جواد طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 11:48
المحور:
الادب والفن
أمام المرآة وقف يسوي ربطة عنقه, وفي العقل تدور مئات الأحلام وفي القلب شيء واحد، جهدي وعملي. حمل حقيبته ومشى إلى الحي القديم تجلب المناظر إلى نفسه شعوراً بالحزن. عامل التنظيفات الذي أراه كل يوم، يقوم بنفس العمل، وكلما أراد التغيير، يفتح نافذة ضيقة يهرب منها إلى قصة حياته التي يريدها، والتي لم يفعل شيئاً للوصول إليها.
همتي همة الملوك وعزمي يهدّ الجبال، أرى بائع الخبز، كل صباح، يسيء للواقفين وينـزل مستوى المعاملة إلى حد منخفض للغاية، ويمارس نفس العمل كل حملت الشمس لنا يوماً جديداً. بقلب تخفق فيه الأفكار، وأوراق بيضاء مصقولة تدفعك إلى الاستمتاع بجلبة الألوان فيها، وشارع رماديّ، بأحجار موصدة لا يصغي إلى صراخها إلا أنت، أرى من يهرب إلى الدعاء، الذي صوّر له سعادة واهنة، لم يعمل أبداً لضمانها، و لا لتقييدها.
فجأة، تقف قدماه، وتتهدّل شفتاه، ويدرك أنه نسي شيئاً في غاية الأهميّة. يركض إلى المنـزل، ويكبت حر العطش في جوفه، حتى يصل إلى الباب، ويدخل غرفة المعيشة، يرمي الحقيبة بدون اكتراث، فتتناثر منها حزمة أوراق وبيانات. يخرج من الخزانة علبة البطاقات ويوزعها على الطاولة. وبحذر وتردِّد يسحب بطاقة، بطاقة، فرحاً ببطاقة وَزَعِلاً بأخرى، حتى يصل إلى آخر بطاقة.
يرفعها دون أن ينظر إليها, ويضعها على صدره. يأخذ نفساًً عميقاً، ويرفعها أمام وجهه، يعيدها ثانيةً، وترتسم على وجهه ابتسامة مطمئنّة، ويذهب إلى مقابلة العمل.
جواد طالب
#جواد_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟