|
هادي دانيال يتحدث عن المعارضة السورية بين الوهم و الخيانة
أحمد النظيف
الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 19:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حاوره أحمد النظيف
يواصل هادي دانيال قض مضاجعَ مسلماتنا الثورية المراهقة كما يسميها محطما ما شيدناه خلال سنتين من عمر هذا الربيع العربي بمعاول منهجه النقدي منددا بالسلوك’’الرعاعي’’ الغوغائي لبياطرة’’ثورات الفوضى الخلاقة’’ كما يسميها ...دانيال الذي قضى نصف عمره مقاتلا في صفوف الثورة الفلسطينية لم ينسى يوما انتمائه السوري ,لم ينسى ضيعات الجبل و ثمارها الحلوة ’ لم ينسى أزقة الشام حيث عاش ردحا من طفولته ...يتحدث اليوم في هذا الجزء الثاني من حواره الشامل عن الأزمة السورية ,عن هرطقات اليسار ‘’ذي الوَعْيٍ المُراهِق المأخوذٍ بالشعاراتِ القُصووية التي تفصله عن الواقع و جمود اليمين ذو وَعْيٍ مُرْهَقٍ هَرِمٍ عاجِز عن قراءةٍ ناجعة للواقع وحركتِهِ’’
* تقول بعض النُّخَبِ الحاكمةِ اليوم في سورية إنّ النظامَ القائمَ أكثر علمانيّة مِنَ المُعارَضة خاصّة إثر ما رَشَحَ عنها مِن نزعة طائفيّةٍ في خطابِ بعضِ رموزها . هل - كمُواطِن سوريّ - تعتقِد أنّ إصلاح النظام أي " الدمقرطة الداخليّة " هي البديل الوطني الديمقراطي الوحيد لتجنيبِ البلاد ويلات الحرب الأهليّة والتقسيم؟. + نسبيّاً يُمكننا عَدّ التوجُّه العام للدولة في سورية علمانياً ، إذا أخذنا في الحسبان أنّها خَضَعَتْ على مَدى خمسةِ عقُودٍ تقريباً لحكمِ حزبٍ علمانيّ كما تؤكد أدبياتُه هو حزب البعث العربي الاشتراكي مُتحالِفاً منذ أربعةِ عقود في "جبهة وطنيّة تقدّميّة" مع أحزاب علمانية حسب أدبياتها بينها القومي العربي والشيوعي والقومي السوري لاحقاً. ولكنّ المكوثَ في سدّةِ الحكم كلّ هذه الفترة الزمنية المُمعنة في الطول ابتلى هذه الأحزاب بأمراض السلطة كالبيروقراطية التي مِن تداعياتها الترهُّلُ والتكلُّس من جهة ، ومِن جِهَةٍ ثانيةٍ باتَ الثوبُ السياسي - إن جاز التعبير - يَضيقُ على الدولة السوريّة التي تنمو ديموغرافياً باضطراد ، بحيثُ تَهَرّأ هذا الثوب وانْشَغَلَتْ قوى الحكمِ عن تجديدِ نسيجهِ بصراعاتٍ إقليميّةٍ يَتَصَدَّرُها الصِّراعُ مع العدوّ الصهيونيّ المُتَرَبِّصِ بها. بمَعنى أدَقّ ، بدا وكأنّ الدولةَ "اطمأنَّتْ" إلى نزعَةِ المُواطِنِ السوريّ إلى التعايُشِ الحَضاريّ بين مُكَوِّناتِ دَولتِه ( الدينية والمذهبية والعشائرية والعرقيّة) ، وإلى تفَهُّمِهِ للأعباءِ القوميّة المُلقاة على عاتِقِ دَولتِهِ ، وغفلَتْ عن مُعالجةٍ دؤوبةٍ لمُتَطَلَّباتِ الحياةِ السياسيّة والاجتِماعيّة والاقتصادية المُتَغَيّرة لهذا المُواطِن في عالمٍ مُتَغَيِّر ، مما جَعَلَ هوّتان تتسِعانِ بالتوازي ، أوّلاً بين الأحزابِ الحاكمة والمبادئ والشعارات النظرية التي ترفعها منذ تأسستْ وبين مُمارسة هذه الأحزابِ للحكم ، وثانيا بين آلية الحكم ونجاعتها وكيفية توزيعها للثروة الوطنية وبين واقع المُواطن وطموحاته. وبما أنّ حزب البعث وحلفاءه في الجبهة لم يُنجزوا ثورةً اجتماعية تُعيد صياغةَ المُجتَمَع صياغةً وطنيّةً علمانيّةً حقيقيّةً تُخَلَّصُهُ نهائياً مِن نُزوعاتِهِ المُتأصِّلَةِ القَبَلِيّة العشائريّة والدينيّة المذهبيّة والعرقيّة ، فقد استَقْوَتْ القُوى الرجعيّة ، وبخاصّة جماعة الإخوان المسلمين ، بهذهِ الأمراض التي استَفْحَلَتْ ، وتَسَرَّبَتْ مِن هذهِ الثّغرات ، فكانت الهزّةُ الكُبرى في ثمانيناتِ القرْنِ الماضي ، التي تَرَكَتْ شروخاً اجتماعيّة ، كانَ يُفْتَرَضُ بالقوى الحاكمة مُعالجتُها في الإبّان ، باستدراكٍ جذريّ ، لكنّها للأسف لم تفعَلْ ، مُتَوَهِّمةً أنّ الحلول الأمنية وحدَها تُمَكِّنُ البلادَ مِن تجاوُزِ الأزمة. وعلى الرغم مِن إقدامِ الرئيس الراحل حافظ الأسد على تخليص المؤسستين العسكرية والأمنية مِن مَراكِزِ قُوى اصطَبَغَ بَعْضُها بصبْغَةٍ طائفيّةٍ مُعيَّنَة رُبّما كرَدِّ فعْلٍ على الحِراكِ الطائفيّ المُسَلَّح الذي قامَ بهِ "الإخوانُ المسلمون" أو تَذَرُّعاً بهِ ، إلا أنّ القوى الرجعيّة الانتهازيّة ما فتئتْ تَبْتَزُّ النظامَ الحاكمَ الذي تَرَكَها تُعَشِّشُ في أجهزة الدولة إلى أن استَفْحَلَ خَطَرُها فَوَجَدَ نَفْسَه (خاصة في السنوات الخمس التي سبقت الأزمةَ الحالية) في حالةِ تواطؤٍ قَسريّ معها ، بمَعنى أنّه يتنازَلُ لها خشيةَ الاصطدامِ بها. فعندما تسلّمَ الدكتور بشّار الأسد دفّةَ الحُكْمِ بإرادَةٍ وحَماسَةٍ عاليتين لِتطبيقِ مَشروعِ تَحَوُّلٍ ديمُقراطيّ يُزاوِجُ بين دَمَقرَطَةِ الدولةِ والمُجتَمَعِ في أفُقٍ وطَنيّ وبينَ إشاعةِ ثقافة المُمانَعَة والمُقاوَمةِ في أفُقٍ قوميّ ، اصطَدَمَ بمراكزِ قوى كامِنَةٍ سُمِّيَتْ " الحَرَس القديم" ، والتي تُمَثِّل عَمَلِيّاً أبرز رموز الفَساد التي كانَ على رأسها "عبد الحليم خدام " نائب رئيس الجمهورية آنذاك. وكانت المُفاجأة السيّئة التي رُبّما أحْبَطَتْ الرئيس بشار الأسد وأبطأت في سُرْعَةِ خُطاه إلى تغييرٍ جذْريّ كانَ قد دَشَّنَهُ بما سُمِّيَ " ربيعُ دمشق " ، تلك المسامير الصدئة المُنتَشِرَة في مؤسساتِ الدولة ، والتي كانَ اقتِلاعُها دفعَةً واحِدَة قد يُهدِّدُ الدولةَ بالتّفَكُّكِ ، لِدَرَجَةِ أنّ الرئيس صرَّحَ مِراراً لوسائل إعلام أجنبية بأنّه يفتقِدُ الإدارةَ التي تُطبِّق برنامَجَهُ مِن أجلِ تغييرٍ ديمقراطيٍّ شامِل. وما أن تراجَعَ الرئيسُ خُطْوَةً إلى الوراء لتهيئةِ الآليّاتِ القادِرَةِ على تلبيةِ طُمُوحِهِ حتى تدافَعَتْ عليهِ الهجماتُ الضاغِطَةُ بشراسَةٍ مِنَ الدّاخِلِ والخارِجِ لإجبارِهِ على أن يتنازَلَ عَن مَشروعِهِ بوجهَيْهِ : الوطنيّ الديمقراطيّ والمُمانِع المُقاوِم. وكانت هذه الضغوط صهيو أمريكيّةً تُصارِعُ مِن أجلِ توظيفِ اغتيالِ " رفيق الحريري" بغيةَ الحصولِ على تنازُلاتٍ سوريّة تتعلَّق بتحالفات سورية الإقليمية وبملفِّ الصرع العربي - الصهيوني ، وداخليّاً حرّكت السعوديّةُ أدواتَها المحليّة مثنى متنى كغازي كنعان ورفعت الأسد(مِن خلال بقايا أنصاره الذين يموّلهم عديلُه الملك السعودي) من جهة ، وكعبد الحليم خدام (الذي يحمل أبناؤه الجنسية السعودية) وحليفِه حكمت الشهابي من جهة موازية. وقد تَمَكَّنَ النظامُ مِنَ الصُّمود في وَجْهِ هذه الرِّياح السَّموم بأقلِّ الخسائر الإقليميّة ، مُسْتَنِداً في ذلك إلى إرْثٍ مِن الدبلوماسيّة العريقة والكفوءة ، ومِن التحالُفات الإقليمية والدوليّة الوثيقة ، قبلَ أن يقترفَ "غلطةَ الشاطِر" ، ويلتفَّ عليهِ المُتَرَبِّصُونَ بهِ مِن حيثُ لم يحْتَسِبْ. ونحنُ ياصديقي نعلمُ كغَيْرِنا ، أنّ إسقاطَ دِمَشقَ كانَ الهَدَفَ التالي والمُباشَر لجيش الاحتلال الأمريكي بعدَ إسقاطِ بغداد ، لكنّ المقاوَمة الوطنيّة العِراقيّة الباسِلة وباحتِضانٍ وَدَعْمٍ كامِلَيْن مِن نِظامِ دِمَشق أوقَفَت الغَزْوَ الأمريكيّ على الحدودِ السوريّة العِراقية لتدحَرَه لاحِقاً وتُعيده إلى ما وراء الأطلسي . ولذلكَ أعادوا إدراجَ سورية على قائمة أهدافِ خطّةِ "برنارد لويس" التي تُنْعَت سناريوهات تنفيذها ب"ثورات الربيع العربي" لتكونَ الهَدَف الموالي بعدَ إسقاط الجماهيريّة الليبية مُباشَرَةً. وما أن بَدَأ التَّحَرُّشَ المُبَرْمَجَ بأجهزةِ الدولة السورية ، حتى فوجئ النظامُ بما لم نُفاجأ به - لأننا نبّهنا إليه في مقالاتٍ نشرناها سنة 2008 في الصحافةِ التونسية وأعدْنا نشْرَ المتعلِّق منها بمسار حركة "حماس" الإخوانية الفلسطينية في كتابنا الأخير "الربيع العربي يتمخّض عن خريف إسلامي بغيوم صهيونية" واصطدَمْنا بسبب تلك المقالات أيضاً بالسفير السوري إياه - فوجئ النظامُ بخطأ قراءته وقراءة حليفيه في خندق المقاومة والممانعة (إيران وحزب الله) لا ندفاع قطر وتركيا وحركة حماس في التقرُّبِ سياسيا مِن دمشق ومِن ثَمَّ ارتدادهم عنها مَعاً بعدوانية جاوَزَت المنطِقَ السياسيّ والأخلاقيّ في التعبير الصفيق والغادِر عن أحقادٍ وأطماعٍ كامنة. ذلك أنّ القراءة العلميّة والموضوعية كان يجب أن تفضي إلى أنّ نظاماً أطلسياً على علاقاتٍ تقليديّةٍ مع تل أبيب كما هو حال نظام أنقرة ، وأنّ محميّةً خليجيّةً تديرها قاعدةٌ أمريكية وتنسج علاقات حميمة مع تل أبيب أيضاً كما هو حال الدَّوْحَة ، وأنَّ حَرَكَةً "إخوانيّة" تَقَنَّعَتْ بالمُقاوَمَة لِضَرْب وحدانيّةِ تمثيلِ منظمة التحرير الفلسطينيّة للشعبِ الفلسطيني ، بعد أن كانت هذه الحركة فرعاً للإخوان المصريين في غزة وناشطةً في روابطِ القرى التي كانت تلقى تشجيعا مُباشَراً مِن المخابرات الإسرائيلية ، كما أنّها تفتَقِدُ لأي مشروع وطنيّ وتعدُّ شهداءَ الثورة الفلسطينية "فطائس" أي ضحايا مجانيين، مثلما تعدّ فلسطينَ بأسْرِها وقْفاً قد يُستَرَدّ بعدَ إقامة الخلافة الإسلامية . وبعيداً عن المرجعياتِ الأخلاقية لأنّ المرجعية الأخلاقية في السياسة كالمرجعية الإنشائية في الكتابة ، فقد كان على الذين استضافوا "خالد مشعل " وحركته أن يفكروا جيدا ويتساءلوا : لماذا طلب الملكُ حسين بن طلال ترياقاً من إسرائيل لإنقاذ "مشعل" من السمّ الذي سرَّبه الموساد إلى جسده (والملك حسين ليس تشي غيفارا)، وأن يتفكّروا أيضا بمعنى أن يستجيب الإسرائيليون لطلب ملك مجازر أيلول الأسود. ، والملك والإسرائيليون لا يقدمون الخدمات لمشعل بدون مقابل ، والمقابل تدفعه سورية الآن نتيجة خطأ دائرةِ اتخاذ القرار ، لأن مَن استضافَ "مشعل" هو الحكومة السورية وليس الشعب السوري. والأكثر "تعقيدا" من ذلك أننا ندفع ثمنَ وصفةٍ حمقاء لردِّ تهمةٍ تزعم أن من يقاومون الكيانَ الصهيوني هم مِن طَيْفٍ مذهبيّ مُتقارِب . واستغلَّ "مِشعل" - والإخوانُ نَهّازوّا فُرَص - هذا الحمق السياسي والاستخباراتي للقيام بمهمة إخوانية إنتقامية من سورية بامتياز . والعجيب أن الإيرانيّ صاحب الوصفة المذكورة (كما أحدس) مازال يعتقد أن هذه الوصفة السحرية لم تفقد صلوحيتها بَعْدُ على الرغم من أن رائحة خيانة مشعل و"حماسهِ" أشدّ حدّة من أن يخطئها أنْفُ طهران حتى في موسم الزكام. إذَن يارفيقي ، القراءةُ المُتَبَصِّرة كان يجب أن تُنَبِّهَ إلى أنّ مَن هُم بهذه المُواصفات البائنة والثابتة تاريخيّاً لا يُمكِن أن يتقَرَّبُوا مِن عاصمةِ المُمانَعَة والمُقاوَمَة إلا ضمنَ حساباتٍ غادِرة ، لم يردعهم عنها في اللحظة التآمريّة السوداء ما قدّمَتْه دمشقُ مدفوعةً بنواياها الحسنة إزاء جِوارها الإقليميّ وعُمْقِها العربيّ والتزامها التاريخيّ تجاه القضية الفلسطينية ، ولو على حساب مَصالح مَواطنيها الإقتصاديّة والأمنيّة . وربّما لم يَدُرْ في خلدِ دوائر القرار السوري أنّ حصانَ طروادةَ مُثَلَّثَ الأضلاع هُو الذي كانَ مَقصُوداً بتصريحاتِ قادَة الكيانِ الصهيونيّ ، بأنّ "إسرائيلَ" أصبحَتْ قريبةً جدّاً مِنَ القيادةِ السورية ، حتى بمعنى تهديد أمْن أشخاص هذه القيادة ومؤسساتها. ولعلَّ دمشق كانت بقراءتها لاستقطاب أنقرة والدوحة و"غزّة" على الرغمِ مِن أنّها خاطئة استراتيجيّاً إلا أنها تُفَنِّدُ رَجْمَ البعض تكتُّلَ المُمانَعَة والمُقاوَمَة بتهمةِ الصّبغَة المَذهبيّة، كما فَعَلَ الملكُ الأردني عبد الله الثاني بحديثه الشهير عن "المثلّث الشيعي". على كلّ حال ، نخلص مِن ذلكَ كُلّه إلى أنّ النظامَ والدولة والجيش في سوريّة لم يصدروا في سياساتِهِم الداخليّة والإقليميّة عن مرجعيّاتٍ طائفيّة ، بل عن مَرجعيّاتٍ وطنيّة وقوميّة في خطوطِها العريضة ، تكوّنَت منها عقيدةُ الجيش العربيّ السوريّ القائمة على روحٍ استشهادية عبَّرَ عنها وطنيّاً وزير الدفاع السوري الشهيد "يوسف العظمة" كما عبَّر عنها قوميّاً الضابط السوريّ في صفوف الجيش المصري الشهيد "جول جمّال". ولن يشكّك في هذا التوصيف بل الإعتقاد ، عندنا ، تفصيلٌ هُنا أو هُناك. ولكن ياعزيزي ، ماذا بشأن "المُعارَضة" السورية ، بشقَّيها الداخليّ والخارجيّّ، ومَن يقف وراءَهما ويَدعَمهما سياسيّاً وإعلاميّاً أو يرفدهما بالمال والسلاح والمسلَّحين؟. بَعْدَ هروب ( أو تهريب) الرئيس زين العابدين بن علي وعودة الحقوقي "المنصف المرزوقي" - الذي سيصبح لاحقا "الرئيس التونسي المؤقت" - ، مرفوقاً بعرّابهِ في الأوساطِ الحقوقيّة العربية والغربيّة، أعني الحقوقي السوريّ "هيثم منّاع" وزيارتهما معاً مدينةَ "سيدي بوزيد" وغيرها مِن المُدًنِ التونسيّة التي شهدَتْ الوقائعَ الأولى مِن الأحداثِ التونسية ، أعْلَنَ "منّاع" على قناة تلفزيونية تونسية أنّه جاء يتعلّم ويستلهم كيفيّةَ إطلاق "ثورتِهِ" في سورية بدْءاً مِن محافظةِ "درعا" التي سَمّاها مُسْبَقاً "سيدي بوزيد سوريّة" . وقد كرَّسْتُ فصلاً مِن كتابي "ثورات الفوضى الخلاقة : سِلالٌ فارغة"لدور "هيثم مناع" في أحداث "درعا" الذى حاول التنسيقَ حينَها مع القطريين عن طريق عضو الكنيست الإسرائيلي لعدّةِ دورات "عزمي بشارة" الذي التحقَ بغرفةِ عمليات "ثورات الفوضى الخلاقة" في "الدوحة" والذي كرّسْتُ له ولدورهِ هو الآخَر فصلاً من الكتاب نفسه. وعلى قناة "الحوار" التي رصَدَتْ لها قَطَر آنذاك عشرة ملايين دولار - حسب تصريح الإعلامي الجزائري " يحيى أبو زكريا" - بدأ "مناع " تحريضه السوريين في الخارج وشرْحَه لهم على الهواء كيف يمكنهم إرسال هواتف "الثريّا" لدعم المتظاهرين في "درعا" وبقية المدُن السورية. كانت ذريعة حِراك "درعا" إشاعة مفادها أنّ عدداً مِن التلاميذ كتبوا شِعاراتٍ مُناوئة للنظام ، اعتقلتهم الأجهزةُ الأمنيّة واقتَلَعَتْ أظافرَهُم ، لكن هاقد مضى واحدٌ وعشرون شهراً على الأحداث في سورية ، ولم يُطالِعنا أحَدٌ بمقطعِ فيديو أو حتى بصورة فوتوغرافيّة واحدة تؤكّد خَدْشَ ظفْرٍ واحد لهؤلاء الأطفال المزعزمين ، في حين كانت قناة "الجزيرة" وأخواتها العرَبياتُ والغرْبياتُ تغرفُ غَرْفاً الصُوَرَ ومَقاطِعَ الفيديو التي تظهر فيها أعمالُ تعذيب وتنكيلٍ مِن العراق واليمن وغيرهما وتنسبها زوراً وبُهتاناً إلى أجهزةِ الأمن ووحدات الجيش السورية. ومع ذلك تفاعَلَتْ القيادةُ السوريةُ إيجابياً مع حِراكِ "درعا" الذي بدأ سلمياً على الرغم مِن المظاهر المسلحة التي أخذت تنبتُ في بعض مظاهراته منذ الشهر الثاني ، خاصة عندما دخلت المخابراتُ الأردنيةُ على الخط ، وفي حساباتِها أن تعاوِدَ الدّور الذي أنيطَ بها في ليبيا.وقد تلقَّفَ الرئيسُ بشار الأسد هذا "الحراك الشعبي" ، وأرادَ الاستقواءَ به وبشعاراته "الإصلاحية" لتطبيق مشروعه الوطني الديمقراطي الذي حالتْ مراكزُ قوى مُحافظة داخل الدولة دونَ تنفيذِه.وبعد إجراءات إصلاحية شملتْ الأجهزةَ الأمنية والسلطات المحلية في درعا وحمص وغيرهما ، تمَّ مُضاعَفَةُ أجور العمال والموظفين في مؤسسات الدولة ، وإقالة حكومة "العطري" التي وجَّهَتْ بسياستها الاقتصادية القائمة على اقتصاد السوق الرأسمالي وتصفية القطاع العام ضربات متتالية لتوجُّه الدولة الاشتراكي، وفتحت البلادَ اقتصادياً للمصالح التركية والقطرية وسواها ، مُفاقمةً في الوقت نفسه من معاناة المواطن على جميع الأصعدة. كما استجابت الدولة لمطالبِ الحراك المتصاعد ، فألغتْ قانونَ الطوارئ ، وأصدرتْ قانونين جديدين يشرّعان التعدديةَ السياسية الحزبية وتحرير الإعلام ، إضافة إلى قانون جديد أيضا للإنتخابات . واستجابةً لمطلب إلغاء البند الثامن من الدستور الذي يحصر في حزب البعث قيادةَ البلاد ، تمّ تغيير الدستور بالكامل ، واستُفْتِيَ الشعبُ على الدستور الجديد الذي بات بمُجبهِ شأنُ حزب البعث كشأنِ بقيّة الأحزاب المُرَخّص لها ، وإضافةً إليه وإلى غيره من أحزاب " الجبهة الوطنية التقدمية " تمّ الترخيصُ لأكثر مِن عشرة أحزاب حديثة النشأة معظمها علماني ليبرالي.وبعد الاستفتاء على الدستور الجديد ، تمّ تشكيلُ حكومة جديدة ضمّت نائبا لرئيس الوزراء ووزراء من المعارضة الوطنية التي لا تنتمي إلى "الجبهة".كما جرت انتخاباتُ جديدة للإدارة المحلية تلتها انتخاباتٌ للبرلمان "مجلس الشعب". وبدلاً مِن أن تساعد هذه الحزمة الهائلة مِن الإصلاحات في تهدئةِ النفوس والدخول مع الحكومة في حوار بشأن رَسْمِ وتنفيذ برنامج إصلاحي في أفق وطني ديمقراطي ، رَفَعَ الحِراكُ بَعْدَ عَسكَرَتهِ العلنيّة من مَطالِبهِ التي تبدأ بالدعوةِ إلى " إسقاط النظام " ، على مبدأ "عنزة ولو طارتْ". وتَزامُناً مع ذلك فكّتْ أنقرة والدّوحة "تحالفهما" مع دمشق ، وقادتا حملةً دبلوماسية غير مسبوقة أفضت إلى طرد سورية من الجامعة العربية ومنظمةِ المؤتمر الإسلامي ( تصوَّر جامعةً عربيةً بدونِ قلب العروبة النابض ، ومنظمةً للمسلمين بدونِ عاصمة الأمويين ) ، وشكّلتا على عَجَل إطاراً لمعارضة سورية مزعومة في الخارج قَوامُها جماعة الإخوان المسلمين وشخصيات سياسية وثقافية مرتبطة بالمخابرات الغربية والخليجية ، تكدّسوا جميعاً في هذا الوعاء المسمّى "مجلس اسطنبول" والذي بدأ يتفسّخ ويتكاثر بسرعة مثيرا الروائح النتنة شأنه شأن الطحالب والطفيليات كافة.فقد ولد هذا "المجلس" ميتاً ولم تُوَفَّقْ مؤتمراتُ "أعداء سورية" مِن تونس إلى مراكش في بثِّ الحياة فيه. وفي ذاتِ الوقت كانت السفاراتُ الغربية في دمشق وبخاصة سفارتا واشنطن وباريس ، تحتضنُ رموزَ و تُديرُ ما يُسمّى "تنسيقيات الثورة السورية" التي كانت مهمتها ارتجال مظاهرات تدوم دقائقَ كي يتمَّ تصويرها وإرسالُها في حملة إعلامية مُنظَّمة إلى القنوات التحريضيّة وبخاصة منها "العربية" و "الجزيرة". وبالمناسبة لم أفهم حقّاً الحكمة العبقريّة من استمرار ظهور بعض الإعلاميين السوريين الوطنيين وبعضهم شبه رسميّ على قناة "الجزيرة" القطرائيلية بعامة والبرنامج السفيه المتهافت "الاتجاه المعاكس" بخاصّة . ألا يشمل قانونُ مقاطعةِ "إسرائيل" مقاطعةَ عملائها والأبواق الصهيونية والمتصهينة؟ .. أم أنّ البعضَ مازال يُغريهِ النومُ على وسادةٍ مِن شعرات معاوية التي تهبه أحلاماً خاصّةً ربّما ، لكن هذه الوسادة لن تجلب للبلاد غير كوابيس اليقظة!. إذَنْ ، بالتزامُنِ مع ذلك بادَرَتْ أنقرة إلى استقبال عشرات المواطنين مِن التركمان السوريين كطلائع في خطّة لاستدراج وفيما بَعْد لتهجير سوريين بالقوة إلى تركيا حيث كانت المخيمات الفارغة بانتظارهم مُسبقاً ، كما تمّ فَتْحُ الحدودِ التركية واللبنانية والأردنية مع سورية أمامَ الأسلحةِ والمسلَّحين العرب والأجانب ليرتكبوا المجازر ويدمِّروا قرى أريافنا وأحياءَ مدُننا وينسبوها إلى الجيش العربي السوري بهدَفِ شَيْطَنَتِهِ ، وبالتالي خَلْق رأي عام عربي ودولي يُشَجِّع على فَرْضِ السيناريو الليبي واستصدار قرار أممي يُسَوِّغ تدخُّلاً عسكريا خارجياً ، غبَّ فَرض منطقة سورية عازلة تحاكي في الدور المُناط إليها دَور "بنغازي" في غَزو "الناتو" للجماهيرية الليبية واحتلال عاصمتها وإطاحة نظامها الوطني. إلا أنَّ الفيتو الروسي الصيني المزدوج - الذي كان ولا يزال بالمرصاد - حال دون ذلك. في هذا العزْفِ الدّامي لأوركسترا تآمُريّة عربيّة وإقليميّة على سورية برزَتْ حقيقة دامِغَةٌ مفادُها أنَّ التحريضَ الإعلاميَّ كانَ يَنْطَلِقُ مِن مرجعيّةٍ طائفيّةٍ بَدْءاً مِن خطاب مُسيلَمةَ القرضاوي الذي اسْتَهْدَفَ الرئيس السوريّ بتوصيفِهِ مذهبيّاً ، وبموازاةِ ذلكَ وفي سياقِهِ معاً تمَّتْ تزكيةُ "برهان غليون" وتنصيبه على رأس "مجلس اسطنبول" مِن القرضاوي نفسهِ الذي أخَذَ يَدَ "غليون" بيدِهِ ونَعَتَه مُبارِكاً بأنّه " رجل مؤمِن" بمقاييس القرضاوي الوهّابيةّ الإستخباراتية الصهيو غربية للإيمان..،وصُولاً إلى إمام إئتِلاف الدّوحة "معاذ الخطيب" الذي تقوم رؤيتُهُ لمستقبل سورية السياسي ليس فقط على وُجوبِ إبادَةِ أقلية مذهبيّة مُعَيَّنَة كما كان قد صرَّحَ لأحَدِ المُقَرَّبين منه ، بل وعلى إبادة واستعباد بقية الأقليات الدينية والمذهبية كما يفعل مجرموّا المجموعات الإرهابية المسلّحة الذين يسوّقهم وكأنّهم "ثوار من أجل الحرية" - تماما كما كانت المخابرات الأمريكية تُسوِّق سياسيا وإعلامياً عبر العالم إرهابيي "تنظيم القاعدة" ومعظمهم مِن الدول العربية و الذين كانوا يقاتلون نظامَ كابول الإشتراكي المدعوم من موسكو السوفياتية ، ناعتةً هؤلاء الإرهابيين الذين صنعتهم بأنهم "مقاتلون مِن أجل الحرية" - ذلك أنّ القَتَلَةَ مِن "كتائب المهاجرين" مثلا يُفاخِرونَ بأنَّهُم قتلوا ذَبْحاً أو رَمْياً بالرصاص عشرات الشباب السوريين فقط لأنّهُم مسيحيون ، أما العائلات المسيحية التي لم تُغادِر مدينةَ "يبرود" بريف دمشق ، فقد فرضوا عليها الجزْية ، بأن تدفع كل عائلة مسيحية عشرين ألف ليرة سورية ، شهريا بذريعة حماية هذه الجماعات المسلحة لهم ، وكأن ثمة من يهدّد هذه العائلات غير "حُماتِها " الطارئين المزعومين هؤلاء. وفي ظلِّ مِرجَلِ الحقْدِ الطائفي" الذي يحمله "مُعاذ الخطيب" بين كَتِفَيْهِ فإنّ ما حصَلَ في قرية "عقرب" ليس تفصيلاً عابراً مثل كَسْرِ شاهدةِ قبر المرحومةِ أمِّ "ياسين الحاج صالح " مثلاً، بل هي مجزرة تلخِّّصُ بدايةَ ومسارَ والهدَفَ النّهائيَّّ لما حَصَلَ ويحصَلُ في سورية ليس بدءاً من درعا فحسب بل بدْءاً من سيدي بوزيد تونس مرورا بمصر وليبيا وصولا إلى درعا وما تلاها و"عقرب" وما يليها.و"عقرب" لن تلسعَ من يعدّ أو يصِفُ مايحصل في سورية بأنه "ثورةٌ" بتهمةِ الغباء السياسي أو الخيانة الوطنية إنما ستلسعه بين عينيه بتهمة التحضير والتحريض وتأمين الغطاء لجريمة في حق الإنسانية .. والتاريخ بيننا أيّاً كانت نتائج هذه الحرب القذرة التي تدور طاحونتها بشلالات دماء شعبنا . إذَنْ على هذه المرجعيّة تجرّأ الشيوعيّ السابقُ "ياسين الحاج صالح" في صفحتِهِ على "الفايسبوك" بتغريدَةٍ طويلة تزعم أنّ المفاصِلَ الرئيسية للمؤسستين العسكرية والأمنية يسيطر عليها ضبّاطٌ مِن طائفةٍ مُعَيَّنة يتمّ التحريضُ عليها بغية وَصْمِ مؤسساتِ الدولةِ التي يريدونَ تدميرَها بالطائفية تنفيذاً لما تقتضيه خطّة "برنارد لويس" مِن تعميم "الفوضى" في كُلّ دولة يتمّ استهدافها. ذلك أنّ مَن يَطيب له أن يُدْعى ب"الحكيم" أسوةً بقائد القوات اللبنانية "سمير جعجع" كانَ يُمَهِّدُ لشيطنةِ الجيش العربي السوري وتوصيفهم كقوات تنتمي إلى طائفة معيّنة وليس كجيشٍ مِن وللشعب السوري بمختف مكوّناته الوطنية. وعلى هذه الفكرة يتمّ التجييش الطائفيّ وجَلْب الإرهابيين الوهّابيين مِن كل جِهاتِ الأرض في حرب على الدولة السورية وجيشها وشعبها ، نعم شعبها بما في ذلك منه أغلبيّةُ الأغلبيّةِ التي يتمّ تكفيرُها لأنّها إمّا ترفضهم مُعلِنَةً ولاءها للوطن ومؤسساته ورموزه وإما ترفض موالاتهم متذرّعةً بالحياد ، وفي هذا السياق الإرهابيّ يتنزَّلُ إقدامُ "ثوّار" المجلس والإئتلافِ على إعدامِ فتيانٍ صِغار بتهمة الولاء للنظام رغم تأكيدِهِم المستغيث ل"ثوار الخطيب والشقفة والحاج صالح " بأنّهم "سنّة" ، فكيف سيكون حالُ أقرانِهِم مِن الأديان والطوائف الأخرى ياجورج صبرا ومنذر ماخوس وحبيب صالح وبقيّة هذا القَيْح الذي أفْرَزَتْهُ بُثُورُ سوريّة القديمة المتعفّنة وجراحاتُها الحديثة المُلتَهِبَة؟. وأريد أن أؤكّدَ هُنا أنّ هذا الفكر الظلاميّ العُصابيّ المَوْتُور لايقف هَوَسَهُ التكفيريَّ عندَ مُعْتَنِقيّ الأديان السماوية وغير السماويّة ومتّبعِيّ المذاهب الإسلاميّة الأخرى المُختلفة عن "المذهبالسنّيّ" بل يجاوِزُ ذلك ليشملَ بالحدّة نفسها مَن لا يَخْضَعُ لأفكارهم وآرائهم وأوامرهم من الطائفة السنيّة نفسها ، فالعُنْف الذي مارَسَتْه حركةُ "حماس" الإخوانية ضدّ خصومها الفلسطينيين المسلمين "السنّة" مِن حركة "فَتْح" بإلقاء الأحياء مِن طوابق المؤسسات الحكومية العليا والقتل والتمثيل بجثث الشهداء وسحْلها هو العنف ذاته وبالممارسات عينها على أيدي الجماعات المسلحة الإخوانية الذي شهدَتْه المدُن السورية التي غَزَتْها أسراب الجّراد "الجهاديّ". وما قام به "ثوّار الناتو" الليبيون في ليبيا ضدّ خصومهم مِن أبناء جلدتهم الليبيين المسلمين "السنّةالمالكية" كأن يُعَرّوا مؤخّرةَ الخصم ويعبثوا بها بسبطاناتِ البنادق أمام عَدسات كاميرات الفيديو ، يكررونه في سورية كعيّنة مِن "الأخلاق الثورية" التي تتفتح في بساتين "الربيع العربي" على أغصان / خوازيق أشجارِهِ العثمانيّة والوهّابية. إنّ جماعة الإخوان المسلمين السورية ، وجبهة النصرة التي نصفها تونسيون، وبقية الجماعات المسلحة من أتراك وأفغان وباكستانيين وشيشان وأعراب وحتى أوربيين ، هم مِن صبغةٍ طائفيةٍ واحدة ذلك أنّ تجييشَهُم الميدانيّ يجري على مرجعيّة وهّابيّة تعبّئ على أنّ سوريّة "أرضُ جهاد" ضدّ أقليّاتٍ مَذهبيّة ودينية، لذلكَ إذا استثنينا مُرتزِقة أجهزة الاستخبارات التركية والإسرائيلية والأوربية والأمريكية مثل "بلاك ووتر" ، فإّنّ "السلفيين الجهاديين" وتنظيم "القاعدة" هم الذين يخوضونَ الحرب الإرهابية ضدَّ الدولة السورية ، ويتصدّى لهم الجيشُ العربيّ السوريّ الذي يضمّ في وحداته القتالية الباسلة أبناءَ جميع مكوّنات الشعب السوريّ الدينية والمذهبيّة. وأمّا مجلس اسطنبول وائتلاف الدوحة فإنّهما إطاران مهمّتهما تقديم الغطاء السياسي والإعلامي لهذه العصابات المجرمة التي تديرها الدوائر الصهيوأمريكية عن قرب وعن بُعْد. فَمَن الطائفيّ إذَنْ الدّولةُ أم "المُعارَضَة"؟. نعم ياصديقي : ما أقبح الجلّاد خاصّة حين يُعذِّب أو يذبَح الضحيّةَ باسم الله الرحمن الرحيم. والأكثر قُبْحاً منه أولئكَ الذينَ يُبررون جرائمَ هذا "الثوريّ" المُعاصر مُتذرّعين بأنّ إسقاطَ "النظام الدكتاتوري" يُبَرِّر هذه الوسائل التي لا يتجرأونَ على وصفها بالقذرة ، مثَلُهُم في ذلك مَثَلُ "قائدهم الميدانيّ" في ريف إدلب المُسَمّى "أبوفادي" الذي صرَّحَ لزميلهم "إيتاي" الصحفي في "القناة الثانية الإسرائيلية" أنهم ضدّ الأسد ونظامه فقط " وإذا بيجي شارون الإسرائيلي وبيقول لي يا أبو فادي أنا ضد بشار ، بقول لشارون أنتَ عيني". فَمِن هذا المُنْطَلَقِ الطائفيّ يُنشئ كتّابٌ سوريون مثل "صبحي حديدي" و"مُطاع صَفَدي" و"عبد الرزاق عيد " مَقالاتٍ تحريضيّة في سياق نشاطات جَوقةِ الإنشاد الصهيو أمريكية لإسقاطِ نظام دمشق ورأسه بذريعةٍ مُعْلَنَة هي أنّهما ديكتاتوريان ، لكنّها تُخفي دوافِعَ طائفية واستخباراتية أجنبية . فَهَلْ كانَ نِظامُ بغدادَ ورأسُه الراحل الشهيد صدّام حسين ديمقراطيين عندما كانَ هؤلاء جميعاً يُسانِدُونهما ضدَّ الهجمة العدوانية الصهيو أمريكية الخليجيّة؟. أليس واقع الحال أنَّ نظامَ دِمَشْقَ والرئيسَ بشّار الأسد هُما أقلّ ديكتاتورية بكثير مِما كان عليه الرئيسُ صدّام حسين ونظامُه اللذان كنتُ شخصيّاً أساندُهما بذات الحماسة ومِن المَوقع الوطنيّ والقوميّ نفسِه الذي أسانِدُ فيه الآن نظامَ بلادِنا برئاسة الدكتور بشار الأسد إنتِصاراً لوحدةِ المجتمع والدولة المُسْتَهْدَفَين في سورية أيضاً؟. ولكن أن يصرّح "صبحي حديدي" بأنّ "جبهةَ النصرة" تمثّله تماماً كما تُمثّل "مُعاذ الخطيب " الذي بخبرتِهِ السياسية "العريقة" احتَجَّ على الولاياتِ المُتّحدة الأمريكيّة لأنّها وضعت "جبهةَ النصرة"هذه على قائمة الإرهاب، وأن تصدرَ عن"عبد الرزاق عيد" مؤخَّرا دَعوة "لِنَقْلِ المعركة إلى منطقةِ النصيريّة" ، فإنّه ازاء هكذا حالاتٍ مُسْتَعصية ، أي عندما يَخْلَعُ خائنٌ ما آخِرَ أقْنِعَتِه ، علينا فقط أن نَبْصِقَ ، ولا بأس أن نبتسِمَ بسُخْريةٍ تُبَلْسِمُ جِراحات الرُّوحِ لأنَّ ظّهرَ البِلادِ وخاصرتها أمِنَا طعناتٍ مفاجئةٍ أخرى مِن خِنجَرٍ آخَر ، بَعْدَ أن فَرَّ هارباً مِن تَحْتِ الحِكْمَةِ الحَمْقاء عَقْرَبٌ آخَر .. ليلتَحِقَ - ولو متأخِّراً - بأولئكَ المُرْتَزَقَة باسم الدّين والحرية والدّيمقراطية كما تتجلّى تعبيراتُها في دَوْحَةِ قَطْرائيل ، أولئكَ الذينَ ضلّوا طريقَ "الجّهادِ" إلى بيتِ "المَقْدِس"!. ويجب أن ننتبه يا رفيقي الفتى إلى أنَّ الطائفيّةَ هُنا لا تَصدُر بالضّرورةِ عن إيمانٍ دينيّ ومَذْهَبيّ ، ولا دِفاعاً عَن أغلبيّةٍ طائفيّةتُهَدِّدُها أقليّة، أو عن أقليّةٍ طائفيّة تُهدّدها أغلبيّة ، بَل هي سلاح احتياطيّ مَسمُوم تسْتَخدِمُه المشاريعُ الصهيو أمريكية ضدّ خصومِها مِن هذهِ الأقليّةِ هُنا أو تلكَ هُناك. فالعُروشُ الخليجية المَلَكيّة والأميريّة التي تتكئ هذهِ الأيام إلى خطاب طائفيّ "سنّيّ" وتَرفَع الشهيدَ صدّام حسين رايةً ورَمْزاً ، هي التي كانت تتصدّر المشروعَ الصهيو أمريكي في غَزْو وتدمير واحتلال العراق وإطاحة صدّام حسين الإبن العراقي مِن أقليّةٍ طائفية سنيّة والذي يقودُ نظامَ دولةٍ ذات أغلبية طائفية شيعيّة. وهذه العُرُوشُ إيّاها عَيْنُها هي التي تُحَرِّضُ الآنَ ضدَّ الرئيس بشّار الأسد الإبن السوريّ مِن أقليّةٍ طائفيّةٍ عَلَويّة والذي يقود نظامَ دولةٍ ذات أغلبيّةٍ طائفيّةٍ سنيّة. وهذه العُرُوش لا تفعَلُ ذلك حرصاً على مصالحِ أو تطَلُّعاتِ الأغلبية هُنا أو هناك ، بل تَوظيفاً للعصبيّةِ الطائفيّةِ في خدمةِ المشروع الصهيو أمريكي الذي يستهدف الآنَ الرئيس بشار الأسد ونظامَه لِذات الأسباب التي وقفتْ وراء استهداف الرئيس صدّام حسين ، وهي في الحالتين أسبابٌ تتعلَّق بالنفط والغازِ وحِمايَةِ أمْنِ الكيان الصهيونيّ. وهُنا يَنْفذُ الرجعيّونَ إلى نِظامَيّ حزبِ البعث في العاصمتين العربيّتين الإسلاميّتين تاريخياً : الأموية والعبّاسيّة، مِنَ الفجْوَةِ الكُبْرى.أعني مِن عَدَمِ إنجازِ الثورةِ الإجتماعيّة التي تُخَلِّصُ المجتَمَعَ مِن أمْراضِهِ الطائفيّة والعشائريّة ، وتنتَقِل به من طَوْرِ البَداوَةِ إلى طوْرِ المَدنيّةِ التي بدونِ رسوخها اجتماعيا يصعُبُ إنجاز أي مشروع قوميّ أو وطنيّ ديمقراطيّ. إنّ ماتشهده تونس مِن أحداث تتقاطَع في أنّ الإسلاميين ليسوا مقتنعين بالمسار الديمقراطي إلا لمرة واحدة يُوصِلُهُم فيها إلى الحكم الذي سيستخدمون أجهزته كافة وبخاصة منها الأمنية والعسكرية لتأبيدِ سيطرتهم على دفّته ، وإذا كانت حركة النهضة الشهيرة بخطابها المزدوج تُغَمْغِم بهذه الحقيقة ، فإنّ "رضا بلحاج" رئيس حزب التحرير الإسلامي والناطق باسمه في تونس ، قال في الشهر الأخير مِن العام المنصرم على قناة"التونسية" الفضائيّة إنّ مايُسَمّى "ثورات الربيع العربي" جميعها ناقصة ومُختَرَقة باستثناء "الثورة السورية التي جاءت إسلاميةَ الوجْه واليد واللسان" وبالتالي عدّها نموذجاً للتغيير الثوري المنشود في تونس من أجل إقامة الخلافة الإسلامية. وفي أواخر الشهر نفسه أيضاً (جانفي/كانون الأول 2012) دعا ذات الشخص بتصريحٍ لإذاعة "شمس إف إم" التونسية إلى "إقامةِ دولةِ الجهاد في تونس" فاضحاً بذلك خطابه المُزخرَف بالإدعاء أنّ نشاطَ حزبه دعاوي وفكري في محاولة للتمايز عن حركة النهضة والسلفيين الجهاديين الذين شفَّتْ سلوكاتُهُم داخل تونس وخارجها عن نزوعٍ عُنفي ، خاصة بعد ثُبوتِ تسلِّحهم واختراقهم المؤسسة العسكرية التونسية ، وإذا أضفنا إلى ذلك ماصرّح به أحد شيوخ السلفيّة خلال الإعداد لغزْوِ قناة"نسمة" احتجاجاً على عرضها شريط صُوَرٍ مُتحرّكةٍ إيراني يتطرّق إلى كيفيّة تصوّر طفْلٍ للذات الإلهيّة ، وردّاً على سؤال أحد أتباع هذا الشيخ -كما يوضّح مقطع فيديو - إن كانوا سيذبحون العاملين في القناة المَغزوَّة ، قائلا :" لا ، ليس الآن، الذبح بَعْدين" ، وإضافة دلالة هذا التصريح بأن الذبح قادمٌ إلى دلالة تصريح "الغنوشي" في لقائه مع رموز السلفيين التونسيين بأن عليهم أن يتريّثوا ويكتفوا الآن بالسيطرة على المساجد لأن " أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية ليستْ مضمونة بَعْدُ " أي أنّ حركةَ النهضة لم تصل إلى مراكز القرار فيها بَعْد ، وإذا علمْنا أنّ "حزبَ التحرير" تمّ الترخيصُ له بالنشاط السياسي رغم أنه يرفض الدولةَ المدنية والديمقراطية رفضاً مبدئياً وجذريا ويدعو إلى تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة السادسة ويُعلن ذلك في كلّ مناسبة وعلى سائر وسائل الإعلام والإتصال الجماهيري . إنَّ هذا كلّه ، فضلاً عن انتشار الأسلحة الواسع في تونس ، والدور المَنوط بمَن يعود إلى تونس مِن الإرهابيين التونسيين الذين لم يلقوا حتفهم في سورية ومالي ، يؤكِّد أنّ زجّ "الإخوان المسلمين" في المشهد السياسي الإقليمي ، ورفعهم إلى سدّة الحكم في تونس وليبيا ومصر ، الهدَفُ منه توظيفهم صاغِرين في المشروع الأمريكي غير المعنيّ بأيّ "دَمَقْرَطَةٍ داخلية وطنيّة حقيقية " للبلدان العربية المُسْتَهْدَفَة. ولا تَحْسَبَنّ أنّ هذا التوصيف لدور الإسلام الساسي يقتصر على تونس . لا ، أبَداً . فَزهور "الربيع العربي " تتفتّح في مزابل الطائفية والمذهبية نرجساً بلون الوَسَخِ البَشَريّ ورائحته.وقَتْلُ السفير الأمريكي في ليبيا من تداعيات حرب "الناتو" عليها . أليستْ واشنطن هي التي جاءت بهؤلاء القتَلَة ومدَّتْهُم بالأسلحة؟وبالتالي مِن الطبيعيّ أن يذوقوا من كأس السم الذي مافتئوا يجرِّعونه شعوبَ منطقتنا بسياساتهم وأسلحتهم وعملائهم ، فالسفير وموظّفوه لم يكونوا سائحين أبرياء. أليس مَن قَتَلَ السفير الأمريكي هم أنفسهم مَن يذهبون من ليبيا وغيرها عبر تركيا ولبنان والأردن إلى سورية لقتْلِ أبنائها بعلم أمريكا ودعمها؟.وماحصَلَ في سيناء لا يكفي لتدعيم سلطات "مرسي" ، مقابل جرّه إلى معالف "كامب ديفيد" من لحيته ، فهاهُم حلفاؤه السلفيّون يحرقون الإنجيل ويهدّدون بالتبوُّل عليه مُتجاهلين أنّهم بذلك يعتدونَ على تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلّم مثلهم مثل أولئك الخبثاء القذرين الذين يقفون وراء فيلم "براءة المسلمين". ليس الأقباط ولا مسيحيّوا الشرق مَن يتحمّل الإساءة إلى الرسول الكريم لا سابقا ولا الآن ، لا في الدنمارك وفرنسا ولا في الولايات المتحدة ، بل صهاينة الغرب من جورج بوش الابن ودكتشيني وكونداليزا إلى برنارد لويس وبرنار ليفي، وإنّ خدم هؤلاء من آل سعود وآل ثاني وآل خليفة وسلاجقة أنقرة والحكومات الاسلامية الجديدة الحاكمة بأمر واشنطن ليسوا أكثر براءة من أسيادهم آنفيّ الذكر من إهانة النبي محمد صلى الله عليه وسلّم.إنّ من يحاول الانتقام من مسيحيي مصر والشام والعراق ، ينتصر بذلك إلى مخطط برنارد لويس التقسيمي التفتيتي الصهيوني وليس إلى الرسالة المحمديّة الخالدة. إذَن نَخلص إلى التشديد على أنّ الطائفيين هُم في المُعارَضَة السورية وحلفائها الإقليميين ، وحتى أولئكَ الذين تَمَّ جَلْبُهُم لزَخْرَفَةِ هذا المَشْهَد "المعارِضِ المُحَرِّض " مِن الأقليات الطائفيّة كميشيل كيلو وجورج صبرا ومنذر ماخوس ، بقوَّة المخابرات الفرنسية وإغراءات البتودولار ، فقَد جيئ بهِم ليكونوا ّشَرّاباتِ خُرْج " ، واستثناءً يؤكِّدُ القاعِدَةَ. وَقَدْ بَلَغَتْ الصفاقةُ الطائفيّة أنَّه ما أن تَمَّ تعيين "جورج صبرا" على رأس "مجلس اسطنبول" بَعْدَ أن أسقطَه "الإخوانُ المسلمون" هو والنساء المترشّحات في الإنتخابات ، حتى تمَّ وَأدُ هذا المجلس - غير مأسوف عليه- بالإعلانِ عن "إئتلاف الدوحة" وتنصيب إمام الجامِع السابق "مُعاذ الخطيب " على رأسِه. هذا بخصُوص المجلس والإئتلاف ، أمّا "هيئة التنسيق" فإنّنا نلاحِظ مؤخَّراً تمايُزَ مُمَثِّلِها في الخارج "هيثم منّاع" عن قيادتها في دمشق ممثَّلةً بحسن عبد العظيم ورجاء الناصر ، حيث يتمايز خطابُ"مَنّاع" الجديد بتَرْكِ تلك "الخفّة" التي تصبغ خطابَ رفاقه وخطابه سابقاً ، بأنّهم لا ولن يُحاوِروا النظام إلا على آليّة تسليمهم دفّة الحكم ، فهيثم منّاع الآن يرفض التدخُّل الخارجيّ و يدعو الآن بوضوح إلى حوار وطني أحَدُ أطرافه النظام ، وينبذ العنفَ والطائفية ويدين المجموعات الإرهابية المسلحة ويرفض وضعها على قدم المساواة مع الجيش العربي السوري ضامن وحدة الدولة والشعب ، وهذا تحوُّلٌ لافِتٌ ، مع أمَلِنا بأن لايكون مُناوَرَةً لاستدراكِ مافاتَه عندما لم يَحْظَ بمُراهَنَةِ الخليجيين والأتراك عليه ، فاتَّجَهَ إلى إقناع القوى الإقليمية والدولية في الخندق الآخَر (روسيا والصين وإيران) بأن تعتمده كأحد أحصنة رهاناتها ، إلا أنّ "حسن عبد العظيم"و "رجاء الناصر" خانا فكر ومواقف جمال عبد الناصر وهما اللذان يدعيان الإنتماءَ إلى فكره وتجربته، خاناه مرتين : عندما تحالفا مع الإخوان المسلمين على مرجعية طائفية ، وعندما لم يتردَّدا في التواطؤ مع قَتَلَةِ السوريين بمحاولة تغطية جرائم القتلَة ووصف مايرتكبونه من تدمير لسورية بال"ثورة السلمية" ناهيك عن المشاركة فيها حيث يؤكد المُعارضُ الليبرالي "نبيل فياض" أنّ عبد العظيم أرسَل مَن شاركَ في القتال ضدّ الدولة السورية في "دوما" وأنّ طارق ابن رجاء الناصر قُتِل وهو يقاتل في صفوف "جبهة النصرة" الإرهابية. وهُم بذلكَ يخونونَ عبد الناصر مرّةً ثالِثَةً عندما ينخرطونَ موضوعيا في أعمالٍ حربية تهدِّدُ وجودَ ودَوْرَ سورية السيّدةِ المُستقلّة ، هذا الوجود والدّور اللذان كانَ يؤكّد عليهما عبد الناصر حتى بعدَ فشلِ تجربة الوحدة بين مصر وسورية. ويُعَزِّزُ التشكيكَ في وطنيّةِ هذين "التنسيقيين" ويُبرِّرُهُ أنّهما تراجعا عن زيارة موسكو لمناقشة إيجاد حلٍّ للأزمة عندما طلبَ منهما السفيرُ الأمريكيّ ذلك مُتَذّرِعاً لهما بأنّ النظام على وشك السقوط خلال أسبوعين ، لكنّ السفير الأمريكي غادر دمشق وأغلِقَتْ سفارتُه فيها ، ومرّت أشهُر وعام ونيّف بعد هذين الأسبوعين والنظام يزداد ثباتاً ، فذهب عبد العظيم وفريقُهُ إلى الصين وإلى روسيا ، لكنّهم في آخر لقاء مع "الأخضر الإبراهيمي" كشَفوا عَن مَدى تَصَحُّرِهِم الوطنيّ عندما أرادوا أن يُناقِشوا مع مبعوث الأداتين الأمريكيتين الدولية والعربية (بان كيمون ونبيل العربي) مَصيرَ الجيش العربي السوري وحجمَه وتسليحه ووظيفته.وكانَ هذا كافياً لكي يُدركَ "الإبراهيمي" مَن هُو الطائفيّ حقّاً ؟. إلا أن "الأخضر الإبراهيمي" الذي حالت نظرةُ "هوّاري بومدين" الثاقِبَة إليه دونَ أن يتجاوَز رتبة سفير في الدولة الجزائرية ، عَجزَ عن أن يَفْهَمَ حقيقةَ أنَّ السوريين توّاقونَ إلى "الدمقرطة الداخلية" ، ويعتبرونها كما عبَّر سؤالُك َ"البديلَ الوطنيَّ الديمقراطيّ الوحيد لتجنيبِ البلاد ويلاتِ الحربِ الأهلية والتقسيم" ، ولكنّهم بالتأكيد لا يتوهّمونَ دَمَقْرَطَةً مع مَن لا يؤمِن بالديمقراطية ، ولا إصلاحاً ومُصالَحةً وطنيين مع "القَدَمِ السوداء" مُمَثَّلَةً في الأزمةِ السورية ب"جبهة النصرة" وسِواها مِن المجموعات المُسَلَّحَة الإرهابية التي يشكَّلُ غيرُ السوريين 95 بالمائة مِن عناصرها المقاتلة ، أو مع "الحركيين" جواسيس الإستعمار الغربيّ وعملاؤه مُمثَّلينَ في وضعنا السوريّ الراهِن بمجلس اسطنبول وإئتلاف الدوحة وكُلِّ مَن يَرفِضُ الحوارَ الوطنيّ ويراهن على التدخُّلِ الخارجي. *ضرورةُ المحافظةِ على كيانِ الدولةِ ، وعلى الوحدةِ الوطنيّة وتَماسُكِ البلدِ ضدَّ أشكالِ التدخُّلِ الأجنبي ، وعلى الدفاعِ عن الخيارات الوطنية ، لا ينفي قَطْعاً ضرورةَ الإصلاح وتغيير النُّخَبِ الحاكمة في سورية ، والتي "تكَرَّشَ" بعضُها مِن الفسادِ بالسنوات الأخيرة في ظلِّ سياساتِ الإنفتاح الإقتِصادي العشوائي ، وتَبَخُّرِ شعارات الاشتراكية التي رفَعَها "حزب البعث" الحاكم؟. + الإصلاحُ بالمعنى الجذريّ لهذا المُصطَلَح ، والذي يَشملُ مُخْتَلَفَ أوْجُه وأبعاد العلاقة بين الحاكِمِ والمَحْكُوم في بلادِنا ، ليس فقط لا يتنافى ، بَل هو شَرْط يجبُ تَوَفُّرُه مِن أجل صيانةِ كيان الدولةِ وأواصِرِ الوحدةِ الوطنيّة بين مكوّنات المجتمع وتماسُك البلد بأسرِهِ ضدَّ أشكالِ التدَخُّلِ الأجنبي وتعزيز مُقَوِّمات الدفاع عن الخيارات الوطنيّة ، كما عَبَّرَ سؤالكَ.ولكن هذا الإصلاح يستوجِبُ وجودَ قوى إصلاحيّة حقيقيّة ، أعني برنامجاً إصلاحيّاً وطنيّاً ديمقراطيّاً شامِلاً مُتكامِلاً ، وواضحاً في خطوطِهِ العامة وتفاصيلِهِ الجزئيّةِ ، وناجِعَ التطبيق. وهذا يعني بَدْءاً تَوَفُّر إرادةِ الإصلاح عند الأطراف المعنيّة به في الحكومة والمُعارَضَةِ الوطنيّتين، كي لا يتحوَّل إلى مَحْضِ شعارٍ يخفي رغباتٍ إقصائيّة تكنّها هذه الأطراف بعضها ضدّ البعض الآخَر. فلئن كان الإصلاحُ الديمقراطيُّ في أفقٍ وطنيّ يتضمَّن حتماً تداوُلاً على السلطة بتَوَسُّلِ آليّاتٍ ديمقراطيّة أبرزها صناديق الإقتراع ، فإنّ انطلاقَه وتقدُّمَه بنجاعةٍ يَسْتَوجِبانِ توفير مناخٍ ديمقراطيّ يتأسَّسُ بتَوَافُقِ جميع الأطرافِ الوطنيّة على ميثاقٍ وطني يحدِّد ليس الأهداف فقط بل وكذلك آليات المسار القادِرة على الوصول إلى هذه الأهداف. بمعنى آخَر مِن العَبَثِ التفكير بأنَّ تغييرَ النُّخَبِ الحاكمة اليوم في سورية هو مُبتَغانا إنْ لم يكن ذلك في إطار برنامج إصلاحيّ واضح ، وإلا سنستبدلُ نُخباً - نحمِّلها ، لسُوءِ حظّها ،مسؤوليةَ الفساد قديمه وحادِثه - بنُخَبٍ قد تكون أكثرَ فساداً وإفساداً وجَشَعاً كما هو حاصل في تونس بعد التخلُّص مِن رموز الفسادِ "الطرابلسيّة" ، خاصّةً وأنَّ أكثر رموز السلطة السورية تأصُّلاً في الفساد قد انتقلت على مراحل إلى صفوف "المُعارَضة" المدعومة أمريكياً وخليجياً وإسرائيلياً وتركياً بدْءاً كما هو حال "رفعت الأسد" و"عبد الحليم خدّام " و"مصطفى طلاس" وأبناؤهم النوابغ في مجال الفساد ، وجميع هؤلاء تلقّوا ويتلقّون احتضاناً فرنسيّاً وسعوديّاً ودعْماً إسرائيليا وأمريكيا ، ولايقلّ فساداً عن هؤلاء "رياض نعسان آغا" الذي يقاسمهم أيضاً التصحُّرَ الوطنيّ كونَه كذلك "خليجيَّ الهوى" كما كانَ يُعلِن حتى وهو على رأس وزارة الثقافة السورية التي عرفت في ظلّهِ المتواضِع - مِنَ الضِعَةِ- أشكالا مختلفة مِن الفساد ، ناهيكَ عن ارتباط مُكَوِّنات "مجلس اسطنبول" و"إئتلاف الدوحة" بمَصالِحِ قُوى خارجيّة إقليميّة ودوليّة ، وبالتالي فإنّ أيّ مَسارٍ إنتخابيّ مِرْتَجَل في ظلِّ اضطرابِ الأمن السياسي والإقتصادي والإجتماعي سيهدِّد سيادةَ الدولة واستِقلالَها واستِقْرَارَها. وكما أشارَ سؤالُكَ ، فإنَّ اعتِمادَ حكومة "ناجي العطري" سيّئة السمعة اقتِصادَ السوق العشوائي في ظلِّ تَبَخُّرِ شعارات الإشتراكيّة وشَيْطَنَة القطاع العام كلَّفَ البلادَ والعِبادَ خسائر إجتماعيّة فادِحة ، فَما بالُكَ إن تَمَكَّنتْ القوى المُرتبطة بالمصالح الإقتصاديّة الخليجية والتركية والإسرائيلية والإمبريالية الأوربية والأمريكية مِن الصعودِ إلى سدّةِ الحكم؟. إذَنْ نحن بحاجة إلى التوافُق مِن خلالِ الحوار الوطني على إطار سياسي وإقتِصادي وإجتماعي وثقافي وطني ديمقراطي يحكم ويُدير عمليّةَ الإصلاح المنشود على مستوى السلطات كافة (التشريعية، التنفيذية،القضاء ، والإعلام) وهذا يكون بين أطراف وطنية ديمقراطية - أؤكِّدُ على ذلك - لأنّ مَن يُريدُ تغييراً بالإتكاء إلى ضغوطٍ خارجية سياسية وإعلامية واقتصادية وعسكرية هُوَ ليس وطنيّاً وليس ديمقراطيّاً ، وبالتالي غير مَعنِيّ بعمليّةِ الإصلاح. وهذا ياعزيزي ، يشملُ قوى سياسية يساريّة ويمينيّة ، بَعْضُها ذُو وَعْيٍ مُراهِق مأخوذٍ بالشعاراتِ القُصووية التي تفصله عن الواقع وبَعضُها ذو وَعْيٍ مُرْهَقٍ هَرِمٍ عاجِز عن قراءةٍ ناجعة للواقع وحركتِهِ لأنّه غير قادِرٍ على رَصْدٍ دقيقٍ ونبيهٍ وَمُبدِعٍ للمُعطيات ، وكلا الوعْيَيْنِ المُراهِق والمُرْهَق يتفقانِ على رفْع شعار إسقاط النظامِ بإهْراقِ الدّماءِ وتدميرِ البلاد وإحراقِها ، الأمر ُ الذي يَدْفَعُ إلى المَزيدِ مِن الإمعانِ في التطاحُنِ المُوْدِي بالبلادِ إلى فَوضى عَدَميّة تُفْضي إلى التِّيهِ الجّهَنَّميّ ، تِيه تقسيمِ المُقَسَّم وتجزئة المُجَزَّأ حسب العبارة التي باتتْ مُتَداوَلَةً. وإذا كنتُ قد أشرْتُ في سياقِ إجابتي عن سؤالِكَ السابقِ إلى أنّ المُعارَضَة السورية غير الوطنيّة (مجلس اسطنبول وإئتلاف الدوحة) هي طائفيةٌ بامتياز بينما الدولة السورية بقيادتها السياسية لا تصْدُرُ في سياساتها عن فكْر أو مكوّنٍ حزبيّ ، فإنني أنطلِقُ في هذا التوصيف مِن حقيقةِ أنّ الإخوان المسلمين هم العمود الفقري لهذه المُعارَضةِ السورية غير الوطنية ، والإخوان المسلمون حزب سياسي طائفيّ بطابعهِ الفكريّ والتنظيمي فلا يُمكِنُ أن تكون عضواً في هذا التنظيم إن لم تكن "مُسلِماً سنيّاً" أي أنّ عضويتكَ في هذا الحزب الذي لايعتمد مشروعاً وطنياً تقومُ على أساسٍ واحد هو أنّكَ مُسلِمٌ سنيٌّ أوّلاً وأخيراً ، بينما نظام الحكم في سورية يقودُه حزبُ البعث العربيّ الإشتراكي العلمانيّ بطابعهِ الفكري والتنظيمي والعابر لمختَلف الأديانِ والطوائف فأنت فيه عربيّ سوريّ أولا ً وأخيراً والأمر ذاته في بعضِ أحزاب الجبهة ، وفي أبعاضِها الأخرى كالشيوعيّ والقوميّ السوريّ والليبرالي أنتَ سوريٌّ أولاً وأخيراً. سقْتُ الإشارةَ أعلاه قبْلَ التطَرُّقِ إلى "هيئة التنسيق الوطنية" التي ليست بعيدةً عن توصيفنا لِقوى الوعي المُراهِق وقوى الوعي المُرْهَق ، ذلكَ أنّ قيادتها المقيمة داخل البلاد ممثَّلةً ب "حسَن عبد العظيم" و"رجاء الناصر" وأمثالهما لا تكتفي بأن تصمَّ آذانَها عن دعوةِ النّظام إلى الحِوار الوطنيّ وتُصْغي إلى الدعوةِ لإسقاطِهِ غير آبهة بالتداعياتِ الكارثيّة ، بل هي بالمُقابلِ كثيراً ماتُصغي إلى إملاءاتِ الخارج. ولذلك لم تَعُدْ تَتَحَمَّل تحَوُّلاً راشِداً صادِراً عَن وعْيٍ وطنيّ استراتيجيّ مسؤول تشهده قيادتُها المُقيمة خارج البلاد مُمَثَّلَةً بالدكتور "هيثم منّاع" الذي باتَ خطابُه أكثرَ نُضْجاً على لَهَبِ الحريقِ وشخيبِ الدِّماء ، وإذا صَحَّتْ الأخبارُ بخصوص توجُّه "هيئة التنسيق " إلى فصْل "منّاع" أو طَرْدِهِ مِن صفوفِها المُتآكِلَة فإنّ ذلكَ سيُعزِّز في الشارع الوطني السوري مِن مصداقيّة خطاب"هيثم منّاع" الوطنيّ الجديد الذي يدعو إلى الحوار الوطني وعدم المسّ بتماسُكِ الجيش العربي السوري وبقية مؤسسات الدولة و نبْذِ العُنْف والطائفيّة ورفض التدخُّل الخارجيّ. إذَنْ ، فقد بات واضحاً أنَّ الخَيار الطائفيَّ جَرَّدَ أصحابَه مِن أيّ انتِماءٍ وطنيّ ، ذلكَ أنّ أولئكَ "المثقّفين" المُنْخَرِطِين في جوقتيّ إنشاد "مجلس اسطنبول" و"إئتلاف الدّوحة" لم يُكَلِّفوا أنفُسَهُم عناءَ التمايُز عن زملائهم "السياسيين" الذينَ ظَهَروا على الصحُف والقنوات الفضائية الإسرائيلية ، أو عن زُملائهم المُسلَّحين الذينَ يُعلِنُونَ على القنَواتِ الفضائية الإسرائيلية أيضاً أنَّ عَداءهم للدولة السورية يضعهُم موضوعياً في خندَقٍ واحد مع العدوّ الإسرائيلي ، بل و يُفاخِرونَ بأنّهُم ينظرونَ إلى الرئيس السوري بشارالأسد بعَيْنِ رئيس الوزراء الإسرائيلي "أرئيل شارون". إنّ هذه الحقائق تؤكِّد المؤكَّدَ وهو أنَّ الهيئة والمجلس والإئتلاف لايحملون مشاريع إصلاح وطنيّ ديمقراطيّ بل هم أدوات يجري توظيفها في مشروع صهيو أمريكي يستهدف في سورية شعبَها ودولته بقيادتها وجيشها ، اللذين يقفان عثرةً كأداء أمامَ مُواصَلَة تنفيذ خطّةِ "برنارد لويس" وأهدافها الصهيونية التي سَبَقَ لنا أن عَرَضنا تفاصيلها في كتابنا " الربيع العربي يتمخّض عن خريفٍ إسلاميّ بغيومٍ صهيونيّة" * ختاماً ، وأنت تعيش اليوم كمثقَّفٍ عربيّ ، مَوجات الردّةِ الفكريّة التي أصابَتْ كثيراً مِن نُخَبنا العربية ، وانسياقهم خلف البحث عن المال والأمجاد الشخصيّة ، ماهو دَور النُّخَب القائمة والتي لم ترفَعْ الرايات البيضاء بَعْدُ في وجه المستعمر وأدواته مِن خلالِ تصدّيها للوعي القطيعي وإعادة بثّ الروح النقديّة في صفوف الجماهير والدفاع عن الخيارات الوطنيّة؟. + سؤالُكَ يضمر جوابَه بل يشفّ عنه ، ذلكَ أنَّ دَوْرَ "النُّخَبِ المُقاوِمَة" كما تُعَبِّرُ أنت ، هو اعتِراضُ الوعي القطيعيّ الذي يجرفه تيّار الإعلام التضليلي ، فالمثقّف في "النخب المقاوِمة" هو مثقّف عضويّ بالضرورة ، وعْيُهُ نقديٌّ ، ويتمَثَّلُ في ذلكَ القول البليغ "مَن عارَضَ السلطانَ زهُدَ في الدّنيا" ، ولذلك هو ليس "تقنيَّ مَعرِفَة" ينساق وراء بريق المال أو الأمجادِ الشخصيّة الزائفة ، إذن مهمّةُ هذا المثقّف العضوي أن يسعى إلى سيادة الفكر النقدي والقوْل الإبداعيّ عبْر وسائل الإعلام والإتصال الجماهيريّ خاصّة عندما يكون الخطابُ الذي يروّجُه الأعداءُ مُتَعَلّقاً بالمصائر الوجوديّة لشعوبنا. فنحن جميعاً نعلم أنّ وسائل الإعلام على امتداد المعمورة وفضاءاتها باتت موَجَّهةً ومُدَجَّجَةً ببرامج تعبئة وخطابات تحريضيّة تقوم على شعاراتٍ تضليليّة تُحَوِّل المشاهدَ والمستمِعَ و القارئ في مجتمعاتٍ إستهلاكيّة مُعَوْلَمَة إلى مجَرَّدِ مُتَلَقٍّ/مُسْتَهْلِكٍ سَلْبيّ.وربّما علينا أن نبدأ بفضْحِ رموز تقنيي المعرفة الذين يزداد قطيعُهم عدداً ، وتحطيم مصداقيّة خطابهم التحريضيّ التضليلي بتفنيدِهِ ، وإضاءة المناطق المُعتِمَة التي ينشطُونَ فيها. إنَّ جميعَ هؤلاء مِن "تقنيي المعرفة" الذين يظهرونَ في بلاط السلطة أو بلاط المعارَضة أو في كليهما ، بما في ذلكَ الذين تربّى وعيُنا النقديّ على بعضِ الأفكار التي حملتْها نصوصُهم الفكرية أو الإبداعية ، ذلك أنَّ هؤلاء في مَهرَجاناتِ الإنشقاقاتِ عن الوطن التي ينظّمُها ويُمَوّلها ويُسَوّقها إعلاميّاً الجهات نفسُها ذاتُها عَيْنُها إياها التي تُنَظِّمُ وتُمَوِّلُ وَتُسَلِّحُ وتُسَوِّقُ سياسيّاً وإعلاميّاً الحمْلات الإرهابيّة إلى سوريّة عبر الحدود . فيربط المنشقّونَ عن الوطن السوري مصائرَهُم بمراكز البترودولار وأجهزة المخابرات الأجنبيّة أو بالإثنين معاً ، كما هو حال مَن يُقيم في فرنسا ويكتبُ في صحف ومجلات الكيانات الخليجيّة ويبعثر ما تبقّى مِن "رصيدِهِ" على قنواتها الفضائيّة. والخليجيون يقدّرونَ هؤلاءَ حقّ قدرهم فيجمعونَ أدونيس الشاعر والمفكّر و صادق جلال العظم المفكّر السابق إلى أمّعةٍ هاربٍ مِن واجبه القِتالي للذودِ عن الوطن والشعب كما يقتضي الوفاء للقسم العسكري الذي يُفْتَرَضُ أنّه أقْسَمَهُ ليس كضابطٍ حادِثٍ فقط بل كإبنٍ لوزير دفاعٍ سابِق عُرٍفَ عنه صَديد ُاللِّسان وصَدَأُ السّنان . . ، على قاعدةِ أنّهُم جميعُهُم مُنْشَقُّون عن الدولة السورية ، وهم بصدد محاكَمَتِها على شاشةِ قناةٍ خليجيّة. وواقِع الحالِ أنّ مَن "ينشَقُّ" عن دولةِ بلاده وهي في حالةِ حربٍ مع دولةٍ أخرى ، لا نَعْت يليق به غير "الخيانة" . أمّا عندما تكون البلاد في مواجهةِ حَرْبٍ تَستَهْدِفُ وجودَها فإنّ مَن " يَنْشقّ " عنها مَثَلُهُ مَثَلُ الخليّة الميتة في جلْدِ الإنسانِ تنسلخ عن البشرة فيتخلّصُ الإنسانُ مِن وجُودِها الميت بالإغتسال . وبالدم والدموع والمطر والثلج تغتسلُ سوريّة كي تتخلّص مِن أدرانِ جَسدِها ونفايات الإرهابِ الدَّولي التي يُحاولون تسميمَ وجودِها بها. إنَّ صادِق جلال العظم الآنَ ينشَقّ عن "نَقْد الفكر الديني" وينحاز إلى التكفير الديني ، وأدونيس يرتدّ عن المتحوِّل ليركد في الثابتِ ، إنّهم ينشقّون عن رصيدِهِم القيميّ المضيء نسبيّاً بعْدَ أن صَرَفَهُ الخليجيّ والفرنسيّ والأمريكيّ لهم أوراقاً نقديّةً تساويهم. نعم لقد انشقّوا عن إرثهِم الفكري وباعوه ، هذا ممكن ، لكن ليس بمقدورهم بيع البلاد لأنّها ليست ملكَهُم ، وكلّ ما بمقدورهم فعْْلَه هو أن يبيعوا أنفُسَهُم لِمَن توَهَّمَ أنّه عندما تمكَّنَ مِن شِرائهم فقد اشترى سورية. أمّا أن يدفَعَ الحصُولُ على قُلامَةِ إظفَر قائدِ جيشٍ مُظَفَّرٍ القابضَ على هذه "الغنيمة " يتوهَّم الظّفَرَ بالقائد الذي تخلى عن قلامَةٍ فاسدة من إظفَر إصبعٍ مِن أصابعِ يديهِ قدَميه ، فهذا مِن ألطاف اللهِ أن يجعَلَ أعداءَ سورية على هذهِ الدرجة مِن الحماقة. نعم ، مِن واجبنا أن نكون مرايا ليرى هؤلاء القتَلَةُ والعملاءُ تحوّلات أرواحهم القميئة وضمائرهم المحتضرة على رنين الراهمِ والفرنكات ، فكَم مِن يَهوذا يخفي في جيوبهِ الآنَ ثَمَنَ روحهِ وضميره ، وهو يحسب أنه قَبَضَ ثَمَنَ شَبْحِ سوريّة ، سيّدة التاريخِ ، على صليب الإرهاب. نعم يجب أن نلاحقهم بحبرنا الحارق ، كما علينا أن نلاحق أسيادهم الأمريكان ونجبرهم على أن يدفعوا ثمَناً أخلاقياً مُقابلَ إشاعة لحم بلادنا لنيوبِ ذئاب الإرهاب الدولي التي لن تضللنا بعباءاتها وعماماتها الإخوانية الوهابية عن حقيقتها الصهيو أمريكية .
#أحمد_النظيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هكذا تحدث هادي دانيال عن أوهام الربيع العربي و عن المثقف الن
...
-
د.عادل اللطيفي : مشكل الحداثة في الوطن العربي أنها بقيت نخبو
...
-
خريف إسلامي بغيوم صهيونية : هادي دانيال في أخر معاركه ضد الو
...
-
حقائق عن الزحف الوهابي على تونس
-
التعذيب في زمن الترويكا
-
د.رياض صيداوي : الثورة في تونس قام بها الفقراء و استفاد منها
...
-
السفارة الامريكية في تونس تطلق مشروع استخباراتي تحت غطاء خير
...
-
الامن التونسي يعتدي على المشاركين في الوقفة الاحتجاجية أمام
...
-
بين المحمودي و كارلوس ...الاسلامويون حين تباع المروءة
-
المنصف المرزوقي من حضن منظمة -NED- الأمريكية الى قصر قرطاج م
...
-
حركة النهضة و حزب الاصلاح السلفي التونسي و اخوان ليبيا و سلف
...
-
التيار الجهادي في تونس في تونس م منهج الاخوان الى السلفية ال
...
-
من تاريخ العنف الاسلاموي في تونس -هكذا تحدث أبو مصعب السوري
...
-
المعارض السوري وعضو المجلس الوطني د.عبد الله التركماني كان ي
...
-
أوقفوا المحرقة : من المسؤول عن ارسال شبابنا الى الجحيم السور
...
-
على هامش الترخيص لأول حزب سلفي في تونس : السلفية الحركية في
...
-
يوسف القرضاوي زلّةُ عالِمٍ أم عَالَمٌ من الزللِ
-
النهضة و التطبيع : كلام الحملة الانتخابية مدهون بالزبدة ...ف
...
-
رد على رد : ردا على السيد رضوان المصمودي(رئيس مركز دراسة الإ
...
-
الخليج العربي :الحرية أو الطوفان بعد ربيع الشعوب.. سلاطين ال
...
المزيد.....
-
دراجون يرتدون زي -سانتا كلوز- يجوبون شوارع الأرجنتين.. لماذا
...
-
فيديو: افتتاح مراكز لتسوية وضع عناصر -جيش الأسد- في دمشق
-
الدفاع الروسية: تحرير بلدتين في خاركوف ودونيتسك والقضاء على
...
-
صحة غزة: الجيش الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر جديدة بالقطاع
-
تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية
-
رغم الخسارة التاريخية أمام أتلتيكو.. فليك راضِِ عن أداء برشل
...
-
خامنئي: أمريكا والكيان الصهيوني يتوهمان أنهما انتصرا في سوري
...
-
يسرائيل كاتس: لن نسمح لـ-حزب الله- بالعودة إلى قرى جنوب لبنا
...
-
الشرع: لبنان عمق استراتيجي وخاصرة لسوريا ونأمل ببناء علاقة ا
...
-
-حزب الله- يكشف عن -المعادلة الوحيدة- التي ستحمي لبنان
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|