سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 3991 - 2013 / 2 / 2 - 12:45
المحور:
الادب والفن
جمعت قصاصات عمري من بين صفارات السفن، ومن فوق قضبان سكك الحديد المهاجرة.
في مدن مزدحمة بالدخان، والقلق والعلقم، والمهاجرين وأحذية متهرئة.
فلا تبحث عن الفرح في مدن صدئة ،تتقيأ جوعاً ومرارة.
فالفرح من حق الكلاب والقطط والحيتان الكبيرة.
فلا معنى لاحتجاجك، ولا لصرخاتك...
ولا تحلم بزهر عباد الشمس،وشقائق النعمان
فكف عن الصخب والضجيج .
ولا تتذمر ...فهذا قرار إله محجوب بالسواد.
ماذا تغير..؟
لاشئ ..؟
كنت أنتظر تغير إشارة المرور من الأسود الى البرتقالي ..
لكي أعبر الأرخبيل سيراً على الأقدام.
بيد أني بقيت أنتظر طيلة عمري فرصة للهرب من ظل الوقت.
وتغير الإشارة الضوئية.
تقاسمت ظل الزمن مع ظل الصمت.
اختفى ظل شجرة الزيتون والسنديان .
والتهمت الجرافة دبيب الأرض.
أترى كيف يمر الوقت الأسود بطيئاً ..؟
ماذا تغير ..؟
لا شئ ..لا شئ ...
حملت قلقي عبر السنين، وصلبت روحي كإعلان ضوئي
في كافة الشوارع الخلفية لمدن تتقيأ بقايا دخان أسود
تغيرت فيها كافة إشارات المرور . في مدن تحمل أسماكه الصغيرة الملونة، جواز سفر الى عالم وهمي.
تمطر فيه السماء إشارات استفهام وتعجب مما جري و يجري...
ماذا جرى لعالم الأرض ..؟
بشر يغادرون بسرعة قبل موعد الرحلة الأخيرة..؟
صرخت عرافة " دلفي "
أيتها الإلهة الملونة، جرفت السيول السوداء كافة الحروف المزركشة
فأين المفر..؟
قالت الآلهة، امتطي جناح فراشة، صوب قوس قزح قادم
يحمل في أحشاءه نشيد الأناشيد
فالفرح لم يولد بعد ..
فلا تجزعي.
وصبرت كسلحفاة تتسلق قمة جبلاً.
ماذا تغير..؟
لا شئ فقد وجدت رسالة ميتة تحت أزيز الباب،
تقول أن ظل الزمن الأسود قد سرق فرحي.
وأن الصمت سرق صخب البحر.
وأن صوت القذائف خلخلت ذبذبات الريح
وأن الفصول الأربعة إختفت من خارطة الأرض
ولم يتبقى سوى الشتاء الأسود الصحراوي
فماذا تبقى لك ..من ذاك الفرح الذي حلمت به...؟
آه ...آه ...
فتتني الزمن أحجاراً صغيرة مثل عنقود عنب انفرط عقده
قالت الأحجار الصغيرة،
كنت في زمن مضى حجرُُُ كبيراً، بيد أني كنت فاشلاً في قراءة لغة العيون.
كنت أعشق ضحكة العينين، وأبحث عن وردة، وكتاب، وكأس نبيذ.
ويد صغيرة تعبث بشعري وتدغدغ أذني بسنبلة قمح.
بيد أني أضعت عمري في حفظ درس لا ضرع له ، وفاجئني الشتاء برعده ووعيده.
وعدت أبحث من جديد عن ربيع جديد تضحك فيه كل العيون حتى الحولاء.
ماذا تغير..؟
لا شئ ..؟ فقط غابت ضحكات العيون الناعسة ، واختفى الكتاب وكأس النبيذ.
وبقيت أعاقر فرحي الغائب عن الحضور، باحثاً عن جناح حرف أطمئن اليه.
ترى ماذا تبقى ..؟
لا شئ إنها إشارة المرور السوداء، التي التهمت كل الأضواء الأخرى.
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟