|
دولة فلسطينية برؤية إسرائيلية
جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)
الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 01:14
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
دولة فلسطينية برؤية إسرائيلية جمال أبو لاشين منذ نهاية ثلاثينيات وبداية أربعينيات القرن الماضي تشكل في فلسطين تجمع سكاني يهودي، مثل ثلث سكان البلاد، وهذا بسبب زيادة تدفق الهجرة اليهودية من أوروبا خصوصاً إثر الحرب العالمية الثانية، وصعود النازية في ألمانيا، وكنا قد تحدثنا عن الاقتصاد المزدهر في الصناعة والزراعة الذي أقامه اليهود بدعم من سلطات الانتداب البريطانية والمنفصل تماماً عن الاقتصاد الفلسطيني الضعيف والتابع للانتداب البريطاني، هذا التباين الاقتصادي والسكاني والثقافي أدى لطرح الحل للصراع العربي الإسرائيلي في إطار دولة ثنائية القومية على اعتبار أن اليهود أصبحوا يشكلون قومية في دور التكوين لها الحق في تقرير مصيرها، في هذا الوقت طرح العرب قيام دولة عربية في فلسطين يحق لليهود الذين كانوا في فلسطين قبل عام 1918 هم وأبنائهم العيش فيها في حين أصرت الحركة الصهيونية على إقامة دولة يهودية منفصلة في فلسطين حتى ولو على جزء منها. ومنذ نكبة العام 1948، وحتى الاحتلال الإسرائيلي لبقية الأرض الفلسطينية في عدوان حزيران 1967 اختفى شعاري الدولة الديمقراطية والدولة ثنائية القومية وهذا لأن الصهيونية نجحت بالتعاون مع القوى الامبريالية وتواطؤ بعض الدوائر العربية الرجعية في منع إقامة الدولة العربية الفلسطينية. وبتشريد أقسام أساسية من الشعب الفلسطيني وتدمير اقتصاده انتقل هذان الشعاران من حيز الإمكانية الواقعية إلى حيز الخيال أو الحلم. وبعد حزيران 1967 واحتلال إسرائيل ما تبقى من فلسطين بدأت تلك الشعارات في الظهور ثانية على اعتبار أن فلسطين كلها عادت وتوحدت ولو ( تحت الاحتلال )، إلا أن إسرائيل لم تلحق المناطق المحتلة كجزء من إسرائيل وفضلت حكمها عسكرياً والبدء في إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة لذلك أصبحت إسرائيل في مواجهة ثلاثة خيارات وهي: 1-أن تفكك المستوطنات اليهودية في المناطق المحتلة وتعود لحدود العام 1967 التي يكون اليهود فيها الأغلبية، وتظل دولة ديمقراطية ويهودية بأقلية عربية من الدرجة الثانية. 2- مواصلة احتلالها لأراضي العام 1967 التي سيصبح سكانها العرب مضافاً إليهم التغيرات الديمغرافية خلال خمس أو ثمان سنوات ما يوازي عدد سكان اليهود في إسرائيل وفي كلتا الحالتين ستكون إسرائيل إما دولة يهودية أو ديمقراطية ولكنها لا يمكن أن تكون يهودية ديمقراطية في الوقت ذاته . 3- أن تواصل احتلالها للمناطق المحتلة بعد أن تتخلص من الأغلبية العربية، وهذا يعني أن تكون أول ديمقراطية مارست التطهير العرقي الشامل كمشروع دولة وهذا يضعها في موقف الدولة الخارجة عن القانون الدولي إلى الأبد، ويجعلها متمردة على المجتمع الإنساني إن إبقاء الفلسطينيين تحت السيطرة الإسرائيلية أصبح غير مقبول في عالم اليوم وحلم إسرائيل في التوسع بات يعرقل أي حل قادم للصراع العربي الإسرائيلي، ولم يعد نشاط حكام إسرائيل منذ قيامها في إدارة الصراع بلا أي تسوية ممكنة، يلقى مساندة دولية كما في السابق، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي أبقت على تفردها بالإمساك بمفاتيح الصراع بحيث تسمح بالتسوية وفق شروطها وبمقدار ما يحقق مصالحها في السيطرة على الأطراف المعنية، والمنطقة ككل كما حدث في إتفاقيات كامب ديفيد. لقد فشلت إسرائيل بعد نكسة حزيران 1967 في تكرار نكبة العام 1948 رغم أنه جرت عملية نزوح خارج الوطن ولكن بأعداد أقل منها في النكبة وهذا مرجعه سببين : 1- الخبرة المريرة التي استخلصها الفلسطينيون من تجربة اللجوء عام 1948، واستعداد الأغلبية الساحقة منهم لأية تضحية تجنبهم تكرارها. 2- أن المجتمع الدولي لم يعد يتقبل تكرار تلك العملية من التطهير العرقي مأخوذاً بالحسبان أن إسرائيل غدت عضواً في الأمم المتحدة. معركة الديمغرافيا في الفكر الصهيوني منذ احتلال العام 1967 وإلى وقتنا هذا لم تستطع تلاوين الطيف السياسي الصهيوني إيجاد مخرج لمأزقهم المتمثل في ضم الأراضي المحتلة بدون سكانها حفاظاً على يهودية إسرائيل، وكان التوجه الذي ساد بعد ذلك في الفكر الصهيوني هو التحيز للديمغرافيا على حساب الجغرافيا وهو ما انعكس في الكتل الاستيطانية التي باتت تقضم في الضفة الغربية وتقسمها إلى شمال ووسط وجنوب، وما يحدث من عزل لمدينة القدس والضفة الغربية وهو ما يضيق المساحة على السكان الفلسطينيين ويخلق واقع ليس بإمكانه أن يتطور اقتصاديا، وينال من سيادة أي دولة فلسطينية قادمة وبناء عليه عندما حاولت إسرائيل رسم سياسة أحادية الجانب من طرفها والتي تمثلت في جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، والانسحاب من قطاع غزة ذو الكثافة السكانية العالية، وعزل القدس، وتقسيم الأراضي المحتلة إلى كانتونات كانت تلك الخطوات تعكس بوضوح عدة أمور منها : أ. فشل إسرائيل في إيجاد حل للتوازن السكاني لفشلها في تفريغ الأرض من سكانها. ب. عدم ضمها مناطق ذات كثافة سكانية عالية تحقيقاً للتوازن الديمغرافي ومحاولة التخلص من قسم من فلسطيني العام 1948 خصوصاً المناطق المحاذية للضفة الغربية، ولو مع أرضهم عند الضرورة. جـ. هذا كان انعكاساً لحقيقة جلية أن الحلم الصهيوني بإسرائيل الكبرى من البحر للنهر تحت السيادة الإسرائيلية انتهى، وهو ما يمكن اعتباره إقراراً ضمنياً بفشل الاستيلاء على كل فلسطين الانتدابية. إن الديمغرافيا تحتل ركناً هاماً ودائماً في المؤتمرات السنوية في إسرائيل والتي تدور تحت عنوان ( أقل ما يمكن فلسطينيين ، وأكثر ما يمكن يهود ) ولأن التوازن الديمغرافي يتعرض للخلل باستمرار بسبب نسبة التكاثر الطبيعي العالية بين العرب من جهة، وقلة الهجرة اليهودية من جهة أخرى فقد اقترح أرنون سوفير ( المحاضر والديمغرافي في جامعة حيفا ويرأس مركز أبحاث الأمن القومي ) عدة إجراءات عنصرية منها :- 1- إجراء فصل بين إسرائيل وفلسطين، مع الاحتفاظ بأقل ما يمكن من العرب في تخوم إسرائيل، وذلك عبر سلخ المناطق العربية القريبة من الحدود مع الخط الأخضر وضمها إلى الكيان الفلسطيني ( ضمن اقتراحاته ضم أم الفحم والمثلث إلى الكيان الفلسطيني ). 2- تشجيع نظام الولادات المراقبة بحيث تعطى جائزة لكل عائلة تكتفي بإنجاب طفلين، وامتيازات أكبر لمن يزيد عن ذلك العدد. 3- بناء سياج حدودي ما بين إسرائيل وفلسطين حتى يمنع التسلل إلى إسرائيل ( وهو ما حدث من خلال جدار الفصل العنصري ). أما رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل اللواء ( عوزي ديان ) فقد أعد تقريراً شاملاً أوصى فيه بحسم قضية ( حدود دولة إسرائيل ) في غضون السنوات المقبلة القادمة، ودعى التقرير أن يتم رسم الحدود استنادا إلى اعتبارات ديمغرافية كطريق وحيد لضمان قيام دولة يهودية ديمقراطية على مدى طويل. أما يونى غولدن بيلن ( رئيس لجنة الطلبة في جامعة التخنيون بحيفا ) فقد اقترح تشريعات منها: - سن تشريعات زيادة المواليد في أوساط الجمهور اليهودي وتقليص معدل الخصوبة في أوساط الجمهور العربي. - سن تشريعات تقلص حدة تأثير المواطنين العرب في انتخابات الكنيست. - سن تشريعات لتشجيع هجرة العرب في إسرائيل للخارج. - ربط أي مطلب عربي بالتنازلات الإقليمية في الضفة وقطاع غزة بالاستجابة لمطلب إسرائيلي مضاد يقضي بإجراء عملية تبادل للسكان بين السكان اليهود في الضفة والقطاع ( والمقصود هنا المستوطنين ) وبين السكان العرب في إسرائيل، وذلك بصورة يجري فيها نقل معظم المواطنين العرب في إسرائيل. وعلى أساس الدراسات الكثيرة التي سبق ذكر بعضها قام شارون رئيس حكومة إسرائيل السابق باتخاذ قرار الانفصال من جانب واحد معلناً أن المكاتب الصهيونية بدأت تستعد لتطبيق خطة الانفصال خصوصاً وأنه أخذ القرار تحت إدعاء ( عدم وجود شريك فلسطيني )، وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر بتاريخ 11/1/2004 أن اللواء غيورا آيلاند الذي عين مؤخراً ( رئيساً لمجلس الأمن القومي الصهيوني ) قد بدأ وطاقم متخصص التحضير لبرامج عملية لتنفيذ خطة الانفصال عن الفلسطينيين. اليمين الإسرائيلي المتطرف ورؤية الحل السلمي طرح الوزير الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست الحالي أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب (إسرائيل بيتنا)، في مؤتمر هرتسيليا الخامس حول " ميزان المناعة والأمن القومي"، " مشروعه الخاص للحل الدائم والنهائي مع الفلسطينيين"، والذي في صلبه استبدال الانسحاب الكامل من المناطق المحتلة منذ العام 1967، بتبادل أراض على أساس تواجد سكاني، فهو يريد ضم منطقة المثلث إلى الضفة الغربية مقابل الاحتفاظ بكامل المستوطنات في الضفة الغربية. يقول ليبرمان: " إن خطتي لربما تكون مختلفة عن أية خطة أخرى بمفهومين، الأول أن ما سمعته حتى الآن من الجميع، هو أنهم يقترحون دولة قومية للفلسطينيين، نظيفة من أي يهودي، ومن جهة أخرى يحولون دولة إسرائيل إلى ثنائية القومية، ويقولون أنهم يتخوفون من العامل الديمغرافي، ونحن نريد دولة يهودية ديمقراطية، وأنا اعتقد أن اليسار عليه أن يكون أكثر صراحة، من أجل أن يقول الحقيقة، إنهم يريدون دولة إسرائيل كدولة لجميع مواطنيها، وأنا أرفض ذلك، أنا أتحدث عن ( دولة يهودية صهيونية بالشكل الأكثر وضوحاً ) من أجل اليهود وأيضاً من أجل العرب، ومن يرفض هذا فهو ليس بإمكانه أن يكون أكثر من مجرد ضيف". ويتابع ليبرمان: " أنا لا أتحدث عن ترانسفير، فالترانسفير نعرف أن نفعله لليهود فقط، وهذا ما فعلناه لليهود في يميت ( كبرى مستوطنات صحراء سيناء في العام 1981 )، وهو ما يفعلونه الآن لليهود في غوش قطيف ( مجمع مستوطنات قطاع غزة سابقاً قبل الانسحاب)، هذا ترانسفير اكسيلانس صاف، يأتون مع شاحنات ويحملون عليها اليهود، ومن يرفض يكبلونه بالقيود، ويخرجونهم من البيوت بعد أن عاشوا هناك أكثر من ثلاثين عاماً دون أن يسألوهم ودون أن يأخذ أحد موافقتهم حول موضوع الترانسفير هذا". إن مفهوم التوازن الديمغرافي وربطه بيهودية إسرائيل على الدوام تعدى مفهوم الصهيونية ونقاء العنصر اليهودي وأصبح مادة دسمة للسياسيين الإسرائيليين تستخدم في اكتساب المزيد من المؤيدين للأحزاب الإسرائيلية مما أدى إلى خلق حالة داخل إسرائيل تتجه للمزيد من التطرف، وهذا يؤكد تمام التأكيد أن اندماج اليهود مع محيطهم أكثر ما يؤرق الكيان الصهيوني، وهو ما دفع شارون للتعليق على يهود الخارج أو ما يسمونه الشتات بأنه يخشى عليهم الاندماج في مجتمعاتهم خاصة عبر الزواج المختلط وفي ذلك قال : " إن حياة اليهود في الشتات لم تعد في خطر، لكن وجودهم كيهود نعم.
لذلك تبدو إسرائيل قلقة من الاندماج في محيطها العربي إذا ما ساد سلاماً حقيقياً، وهذا ما يدفع حكامهم إلى رفع أسوار الغيتو اليهودي حول إسرائيل التي بقيت آخر غيتو يهودي في العالم، وهذا يثبته مشاعر الشك والكراهية والاغتراب عن المحيط وسكانه الذي تعيشه إسرائيل وإدعائها المتواصل بالانتماء للغرب البعيد، وهي مفارقة لا مثيل لها في عالم اليوم. في ظل هذه الأوضاع لا يغدو شعار الدولة الديمقراطية أو الثنائية القومية أن يكون سوى حلماً أو مخدراً لكل من يرى انسداد في الأفق السياسي، وتبقى هذه الأفكار والشعارات رهينة لظروف أخرى غير موجودة بتاتاً في المستوى المنظور خصوصاً في ظل التغول الإسرائيلي واتجاه الشعب الإسرائيلي نحو اليمين واليمين المتطرف، وفي ظل هرولة قادة الامبريالية وعلى رأسهم الرؤساء الأمريكيين نحو إسرائيل الأمر الذي ينم عن أن إسرائيل جزء لا يتجزأ من مشروع امبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب بل العالم العربي ويتعدى ذلك إلى المصالح الامبريالية في آسيا وأفريقيا. إن التصريحات المختلفة للرؤساء الأمريكيين فيما يخص عملية السلام وحل الدولتين من كلينتون إلى بوش الابن وأخيراً أوباما والذين تحدثوا فيها عن دولة فلسطينية قابلة للحياة كانوا يعكسون فكر الساسة الإسرائيليين وليس رغبة لدى الأمريكان بدولة فلسطينية كاملة السيادة بحيث أن الدولة التي يتحدثون عنها هي الدولة التي ترغب إسرائيل في إعطائها، وهذا لمسه القادة الفلسطينيون من خلال توسع الاستيطان بشكل متعاظم منذ اتفاق أوسلو في العام 1993 بحيث فقز عدد المستوطنين خلال سبعة سنوات فقط إلى زيادة قدرها 150% ، وبالحديث عن حدود يمكن الدفاع عنها بمعنى الإبقاء على الأرض لردع أي هجوم، وبالتفسيرات المتناقضة للقرارين 242، و 338 في الحديث عن أراض متنازع عليها، وليس عن أراض العام 1967، إن السلوك الإسرائيلي في الأعوام الأخيرة سلوك لا ينبئ بوجود أي شريك فعلى وصادق في عملية السلام خصوصاً ما يتصل بحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حيث لا توجد لدى إسرائيل أي تسويات ممكنة أو حلول يقبل بها الشعب الفلسطيني حتى ولو بحدها الأدنى على الرغم من أن القيادة الفلسطينية بكل فصائلها قبلت بمساحة 22% المتبقية من فلسطين التاريخية بيتاً للفلسطينيين في حين لا ترى إسرائيل بكل مكوناتها اليمينية واليسارية أي حل واقعي للصراع فكل الحلول مرفوضة في إسرائيل فالمطلوب إدارة حكم ذاتي لدولة مقطعة الأوصال لا سيادة عليها بحراً أو جواً وهي مجردة من السلاح، ومحاصرة من جميع الاتجاهات بالإسرائيليين، هكذا أرادتها إسرائيل، وهذا ما جعلها تفكر في دفع الفلسطينيين في الضفة الغربية ناحية الأردن شرقاً وقطاع غزة نحو سيناء جنوباً بمعنى مشاركة العرب ضمن الحل وهذا ما يتردد في الأعوام الأخيرة، وأصبح يدور في المجتمع الإسرائيلي. إن التفسيرات الإسرائيلية التي تكيف نفسها حسب رغبتها مع قرارات المجتمع الدولي أدت في نهاية الأمر لضياع المرجعيات التي من أجلها بدأت مفاوضات التسوية، وزاد في ذلك ترك العرب الفلسطينيين يجابهون إسرائيل بمفردهم تحت شعار نقبل ما يقبله الفلسطينيون، ومع غطرسة القوة الصهيونية بات الطرف الفلسطيني يواجه الصراع بثباته على الأرض وبصموده فالمعركة أصبحت معركة وجود وبقاء، لذلك أصبح الصراع يحمل كل الأصناف والأنواع فهو صراع قومي وديني وعنصري لذلك كان لابد للقياد الفلسطينية أن تحزم أمرها وتثبت حق الشعب الفلسطيني على أرضه الفلسطينية في مواجهة الأطماع الصهيونية تتوج في 29.11.2012 بالاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة على حدود العام 1967 والتي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عاصمة لها. الدولة الفلسطينية في خطاب الرئيس أبو مازن للأمم المتحدة ركز على القرار 181 في أكثر من مكان وكأنه يذكر العالم بقرار التقسيم الذي صدر في 29.11.1947 والذي يقسم فلسطين لدولتين عربية ويهودية، ولم ينسى أن يجعلهم يعيشون معه النكبة بكل أبعادها المأساوية حيث بدأت رحلة اللجوء، وحملة التطهير العرقي لشعب آمن على أرضه هو الشعب العربي الفلسطيني الذي لا يزال حتى اللحظة ينتظر رفع الظلم عنه وتحقيق السلام المنشود، وهذا أقل ما يمكن للعالم أن يقدمه للشعب الفلسطيني. ويعود ليذكر كيف أن مسيرة النضال الوطني المضنية وحرص شعبنا على البقاء والصمود وازن بين أهداف وأساليب النضال وبين القانون الدولي وكيف أن منظمة التحرير الفلسطينية منذ العام 1988 بادرت في إعلان قرار الاستقلال الفلسطيني بالاستناد للقرار 181. وفي موضع آخر يقول لن نقبل إلا باستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس فوق جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وحل قضية اللاجئين على أساس القرار 194، حسب منظومة المبادرة العربية للسلام. لقد جاء هذا التنازل في الحقوق الفلسطينية، وتقليص الدولة في حدود العام 1967 كحق للشعب الفلسطيني على ما تبقى من أرضه أمام مجتمع دولي يدرك تماماً واقع الصراع وواقع القرارات الدولية والقانون الدولي الذي تتصرف إسرائيل بفوقية معه، وكذلك لواقع عربي لايرى سوى هذا الحل المطروح ممكناً خصوصاً في نظام دولي تنفرد بقيادته أمريكا، وبالتالي لم يكن أمام الفلسطينيين من خيار إلا بانتزاع ما تبقى لهم من هذا الحق، في عالم لا يعترف إلا بالقوة، وترسم قراراته على أساس ما تستطيع تلك القوة انتزاعه، فجاء إعلان الدولة في حدود ما يمكن تقبله واقعياً على الرغم من رفض هذه الدولة من الأمريكان وإسرائيل. إن الأمريكان يريدونها دولة عبر التفاوض مما يعني دولة بالرؤية الإسرائيلية تفهمها إسرائيل على أنها بداية الصراع، وليس نهايته اعتقادا منها أن الفلسطينيين لن يتوقفوا في صراعهم مع إسرائيل عند حدود دولتهم وما هي إلا محطة يواصلون من خلالها الصراع، لذلك بقيت التسوية حتى اللحظة بلا هدف جدي وواضح ولازالت عملية السلام مفقودة في الفكر الصهيوني الذي اعتاد البقاء في الغيتو، ولا يمكنه العيش إلا خلف جدران، تلك هي إسرائيل التي جاء بولادتها أقسى صراع في المنطقة العربية والتي لا ترى بداً من مواصلة الحروب فهي لا تزال دولة استعمارية تعيش بسيفها وتفرض نفسها واقعاً مأساوياً يؤرق كل عربي لأنها تفتح الصراع دموياً على الشعب الفلسطيني ومحيطها العربي، وتواصل بكل عنجهية تمييع كل الحلول السلمية الممكنة مبقية الصراع مفتوحاً على خيارات عسكرية لن تحل أي سلام في منطقتنا الملتهبة.
قائمة المصادر والمراجع 1- أ. د. رفيق المصري، نحو اتحاد فيدرالي إلى ثلاثي الوطنيات : فلسطيني- أردني- إسرائيلي لحل الصراع العربي الإسرائيلي، المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية – رام الله، 2011 . 2- د. يوسف إبراهيم، التطور الديمغرافي للشعب الفلسطيني وأثره في الصراع العربي الإسرائيلي، أوراق عمل المؤتمر الفكري والسياسي الأول للدفاع عن حق العودة، منشورات التجمع الشعبي الفلسطيني، غزة، 2007 . 3- ورشة عمل حول رؤية غيورا آيلاند لحل الدولتين، قراءات استراتيجية، السنة الثالثة، العدد الخامس، مركز التخطيط الفلسطيني، مايو 2010 . من مواقع الانترنت : 4- أمل جمال، حل الدولة الواحدة (آفاقه ومحدودياته) ، موقع الآداب، انترنت. 5- نعيم الأشهب، ملف الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين، موقع المحور المتمدن، العدد : 2422، 2008 .
* مدير الدراسات بمركز عبدالله الحورانى للدراسات والتوثيق .
#جمال_ابو_لاشين (هاشتاغ)
Jamal_Ahmed_Abo_Lasheen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محور إيراني ومحور تركي وتمزق عربي
-
عالم آخر ممكن .. ولكن !
-
الاخوانوفوبيا والآخر
-
في ذكرى النكبة الرابعة والستين صراعنا على الحدود أم الوجود ؟
...
-
اليسار والثورات العربية خطوة للأمام أم خطوتين للخلف
-
في الأول من أيار .. الطبقة العاملة نظرة من الداخل
-
اليسار والثورات العربية خطوة للأمام أم خطوتين للخلف
-
حقوق القوميات والأقليات في تقرير المصير
-
استحقاق الدولة الفلسطينية00 معركتنا السياسية و الوطنية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
المزيد.....
|