احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1152 - 2005 / 3 / 30 - 12:56
المحور:
القضية الفلسطينية
العم "ابو جهاد" ابن قريتنا المهجرة جاوز عمره الثمانين عاما، ولكن بصحته وعافيته ومروّته ينافس ابن الاربعين عاما. لا يفوّت أي مناسبة وطنية الا ويشارك فيها، خاصة "الحج" الى قريته المهجرة في ذكرى النكبة سنويا، والمشاركة في مهرجانات ذكرى "يوم الارض" الخالد سنويا ايضا. وعشية كل مناسبة وطنية ينهمك في التحضير لها ويشغل كناينه معه، يا "زهرة" اغسلي واكوي الحطة الفلسطينية، يا "خزنة" نظفي القمباز المقصّب، يا "ريّا" هندسي العقال جيدا واكوي السروال العربي، حماتك مهدود حيلها، لم تعد تقوى على شيء المسكينة، المرض هدها!
تعودت عشية المناسبات الوطنية ان اسرق من وقتي لأنعم بسعادة احاديث ابو جهاد الشيقة وبمناوشات زوجته "الحربجية" معه، فأبو جهاد يصر على الحديث باللغة الفصحى وينافس اهلنا في معليا في تضخيم القاف الى جانب تضخيم الدال بالظاء البروانية المتميزة. وفصحى ابو جهاد تهتك عرض قواعد اللغة العربية واصولها، لو سمعه سيباويه لشنق نفسه، فصحى تثير اعصاب ونرفزة ام جهاد فينطلق لسانها "مش فاهمة عليك يا مشحّر، بتحكي مثل مذيع الاخبار، احكي بالعربي المشحبر مثلنا حتى افهمك"!
قادتني قدماي مساء يوم السبت الماضي قاصدا دار ابو جهاد، قبل ان اطرق الباب سمعت صوت "ام جهاد" يقول: اشفق على حالك وعلينا "قلت يا رب السترة"، دخلت، كان ابو جهاد يجلس مع زوجته واثنين من اولاده واثنتين من بناته وعدد لا يعد ولا يحصى من الاحفاد، مسّيت عليهم وقلت: الظاهر مجيئي غير مناسب، مجلس الأمة عندكم مجتمع!
- جئت في وقتك، قالت ام جهاد وتابعت، ابو جهاد صحته متوعكة، يصر على المشاركة في مهرجان يوم الارض في آخر الدنيا، في النقب، واقنع حفيده محمود ان يأخذه بسيارته ويريد ملء السيارة بأولاده، ايش بصير لو فشّق سنة عن المشاركة وعذره معه! بعدين انا وعدت بنتي الصغيرة المتزوجة في كابول بأكلة خبيصة، متوحمة على خبيصة يا قبّاري وصارت في شهرها الرابع!
- يوم الارض مش يوم خبيصة، صاح ابو جهاد، مؤازرة اهلنا في النقب ضد المصادرة اكثر من حجة وطنية.
- لا تقلقي يا ام جهاد، مشاركة ابو جهاد في يوم الارض تجعله يدفن الوعكة الصحية ويعود اليكم مثل سبع البرمبا، ادعي له بالتساهيل وبصبح عافية ولا تنسي حصتي بصحن من خبيصة الخروب.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟