ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 00:11
المحور:
الادب والفن
بوجه دائري أبيض، وشارب دقيق وفم لا تفارقه البسمات كان يستقبل الزبائن بمحله الذي يقع في الركن الشمالي لساحة السوق المغطى للخضروات، على بعد خطوات قليلة من المدخل الرئيسي للقصبة. وكان أول من يفتح دكانه في كل الأصباح، فيبادر إلى إشعال موقدي غاز كبيرين، فالأول لتسخين الزيت في قدر كالح مقعر ومفتوح، مثبت بالإسمنت على مرجله، والثاني لغلاية الماء الكبيرة. ثم يبادر إلى تحريك مجهد لعجينة ضخمة كان قد اعدها بيديه القويتين وأودعها في إنائها القصديري خلال الليلة التي تسبق، ولتتخمر بشكل سليم يثقلها بأغطية من أثواب أكياس الطحين البيضاء.
ولما يصفر الماء معلنا عن غليانه، سيهيء به الشاي المنعنع في غلاية نحاسية. وبعد أن يقدم الزبون الأول طلبه إليه، يباشر إلى تقطيع القليل من العجين بأطراف أنامله، تم يديرها بهمة بين يديه ليصنع منها رغيفا دائريا، سيغرقه في الزيت الساخن. وسيلتحق به معاونه الذي سينشغل بصب أكواب الشاي لمن يرغب في الإفطار بعين المكان، وكذلك بتجميع حلقات الرغيف في سعوف السمار أو الحلفاء لمن يريدها لبيته أو لمكان آخر.
وستتكرر نفس الحركات إلى ساعات متأخرة من الصباح، لتتجدد في عصر كل يوم وإلى مغربه حيث ستكثر الرغبات في تناول حساء الحريرة الساخن. وتشتد الطلبات على "السفنج" حين تفتح المقاهي المجاورة وتمتلئ بروادها الصباحيين. ويتدافع الأطفال أمام منضدة المحل في غدوهم ورواحهم من المدارس. ومن الزبائن من كان يطلب منه أن يلاصق اسفنجتين ببيضة مقلية فلا يحتاج بعدها لأكل طوال اليوم.
----------
هامش :
السفنج : رغيف دائري يصنع في المغرب، يقلى في الزيت الساخن ويمتص الكثير من الزيوت وكأنه الإسفنج.
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟