|
الفكرة قبل القوة
احمد داؤود
الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 13:30
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مع الاستخدام الكثيف للعنف من قبل حكومة الجبهة الاسلامية اضطرت الكثير من التنظيمات والقوي الثورية لتجاهل "القوة الفكرية" في وقت عملت فيه بكل قوة علي امتلاك ادوت القوة بكافة الاشكال حتي لو كان ذلك علي حساب العقل والفكر. اذا ما سلمنا جدلا بان السلام لايُحمي الا بالسلاح فان المنطق يلزمنا بان نضحي بالفكر من اجل امتلاك ادوات العنف والقوة واللتان تساعدانا في توطين الافكار .بيد انه اذا ما اعتبرنا ان الفكرة هي التي ستوطن السلام فاننا مجبرين علي الاهتمام بها والعمل علي نشرها. لا وجود لفكرة دون ادوات قوة.والعكس صحيح .بيد ان الذي لابد ان نضعه في الاعتبار هو ان القوة الفكرية افضل حالا من القوي المادية التي يمكن ان تتلاشي تحت اي لحظة. ومايؤكد وجهة نظري هو ان العالم ظل وعلي مدار التاريخ يبجل ويتذكر العلماء والمفكرين بينما ينظر بعين الريبة والشك الي من كانو مشهورين بالقوة المادية .فما اضافه مثلا جاليلو جاليلي وافلاطون واسحق نيوتن او وليم شكبير فما اضافه هؤلاء للبشرية والعالم افضل بكثير مما اضافه هتلر او موسوليني اواسكندر او قيصر. ولكن لتكتمل الصورة عزيزي القاري ولتدرك مساوي امتلاك ادوات العنف والافتقار للافكار لتدرك ذلك انظر الي حال الكثير من اعضاء التنظيمات السياسية .فبسبب اعتماد تنظيماتهم علي القوة المادية وتجاهلها للقوة الفكرية اصبح هؤلاء يفتقرون لابسط مقومات الانسان الراشد .وكثير من المنتديات او المنابر التي تقيمها تلك التنظيمات محصلتها عبارة عن سراب ..فلا حوار او استدلال منطقي ..صراخ في صراخ وينتهي المنبر او المنتدي دون ان يتوصل المشاركين الي ارضية مشتركة اونتيجة موضوعية.بيد ان الاسوا من ذلك انها غالبا ماتنتهي بالعراك والشتم والضرب.والمتامل جيدا لظاهرة العنف الطلابي يجد بانها ليست الا نتاج لغياب العقلية المفكرة والناقدة . الافكار هي التي تحدد مصير العالم .ولا تطور وتقدم دون وجود قوي فكرية تنتج عقليات ناقدة .واذا ما اردنا ان نلحق بركب التقدم والتطور فعلينا اولا ان نهتم بالعلوم ونوطن الافكار قبل ان نسارع الي الحصول علي ادوات القوة والعنف .والافكار تظل ابد الدهر .بينما نظيراتها الاخري مصيرها الفناء والانقراض..وكلما جاء عن طريق القوة فهو ايل للسقوط والانهيار .اما ماجاء بواسطة الافكار فو يتمدد وينتشر خلال كل الازمنة والامكنة. اليابان دولة انهزمت في الحرب العالمية الثانية .وخسرت جزء من جيشها واسطولها الحربي .ولقد صنفها الكثير من المراقبين في ذاك الوقت في خانة الدول الفاشلة بل وتنبأوا بانهيارها.ولكن الذي حدث هو العكس.فبعد مايقارب الثلاثة عقود من الزمان اصبحت اليابان من اكبر الدول الصناعية في العالم .بل والمنافسة لاعظم الدول مثل امريكيا بريطانيا ...قد يسأل سائل :مالذي فعله قادة تلك الدولة حتي جعلوا منها مثل ما نراه الان ؛ هو انهم اهتموا بالقوة الفكرية اكثر من اهتمامهم بالقوة المادية. احد المفكرين يدعي شارلز سمنر يقول "اعطوني المال الذي تم انفاقه في كل الحروب وسوف اكسو كل طفل في العالم بملابس الملوك التي يفتخرون بها" وانا اعتقد بانه اذا ما استخدمت تنظيماتنا واحزابنا كافة امكانياتها التي تستنزفها في الحصول علي ادوات العنف والقوة اذا ما استخدمتها في جلب الافكار والابتكارات لما اصبحنا اليوم علي ما هو عليه الان.بل سنكون من ضمن شعوب العالم الاول . تقاس شخصية الانسان بمقدار ما يمتلكه من افكار .فلماذا نسلح ابنائنا بالاسلحة "البيضاء والنارية" بينما نتجاهل فكرة تأهيلهم فكريا وعقليا.لماذا لانصنع انسانا مدنيا وراشدا بدلا من ان نجعل من المدنيين والطلاب محاربين ومتطرفين. خلال فترة تواجدي بالجامعة وجدت الكثير من التنظيمات السياسية تهمل الجانب الفكري لاعضائها .الا ان المؤسف في الامر انك في ظل وجود داخل تلك التنظيمات لاتستطيع ان تتطور وتترقي مالم تمر بمرحلة تسمي "كادر العنف" اي ان هنالك كادر وهو طالب جامعي مهمته هو ان يشارك في مغامرات التنظيم الحربية .اذا ما اعتبرنا ان الطلاب هم امل المستقبل وقادة الامة ومفكريها وساستها فكيف يعقل ان يدير مثل الشخص الذي غرس العنف بداخله كيف له ان يدير حوارا او ان يقود امته اوينهض بوطنه. لنكن واقعيين..امتلاك القوة المادية ضروري ومهم في ظل هذه الظروف ولكن الاهم هو الاهتمام بالفكر . اي بمعني اخر لابد من انتاج انسان مفكر وعقلي .ومثل هذا الانسان باستطاعته ان يعرف متي يستخدم القوة في معالجة ما تواجهه من ازمات .كما انه بما يمتلكه من افكار يستطيع ان يعالج ذات المخاطر والازمات دون ان يستخدم العنف.والافضل من ذلك انه يمكن ان يجلب ادوات القوة بما يمتلكه من افكار.اما الانسان الذي يفتقر للفكرة والعقل والعقل النقدي فهو بلا شك لا يتسطيع ان يستخدم القوة بصورة جيدة لدرجة انها يمكن ان ترتد عليه او علي غيره. وحينما يفتقر الانسان للفكر فهو يهدم اكثر مما يبني .ولكن عندما يمتلك الفكرة والعقل الناقد فهو سيبني كلما هدمه الاخرين.واذا ما اردنا ان نؤسس وطنا فعلينا ان نخلق جيل جديد مفكر بدلا من ان نتسابق في الحصول علي ادوات القوة والعنف.
#احمد_داؤود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد والتعامل بسياسة ردود الافعال
-
نرغب في ديمقراطية حقيقية وليست شكلية
-
الي ماذا يدل استدلال المفسرين بالشعر؟
-
لا خوف علي العروبة والاسلام
-
فلنتفق قبل ان نسقط النظام
-
-الله- بري من محمد
-
عذرا ايها المسلم..لا نسعي الي استئصالك
-
نحتاج وطنا ..لا حكومة تدخلنا الجنة
-
السودان..النضال المسلح..ضرورة فرضها الواقع
-
هل يخاطب الاله عباده بمبهم الكلام؟
-
محمد في التوراة والانجيل
-
يطلبون الاحترام ولايحترمون الاخر
-
الشخصية الحقيقية للمسلم
-
لماذا يخافون علي الاسلام
-
الاسلام شوه اخلاق الذين امنو به
-
-الله- ليس هكذا
-
هل كرم الاسلام المراة؟
-
مصحف جديد..عالم سعيد
-
كيف يصفح الله عن محمد؟
-
محمد ومحاولة اللعب بعقول الناس
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|