|
العصرالذهبي للشعر
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4000 - 2013 / 2 / 11 - 02:55
المحور:
الادب والفن
العصرالذهبي للشعر "الشعر هو المحاولة الخالدة للتعبير عن روح الأشياء"
إميرسون
إبراهيم اليوسف لاتزال ثمة أصوات ترتفع-هنا أوهناك- زاعمة موات الشعر، منطلقة بذلك من معايناتها الجزئية، والآنية، لاسيماعندما يرى أصحابها أن هناك أجناساً إبداعية أخرى قد باتت تفرض هيمنتها، على نطاق واسع، في اللحظة التي بات الشعرينحسرفيها، على صعيدي الإبداع والقراءة، في آن،-حسب آرائهم- ولعلَّ هؤلاء يمضون في محاججاتهم إلى واقع تقدم بعض الفنون، على نحوملحوظ، من خلال كثرة الاهتمام بها، وفي طليعتها الرواية، إذ راح بعض المغالين من أنصارها يديونونها، وكأنهاالحالة الإبداعية التي نسفت بسواها من الأجناس الأدبية، وفي مقدمها الشعر. ومالاشك فيه أن الشعر قد سجل حضوره، كأحد أهم الفنون الإبداعية، منذ بداية الوعي الإنساني، كي يبلغ الذروة، وليكون الشاعرلسان حال شعبه، وأهله، بل ليكون ضميرهؤلاء عبرعهود كثيرة، منذ أن كان الشعر يتناقل شفاهاً، ومروراً بتلك المرحلة التي تم فيها توثيقه، وليس انتهاء بالمرحلة التي تفاعل فيها الشعرمع التطورالتقني، من أدوات طباعية، وأوعية نشر، حيث توطدت جسور تواصل المبدع مع جمهرات متلقيه، في كل مكان. واستمرَّ الشعر، منذ ولادة القصيدة الأولى، للشاعرالأول، وحتى آخرقصيدة تكتب الآن، ليقدم نفسه كفن إنساني راق، لايكتفي بتوثيق اللحظة التي يعيشهاالإنسان، بل إنه لايفتأ يحقق وظائفه المرهونة به، الجمالية منها، والروحية، ليكون بذلك حاجة إنسانية عليا، لاسيما وأن وجود، في صورته الحقيقية، مؤشرإيجابي على أن العالم لايزال معافى، وإن وشائج الجمال هي التي تربط بين الناس، كما أن غيابه ليعني أننا في حضرة قفرروحي، وهوبهذا يعد أحد الضرورارت الرئيسة التي لابد منها، مثل الماء، والهواء، والرغيف. لقد عكس الشعر، منذ بداية تاريخه الذي يكاد يكون تاريخ وعي الإنسان، وتاريخ تمكنه من التفاعل مع محيطه العام، حياة اجتماعية، وطبيعة، وبات يضع الخط الفاصل بين الواقع والحلم، كي يجمع بينهما، من خلال اللجوء إلى المخيلة، لتغدوجزءاً من معادلته الجمالية التي يستقرىء بوساطتها وجوده، في أفراحه، وأحزانه، وفي إنجازاته وإخفاقاته، في ضعفه وبأسه، في غضبه، وهيامه، حيث باتت القصيدة حاضنة كل ذلك، ملحمته، وسفره، وأثره الإبداعي الذي لايمحى. لقد ولدت فنون كثيرة، سواء أكانت تلك التي رافقته، أوتلك التي واكبته، أو حتى تلك التي تلت حضوره، بيدأن كل هاتيك الفنون لم تتلاغ البتة، بل أن كلاً منها كان يعززالآخر، إذ أن ولادة المسرح أو القصة، أوالرواية، أوالموسيقا أو التشكيل، كما ولادة بعض الفنون المستحدثة التي يتم الحديث عنها، كما السينما، كان يعزِّزحضورسواها، ولايمكن للقصة القصيرة أن تكون على حساب الفصيدة أو العكس، كما أن القصيدة تركت، طوال مراحل دورتها الإبداعية المجال أمام سواها من الفنون الإبداعية، كي تتطور، بل أنها كانت تستحثها على تحقيق الإنجازات الكبيرة، لأن في مثل هذه الإنجازات مايفتح لها المجال كي تتفاعل مع بعضها بعضاً، على أكمل صورة، وأحسن حالة. ولم يبق الأمرفي حدود التفاعل، بل إن بعض هذه الفنون بات يستفيد من الآخر، وقدكان الشعرأكبرمن تمت الاستفادة منه، بين هذه الفنون الإبداعية جميعها، وكأن فيه إكسيرالإبداع الأول، يستعين به السرد، كما تستعين به السينما، وقد نستكشف بعض ملامحه في ابتسامة طفل، أو من خلال حركة ممثل، أوعبرهندسة خشبة المسرح، كما قد نكتشفها في ألق وبهاء وأنداء الوردة، أوانثيالات الهطل، أو إشراقة الشمس، أوطلوع القمر، أو ترسيمة قوس قزح، وغيرها من خزان جماليات الطبيعة.
إن اندياح الشعرية، وانزياحها إلى مجالات إبداعية كثيرة، بات يفتح الأبواب على مصاريعها أمامها، وهوما يجعلنا نعيد النظرفي مفهوم الشعرالذي بات يكتسب بذلك مراتب جديدة، وهومابات ينعكس على القصيدة ذاتها، حيث بتنا نكتشف جماليات جديدة فيها، ما يضمن حضورها، ويرسخ أهميتها، ويؤكد على بلوغ الحاجة إليه الأوج، ما يجعلنا نطمئن أمام قراءة نعوات بعضهم للشعر، منذبداية هبوب رياح ثورة المعلوماتية، وأعاصيرها التي اكتسحت القرية الكونية، كلها، حيث انصبَّ اهتمام الكائن البشري، على مجالات أخرى، لم تكن موجودة من قبل، فراحوا يتسرعون في إعلان مواقفهم، هذه، دون أن يتورعوا حتى عن تشييعه إلى مثواه الأخير، وزواله إلى الأبد، كي تباغتنا نصوص شعرية إبداعية ترد على مزاعمهم، غيرمدركين، أن قراءة الشعر، لم تبلغ في يوم ماماتحققه الآن، من قبل المولعين به من متلقيه من بين المليارات السبع، كماحال ارتفاع الخط البياني لعملية القراءة كلها، في العالم، وهوما يمكن أن يقال عن واقع أعداد الشعراء في العالم، بل واقع أعداد تلك النصوص الشعرية الإبداعية التي تكتب يومياً، وما أكثرها، لأن الشعرهوالوجه الآخرللحياة......! [email protected] افتتاحية الخليج الثقافي 11-2-2013
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سري كانيي: من بوابة الثورة إلى بوابة الفتنة- ومفرقعات منع رف
...
-
أنا والآخر
-
خصوصية الرؤية
-
سري كانيي/رأس العين غموض الجليِّ وجلوُّ الغموض
-
غموض النص الشعري
-
نداء عاجل إلى الأخوة في حزب العمال الكردستانيpkk:
-
كتابة في دفاتر-سري كانيي/رأس العين-2-3
-
كتابة في دفاتر-سري كانيي/رأس العين
-
سري كانيي امتحان الوطنية الأكبر..!
-
الأُسرة الأكبر
-
لعبة التماثيل:
-
سوريا الآن: صورة فوتوكوبي بالأسود والأبيض
-
بشارالأسد: كذاب سوريا الأول
-
الكاتب بين الرؤية والممارسة
-
أربع بوستات
-
آليات تلقي النص الشعري
-
رئات سورياالكردية من يحاصرها؟
-
بشار الأسد يقود مرحلة مابعد سقوطه..!
-
المؤتمرالوطني لمحافظة الحسكة:خطوة مهمة تحتاج إلى الدعم والمس
...
-
خصومات ثقافية
المزيد.....
-
ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة
...
-
-شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|