أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد















المزيد.....

الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3990 - 2013 / 2 / 1 - 14:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعد قرار حبس المواطنين فى سجونهم الخاصة أى حظرخروجهم من بيوتهم (الشهيربحظر التجول بالمصرى والتجوال بالعربى) كان رد فعل أهالى بورسعيد أنْ يكون الليل حتى طلوع الشمس لممارسة حياتهم الطبيعية- من بيع وشراء ومظاهرات وهتافات- فى الشوارع والميادين. ولم يختلف أهالى السويس عنهم إلاّفى شىء واحد وهوالغناء والعزف على آلتهم الموسيقية الشهيرة (السمسمية) فانتشرتْ فرق الغناء فى كل ميادين السويس طوال الليل وهم يُغنون للحرية ويلعنون الاستبداد. أما أهالى الإسماعيلية فقد سطـّروا فى قاموس الفولكلورالمصرى إبداعًا جديدًا عندما قرّروا إقامة مباراة لكرة القدم تبدأ من توقيت الحبس فى بيوتهم إلى السماح لهم بالخروج (من 9م- 6ص) وبمجرد الإعلان عن المباراة انهالتْ عليهم طلبات المشاركة من كل الفرق الرياضية سواء من مدن القناة أومن خارجها.
اهتمتْ الصحافة الأوروبية بما فعله أهالى الإسماعيلية، فنشرتْ أكثرمن مقال تحليلى عن (ظاهرة المقاومة بالإبداع الشعبى) بينما الصحافة المصرية (التى أدانتْ الطوارىء والحظر) تناولت الموضوع كمجرد خبر، ولم تهتم بنشردراسة عن جذورمقاومة الاستبداد بالإبداع الشعبى.
إنّ ما فعله أهالى مدن القناة من رقص وغناء وممارسة حياتهم الطبيعية خلال ساعات الحظر (وخاصة عبقرية فكرة مباراة الكرة) هوإمتداد للخيال المصرى فى إبداعه العفوى مُتعدّد الأشكال سواء فى الأمثال الشعبية أوالنكت (جمع نكتة وهى صحيحة لغويًا) أوالمواويل أوالدراما الشعبية (صندوق الدنيا- الأراجوز- مسرح الشارع) وأنّ هذا الإبداع أخذ عدة محاور: محورحب الحياة (أغانى الفلاحين للزرع وللربيع وأغانى الأفراح وسبوع الطفل إلخ وهومحورتعود جذوره إلى جدودنا المصريين القدماء) ومحورقداسة العمل والذى تردّد فى أكثرمن مثل مصرى (ازرع كل يوم تاكل كل يوم، العمل عباده، الإيد البطاله نجسه) ومحورإدانة الاستسلام والتبعية (اللى يربط فى رقبته حبل ألف واحد يسحبه) و(اللى يعمل روحه حيطه يشخوا عليه العيال) مقابل ذلك عبّر المصرى (الأمى) فى أمثاله عن عمق وعيه السياسى فقال (جبناكى يا حكومه تحمينا حمّيتى النار وكوتينا) وأدان الإنسان المغرور، خاصة من فى يده سلطة ويستغلها لمصلحته الشخصية أو لأقاربه فأبدع مثلا عبقريًا من ثلاث كلمات (يا دوده تتمطعى تتقطعى) بينما عبّرعن الاستقامه فى المثل الشهير(بدل ما تغشه قل له فى وشه) والأكثرمن ذلك عندما قال (زى ما تكون لى أكون لك.. ما إنت ش رب أخاف منك) وفى رفضه للنميمة قال (زى ما تقول على غيرك يتقال عليك) وعن تمنياته للغيربالخيرقال (إنْ كان جارك فى خيرإفرح له) والأعمق منه (إعل الخيروإرميه فى البحر) أى أنه لاينتظرالمقابل لافى الحياة الدنيا ولافى الآخرة (وهومثل قاله جدودنا المصريون القدماء واستمرآلاف السنين حتى وقتنا الحاضر) والجنة التى يتمناها هى (جنه من غيرناس ما تنداس) وعن حبه للمودة قال (صبّح ولاتقـبّح) ويصل تسامحه لدرجة أنْ يقول (يا بخت من قِدِرْ وعِفِى) ورغم ذلك عبّرعن موقفه من السلطة الباطشة فأدان جهازالشرطه فى المثل الشهير(لودراعك عسكرى إقطعه) و(آمنوا على مشنه مليانه عيش ولاتآمنوا على بيت مليان جيش) (أحمد تيمورباشا- الأمثال العامية- وأحمد أمين- قاموس العادات والتعابيرالمصرية)
هذا التراث الذى أبدعه شعبنا عبرآلاف السنين هوالجذرالذى برزبعد قرارالطوارىء والحظر. لذلك كان من الطبيعى أنْ يُعبرشعبنا فى مدن القناة عن رفضهم بالإبداع الشعبى فأقام أهالى الإسماعيلية (كأس حظرالتجول) الذى اشتركتْ فيه أربع فرق (المصرى، الإسماعيلى، السويس، الجيش) وفى الإسماعيلية (سحق فريق الثورة فريق الشاطربخمسة أهداف نظيفة بلا رد وسط حضورمئات من المشجعين من أعضاء وتكتلات الثورة والأحزاب والمواطنين)) وأنّ عددًا من ضباط الجيش أبدوا رغبتهم للمشاركة فى اللعب بالدورة وعرضوا ساحات ملاعب القوات المسلحة استضافتها بصورة غيررسمية إلاّ أنّ المنظمين وجهوا لهم الشكرمؤكدين أنّ الرسالة لابد أنْ تكون واضحة فى إقامة المباريات بالشوارع والميادين، لتكون متسقة مع ما أعلنه شباب المحافظات الثلاث لتنظيم ((بطولة حظرالتجول لكرة القدم)) وأبناء بورسعيد الذين شاركوا فى المباراة هم أحفاد جدودهم الذين أبدعوا دمية اللورد اللنبى وأحرقوها كتعبيرعن سخطهم للإحتلال الإنجليزى. هؤلاء الأحفاد قالوا بعد قتل الشباب على يد الشرطة وبعد قرارالحظر(عهد علينا يا شهيد. راح نحرربورسعيد) وهتفوا فى سخرية (ساعة الحظرما تتعوضش) وغيّروا فى أغنية أم كلثوم فغنوا (حظرإيه اللى إنت جاى تقول عليه) وفى مدينة بورفؤاد فتح صاحب محل بقاله اسمه عزت عطا الله دكانه حتى منتصف الليل وعبّرلمن سأله (إنت موش خايف؟) فقال ساخرًا (أصل الريس قال الحظرفى بورسعيد وما قالش فى بورفؤاد) وفى السويس ارتفع شعار(يا عساكرمصر موش ح نطبق حظر) و(موش ح نخاف من حظرتجول لازم مرسى يمشى الأول) وخرجت السيدات تحملن غطيان الحلل ويدقون عليها وحملن لافتات مكتوب عليها (تنبيه هام. حانت ساعة الحظر. على المواطنين النزول إلى الشارع فورًا) ومع دقات الساعة التاسعة مساءً انطلقتْ الصافرات والشماريخ والألعاب النارية. وردّدوا هتاف (مرسى يا مرسى سيب الكرسى) و(القطه عضتْ وِرْكها هىّ اللى جابته لنفسها) ورفعت الطفلة آية الله محمد بسنة سادسة إبتدائى غطاء حلة ولافتة كتبتْ عليها (ح تعمل حظرلمين. السوايسيه موش خايفين) وقالت (أنا نزلت مع ماما وبابا عشان نقول لأ لحظرالتجول. ومرسى أصلا موش عارف يحكم محافظه إزاى ح يحكم بلد) وردّد المتظاهرون (السويس بتقول كلمتها. الطوارىء على جثتها)
لم يقتصرالأمرعلى أهالى مدن القناة إنما شارك شباب الفيس بوك بإبداعهم فنشرأحدهم صورة للمثل عبدالفتاح القصرى وقال (إعملوحسابكم الحظرالجاى كلمتى موش ممكن تنزل الأرض أبدًا) وغيّرآخرفى أغنية أم كلثوم (وصفولى الحظرلقيته خيال. وكلام فى الهلس يدوب يتقال. أهرب من الحظرأروح على فين. ولعبنا مع الجيش إحنا الاتنين) وكتب آخر(أهالى الإسماعيليه يُناشدون سيادة الرئيس عدم فك الحظرلحد ما يخلصوالدوره الكرويه اللى بدأوها)) وعلى موقع (الإسكندرانيه ما بيتهددوش) قرأتُ (قال الملك فاروق إنّ نقطة دم مصريه أثمن عندى من كل عروش الدنيا والرحيل فورًا أهون على قلبى من سفك دماء مصريه حفاظًا على منصبى) وكان تعليق ناقل النص (اللى عنده دم أحسن من اللى عنده دقن) تراجع الرئيس بشكل غيرمباشرففوض المحافظين فى موضوع الحظر. فى السويس وبورسعيد رسى المزاد على إنْ الحظرمن الواحدة بعد نص الليل حتى السادسة صباحًا أما فى الإسماعيلية فمن الثانية بعد نص الليل فكتب أحدهم على الفيس بوك (مرسى قدامك 3حلول بعد تفويض المحافظين لقرارالحظر: 1- تاخد مُثبّتْ قرارات 2- تنام على ضهرك شهرين لعلّ وعسى القرار يثبتْ 3- تاخد حبوب منع إصدار قرارات) وكتب آخر(الكائن الإخوانى موطنه الأصلى جبال المقطم ينموبطريقه طفيليه على الثورات. يكذب تلقائيًا. لايبيض ولكنه مفقوس)
الشخصية المصرية- مثلها مثل أية شخصية قومية- بها من العيوب بقدرما بها من المزايا. فلماذا لم تحاول أية سلطة حاكمة (خاصة منذ يوليو52 بعد خروج الإنجليز) التعامل مع قدرات شعبنا سواء فى مجال الإبداع الأدبى أوفى مجال العلوم الطبيعية إذْ ينتشرالعلماء المصريون فى أوروبا وأمريكا والكثيرون منهم يرأسون مؤسسات علمية عالمية. ومنذ سنوات كان رقمهم 840 ألف عالم فى أوروبا فى مختلف التخصصات العلمية النادرة. والآن فإنّ العالم المصرى عصام حجى هوالذى يُدرب الأمريكان فى محطة ناسا للفضاء للصعود إلى كوكب المريخ وحدث هذا منذ أن كان عمره 32سنة. لماذا تتجاهل كل القيادات السياسية المزايا الكامنة فى الشخصية المصرية، ليكون الانتصارللعيوب القاتلة للحرية ولأية تنمية. لماذا لانتأمل وعى الأميين الذين جمعوا بين التدين الحقيقى ومراعاة واقعهم الاجتماعى الذى عبّروا عنه فى مثلهم الشهير(اللى عاوزه البيت يحرم على الجامع) و(لقمه فى بق جعان أحسن من بناية جامع) وصاغوا نفس المعنى فى أكثرمن مثل. كما أدانوا التدين الشكلى فقالوا (اللى فينا فينا ولوحجينا وجينا) و(الوش حاجج والطبع ما إتغيّرش) و(يحجج الجمل والبردعه.. يروح بذنب وييجى بأربعه) و(بق يسبّح وإيد بتسرق) و(ضلالى وعامل إمام والله حرام) و(يصلى الفرض وينقب الأرض) و(يفتى على الإبره ويبلع المدره) وفى مثل آخر(يبلع الجمل) وأدان الأمى تعدد الزوجات فقال (جوزالاتنين قفا بين كفين) و(عقربتين على الحيط ولاستتين فى البيت) و(جوزالأربعه خيبته مضلعه) وأدان الاحتلال العربى لمصرفقال (ظلم الأتراك ولاعدل العرب) وفى شرحه لهذا المثل كتب أ. أحمد أمين ((هومثل مشهورعلى لسان المصريين. وهذا يدل على أنّ ما لقيه المصريون من هؤلاء البدوأسوأ مما لقوه على يد الأتراك مع شدتهم) (مصدرسابق- ص120) وأحمد أمين نظرًا لشدة وعيه بخطورة توظيف الدين لأغراض السياسة ذكرأنّ رجال الدين ((شايعوا الحكومات الظالمة وأيّدوها وتآمروا معها وبثوا فى نفوس الشعب الرضا بالقضاء والقدروالاعتماد على نعيم الآخرة إذا حُرموا نعيم الدنيا.. كل هذا أضعف من نفوس المسلمين وأذلهم.. إلخ (حياتى ص 114) أى أنّ ما كتبه المفكرالكبيرأحمد أمين هوترجمه لما أبدعه شعبنا الأمى فى أمثاله عن العلاقة بين التدين والمنظومة الاجتماعية والسياسية التى تحكم الواقع.
وإزاء هذا الإبداع الشعبى العفوى العبقرى يتساءل العقل الحر: ماذا سيكون مستقبل مصرلوتوفـّرتْ إرادة سياسية وطنية تفاعلتْ مع هذا الإبداع؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة
- أنصار الحرية فى مواجهة أعدائها
- العداء للفلسفة وعلاقته بالتخلف الحضارى
- الدونية القومية عند المتعلمين المصريين
- تأثير التراث العربى على العقلية العربية
- التراث العبرى ولغة العلم
- الأصولية الإسلامية وجذور العنف
- الحذاء الفضى - مسرحية قصيرة للأطفال
- العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى
- أجنحة الصفاء - قصة قصيرة
- أخيرًا : الإسلام على وشك دخول مصر


المزيد.....




- ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- توصية هامة وجهها قائد الثورة الاسلامية الى مرشحي إنتخابات ال ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المسؤولين في السلطة القضائية
- فرح اطفالك  .. أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات و ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مقتل أحد عناصرها بقصف أمري ...
- -الجنائية الدولية- تصدر مذكرة اعتقال بحق زعيم -أنصار الدين- ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مرابض الاحتلال بالمسيّرات ...
- فرنسا : قلق من -إرهاب المتشددين الإسلاميين- قبل انطلاق الألع ...
- الرئيس التونسي يقيل وزير الشؤون الدينية وسط أزمة وفيات الحجا ...
- رئيس تونس يقيل وزير الشئون الدينية بعد وفاة 49 حالة في صفوف ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد