أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - محطة الكلمات المتصلة















المزيد.....

محطة الكلمات المتصلة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 15:33
المحور: الادب والفن
    


يقشر النجوم وتتساقط قشر الضوء خفيفة بطيئة تلعب بها الريح تتساقط قشرة قشرة متموجة في حركة لولبية غير منتظمة تتجمع على الأرض في مكعبات شفافة ذات أحجام مختلفة وما أن تتكون حتى تبدأ في الذوبان مثل قطع السكر المبتلة برذاذ المطر الصباحي وتختفي في ثقوب الأرض وتتدحرج قطرات المطر على الاسفلت مثل كريات زجاجية ملونة تنساب في حركة بطيئة متعرجة مرتطمة بعضها بالبعض صادرة أصواتا خفيفة ترن مترددة في الهواء المعبق برائحة الضجر والانتظار والطفل جالس على الأرض بيده الصغيرة يحلب السماء قطرات الضوء تتجمع عند قدميه الحافيتين بحيرة من السائل الأسود تفوح مللا وتعاسة تعكس أنوار المباني المرهقة عبر أمواجها يبحر الطفل بقاربه الورقي يتأرجح بين الموت والحياة يصارع الريح والأمواج والأشرعة المتمردة والحبال ويشرب دموع العاصفة وفقدان الذاكرة وفي نهاية الشارع ينتظر وينتظر ويواصل الإنتظار الإنتظار عدم كالجوع كالعجز كالهم كاليأس كالطاعون شفاف لا لون ولا طعم له فراغ أبيض ساطع كضوء الشمس في عين الغريق ظاهرة مرض ميتافيزيقي ينخر العظام يليف العقل يجمد اللسان يحتل نواة البشر يشئ الانسان خشبة تطفو على حافة النسيان جثة فقدت عنوانها ضيعت خريطة المقبرة أنتظر بعيدا عن مسرح الجريمة أراقب الأحداث من شق في جدار الجسد أرى الظلال تتمدد أشباحا أرى تساقط الجثث أرى الدم المسفوح على الأرض يسيل بركا تعكس وجوه الجلاد صدى قهقهة الطغاة أرى الدخان أرى الخرائب بيني وبين اللحم المحترق ستار وأسوار ورائحة ورق الجريدة بيني وبين الموت زجاج وصندوق ضوئئ كسيح وعار وعجز والعجز معجزة وغضب عنيف والعنف كالبرق مؤقت لحظات ثم يغيب بعد نشرة الأخبار يختفي المذيع والمذيعة تختفي الصحفي يغرق في البحر الازرق الشفاف على رمال شواطئ جزر الأحلام تسقط الجريدة من يدي تتكسر الفضيحة تتلاشى وترتمي في سلة القمامة كلمات مثقوبة بائسة فقيرة ويبقى مشلولا مثل نخلة مقطوعة الرأس منتظرا الإجابة أأستطيع الإختيار وأمد يدي قبل أن تبرد القهوة أشرب قهوتي ويعم هدوء ساكن لا يعرف القلق سوى سماء رصاصية منهكه ورثاثة الصبر تفوح من زمن الغبار من امتداد الإنتظار طريق مهلهل ينضح عرقا يلوك عقارب الساعة ويزحف القطار على بطنه مسرعا يشق عباءة الليل ويختزل الفضاءات الكثيفة يجتاز المدن والمحطات المقفرة تمر الأشجار والمباني وأسقف البيوت وتتسابق الظلال تحرث الاسفلت خطوطا وإشارات أسئل السماء عن السحب عن رائحة المطر أطأ ظلي فينزلق ويقفز من فوق الجسر هاربا يسقط في مياه النهر يغوص ثقيلا كالرصاص في القاع يستقر ساكنا على هامش الزمن كأحلام ثوري متقاعد في عتمة الليل ينتظر ويرقب القضبان المتوازية تنضح مللا وتعكس فداحة الهزيمة ويمر الحصان الحديدي مسرعا كوشيز يلوح بمنديله الأحمر وينادي جيرونيمو لا يراه فقأ عينيه بإبرة فضية من ثوب أمه المنتحرة يتسول في شوارع المدن الموبوئة يترنح سكرانا في الطرق الموحلة تحت المطر ويتمتم ولدت في البراري الفسيحة هناك عند منبع الرياح حيث لا شئ يحجب الضياء عند منبع الشمس حيث العصافير لا تعرف الحدود والحواجز ويترنح ويخنقه السعال ويتمتم عندما تقطعون آخر شجرة وتسممون آخر الأنهار عندما تطلقون النار على السمكة الأخيرة عندها ستأكلون النحاس والرصاص والورق عندها ستشربون الزفت والقطران ودموع الحجر وانتابه السعال وسقط على الأرض الطينية المبلله وجهه في التراب وعينيه في السماء ودهسه القطار يلتهم المسافات وأحلام البشر يلتهم قضبان الحديد الباردة ويلفظها من مؤخرته ساخنة متمددة لامعة متوازية وينهب الأرض بحوافره الفولادية ويواصل ضوء الفجر يتثائب يلملم نفسه في أشعة باهتة كابية متعبة تلقي نورا واهنا على قمم الأشجار وأسقف البيوت تستيقظ من نومها تتثائب تتحرك بتكاسل في محاداة القطار والمحطة ثابتة مقفرة كشبح ينتظر من يراه تتطاول الظلال على الرصيف والأسفلت يستلقي منهكا ينام في هدوء لا يعرف الضجر السماء تنتظر دورها للظهور الأرض ضيعت مدارها غابت في مساحاتها الفسيحة تكومت في محطة مقفرة في فجر يحتضر بلا مطر ورائحة الصبر تتخلل ذرات الهواء تذكرني بالقئ في الظهيرة ورائحة الجثث المتحللة في الصحراء لا مطر لا مطر يغسل الأمعاء لا مطر ولا رياح تنظف أروقة الذاكرة واقفا أواصل الانتظار أدخن سيجارة أراقب ظلي يتسلق الجدار يتسلل يقطع الأسلاك الشائكة يجتاز البوابات والحدود يتسلل ليسرق زهرة يمر القطار وتمر الحافلة مخلفة زوبعة من الغبار وأرى وجه انكيدو ملتصقا بالنافذة للحظة مهموما يحدق في الفراغ عائدا من عالم الأموات أزليا يولد كل مئة عام ويأكل عنقودا من ثمار اللوتس الصفراء يحمل فأسه يطارد الآلهة البلهاء يشيئهم بمرآته واحدا واحدا أصناما من حجر يختفي انكيدو ينحل في جسد العراف بعصاة يتحسس كينونة الأشياء يجوب أصقاع الوجود ويبحر في قوارب الموت بحثا عن عينيه وأنتظر كتمثال من الملح كشبح أزلي يشده حذائه الى الاسفلت عمودا ينفث دخانا يتكئ على الحاجز الأسمنتي ويرقب الطريق مصابيح الشوارع مطأطأة الرأس تضئ بأشعتها الصفراء ظهور القطط وأغطية علب القمامة في صمت المقابر صمت يشوبه حزن وتوق وحنين لرنين خافت ينزلق خلسة في الظلمة لحن صاف لا يرى يراقص الأشجار الهزيلة ويبعث الدفء في الأشياء الأشياء الغريقة في كهوف الذاكرة ترقص في ساحة الحضور الأشياء المترهلة الغامضة المنتفخة تتكاثر تملأ الفضاء وتتكاثر وتبرز أمامنا في كل لحظة في كل زاوية تتوالد في كل طية من طيات الوجود ونحن للأشياء الباردة اللامعة الدبقة حين يكون الشارع خاليا تتململ ثانية علبة السجائر في جيبي وتقفز لفافة التبغ وتستقر بين الشفتين وينفجر عود الكبريت يضئ الأصابع المقرورة ثم يسقط منطفأ لا مرئيا ويتشيأ تدوسه عجلات الحافلة التي تتوقف ينفتح الباب ثم ينغلق قليل من الركاب بين النوم واليقظة بعضهم مطأطئ الرأس يتظاهر بقراءة جريدة أو كتاب بعضهم ينظر من النافدة الى الشارع على الجانبين حدائق هادئة تتوسطها منازل بيضاء أنيقة بين الشجر بدون بشر أصوات خافتة تتمتم لحظة وتندثر عواء كلب بعيد نافدة تنفتح خشخشة أوراق الشجر والجدران العالية عمياء ميتة صماء لا تتنفس تتمنى لو تستطيع أن تسلخ جدران البيوت وتتغلغل في أحشاءها بشر بشر بشر ينتظرون ببطء يتفسخون ببطء يلفهم الظلام والحيطان والغبار يأكلهم الصدأ ينمو الفطر في صدورهم تنعكس تنهداتهم على الجدار وفي العتمة الطاغية يترائى لك وجه متداع في عتبة الباب فوق هيكل عظمي ينتصب شامخا كالخرائب ويتسائل صوته الكهفي لماذا نسيت النقاط والفواصل يغرز الصوت الليلي أسنانه في لحمك يفترس جثتك وتستمع للحظات الحبلى بتكتكات الساعة تحتضن حجرا وتقضم أظافرك وتسترق النظر الى ظلك العائم فوق الماء وتتحسس برودة القطع الحديدية في جيبك وتشتري في أحلامك صندوقا من السعادة الخفيفة وعلبة من الهدوء العميق الملون ورطلا من اللذة الناعمة وتغمض عينيك وتتشبت بالريح







#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضيحة
- حوار مع الله .. الحلقة السابعة
- لقاء مع الله .. الحلقة السادسة
- لقاء مع الله .. الحلقة الخامسة
- لقاء مع الله .. الحلقة الثالثة
- لقاء مع الله .. الحلقة الرابعة
- لقاء مع الله .. الحلقة الأولى
- لقاء مع الله .. الحلقة الثانية
- ليبيا: الثورة المسروقة .. مرة ثانية
- ليبيا: الثورة المسروقة
- بوادر هزيمة الثورة اللبية
- العدمية وأسطورة الكينونة ... الحلقة الثالثة
- العدمية وأسطورة الكينونة ... الحلقة الثانية
- العدمية وأسطورة الكينونة
- كوكا كولا... إشكالية المثقف
- سفر العدم والجنون
- الخيال
- الخطوة الأولى لفك الحصار... تسريح الجيوش
- الوعي المحاصر
- الله والشاعر والفيلسوف


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - محطة الكلمات المتصلة