أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حيدر عبد الحسين - محنة نساء العراق















المزيد.....

محنة نساء العراق


حيدر عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 1152 - 2005 / 3 / 30 - 12:10
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ليس في النية العودة الى ذلك الجدل الطويل الذي خلفته قرون وعقود حول دور المرأة ومكانتها في اي مجتمع والدور الذي يجب ان تمارسه ككيان انساني متكامل ، وليس في النية ان نعرج على دور الشرائع الدينية والنصوص الكتابية التي جاءت تأمر الانسان ان يحب ويعفو ويعطي او ان لا يسرق او يقتل او يحسد او يظلم او يغتصب او يستبيح ، انها تعاليم صلحت لذلك الزمان وتصلح لهذا الزمان ، كما انها تصلح لكل زمان ، من اجل ذلك ربما ليس هناك من مبرر الخوض في نقاش على حقوق الرجال وان اختلفت الوانهم او انسابهم او قومياتهم او اديانهم او مذاهبهم ، وكذلك الحال بخصوص النساء عموما ، اما نساء العراق فلنا معهن وقفة تأمل عبر التاريخ الحديث حصرا منذ عقود اربعة او اكثر خلت ، هذه المرأة التي عاشت عقود طويلة تحت استعمارين ، استعمار الرجل المتسلط من جانب ، واستعمار الدولة وقيود المجتمع من جانب آخر ، فلا الرجل : الاب ، الاخ ، القريب ، الزوج يرحمها ويشاركها شقاؤها ، ولا الدولة والمجتمع بكل مؤسساته تحميها بسن قوانين او وضع شرائع تنقذها من براثن المستعمرين ، فكانت امام قوى رهيبة : قوة سلطان الدولة ، قوة سلطان الدين ورجالاته ، قوة سلطان الاب والاخوة والاقارب والعائلة !!!
ان المتحجرين المتزمتين لا يستطيعون الفصل بين قوانين الدين الصحيحة من جهة وتعاليمه الاخلاقية وما يدور في مخيلتهم من افكار مضطربة هي المرض النفسي بعينه ، هؤلاء لايؤدون للدين خدمة ، بل هم يعملون على فناؤه بايديهم ، فليس غريبا ان نرى الغالبية الساحقة من الناس اخذت تجد في الدين حجر عثرة في وجه تقدم المجتمع عموما ، وطاقات نصف المجتمع المتمثل في المرأة خصوصا ، ليس بسبب الدين نفسه ، بل بسبب اؤلئك الذين يسمون انفسهم برجال الدين والذين يدعون انهم حماة له معتقدين ، وهم على خطأ في اعتقادهم ان ليس هناك من يحق له ان يفسر الدين او يفهمه الا من خلالهم فقط ، لذا راحوا يفرضون ما بدواخلهم من عقد وامراض وانحرافات على المجتمع ، وعلى المرأة بشكل خاص ، هذه المرأة العراقية التي عانت الويلات زمن ما قبل صدام واثناء حقبة الدكتاتور صدام ، واليوم وبعد تحرير العراق من صدام ودكتاتوريته البغيضة .. جاءت الاحزاب للسلطة بعد الانتخابات ، تنادي بمشاركة المرأة العراقية ..كبش الفداء .. دائما ، في كل الحقب والازمان ، كبش الفداء للدين وللسياسة وللمذاهب والحركات الفكرية المنغلقة ، تقدمية كانت ام رجعية . ان الذي يجري في العراق اليوم لون من الوان التلاعب بالمرأة واستغلالها في اسواق نخاسة الاحزاب الدينية والسياسية المتحجرة والمبارزات الاستعراضية الكيدية ، والذي يبدو ان كثيرا من الذين يحتكرون قضايا تحرير المرأة ومشاركتها الشكلية في الظاهر فقط احزابا دينية – اسلامية وصلت الى السلطة الان ، لو نستعرض تاريخها لوجدناه انه ابعد ما يكون عن الديمقراطية ، لا للمرأة فحسب ، بل مع الآخر "الرجل" فكيف سيعطي هذا التيار الديني السياسي هذا الثمار ويشارك المرأة التي تعاني كل يوم في البيت من ويلات تخلف نهج هذه الحركات السياسية وتحجرها الفكري ، اليس الزوج هو المتسلط ، وهو الزوج الذي يقعدها بالكلام الجارح ويقومها بالكلام المسموم باسم الدين ، كيف اذن سيمنح هذا الطاغية الجديد حرية المرأة ايا كانت زوجته ، اخته ، امه ، بنت اخيه ..الخ انها اشكالية رجال اللحى المخفية غريزيا بالعداء للمرأة وحقوقها .
كيف لهؤلاء الذين اختاروا نساءاً من صنيعتهم ، لا تقول لا ، ولا تقول نعم ، الا بعد ان تصدر لها الاوامرالالهية الشرعية بالموافقة حتى تتكلم .. هؤلاء الذين تقلدوا الحكم الان في عراق ما بعد صدام ، هم الذين يدعون المرأة الى ان تتلحف بلحاف السواد ليلا ونهارا ، وهو الزي الاسلامي في نظرهم ، اليس هم بقايا سلالة وأد البنات ، كيف تحولوا في يوم وليلة الى دعاة تحرير المرأة ومانحوا الحريات للنساء .. يبدو ان هناك حيلة شرعية وراء ذلك ، وهم الذين تعودوا على امثال تلك الحيل ، هذه الحيلة ظاهرها المعلن الحرية المطلقة تحت شعار الدين المزيف ، وباطنها المخفي ، الخدمة في الجمعية الوطنية الجديدة في العراق التي تشكل المرأة فيها وجودا بما يساوي 25% من نساء العراق ، نساء اختاروهن عاملات يتخصصن في تقديم الشاي والطبخ الاسلامي لاصحاب اللحى الكثة والعقول المتبلدة والمتحجرة والمتزمتين من رجال الدين .. مسكينة انت ايتها المرأة في الغرب ، فقد نهشتك الديمقراطية الغربية بكل اجزاء جسمك حتى جعلتك نهب لكل من يساوم بك لمبادئه ، فجعلوك راقصة مبتذلة وعارضة جسد مبتذل وانثى بلا مشاعر .. وفي عراقنا الجديد ، بأسم الديمقراطية يطارد اهل اللحى طالبات الجامعات واجبارهن على ارتداء الحجاب ، مسكينة انت ايتها العراقية النجيبة ، العظيمة في تاريخك وشرفك وعنفوانك ، اهانك ابن العوجة "صدام " بكل قيمه المتخلفة وبكل ما يحمل من سقوط اخلاقي حتى تحولتِ الى ارذل الطبقات في المجتمع ، وجاء الفاتحون الجدد ليحلموا بان يصنعوا منك دولة اسلامية قائمة على النساء الملفوفات بالسواد ويجلسن بعيداً هناك على مقاعد البرلمان "الجمعية الوطنية" وتمنع عنكن المشاركة لان صوت المرأة عورة " عليها ان تطأطأ رأسها وهي تتكلم مع سيدها الرجل ، وان تخفض من صوتها وهي تتحدث " لان التعليمات الاسلامية تدعو الى ذلك ..يعلم الله كم ستعانين ايتها العراقية النجيبة ، الفاضلة ، المجاهدة ، المتدينة بصدق ، بلا رياء وبلا رتوش من رجال العمائم البيضاء والسوداء ولابسي ربطات العنق من الوزراء الجدد واصحاب الفتاوي المقيتة الصادرة من عقول متعفنة ومتحجرة ، لا تعرف امس الرسول (ص) عن يوم القرن الحادي والعشرين سوى الالتزام الاعمى بصفحات الدين السوداء وليست البيضاء ، دين بلا عيون ، بلا عقل ، وانما دين معمم ، مريض نفسيا ، حقود على نفسه ومن حوله ، لا يفقه بشئ سوى التبرير لنفسه والكذب على الناس .. انها مأساة المرأة العراقية المجاهدة في عراق اليوم وعراق الامس وعراق العصر الحديث ، وتستمر الدكتاتورية ضدك ايتها العراقية رغم انها انطفأت من السلطة لدى الرجال ، واندحر الدكتاتور صدام وجاءت الحرية ولكن ليست لك ايتها النجيبة المناضلة ، انما لرجال كانوا يقاتلون صدام ولم ينتصروا عليه ، وجاءت جيوش التحالف لتدحر صدام التخلف والدكتاتورية ، ليأتوا متصرين ، ولا ضرر من ذلك ولا معيبة منه ، انما المعيبة هي ان تتحول من دكتاتورية صدام لعموم الشعب العراقي الى دكتاتورية رجال الدين اصحاب العمائم البيضاء والسوداء واللحى المتسخة ضد نساء العراق اللاتي عانين اكثر من رجال الدين المهزومين من جور وظلم صدام الى شتى بقاع العالم ، هذه المرأة التي صمدت ضد نظام صدام واعطت الابن والزوج والاخ والشرف احيانا لكي تقاوم ظلم النظام وذاقت الامرين ، واليوم تعيش بين انتهاكات دكتاتورية محاكم التفتيش الجديدة في البصرة والناصرية وبغداد واماكن اخرى من العراق .
جاؤا وجاءت معهم نساء من امثالهم ، قالوا انها المرأة العراقية الجديدة ، هذا العراق بكل تاريخه وشموخه وعظمة حضارته يختزل بتلك المرأة الرثة الهندام والمتبلدة المشاعر والمتحجرة التفكير من نساء رجال الدين ذووالعمائم البيضاء والسوداء .. هي المرأة العراقية العظيمة التي اعطت الابن والزوج والاخ والشرف وتعود لتلتحف بسواد القرون الوسطى بملبسها وشكلها المخيف .. اتقوا الله يا اعداء الله في الفكر والتطبيق ، لا تحولوا المرأة العراقية جارية من جواري الغزو الاسلامي للامصار غير الاسلامية ، لا تجعلوا من نساء بلاد الرافدين غنائم حرب وتلبسوهن ما لا يرغبن به .. حتى ليبدو وهن لابسات زيكم اللااسلامي واللاعربي واللاانساني ، امرأة بلا مشاعر لا يبدو من وجهها الا ثقوب تحملق من عيون شاردة ، خائفة ان تقول ما تريد او تعبر عن رأيها بكل صراحة .. انها كارثة بمعنى الكلمة ، ان تتحول طالبة الطب في الجامعات العراقية الى طالبة حوزة دينية ، وطالبات كلية الهندسة والعلوم واللغات الى انصاف بشر وتحويلهن الى جاريات للخدمة والانجاب والمعاشرة السيئة .. اتقوا الله .
ان ما ينبغي التأكيد عليه ان هذا النوع من الحكم المستبد النابع ليس من دين سماوي بحد ذاته بل من عقول رجال مرضى بالدين ، فكيف ينصف المريض الاخرين وهو لم يتعود ان ينصف نفسه ، لا سيما انه يظن ان كل الناس هم اعداءه ويريدون به الشر واولهم المرأة ، وهي في نظر"رجال الدين " ومرضى النفس ، كل الشرور وكل البلاء ومنها يأتي البلاء ومعها يسكن الشيطان ، فمن تحدث مع امرأة تحدث مع الشيطان ومن صافح امرأة والعياذ بالله صافح الشيطان .. هذا منطقهم .. نحن امام معضلة نقُِيِم بها القادم من الشرور هذه المرة ، القادم ليس من دكتاتورية جائر مثل النظام السابق في العراق ، بل من نظام جاء بدكتاتورية جديدة تستهدف الحجر على الفكر والعقل والمنطق والنصف الآخر من الحياة ، وهي المرأة العراقية ، مسكينة انت ايتها العراقية ، ما ان تدنو خط التحضر والنضج الاجتماعي والمدني والحضاري الا وانبرى عالم دين او فيلسوف ارعن يفتي باعادتها الى مجاهل القرون الوسطى ابتداءاً من الحجر على ملابسها ، وهي عنوان جمالها ورونق مظهرها الى الحجر على تعليمها الدراسي والفكري وتحديد انطلاقها .. هؤلاء دعاة التخلف الجدد واولئك السيافين من السلفية ورجال اللا دين التي تمتد مرجعياتهم الشيطانية الى خارج حدود العراق ، بنوا لانفسهم ما يريدون وحرموا على المرأة العراقية كل شئ حتى الابتسامة او الملبس اللائق بها او التعليم الجامعي او التحدث بثقة بالنفس .. انهم المتحجرون من رجال الدولة الجدد ورجال المقاومة "الارهاب" الجدد .. عقول متعفنة لا تعرف غير لغة تحقير الاخر مهما كان دينه او مذهبه او جنسه ، وخصوصا الجنس الاخر .. انهم رجال يمتلكون عقول سادية ضد المرأة وتنم باوضح صورة على الطبيعة المتخلفة في السلوك والتعامل والدعوة الى حجر فكر المرأة العراقية وملبسها ومظهرها ، فالموضوع المهم بالنسبة اليهم هو موضوع تهميشها وصقل منظرها مع بنيانها على وفق ما يؤمنون ، وعدا ذلك فهو يتعارض مع مبادئهم الخاصة ، وليس الدين بحد ذاته .. انها رغبات امتلاك وتهميش وحشية عديمة الاعتدال والثبات في التعامل مع نصف المجتمع العراقي .. وهي المرأة العراقية اسيرة المستعَمرين ، دكتاتورية صدام ، ودكتاتورية رجال الدين الجدد في الحكم الجديد وخارج الحكم في العراق ..
اننا نحاول ان نستعرض حال هذه المرأة العراقية المجاهدة في كل الازمان والحقب الحديثة ، وهو تنويه بان الاتجاهات ضد حقوق المراة العراقية لدى رجالات الدين غير منصفة دائما ، لانها تنبع من وجهة نظر حالتهم الداخلية ، وانهم لا يستجيبون الا على نحو ادراكهم اياه ، وهي تقوم على خوف من الجنس الاخر وعالمه ، فكيف اذن اذا استتب الامر في ادارة الدولة ، سيكون حتما ظلما جديداً على المرأة العراقية يساوي ظلم عهد صدام وربما يزيد عليه اكثر .. ولا نقول غير ان افخاخ المستقبل آتية لا محالة من حكام الخلط بين الدين والسياسة وادارة الدولة .



#حيدر_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما هي شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالمنزل ورابط التق ...
- باحث اجتماعي ينبذ الزواج خارج المحاكم ويؤكد: ضياع لحقوق المر ...
- قابلت/ي الصاحب/ة اللي نص كلامه مش مفهوم؟ #الحب_ثقافة 10 سنين ...
- معلومات بالعربي ومجانًا
- لاعب هولندي مدان بالاغتصاب يفكر بالاعتزال بسبب جماعات حقوق ا ...
- بغياب النساء وتجاهل معاناة الشعب: طالبان تحتفل بالذكرى الثال ...
- ” بالرابط المباشر والخطوات” .. طريقة التسجيل في منحة المرأة ...
- ثلاث سنوات من حكم طالبان ونضال النساء الأفغانيات مستمر
- أفغانستان: غياب الأمن وتراجع الاقتصاد وتدهور أوضاع النساء... ...
- الحكومة الجزائرية توضح شروط منحة المرأة الماكثة الجزائر 2024 ...


المزيد.....

- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حيدر عبد الحسين - محنة نساء العراق