أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - حكايات غريب الثورة: عصام














المزيد.....

حكايات غريب الثورة: عصام


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 02:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حكايات غريب الثورة: عصام

حينما يتعرض "النموذج الثوري"
للحرمان من "الدمج والتسكين"


آخر مرة قابلته كان يقف متماسكا، ساندا بكتفه العمود الكبير أمام البوابة الكبرى لمسجد الفتح برمسيس، بادرته: أين أنت يا د. عصام، قال بتنهيدة لم أعتدها منه: هى الحكاية القديمة الطويلة نفسها... رجعت ذاكرتي سريعا للوراء، أخر مرة كنا فيها معا كانت فى أحداث العباسية الأخيرة، التى نزل فيها الثوار دفاعا عن سلفيي مصر وحازم أبو إسماعيل أيام حكم المجلس العسكري، كنا ثلاثة وافترقنا كل فى جهة، هاتفه كان مغلق.. بعد مدة طويلة علمت أنه ممن أصيبوا بالرصاص، تلقى طلقة فى قدمه، وأنه كان من الشهود على واقعة اقتحام بعض المستشفيات الميدانية، وإطلاق الرصاص على المصابين والجرحى...
كان يعمل فى دار الكتب واسمه د.عصام الغريب، باحث جاد وشخصية متزنة رائعة تقول الحق مباشرة، تعرفت عليه فى احد ندوات وسط البلد، وكنا نلتقي كثيرا فى الفعاليات الشعبية والثورية، المسيرات/ الوقفات/ المليونيات/ الأشياء/ والأشياء، وكان نقاشه دائما ينير العقل ويفتح أمامك مساحات جديدة من التفكير، كان يصلى الفرض – غالبا- فى وقته، على خلق وأدب وعلم جم..
وكان من الثوار الحق، والحقيقة الكاشفة أن الثوار هم الذين يتحركون حينما يصمت باقي المجتمع، كان يخوض معركة شرسة فى دار الكتب، وكان يتحدث عن فساد فيها وفى وزارة الثقافة، يطول أعلى المناصب! وكان يملك الوثائق والحجج، ولكنهم كانوا كالذئاب عليه، غاب عنى طويلا، هاتفته وكان مغلق، سئلت عنه، قالوا: غائب منذ حين...
إلى أن اتصل بي فجأة، وطلب أن يقابلني وحدي دون علم من أحد، وقابلته عند المسجد/ الفتح/ رمسيس/ الأعمدة/ الدماء/ الثورة/ النصر/الهزيمة الصمود/ الأمل.. وحكى لي كيف أنهم طاردوه، وانه مهدد بالفصل بل والسجن، قلت له: د. عصام أنت تمثل "النموذج الثوري" حينما يصر على قيمه، فيتعرض للحرمان من "الدمج والتسكين" الاجتماعي فى البلد، من جانب الجهاز "الإداري والأمني" الذراع التاريخى للاستبداد والتنميط وبنية التكيف فى مصر.. قال: لا تضخم الأمور، أنا مسافر. قلت له: لماذا؟ قال: صعب هو الطريق، قلت: لا تغادر، قال: صعب، قال: صعب.. ثم اختفى من بعدها.
وهكذا ظللت أبحث عنه فى جمعة 25 يناير 2013 ، هناك من قالوا – فى خيالي – أنه كان فى قصر النيل ، وهناك من قالوا أنه كان الميدان ، ومن قالوا أنه كان فى السويس وبورسعيد والإسماعيلية والإسكندرية، أما أنا فعرفت أنه كان فى كل الأماكن، كان الرمز للمصري الحقيقي ، كان الرمز للذي يثور ويثبت فى مكانه حين يصمت الجميع ويتراجعون، قلت: هذا هو غريب ثورتنا، هذا هو صاحب الخطوة والحكاية والأثر...
قال عنه بعض الأصدقاء – شديدي المصرية بالطبع – أنه سافر فى عمرة لبلاد الحجاز! وقال البعض الآخر أنه هرب من المواجهة! ضائقة مالية! عوز لزوجة لا يملك مهرها! تكالبت عليه الظروف!!!
وقلت: أنتم فى ضلال، بل هو النموذج الذى ذكركم بعجزكم، وتكيفكم مع منظومة الاستبداد والفساد، هو الذى وقف حينما تخاذلتم، هو الذى ثار حينما توافقتم، هو الذى رفض الخضوع: هو على الزئبق، وأدهم الشرقاوى، وأحمد حرارة، هو ائتلاف شباب الثورة المغدور، هو الثورة البكر التى تكمن قليلا لكنها لن تموت، هو صاحب حكايات الغريب، والألف خطوة وخطوة، هو الذى أراه فى كل مكان، ويطارد طيفه نومكم، يحمل الحجارة، ويرفع الصوت، ولا تمر من جسده رصاصات الغدر..
والله يا عصام أيها الغريب، لتصبحن حاضرا فى كل وقت، لتكن أنت الرمز المقلقل لنوم الاستبداد، والله يا عصام لك التحية والسلام، أنت الثورة البكر، فى أي أرض كنت، أنت النصر وهم الهزيمة، أنت الرمز وهم الخواء، أنت البلاد وهم الشتات والضياع، لنأخذن بثأرك فى يوم قادم، سوف تظل حاضرا معنا، سوف تظل روحك فى كل الأماكن.. فى محمد محمود وشارع مجلس الوزراء والقصر العيني والاتحادية، والسويس وبورسعيد والإسماعيلية والإسكندرية، أكاد أقسم – فى خيالي – أنك فى كل الأماكن .. فى كل الأماكن.. ولك منى السلام .. لك منى السلام.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدافع السياسي لأحداث بورسعيد الأولى والثانية
- الطريق إلى الاتحادية: دماء الثوار ومليشيا الوهم
- من ديوان: الطازجون مهما حدث
- طرق مطاردة الذات فى قصيدة النثر المصرية
- 25يناير2013 : سجال الأطراف الأربعة
- -الحوار المتمدن- و-أنا علماني-
- ذكروهم: التجمع الصهيونى فى فلسطين ومنظومة قيم - الطفرة - (mu ...
- فى استراتيجية الثورة: الفرصة والفرصة المضادة
- الثورة وإرث العلمانية والدين
- الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي
- المسارين الثوري والسياسي: بين التكيف والتمرد
- -محمد محمود- الماضى والمستقبل
- الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا ...
- كيف يكون الشعر إنسانيا فى المساحة السياسية!
- اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التق ...
- -الصهيونية الماركسية-وجذور: المرحلية والنسبية، فى الفكر الصه ...


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - حكايات غريب الثورة: عصام