أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نعيم عبد مهلهل - !تضاريس وجه المونليزا ..( مقاربة حسية مع وجه الوردة )..ا















المزيد.....

!تضاريس وجه المونليزا ..( مقاربة حسية مع وجه الوردة )..ا


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1152 - 2005 / 3 / 30 - 12:57
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تضاريس وجه المونليزا
{ مقاربة حسية مع وجه الوردة }
نعيم عبد مهلهل

لاأعرف حين أتأمل وجه ليوناردو دافنشي ، أتخيل الرجل عبارة عن رأس بحجم كرة من الورد . رغم التجهم الذي رسم على وجهه ملامح قاسية مثل كومة من الصخر. هذا الرجل رسم الجيكوندا . وهي سيدة نبيلة من أسر فلورنسا العريقة . الأهم الذي غاب عن التأريخ ، هو شكل الحوار الذي كان يدور بين المرأة والرسام . وحتماً لو أن أحداً قد دون مايدور سيتغير شكل الرؤيا التي تمنحها لنا المونليزا الآن ، فالأمر فيه الكثير من خبايا تشتغل على عاطفة الروح والجسد . فرجل مثل دافنشي ، لايمر عليه الأمر مرور الكرام ، كمن يرسم لأجل أن يرضي رغبة الدوق . فهو الذي أختار وجه مونليزا ، وربما لو طلبت أمرأة غيرها لرفض . فمخطوطات ليوناردو كشفت عن مزاجية صعبة تصلح لتكون مرجعية لنص يشتغل على حداثات جديدة لتصورات عصر مرتبطة بآنية ما يحدث اليوم وكما أفعل أنا عندما أعيد ترتيب شكل وجه المونليزا مستعيناً برؤى الموت والحياة التي مارستها علينا الحرب في جهة من جهات الله أسمها { الجهة الشمالية } .
لم يسمح لي الفقر الذي يشبه رغيفاً سومرياً متحجراً في تنور أثري أن أتعدى عتبة المدينة إلا عندما توفر أمي ما باعته من بيض دجاجتنا الحسناء { نرجس } وتذهب بما وفرت لزيارة النجف وكربلاء . أمي حزينة لأن النقود لاتوفر لها زيارة أبي الجوادين { ع } وأأئمة سامراء . ورغم هذا تكتم حزنها ، وتلف دموعها بين أجفانها ، كمن يلف أوراق مودته القديمة ليخبئها عن زوجته . وأكبر حزن أراه في عيون أمي عندما ترغمها الجورة لتزور جارتها { الحاجة تنزيل عبيد } القادمة للتو من حج مكة المكرمة . كانت أمي تسمح لي بمرافقتها لضعف في نظرها . وكنت أرى المنائر تتعلق بعاطفة الذهب ، وأعيد الفهم الروحي لشكل القبة ، وأفسر خيالات العطر الذي يتعطر به الزائرون من الهنود البهرة ، ومرات أطيل التأمل في عبارات الأهداء التي دونها الشاه الصفوي على الباب المذهب لمقام الحسين { ع } . فأكتشف مالم يكتشفه الزائر الذي يقبل‘ الباب ويدلف الى الداخل . أما أنا فكنت أرى في الشارب الطويل للشاه الصفوي تفاعلات الحدث التأريخي عبر الأزمنة كلها ، منذ أن دخل كورش بابل وحتى اليوم .
وجه المونليزا مسألة حسابية أرقامها تتعلق ببندول الأزمنة وهي واحدة من التعابير الأستثنائية للجمال الذي نتخيله في مساحات الرأس عندما نريد أن نجلب وردة ما لواحد من مساءات الأجازات الطويلة ، عندما تعطينا تلك الأذونات مساحة من التخيل وأشراك الشعر في صناعة الألم الذي تصنعه الحرب . وفي المحصلة ، ستكون هناك مساحات شاسعة مابين الوجه المحصور بأطار من خشب مذهب ومعلق في واجهة محمية من رصاص المجانين وخدع السراق : وهو وجه جيوكوندا وبين تلك الثنائية المتداخلة مع وجود نائي في شمال يصنع رباياه بمجارف الأحزان وأنين أغاني مطربي الريف وعندما يذكر أحدهم باريس مثلاً. يرد الثاني مستهزأً : أن سوق الشيوخ أقرب . والغريب أنها رغم عدم أقتراب موضوعتها بأي شجن للحرب إلا أنها أقنرنت به حين سرقت في زمن كان العالم قد هيىء نفسه لحربه الكونية الأولى . وكان الظن أن السارق ليس سوى عاشق لها ، أو مجنون يغار من هذه الأنثى التي قيل أن السحر يشع من عينيها كما تشع الشمعة من يد بابا الكنسية وهو يصلي لرعاياه أن تبتعد عنهم مشقة وهموم البنادق ، ويبدو أن دافنشي تقصد أن يترك للبشرية أثراً محيراً فكانت لوحة { المونليزا }.
يقترب وجه المونليزا في جانبه الحسي من وجه الوردة ويشيع هذا الأحساس الروحي مداخلات نفسية بين هاجس الأنثى المتحرك برغبات صنعتها السماء لتكون مصدراً لحاجة الرجل وبين جمال صنعته السماء أيضاً ليكون وسيط بين الذكر والأنثى . لأجل هذا تكون الوردة قرين مناسب لهذا الود المتجمع في وجه المرأة الذي أحدث الغيرة في دراسات بعض النفسانيين وقالوا : أن الوجه الخالد للسيدة الفلورنسية في مقاربة خفية مع وجه الخنزير . وهم بذلك يرون وحسب ظنهم أن دافنشي أراد في خطوطه المخفية هذه أن يشوه الجمال الحقيقي للمرأة النبيلة لغاية ترتبط ربما في مشاعر الفنان ، مؤكدين في هذا أن ثمة أرتباطات أخرى ينبغي أن تولد بين الرسام وموديله لأنها كانت تجلس أمامه ساعات طويلة وهو يرسمها . وعليه فأن قياسات الوردة بهذا الموديل تحمل مقاربات روحية لاحصر لها تجعلنا نؤمن بقدرة هذا الكائن الصامت مع أبتسامته الخفية والمخيفة أن جعل الورد صلة الحس في أتمام شيئاً من علاقة نود أستحضارها هو أمر جائز وخاصة عندما ندرك أن ملامسة وردة في أمسية حرب يعني أستذكار عصر كامل من الشعر والطفولة والعوز ومراهقة التمني عندما تصير باريس مثلاً في مساحة الحلم والتمني أقرب من شفاه المرأة التي كانت تعطيك بعناقها لذة الورد كله ، وحين تذكر لها أن المونليزا وقت تمني الشعر تصبح مثل الوردة في حضن الجندي الذي يود بعد سلامته من جحيم القصف أن يكتب رسالة لمن يهوى تشتعل غيرة المرأة فلا تحب بعد ذلك أن تشاهد لوحة المونليزا وترفعها من روزنامة المطبخ ، وأيضا لاتحب شم الورد وتعوض عنه بشم الرسائل القادمة من شمال الثلج وهي تحمل رغبة عناق ليال أطول من ألف ليلة .
في الشعر حيث تتملكنا الهواجس المرئية والحسية وعلى مدار مستويات الأشتغال كلها تتطبع الذهنية على مستوى معين من الحس ، وتشكل الوردة واحدة من الخيارات الدائمة لهذا الأشتغال ويمكن أن نأخذ التعبير البورخسي هذا دليلاً على ما نذهب أليه في قدرة هذا الكائن الجامد على تحريك أكثر من جبل جليدي فينا عندما يقول في واحدة من خطاباته بعد أن أنطفىء النور من عينيه { أن الكتابة سلوة عظيمة ، ولكن ملامسة الورد أعظم ، فالوردة تشعرك بأن شيء ما يتحرك داخل أعماقك فيريك الكثير من الأمور التي هي في داخلك ولكنك لم تراها أو تشعر بها ، محصلة ذلك أن الورد كائن ثان يعيش فينا }.
من هنا فأن تقريب هذا الهاجس الصغير الذي يملأ الكف بأحساس متداول بأن الحياة من دون ورد تشبه صحراءاً لاحدود لها يعطينا شعوراً بأن المقاربات التي نصنعها من خلال أحساسنا بوجود الرابط الروحي بين المرأة الجميلة والورد هو خلق جديد للوجود بعيداً عن تفرعات رؤى المعارف والفلسفات والعلوم لأنك عندما تصنع حياة مكونة من أمرأة جميلة ووردة فأنت تصنع الوجود الحقيقي الذي أنتمى أليه الأنبياء والقدسين وكتبة الألواح الأولى ، لهذا فأن أشراك الوردة مع المونليزا هو أشراك فيه الكثير من تحديات الفعل كي نجعل من هاذين الهاجسين مكانين في الظل الكوني البارد نهجع أليهما كلما أردنا أن ننسى الحرب والموت وهذا التشريد القسري لعاطفة الأنسان في منافي العولمات الجديدة التي تنام وتصحو على مبتكر جديد ولكنه يحتاج الى أرض جديدة وأحتلال أخر .


أور السومرية مارس 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. بعد فيلم آلام المسيح لبيل جيبسن..من أصلح لعمر الشريف ..دو ...
- الفنان أحمد زكي ذاكرة مصر السمراء وفرعونيتها المدهشة
- الشعر يرثي مشهد قتل وردة ..
- ذكريات رواقم حوض بنجوين
- أور المدينة التي ولد فيها إبراهيم الخليل ع
- المقهى السومرية والخوذة الأيطالية
- التأريخ السومري بين غبار الألواح وغبار اليورانيوم
- ونفشيوس وأمي والهدهد
- الطريق الى حلبجة
- ثقافة الجنوب العراقي فيدراليا
- زيارة مسائية لعزيز السيد جاسم
- بورشيا محتجزة في معتقل أم قصر
- الجواهري العظيم أستعادة لثلاثة مشاهد
- ليلة تحت سقف النجوم في قرية بعاذرا الكردية
- الفرق بين جرنيكا والأباتشي
- البحث عن الارصدة المالية لنوري السعيد والزعيم عبد الكريم قاس ...
- .. بالسحر تبرق عيناك ياأخمانوتوفا وبالحب تضئ عيون أمي ليل وط ...
- بغداد في انتظار النيون ولقاء ليلى بقيس المجنون
- منهاتن وطن لحلاج القرن الحادي والعشرين
- أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير


المزيد.....




- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نعيم عبد مهلهل - !تضاريس وجه المونليزا ..( مقاربة حسية مع وجه الوردة )..ا