|
السيرك العراقي
يونس حنون
الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 02:03
المحور:
كتابات ساخرة
المشهد العراقي اليوم اقرب ما يكون الى سيرك كبير قام احد الخبثاء بفتح جميع الاقفاص التي فيه بدون انذار فخرجت الحيوانات الاليفة منها والمتوحشة على السواء بعد ان انتبهت الى انها اصبحت طليقة وهي في الحقيقة لا تعرف مالذي يحصل حولها أوماذا سيكون مصيرها ، فاختلط الحابل بالنابل وكانت نتيجة مواجهة تلك الحيوانات لبعضها ان تولت الغرائز زمام الامر ، فانطلق بعضها يهاجم وينطح وينهش ويلتهم ،بينما سقط البعض الاخر فريسة اوهرب أو حاول الاختباء والصمت كي لا تشعر به الوحوش الاقوى ، وكل حسب قوة اسنانه ومخالبه وضعف من يصادفه ، ولا تزال الفوضى التي لا يعرف احد كيف يمكن ايقافها او لجم الوحوش الكاسرة او اعادتها الى اقفاصها تضرب اطنابها كانت هناك نكتة متداولة في التسعينات بين المثقفين عن عراقي فر من الاضطهاد ودفع كل مايملك كي يتم تهريبه الى داخل السويد ليطلب اللجوء ، وعندما جلس امام ضابط الهجرة الذي سيقررمصيره سأله عن سبب تسلله بشكل غير شرعي الى السويد فقص العراقي كيف ان ذاك كان خياره الوحيد لانقاذ حياته ، وكيف ان العيش في العراق اصبح مستحيلا بعد كل ما فعله صدام حسين بالبلد واهله من حروب وخراب ومجازر واعدامات واضطهاد، وعندما انتهى من حديثه علق السويدي بقوله : انا مستغرب ، اذا كان رئيسكم بهذا السوء فلماذا لاتنتخبون شخصا اخر بدله؟ من المؤكد ان تساؤل الضابط السويدي كان مفارقة تثير الضحك والسخرية ، لكنه تحول هذه الايام الى سؤال غاية في المنطق والعقلانية ، فنحن فعلا نذهب للانتخاب بشكل ديمقراطي، ومهما كرهنا نتائج الانتخابات علينا ان نعترف انها تمثل فعلا عقلية الشارع العراقي الذي تسيطر عليه الموروثات الطائفية والدينية قبل المصلحة العامة هؤلاء هم من انتخبتهم الاغلبية شئنا ام ابينا ، ولا الوم من وصل الى الحكم بعد ان باع حتى قطرات الغيرة اذا بقى متمسكا به بيديه واسنانه، لان علينا ان نتذكر دوما اننا في الشرق ، واذا صدقنا ان باستطاعة الشعوب في الشرق ايصال من تريد الى الحكم ، فعلينا ان نوقن ايضا انها لن تستطيع بعدها انتزاعهم من الحكم مهما حاولت ، والظاهر ان من يصل الى الحكم يقوم بلصق مؤخرته الى الكرسي باقوى سيكوتين يقع بين يديه ، ولن يكون في الامكان فصلهما مستقبلا الا بتحطيم الكرسي او تمزيق مؤخرة الجالس عليه ، ايهما اسهل ولذا فعلى الشعب الذي ينتخب ويتبين له بعد ايام بؤس ما انتخب ان يبقى يندب حظه (او غباءه) لاربع اوخمس او ست سنوات عجاف حسب الدستور المطبوخ له فاذا قال قائل للحكومة انك لم تحققي وعودك اجابوه الشعب هو الذي انتخبنا اذ لايتذكرون الشعب الا في هذه لو شكى من لازال لديه نفس للشكوى من ان العجز وعدم الكفاءة يعم كل دوائر الدولة اجابوا ، هذه تركة حكم صدام وتحتاج الى خمسمائة عام اخرى كي نزيلها ولو طالب الناس بمحاسبة المسؤولين الذين تفوح منهم رائحة الفساد والذين لم يقدموا مكسبا واحدا او انجازا يفرح الشعب اجابوهم: انتم اعداء الديمقراطية ولو بلغ السيل الزبى من فقدان الامن و فقدان اية قيمة للمواطن وخرجت التظاهرات منددة بالحكومة ومطالبة بالحقوق قالوا : انها مؤامرة بعثية لاعادة العجلة الى الوراء وكأن هذه العجلة اللعينة قد خطت سنتمترا واحدا الى الامام كي يكون هناك من يريد اعادتها الى الوراء هو ليش احنا بعدنا نعرف وين الگدام وين الورة ؟ تصوروا ، يوم واحد من الامطار الغزيرة كان كافيا لفضح عجز وفساد وسفالة هذه الحكومة فغرقت الشوارع وغرقت معها الاحلام بان ينصلح حال هذا البلد لا وفوگاها اكو بشر يسمون نفسهم معارضة ممن هم اعضاء في الحكومة حتى ولو بوزير واحد هذه المعارضة القذرة تحاصص الحكومة في المناصب لكنها تتبرأ منها حالما تصبح الحديدة حارة و تلجأ الى النحيب والولولة على الشعب المسكين وتتحين الفرص لاقتناص مكاسب سياسية واعلامية بتهييج الناس عسى ولعل ان تصبح هي البديل ، هذه المعارضة لاتختلف بشيء عن من يتولى مقاليد الامور سوى انهم اكثر نفاقا لانهم يأكلون من وليمة اللئام لكنهم يشتمون من اعدها فما هو الحل ؟ ان ننادي باسقاط المالكي؟ وهل سيترك ابو (بعد مانطيها) الكرسي بهذه البساطة وهو الذي لايشغل باله اليوم الا كيفية الحصول على ولاية ثالثة و ليذهب العراق الى الجحيم ولنفرض انه تنحى او اسقط بالارادة الشعبية في الانتخابات (كما نصحنا ذلك السويدي البطران) ، فهل البديل سيكون حكومة مخلصة من الوزراء والوكلاء والمدراء الشرفاء من اناس لايسرقون ولايكذبون ولايتبعون اجندات جيران السوء ؟ ام سيأتي كما يحدث في العادة بديل يجعلنا نترحم على من سبقه لكن لايستطيع ان يجعلنا نتعظ ؟ وهل يلام من دب الياس والاحباط في قلبه وعقله ولسانه وهو يرى ما اصبح عليه الحال اليوم، وكيف ان الفرقاء يزدادون سفالة ونهشا لبعضهم بلا اي اكتراث للبلد الغارق في الظلمة والاوحال والرشوة وفقدان الاخلاق والضمير حتى ضاع منا حتى الامل في ان يكون لدينا امل متى ندرك حقيقة ان الشعب هو من يتحمل الذنب، وله الباع الاكبر في كل مايحدث اليوم واننا نستطيع ان نتظاهر ونندد ونشتم ونلعن ونسب ونقول ساعة السودة ليل نهار وتصرخ الحاجة ام عامر ملينا ، ولكن عندما تاتي الفرصة للتصحيح باعتبار ان المؤمن لايلدغ من جحر مرتين ، فاننا نلدغ من كل الجحورة التي تصادفنا ، لنثبت اننا لسنا مؤمنين ولا بطيخ حتى لو كنا نقضي ايامنا وليالينا ونحن نجر الصلوات على محمد وآل محمد هناك مثل انكليزي يقول اذا خدعتني مرة عار عليك ، لكن اذا خدعتني مرتين فعارعلي ولكم ان تقدروا كمية العار الذي علينا وهم يخدعوننا مثنى وثلاث ورباع
#يونس_حنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعقيب على مقالة الاستاذ مالوم ابو رغيف المعنونة ضعف الشخصية
...
-
7illo 3an 6eezy
-
الولايات المتحدة العربية!
-
حكومة المالكي وروح الفكاهة
-
لماذا نحن اذكياء ؟
-
ثقافة العورة بين النقاب وقيادة السيارات
-
هل ابن سينا او الفارابي شهود على الاعجاز
-
وقفة رائعة مع الانسانية
-
اقوال .....مأثورة
-
قيل...عن الدين
-
كفاكم يا كويتيون
-
الدجل ....بلا خجل
-
الجهاد في الجودو
-
هل توقف سعالنا ؟
-
القذافي مكعمز عالروشن
-
امرأة من العراق
-
قريبا ....سنصدر التقوى
-
احبوا نوابكم ....باركوا سياسييكم
-
تأملات ... مع الاخبار القادمة من تونس
-
عندما اخرسني الخفاش
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|