عبدالله حسين حميد
الحوار المتمدن-العدد: 3997 - 2013 / 2 / 8 - 10:17
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
منذ عشرينيات القرن الماضي و مع ظهور حركه الاخوان المسلمين بقياده مؤسسها الشهيد حسن البنا بأفكاره الاسلاميه لاقامة الخلافه الاسلاميه التي تستجيب لفطرة الشارع العربي فقد التف الاف من الشباب المسلم المتحمس حول الشيخ لبناء دولة الخلافه العتيده , هذه الرغبه التي تملّكت المسلمين من المحيط الى الخليج نابعه من الاحساس بالظلم و القهر الذي يعانيه المسلمين جراء عربده القوى الاستعماريه و استباحه بلاد المسلمين وسرقه خيراته , تلك الحركه التي الهبة مشاعر و احاسيس الشباب المسلم المتلهف للخلاص.
ومع ظهور الشهيد سيد قطب اخذت الحركه بالانتشار و التوغل في المجتمعات العربيه و الاسلاميه اكثر فأكثر بطريقه سريه متخذه من الاضطهاد الذي لاقته على ايد الحكومات العربيه ذريعه لبناء هيكليه تنظيميه في الخفاء و الاختباء خلف الكواليس متخذه الاسلام والقرأن دستورا ومنطلقا لها .
زج بأعضاءها في السجون و اصبحوا مطاردين ومنهم من اعدم شنقا او رميا بالرصاص , مما كّون حبا وفظولا عند الشباب للتعرّف على الابطال الاسطوريين من هذه الحركه السريه و التي استحوذة على الذهنيه العربيه الاسلاميه , ازداد انتشار هذه الحركه و توسعها لتشمل اقطارا عربيه اخرى و خاصه في سووريه و فلسطين و الاردن .
فعلى مدار الثمانين سنه نجح الاخوان في بناء هاله من العظمه و القوه حول حزبهم لااستقطاب المزيد من الشعبيه , كذلك ساعدت الدكتاتوريات الحاكمه في ضخ المزيد من الهاله الاسطوريه المزيفه حول هذا الحزب مستفيده من رسم صوره شيطانيه له لااخافه الغرب من جهه و لا اخذ الشرعيه في سجن و اضطهاد اعضاؤه من جهه اخرى , مما ساهم في تغلغل الحركه شعبيا مما اتاح لها تنظيم صفوفها بشكل جيد وعلى جميع المستويات .
ومع سقوط النظام الدكتاتوري في مصر كانت الحركه على اتم الاستعداد و التجهيز على خلاف الحركات و الاحزاب المصريه الاخرى التي كانت تعاني من التململ و الخمول و الكسل و ضحاله اللافكار التي تحملها مما فتح المجال للاخوان للاستئثار بكل الجهود التي بذلها شباب ثورة 25 ينايروالاستيلاء على الثوره وجني ثمارها .
بطبيعه الحال لم يكن ليتم الامر بهذه السهوله للاستيلاء على السلطه في مصر بدون التفاهمات الدوليه التي قامت بها حركه الاخوان المسلمين متجاوزه بذلك اخلاقياتها ومبادئها الاسلاميه التي بنيت من اجلها والتي دعت اليها طوال عقود من الزمان .
الامر الذي يستدعي النظر هو حول ماهيّة التفاهمات أو التنازلات التي قامت بها الحركه مشيرا لااتفاقيات كامب ديفيد و صفقات الغاز الطبيعي المباعة لااسرائيل وعملية ترويض حركة حماس وفصلها عن محيطها المقاوم او الممانع اي حزب الله و ايران وسوريه و التي ادت بدورها الى اقناع الغرب و امريكا و اسرائيل على وجه الخصوص بالوصول الى الحكم بسلاسه دون اراقه الدماء كما هو الحال في ليبيا و سوريه .
لابد من النظر الى مجريات الاحداث بعين الناقد وتأليف الكلمات المتناثره هنا وهناك لتشكل معا جمله مفيده مقروءه واستنباط الاحكام بشكل عقلاني .
تتلاقى المصالح الغربيه على انه قد انتهى دور الدكتاتوريات العربيه و يجب استبدالها بقوى جديده مؤهله للقيام بالمهمات الصعبه خلال القرن القادم و ربما اكثر وخاصه في مواجهة التطور النووي الايراني وبروز ايران كقوه عسكريه و اقتصاديه في المنطقه تهدد المصالح الغربيه في الخليج كذلك غياب رجل كصدام حسين قادر على ان يقود حربا شرسه مع ايران بالنيابه , لان دول الكرتون الخليجيه غير قادره بأي شكل من الاشكال على ادارة هكذا معركه , فكان لابد من أيجاد لاعب كفؤا ليقف امام ايران كا الاخوان المسلمين , تلك الحركه المهيأه عقائديا وبشريا لمواجهة المدّ الايراني الشيعي في الدول السنيّه والخليج البتروليه طبعا.
الازمه الاقتصاديه الخانقه التي تهدد امريكا و اوروبه و حالة الافلاس التي اعلن عنها في اليونان و التي ينتظر الاعلان عنها في كل من اسبانيا و ايطاليا و ستمتد الى ايرلندا , حيث ان اوروبه تجلس على فوهة بركان من الثورات القوميه والعرقيه التي لاتهدد مستقبل الاتحاد الاوروبي فحسب بل تهدد مستقبل التعايش القومي بين الاثنيات الاوروبيه ففي اقليم كاتالونيا الاسباني اعلن عن الاستفتاء الذي حتما سيقود الى الانفصال عن اسبانيا , كذلك في اسكوتلندا قد تم الاعلان عن موعد الاستفتاء في العام 2014 للانفصال عن بريطانيا , تلك الحادثتين لاتنفصلان عن حالات اخرى في طور التشكل في بلجيكا و هولندا و فرنسا هناك حالات مماثله , ان الغليان في الشارع الاوروبي نتيجه الازمه الماليه و البطاله سيؤدي الى تصدير الازمه الى الشرق الاوسط .
ظاهرة الارهاب و التي يعاني منها الغرب و العالم مع نمو مظطرد للجاليه الاسلاميه في الاتحاد الاوروبي و التي تهدد بشكل متفاقم عملية الاندماج التي تكلّف الدول الاوروبيه الاموال الطائله والتي اظهرت الاستطلاعات أنها باءت بالفشل وخاصه بعد عمليات التفجير في مدريد و لندن التي قام بها شبان مسلمين لم يعيشوا في العالم الاسلامي او في الدول العربيه قط بل تربوا في بيئه اوروبيه.
كل ذلك يصب في كفه الاخوان المسلمين كحزب سيقود المرحلة القادمه في مصر و الدول العربيه لما اشرت له سابقا من اهميه هذا الحزب لتطويع كل القدرات و الافكار المتطرفه و صهرها في اطار الحرب القادمه مع الطرف الشيعي او طرف اخر سيتم انشاؤه حسب الظروف و هنا اشير الى الاحزاب و الحركات الديمقراطيه و العلمانيه و المسيحيه التي سيتم اظهارها على انها عدو الاسلام و يجب التصدي لها بكافه الاشكال وربما بالاباده لانهم عباره عن شياطين و ملحدين .
في هذه الحاله وبتسلم الاخوان المسلمين الحكم في البلاد العربيه يتخلص الغرب و امريكا و خاصه اسرائيل من خطر الارهاب لانشغال اصحابه بحربهم ضد الملحدين و العلمانيين و الشيعه وغيرهم من الفرق التي ستصنّف على انها ضاله وكافره في حرب ستطول الى ابد الابدين و ستوفر لهم مناخ ملائما لتفكيك الافكار الراقيه و الخلاقه للربيع العربي و حرق احلامه في الديمقراطيه والحريه الحقيقتين , وستوفر على امريكا و اسرائيل خوض حرب خاسره ماديا و عسكريا مع ايران في ظل الازمه الماليه الخانقه, معرضتا امن و مستقبل اسرائيل لمزيد من الضبابيه .
الربيع العربي كعامل ايجابي شكّل الحلم الحقيقي للشباب العربي في ظل التطور التكنولوجي و التواصل الاجتماعي (الفيسبوكي) فهو ليس نتاجا غربيا او هفوة طارئه , انه و بأختصار نتاج عملية التطور الاجتماعي الطبيعيه التي تحدث عنها علماء الاجتماع بدءا من ابن خلدون الى دوركهايم و غيرهم فنحن لسنا معزولين عن باقي العالم , فمن المستحيل وقف عجلة التطور هذه بأي شكل من الاشكال و كل الاتهامات التي تحيط بالربيع العربي و افرازاته هي اتهامات باطله يريد اصحابها الانغلاق خلف الافكار الخشبيه المقدسه خوفا من التغيير و خوفا من كل جديد ولا ننكر ان الربيع العربي يراد به الشر من كل الاطراف لانه كالسيل الجارف سيأخذ معه كل بقايا و ارث الماضي اللعين الى مزابل التاريخ , الربيع العربي كا القطار السريع الكل يريد اللحاق به , منهم من يريد ايقافه و هم الاغبياء كالحكومات العربيه و منهم من يريد الاستيلاء عليه كغنيمه وسرقته وهي الاحزاب الاسلاميه و منهم من يريد توجيهه حسب مصالحهم وهم الدول العظمى .
لكن الشباب العربي وحده المتلهف للتغيير و بناء مستقبل مشرق هو الوحيد ذو المصلحه الحقيقيه في انتصار الربيع العربي وهو وحده القادر على الصراع متسلحا بالامل بمستقبل مشرق رغم كل المؤامرات التي تحاك ضد الربيع العربي وماهيته و خلق انطباع انه الفوضى بذاتها , او ما هو الا صناعه ماسونيه .
لرذ الرماد في العيون و التمويه على المؤامرة التي تحاك ضدالربيع العربي بتسليم القيادة للاخوان المسلمين لحرف القطار عن مسارة الصحيح و اغراقه في صراعات اخرى مذهبيه طائفيه تلهيه عن اهدافه الحقيقيه في الحريه و الديمقراطيه و بناء المجتمع المدني المتحضر.
وما نراه في مصر و باقي الدول العربيه من فضائح بدءت تظهر هنا و هناك تتعلق برجال الدين كانوا يوما ماه مقدسين في عقول و قلوب الشباب المسلم ما هي الا بداية السقوط الذي سيكون سقوطا مدويا مثال ذلك حادثه القبض على النائب في البرلمان المصري في وضع غير اخلاقي مع فتاه قاصر, كذلك فتوى عدم جلوس الاب مع ابنته في خلوه منفردا ,و تحريم الخروج في المظاهرات , و سحل المواطن المصري في الشارع عاريا من قبل الشرطه , هذه كلها عباره عن اشارات ايجابيه على بداية سقوط القدسيه المزيفه التي انطبع بها عقل الشباب العربي و المسلم عن هذه الاحزاب , اضف الى ذلك الحرب الاخيره على غزه و زيارة مشعل تحت الحراب الاسرائيليه و قبلها زياره امير قطر كل تلك اشارات تدل على انفضاح المشروع الامريكي الاخواني المتأمر على الربيع العربي و سقوط الاقنعه .
في النهايه لا يمكن للربيع العربي ان ينتصر وحيدا في ظل كل تلك المؤامرات من كل جانب وأن يكشف الهاله المزيفه لقدسية تلك الاحزاب , بدون تكاتف كل القوى الشبابيه العربيه الواعيه و الاحزاب العلمانيه و الديمقراطيه الليبراليه الجاده لحماية منجزات الثورات العربيه من السرقه و الاندثاراو لجّمها عن اهدافها وحرفها عن طريقها الصحيح , تلك الاحزاب التي تعّي و تدرك ان مصلحة الامه الحقيقيه هي في تعليم ابناؤها وتثقيفهم وبناء مجتمع ديمقراطي مدني متحضر تسوده العداله و يحترم فيه المواطن بغض النظر عن دينه و معتقده او افكاره.
أمين ع أحمد ... بوخارست 02 – 05 - 13
#عبدالله_حسين_حميد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
