|
المصالحة في سياق فلسطيني ملتبس
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 3995 - 2013 / 2 / 6 - 16:21
المحور:
القضية الفلسطينية
يدرك الجميع أهمية واولوية المصالحة ليست من اجل الاتفاق بين الفصيلين الكبيرين فتح وحماس فقط ولكن من أجل تحقيق الوحدة الوطنية بما اننا ما زلنا تمر في مرحلة تحرر وطني ديمقراطي تقتضي توحيد الطاقات والجهود في مواجهة الاحتلال والاستيطان وآليات التمييز العنصري . وعليه فبأي سياق تتم المصالحة بمعنى ما هي طبيعة المرحلة التي يمر بها النضال الوطني الفلسطيني ؟؟ وهل ستتم المصالحة كاستمرار لاتفاق اوسلو التي تم من خلالها تشكيل السلطة الوطنية على طريق التحول إلى دولة ؟؟ وهل ما زال هناك رهاناً على ذلك بعد ما سدت اسرائيل تلك الفرصة وعملت على تحويل السلطة إلى مشروع دائم وليس مؤقت وانتقالي يدير شؤون السكان فقط في ظل استمرارية الاستيطان وتقطيع الأوصال ، بما يوضع حداً لامكانية اقامة الدولة المستقلة ؟؟ أم ان المصالحة يجب أن تسير في سياق يعيد صياغة الحالة الفلسطينية بما أنها ما زالت تمر في مرحلة تحرر وطني وفي تجاوز لاتفاق أوسلو ولمسار المفاوضات الذي استغلته اسرائيل كغطاء لفرض الوقائع على الارض وتقويض مقومات الوطن والشعب والهوية عبر سياسة التجزئة والتقسيم للسكان والأرض والقضية ؟؟ . إن الاجابة على هذين السؤالين يحدد مجرى ومسار المصالحة ، فليس من المناسب إجراء انتخابات للمجلس التشريعي يعيد تجديد شرعية السلطة ، وبما يوحي بإعطاء " الأمل " من جديد لتحويل السلطة إلى دولة ويعمل على تجديد مشروع الحكم الإداري الذاتي ، كما ان اية انتخابات للمجلس التشريعي سيتحكم بها الاحتلال ، ولن يسمح بها إلا إذا أدت وظيفة سياسية محددة يريدها ، علماً بأنه سيستفيد منها باتجاه إبراز بأن الاحتلال يسمح بقيام الفلسطينيين بانتخاب ممثليهم ، بما يساهم في تحسين صورته التي تتعرض إلى استياء وازدراء بالرأي العام العالمي بوصفها سياسات كولونيالية توسعية وعنصرية . إن الانتخابات المطلوبة يجب ان تساهم في اعادة مقومات البناء المؤسساتي والسياسي الفلسطيني وخاصة حركته الوطنية المجسدة ب م.ت.ف ، فهل ستتم الانتخابات إذا ما قامت للمجلس الوطني أو التشريعي ام للاثنين معاً وهل الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب بالأمم المتحدة يفترض أن تجري الانتخابات داخل الأراضي المحتلة عام 67 فقط ، وماذا بالنسبة إلى الشتات ، وإذا ما تمت بالضفة والقطاع فقط هل سيتحول المجلس التشريعي والحالة هذه إلى برلمان للدولة الفلسطينية ، وكيف يمكن تمثيل التجمعات الفلسطينية الأخرى به . توجد حالة من الالتباس فيما يتعلق بتعريف الفلسطينيين للمرحلة التي يعيشونها الأمر الذي يبرزها بحالة من الضبابية فهل نحن نسير وفق آليات اتفاق أوسلو أم اننا نريد أن نقطع معه ونعيد بناء المنظمة والحركة الوطنية ، أم تعديله باتجاه إجراء الانتخابات لبرلمان الدولة التي تم الاعتراف بها كعضو مراقب بالأمم المتحدة مؤخراً . من الهام جداً إزالة حالة الغموض والضبابية والالتباس التي تعيشها الساحة الفلسطينية . فالحكومة الاسرائيلية اليمينية لن تقدم للفلسطينيين ما يحقق الحد الادنى من حقوقهم المكفولة بالقانون الدولي وهي ماضية بالاستيطان وتهويد القدس وتقسيم وتجزئة الشعب الفلسطيني عبر حصار وعزل قطاع غزة وإقامة منظومة من المعازل والبانتوستانات بالضفة الغربية . ولعل الجميع يدرك حالة الإجماع الصهيوني فيما يتعلق باللاءات الرئيسية والتي تجمع عليها الأحزاب الإسرائيلية بغض النظر عن طبيعتها الفكرية والسياسية من " اليسار إلى اليمين إلى الوسط" فهناك إجماع على رفض الانسحاب من حدود الرابع من حزيران عام 67 ، ورفض عودة اللاجئين، ورفض تقسيم القدس ، ورفض تفكيك الكتل الاستيطانية الضخمة ، الأمر الذي يستلزم إدراك الكل الفلسطيني بأهمية تعريف المرحلة التي نعيشها بما انها مرحلة نضال تحرري وطني وديمقراطي . إن تشخيص وتعريف المرحلة تفترض إعادة بناء المؤسسات الجمعية لشعبنا والتي تعبر عن هويته الوطنية في كافة أماكن تواجده ، فالتمثيل الفلسطيني معرض إلى الاهتزاز والتراجع ، جراء تراجع مكانه ودور المنظمة وبالمقابل تضخم دور السلطة وقد جاء الانقسام السياسي ليعمق من أزمة تمثيل شبعنا بالوطن والشتات وأصبح هناك نزاع على التمثيل يتم التعبير عنه بصورة حسية ملموسة بالتنافس بين حكومتي غزة ورام الله وبالأنشطة الدبلوماسية لحركتي حماس وفتح والتي تتم في إطار حزبي خاص وليس في اطار جمعي وطني وشامل . وعليه فالانتخابات يجب أن تؤدي وظيفة محددة عنوانها استعادة بناء وتفعيل الاطار التمثيلي لشعبنا والمجسد بالأطر التمثيلية لمنظمة التحرير " المجلس الوطني واللجنة التنفيذية " وكذلك للاتحادات الشعبية والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية ، لتلعب تلك الانتخابات دوراً في توحيد طاقات شعبنا وخلق الروابط في نسيجه السياسي تحت عنوان الهوية الوطنية التي يجب أن تعزز في سياق من المشاركة الواسعة لتصب في تفعيل مسار النضال من أجل الحرية والكرامة لدى الشعب الفلسطيني ، والتي يتم التعبير عنها أي الهوية عبر الحركة الوطنية المجسدة بالمنظمة . وعليه فلا قيمة للانتخابات إذا أرادت أن تجدد الشرعية لسلطة أوسلو ، ولا قيمة لها إذا إرادت أن تحسم موقف المعارضة بما يتماشى مع شروط الرباعية الظالمة ، والقيمة الحقيقية لها تكمن في تفعيل الأوعية الوطنية والتمثيلية عبر اعادة بنائها واستنهاضها بوصفها حركة تحرر وطني تخوض النضال على طريق تحقيق حقوق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة . من المناسب أن تيم التركيز على اجراء الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بوصفها الهيئة التشريعية العليا للمنظمة وعلى ان يتم ابتكار كافة الوسائل والطرق التي تضمن مشاركة كل التجمعات الفلسطينية ليس فقط بالضفة والقطاع ولكن بالتجمعات الفلسطينية بالشتات ايضاً ، وذلك على قاعدة تستند إلى ركائز المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا والذي يتم التعبير عنه بميثاق وطني فلسطيني ذو اجماع يستند إلى عقد سياسي يضمن الحقوق الوطنية الثابتة غير قابلة التصرف كما يستند إلى الحقوق المدنية والديمقراطية للمواطنين على قاعدة من المساواة وعدم التمييز . إن المسار الأجدى باتجاه المصالحة يجب أن يحقق هذا الهدف وليس بما يساهم في اعادة انتاج الانقسام وإدارته بصورة هادئة ، فهذا ليس هو المطلوب فشعبنا يحتاج إلى قيادة موحدة ومؤسسات موحدة تساهم في تفعيل المقاومة بكافة اشكالها وحسب خصوصية كل تجمع ومنطقة وتساهم ايضاً في تعزيز ثقافة التسامح وتقبل الآخر وتحقيق حقوق وكرامة المواطنين .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سب التصدي لمشكلتي البطالة والهجرة لدى الشباب
-
عن الانقسام وحقوق الانسان مرة أخرى
-
المصالحة الوطنية بين الشكل والمضمون
-
لماذا حملة المقاطعة
-
من اجل البناء على خطوة الاعتراف بالدولة
-
صمود غزة دروس وعبر
-
المنتدى الاجتماعي العالمي ساحة صراع محتدم
-
قطر بين الاعمار والانقسام
-
المنتدى الاجتماعي العالمي انتصارا لفلسطين
-
نحو حكومة ظل فلسطينية موحدة
-
الاحتقان بين السلطة والاحتلال
-
المنطقة التجارية الحرة الفرص والمخاطر
-
أزمة الهوية
-
نحو تفعيل المبادارات المجتمعية
-
مجزرة الماسورة ....وماذا بعد ؟؟؟
-
حركات الاسلام السياسي واهمية التغيير
-
مقاطعة المنتجات الاسرائيلية نقطة ضوء في مشهد قاتم
-
اوروبا حينما تصطدم المبادئ بسد اسرائيل
-
من أجل درء مخاطر النزعات الطائفية
-
لقاء موفاز وتجدد وهم المفاوضات
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|