لتقنياتنا الحاضرة ، كيف تواصل في ما بينه ، وسائله ، طرقه التي اهتدى إليها ، وكيف هو التطور الفاحش الذي نحن فيه ، لا بد منّا إلا ومقارنته بقديم الدهر ، ولم ننصف وسائل من قبلنا قائلين بأنها اقل تطورا ، ولكن هل يمكن لمن بعدنا ان ينعت وسائلنا باستخفاف كما فعلنا ، عموما ، لكل زمان حقبة ومقال ،ولكن جيل فنون وخصال . لنتحدث بمستوى التخصيص على الاتصال والتواصل بعد الثورة العلمية والتكنولوجية ، الى الفترة التي كان بكل بيت حاسوب ، والتكنولوجي العبقري من له حساب على الياهو او الهوت ميل ، يتبادلون الاحاديث التي ربما يكون الرد عليها ليس آنيا ، الصور التي ترهق الانتظار لان تصل لطرف ينتظرها منك ، تصبره ببعض الكلمات ، توصفها له ، ولكن ، كل ذلك بدأ بالزوال عندما قام في فبراير شخص يدعى "مارك زوكربيرج" وزميليه " داستين موسكوفيتز وكريس هيوز ،بتاسيس " موقع لتواصل الاجتماعي ، أسموه " الفيس بوك" ، جعلوا من كل شيء مفتوحا ، مكشوفا ، وضعوك في عمق الحدث ، بأساليب وتقنيات تزيد تطورا وتطورا ، عموما ، بدات الفكرة بالانتشار في اصقاع المعمورة ، والينا كعرب ببداية الأمر ، في 2006 وانتشرت بشكل ملحوظ في 2009 ، والانتشار الصارخ في 2010،2011 ، حيث اصبح معظم حديث الناس يتداول في ما بينهم بأمور تتعلق بالفيس بوك او حدثت بالفيس بوك ، الكل يمتلك حساب ومن لا يمتلك له له له !!!! ناسف لحاله ، وكان الفيس بوك رأس مال أساسي ، مثلا كالأم التي تعرض على ابنها بنتا لخطبتها له ، يعترض ، اوضح؟ "حسابها على الفيس بوك كذا وكذا !!!". ولأننا لسنا أصحاب ثقافة عالية ، ووعي بكل ما حولنا ، ونبتعد عن انجازات الآخرين سنين ضوئية ، نتعامل مع هذه المجريات دون الهدف المصاغ لها ، نعبّر عن عقدنا ، عن نقصنا ، عن شهواتنا ، عن أطماعنا "الخبيثة" عبر هذا الاختراع البريئة منه أيدينا ، "حسابات لأسماء إناث وصور نارية مغرية "،" تزوير بالحقائق وشن حملات الإشاعات" ، "صور بالفتوشوب تنثر في ثنايا الفيس بوك" الخ الخ......وغيرها من المستفز المستفز. الأكثر من كل ذلك ، والأكثر اشمئزازا ، هو تداول قضايا الدين والسياسة والجنس بشكل يثير الاشمئزاز ، فترى بعض المتحاذقين الأغبياء ،يطلقون غبائهم في عنان الجو وتراهم يخاطبونك : " انشر هذا الحديث وان الله سيكرمك بخبر سار! !" ، " اكتب الحمد لله وان الله كذا وكذا ! " ،"انشر هذا الشير وستعلم بان ايمانك قوي " ،"إذا تأثرت بذلك الطفل فاسلخ لايك" ، "انشر هذا الحديث واقهر شيطانك" ، "اذا لم تنشر كذا فان شيطانك منعك " ، "اللهم دمر جهاز من لا يعمل شير ولا يطرق لايك !!! " ...الخ الخ الخ ، انشر وانشر وانشر ، حتى غدا الفيس بوك إما حبل غسيل ، أو قطعة خشبية ، يطلبون منك نشر ترهاتهم على حبلك، ولكن؟!! من كثر ترهات الشعب ، يجب أن نتدارس أزمة الملقط ، فالملقط نفذ ، والحبل قد امتلآ ، وصدري قد ضاق ، " انشر وخلي الله ؟!" ، لا حول ولا قوة الا بالله ، ومرة ومرات حسبت نفسي بايام كان مزاجي سيئا فيها، أني حطاب ، وان الماوس"الفأرة " منشار ،وكما يقال بعاميتنا" نازل طحن " ،ولكن المنشار ذابت أسنانه ، والمبرد قد على صوت نحبه منكم ، أداويه بالزيت ولكن الزيت نفذ من قارورتي وأيضا أزمة الزيت يجب أن تدرس ؟!. السياسة ، لا تعتمدوا على ما في الفيس بوك ، فالكل بلا ضمير اليوم ، يزوّرون ولا يأبهون بأي شي ، مبادئهم في سلة المهملات القوها ، قال فلان وفلان قال ، مصدرك من أين؟!! يجيبني بثقته العمياء : الفيس بوك ، اه، لو انك لم تقل لكان خير لك ، عفوا ، فانا لا اقلل من النصف الممتلئ من الفيس بوك ، ولكن شعبنا قد زاد خض الترّهات ، فأضحت صفحات الفيس بوك ، مكاننا نتراشق فيه عنصريتنا ، فأمسينا مدعاة فرقة لا وحدة ، بدل أن نكون مدعاة وحدة وثقافة ، نستغل الأمر لأهوائنا التافهة ، ومكانا نروج به سخافاتنا وسذاجتنا . عقد نفسية ،نقص فاحش ، تطرف العقلية ، إن الله سبحانه- يقول "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" ، هذا قمة ما يمكن أن يقال ،التنوع الحضاري والمنطقي ، ولكن لكل منا سياساته التي تعبر عن أدبياته ، فكره ، شخصيته ، فلا داعي لان ترينا جوانبك المشرقة ، بتكلف واضح ، صورك ، كلماتك ، مشاركاتك ،اني اعلم جليا أنهم يشكرونك أيها الفيس بوك فانت المتنفس الوحيد لتعبئة نقصهم ، إني سأتفرع قليلا عن المحور ، واعرف النقص بمفهومي الخاص ، دعوني استخدم هذا التشبيه ، "الطبلية "الدربكة" تتكون من جزء ثقيل صم وقشرة رقية ، دق بإصبعك على الحديد الثقيل ، ترى الصوت ثقيل خافت ، يقرب لان يكون طنين ،واطرق على القشرة الرقيقة ، الصوت الرنان صدح "، وهكذا هم أصحاب النفسيات المضروبة تراهم يقرعون ونحن نعلم أنهم يقرعون بعقد نقصهم . أتعرفون ، إن كثرة انتشار الجمل للفلاسفة والمثقفين وغيرهم من المشاهير أصحاب الكلام الجميل ، هو دليل واضح على أننا وان كنا قرّاء فنحن أنصاف قرّاء ، جملة لا يستغرق قراءتها البرهة ، تستحق منك المشاركة ، وموضوع يحتاج لدقيقتين ،نستثقل منه ، القراءة أسلوب حياة وليست نظريات ، وعذرا من أهدافك يا حضرة الفيس بوك ، فنحن الافهم وأهدافنا الأرقى .
#حمزة_مفيد_عرار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثانوية عامة عابرة
-
مفارقات مدخن ومدخن اخر
-
القلب يعشق كل جميل
-
محكمة اللسان
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
-
علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
-
دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|