فرانسوا باسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12 - 10:17
المحور:
الادب والفن
من بعد مصر
حملت قرص الشمس
في كفي، وبعض الزاد
ومشيت من مدن مهدمة
لأرض مقفرة
تطردني بلاد
وتلقفني بلاد
كل بلد أقيم بها
تحفر الروح فيها مقبرة
يامصر
هل لي بعد أرضك
أرض ميعاد؟
وهل بعد نهرك ماء سلسبيل؟
ما أبعد الأرض التي ولدتني
إلا عن أناشيدي
ما أبعد النيل!
الروح ما برحت سماء الوادي
والجسم أحمله
وأضرب في بلاد الله
أسأل عن بلادي
هل رأي أحد بلادي؟
.........
أرنو إلي الأفق الضئيل
فيلوح وجهك
خلف غيم عابرة
من أنت يامرأة
تهرول في الأساطير
هل أنت أمي؟
أين إذن ما أحن إليه
من القهوة والخبز وكعك العيد
أين الجنزبيل؟
أم أنت عاشقة
تسعي بغير دليل
في شقوق القاهرة
هل جئت من عهد قديم
هل فقدت الذاكرة؟
ونسيت إسمك؟
ونسيتني؟
إحملي نهرا
وصبي من جرار الخاصرة
ماء علي جسدي
ربما هدهدت في صدري
طيورا ساهرة
لم تعد تقوي علي رجع الهديل
أو لعلي
حينما أفقد في الأنحاء ظلي
أنحني وحدي كقوس
فوق صدر الكون
أبكي
وأصلي:
إن هذا الماء يا رب قليل.
..........
ما أبعد الأرض التي طردتني
إن روح النهر تحكي
عن ملوك ومليكات
رحلن عن المعابد
ماالذي أجبرهن علي الرحيل؟
وتركنني وحدي كتمثال
كفرعون بمقبرة
أنا وأنت كأننا
رسمان فوق جدار
حجر علي أحجار
كيف ندفيء بعضنا بعضا
هل تشب النار من بعد رماد؟
هل تدب حياة في التماثيل؟
- إحجبي نورك عني
لا أملك التحديق في الجسد الجميل
إن قلبي راهب في الدير
لا يقدر أن يعصي
ولا يقوي
- إذا أقبلت ساطعة -
علي الترتيل
ماذا يعزي نفسي الثكلي
ويطعمني كفافي؟
وأنا وأنت حكاية عبرت
ولحن تهدج في المواويل
........
ما أبعد الأرض التي قتلتني
إن هذي الأرض نامت ألف عام
وعرت فرعها البض لجند
وغزاة
وطغاة
ودعاة
دون أن تصبح حبلي
أو تبل جفافي
إهبطي من شرفة الكون
ونامي مثل غصن راجف
تحت لحافي
لم يعد وجهك يكفي
كي يزيل النفي عن جسدي
ويرجعني لأرضي
وضفافي
مازلت وسط حجارة المعبد
راهبك الموحد
عاشقا متبتلا
متفانيا في حبك الشافي
لا سر إلا حبلك السري
يربطني ببطنك
لا طقوس
إلا طقوس الموت والبعث
علي كفيك
قدوس
- أهلل في دمي- قدوس
إنه السفر الطويل
من المنافي للمنافي
إسمعي ركض الخيول
إنه الوصل الذي بعد الوصول
إفتحي حضنك يا أرض
ولا تبكي كثيرا
أو تخافي
ها هو جسدي
توهج كالثريا
سترقد فوقه إيزيس
لكي يبعث حيا
فأقوم أحمل أشجاري وصفصافي
إفتحي ثغرك يا مصر العروس
واقضمي
قرباني المغموس
في دمي
إني غمسته
بالمحبة
والنبيذ الصافي.
#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟