|
بين تركيا وحزب العمال .. مُلاحظات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مبدئياً .. من الجيد ان تنجح الحكومة التركية ، في الشروع بِإيجاد حَلٍ حقيقي للقضية الكردية في تركيا .. والتحركات الأخيرة بإتجاه التفاوض العلني والسري ، مع حزب العمال الكردستاني ، إذا إستمرتْ وإزدادَ زخمها ، فمن الممكن التوصل الى خارطة طريق معقولة ، للطَرفين : الحكومة التركية ممثلةً للدولة التركية ، وحزب العمال الكردستاني ممثل الشعب الكردي في تركيا . أدناه بعض الملاحظات حول الموضوع : - القضية الكردية مافتأت تُؤرِق ، الحكومات التركية منذ عقودٍ من الزمن .. وأصبحتْ عائقاً في وجه طموحات الدولة التركية للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي .. وكذلك باباً واسعاً ، للتشكيك ب " ديمقراطية " تركيا . ورُبما كانتْ العسكريتاريا التركية التقليدية ، بما كانَ لها من نفوذ كبير على مُجمل السياسة التركية ، تلعب دوراً مهما في طمس حقيقة وجود الشعب الكردي ، والإستمرار في تجاهل وإنكار حقوقه المشروعة . والطبقة السياسية التركية الحاكمة طوال سبعين عاماً ، هي نِتاج العقلية الإقصائية المُنغلقة ، الشوفينية الناكرة لوجود الكرد أساساً . بدأت بعض بوادر التغيير ، منذ بداية التسعينيات .. غير ان وتيرة التغيير ظهرتْ بوضوح ، مع صعود اردوغان وحزبه ، بالتزامن طبعاً ، مع " إشتداد عود الأحزاب الكردية ولا سيما حزب العمال والأحزاب الرديفة ، وتصاعد الحِراك الشعبي المعارض في جميع المدن والبلدات الكردية " . - من الضروري ، التذكير ان أردوغان وحزبه الحاكم ، لم يبدأ بإنتهاج سياسة الإعتراف بالكرد كشعب وكثقافة.. إلا بعد [ فشل ] كل الحلول العسكرية التي جّربها على نطاقٍ واسع خلال السنين الماضية ، سواء في داخل تركيا او في جبال قنديل داخل اقليم كردستان ، والتي كانتْ تهدف الى إخضاع حزب العمال الكردستاني وبالتالي الإستمرار في إذلال الشعب الكردي . - يجب القول أيضاً ، انه لايزال هنالك العديد من الأحزاب والحركات التركية القومية المُتعصبة ، والشوفينية ، وكذلك بعض الضباط العنصريين .. الذين لايؤيدون " السياسة التركية الجديدة تجاه الكُرد " ، بل ويقفون بصلابة ضد كُل توجهٍ لحصول الكُرد على مزيدٍ من حقوقهم المشروعة . - رغم ان " عبد الله اوجلان " هو الزعيم الكردي الأكثر شهرة ، ومع إضطرار الحكومة التركية ، للتفاوض معه . إلا انه يجب عدم نسيان ، ان اوجلان من الناحية العملية ، كان غائباً عن الساحة منذ حوالي ثلاثة عشر سنة .. ولأن السلطات التركية منعتْ عنه كل وسائل الإتصال في سجنه ، وإقتصرتْ معلوماته ، على تلك التي كان يطلع عليها ، من خلال محاميه على فترات متباعدة ومُتقطعة . فأن تفاوض السلطات التركية معه ، بإعتبارهِ ممثلاً لحزب العمال والكرد عموماً ، هو سلاحٌ ذوحّدَين : إذ ان هنالك مخاوف من أن يقوم اوجلان " بسبب بُعده القسري ورُبما إنخفاض معنوياته لطول فترة سجنه " ، بتقديم تنازلات مجانية ، للجانب التركي ! . من قبيل التخلي عن السلاح بدون شروط ، او فك الإرتباط مع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري ، دون ضمانات !. وهنا ، سوف تبرز خلافات متوقعة ، بينه وبين القيادات الميدانية في كل من قنديل وسوريا وحتى في أوروبا .. ومن الممكن ، ان يكون ذلك فخاً تنصبه السلطات التركية ، لإحداث شروخ مهمة في جسد حزب العمال . " علماً ان [ مراد قرة يلان ] القائد الميداني لحزب العمال في قنديل ، يحظى بشعبية كبيرة ، ويمتلك في رأيي .. صفات كثيرة أفضل من أوجلان ! ] . - لا جدال في ان حزب العمال الكردستاني ، هو الأكثر جماهيرية وقُدرة على تحريك الشارع ، في كردستان تركيا ، وهو الذي حصل على أصواتٍ كثيرة ومقاعد برلمانية ورئاسات مجالس البلديات ، في كل الإنتخابات خلال السنوات الماضية . لكنه ليسَ الوحيد في الساحة ، فهنالك أحزاب كردية أخرى عديدة .. لكنها في الواقع لاتتمتع بحرية الحركة في المناطق التي تخضع لنفوذ حزب العمال . ورغم الإنطباع السائد ، بصدد صلابة الجبهة الداخلية لحزب العمال الكردستاني .. إلا انه ليسَ من الصعب ، إكتشاف الإختلافات في الرؤى ، بين العديد من القيادات المحلية " لحزب السلام والديمقراطية " وبين حزب العمال .. وحتى بين القيادات الميدانية في كُل من قنديل وسوريا وايران ، وبين أوجلان ... وحتى إذا لم تصل هذه الإختلافات ، الى حد التقاطع في الوقت الحاضر .. فليسَ مُستبعداً ان تصبح كذلك ، إذا لم يتم التعامل معها ، بكل جدية وحصافة ، عن طريق تقريب وجهات النظر ، وتوحيد المواقف . وحول [ المفاوضات ] الجارية على عِدة صُعُد ، بين الحكومة التركية وحزب العمال .. أعتقد انه ينبغي ان يمتلك الكُرد إستراتيجية موحدة واضحة المعالم ، ومن الضروري جداً [ عدم إخافة الجانب التركي ] .. فالأتراك متطيرون من فكرة " الإنفصال " او التقسيم .. عليه ، من المُهم ، تحديد : ماذا يريد الكُرد بالضبط ؟ والى أين يريدون ان يصلوا ، وكم يبلغ إرتفاع سقف المطالب التي يبغون الوصول اليها ؟ هل هدفهم هو الحكم الذاتي ، أم الفيدرالية أم الإنفصال؟ .. علماً ان الجانب الرسمي التركي ، لم يُصّرِح لحد الان بصورةٍ قاطعة ، عن موافقته حتى على الحكم الذاتي . أرى ان الإنفصال هو مُجّرد حلم ضبابي غير واقعي " في الوقت الحاضر على الأقل " .. وان أقصى ما يطمج اليه كُرد تركيا ، هو الفيدرالية .. وحتى هذه ، بحاجة الى وقت والى " تعديل العديد من فقرات الدستور التركي ، علماً ان هنالك إعتراضات شديدة من قِبَل العديد من القوى القومية التركية المتزمتة " . - أعتقد ان هنالك نقطة في غاية الأهمية ، بالنسبة الى الجانب التركي .. وهي ان يفك حزب العمال الكردستاني ، إرتباطه مع " حزب الإتحاد الديمقراطي السوري " ، ولا يتدخل في الملف السوري .. أي بمعنى آخر ، يفسح المجال لتركيا ان تكمل مشروعها في سوريا ! . كذلك لايريد الأتراك ، ان يكون هناك تفاهُم وتنسيق وثيق ، بين أقليم كردستان العراق والإدارة التي سوف يقودها حزب العمال في كردستان تركيا ! .. إضافة الى ان الأتراك ضد العلاقة المتينة بين حزب العمال الكردستاني و" حزب بزاك الكردي الإيراني " . أي بالمُجمَل ، يريد الأتراك ، ان يتخلى حزب العمال ، عن جميع " إرتباطاته القومية " خارج الحدود .. ويكتفي بالحصول على بعض الحقوق والمكاسب في تركيا . وإتخاذ اوجلان او قيادات حزب العمال ، أي قرار بهذا الصدد ، في غاية الصعوبة .. إذ ان جزءاً مُهما من هالة المَجد التي يمتلكها حزب العمال ، متأتية من نضاله وحركته في الأجزاء الأربعة من كردستان ! . - على الحكومة التركية ، ان تثبت حُسن النية ، من خلال السعي لرفع صفة " الإرهاب " عن حزب العمال الكردستاني . - أعتقد انه من الضروري ، الإنتباه الى أمرٍ في غاية الخطورة : إحدى ألاعيب مُنّظِر السياسة التركية الجديدة " داود اوغلو " .. هي ترسيخ التباعُد بين إدارة أقليم كردستان ، وبالذات بين الحزب الديمقراطي بقيادة البارزاني ، وبين حزب العمال الكردستاني بقيادة أوجلان ، ووضع العراقيل المتوالية ، على طريق التنسيق الجدي بين الطرفَين .. الأتراك يريدون ان يكون أقليم كردستان العراق " كابحاً " لطموحات كُرد تركيا .. كما يريدون أيضاً ، ان يكون حزب العمال " بعد نجاح المفاوضات وإدارته لنوعٍ من الحكم الذاتي " ، كابحاً لتطور اقليم كردستان !. - قالَ لي أحد المسؤولين في دياربكر ، انه وخلال مراجعته لبلدية أنقرة في سنة 1990 ، رأى مواطناً خاطبَ موظفة باللغة الكردية ، فما كانَ منها إلا وضربتْهُ بحقيبتها اليدوية على رأسهِ ، قائلة بصلافة : بماذا ترطن ؟ ألا تعرف ان التحدث بغير التركية ممنوع ؟ . كان هذا قبل عشرين سنة فقط .. في حين هنالك اليوم محطات تلفزيونية كردية في تركيا وإذاعات وصحف .. والتحدث بالكردية مُتاح في الدوائر والمحاكم . ينبغي التسليم بحقيقة ساطعة : ان الزمن تَغَير والعصر تبدل .. ونظام الحكم في تركيا إضطَر إضطراراً ، لإنتهاج سياسة جديدة تجاه الكرد .. وذلك بفعل عوامل كثيرة .. لعلَ من أبرزها ، تضحيات الشعب الكردي ونضاله الدؤوب من اجل إنتزاع حقوقه المشروعة . وهذا لايعني بالطبع ، ان الطريق مُمهدة وسالكة بدون عقبات .. فلكي يحصل كرد تركيا على حقوقهم ، ينبغي الإستمرار بالعمل ومواصلة الكفاح ، على كافة المستويات .. بحيث يقتنع المواطن التركي العادي ، تدريجياً ، بجدوى وفائدة ترك الكرد ، يُديرون شؤونهم بأنفسهم ، والتعايش معهم وفق منظورٍ حضاري .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُحّمَد ( ص ) يدعمُ مُظاهرات الموصل !
-
كيفَ سيكون تشييع المالكي ؟
-
مَشهدٌ بسيط من الحِراك الفكري
-
في العراق .. المياه لاتعود الى مَجاريها
-
الإسلام السياسي ، مُشكلة بحاجة الى حَل
-
خريجون بلا مَعرِفة
-
الفرق بين الشَلاتي والسَرسَري !
-
لا ثورة حقيقية في الموصل
-
صراعٌ أقليمي على -رأس العين-
-
المالكي يُهنئ خليفة بن زايد
-
الطبخ على الطريقة العراقية
-
التَعّود
-
صراعٌ على دستور أقليم كردستان
-
سوء الحَظ
-
مجالس المحافظات / نينوى / قائمة الوفاء لنينوى
-
مَنْ ينتف ريش الميزانية ؟
-
من وحي الثلج
-
اللوحة المُعتمة
-
العراق .. دولة العشائر
-
كردستان على ضِفتَي دجلة
المزيد.....
-
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
...
-
هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة
...
-
بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال
...
-
الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
-
سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك
...
-
-فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري
...
-
-نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل
...
-
مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد
...
-
بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار
...
المزيد.....
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|