أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - على شكشك - درويش ظِلآ -أنا لست لي-














المزيد.....

درويش ظِلآ -أنا لست لي-


على شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 15:23
المحور: الادب والفن
    


درويش ظِلآ
"أنا لست لي"

يصعب الحديثُ في أمرٍ كاليوم الوطني للثقافة, وهو الشأن الذي يستعلي على البرمجة والتعليب والحصار في يومٍ أو في أي بعد زماني أو مكاني, بما أن الثقافة ذاتَها هي تجلياتُ الإنسان وتفاعلاتُ كينونته مع المكان والكون والزمان, وانفعالاتُ روحِه وأشواقِه وأسئلته الكبرى وعواطفه الأولى, حزنه وإيقاعه وانطباعات الجمال, مما يطفح عن الحياة ذاتِها ويعبرُ المسافاتِ والأجيال,
وهي اضطرامُ الموسيقى والمعنى واللون والانسجام, تصوغها الشعوبُ سيمفونيةً لها, تعبقُ بملامحها وتشهدُ على تميّزها, تحملُ جيناتها وتضمنُ تماسكها واستمرارها وترفدها بتفرد وجودها وماء حياتها وطاقة ممانعتها, شاهدة على حيويتها وجدارتها بمكانها تحت الشمس وبين بني الإنسان,
وفي أوج الهجمة على شعبنا الفلسطيني والتي افترضت منذ البداية غيابه, وحاولت أن تنفيه من الذاكرة, وبذلت جهودها الكاملة لإسكات تاريخه ومحوه من الفضاءات الإنسانية, وقد وصلت اليوم إلى أشرس حالاتها وهي تصادر رموز تاريخه وتغتصب جيناته التراثية وتسرق منظوماته الثقافية وعاداته وعرق روحه التي أنجبته وبلورته على مدار الأجيال, وهو الذي شيّد المدن الأولى على الأرض وحاك طقوس الزرع والحصاد وطرّز حزنه وفرحه أناشيدَ وأحاسيس, وأبدعَ حضارة البرِّ والبحر, وماحكَ حضارات الإغريق والمصريين والفرس والبابليين والرومان, وأبدع عنوان الثقافة الأسمى كما لم يكن, وكما لم يتجلَّ في أيِّ مكان, فأنجب ثقافة التعايش الحضاريّ الإنساني وقدّمه دليلاً على إمكانيته للإنسان,
وإذا كان عدونا قد اغتصب الأرض ويسعى إلى سرقة التاريخ ويحاول محوَ ملامحنا بل يزوّرُ الملامحَ ويستثمرُ رموزَنا الثقافية والحضارية في الوعي الإنساني الغربي, ويحتلُّ مساحاتِنا ويسرقُ عاداتِنا وأزياءَنا بنفسِ الشراسة التي يسرقُ فيها الجغرافيا بل وتصلُ به اللصوصيةُ والجرأةُ والصلافة والوقاحة إلى حدّ سرقة آلامنا ومعاناتنا حين يستخدم صورةً لفتاة فلسطينية تصرخ وتبكي بعد أن أبادوا بيتها وأهلها ويسوّقها على أنها طفلة يهودية تعرضت لإرهابٍ فلسطيني, ويجمعون باسمها بناءً على ذلك التبرعات,
وبما أنّه يسعى إلى إبادتنا ونفينا وسرقة سياقنا ووطننا, فيجب أن يكون أهمُّ الردود التلقائية هو إعلاء اسم ثقافتنا وتأكيدها وحملها إلى فضاءات الوعي والسموّ بها فوق الشمس وإلى أعماق الوجدان في أرجاء النفس وأرجاء الكون وأينما وُجِدَ الإنسان, وأن نعلنها وطناً حتى يتحقق الوطن, وعلَماً علينا يفضح افتراءاتهم ويُعرّي ادّعاءاتهم ويكشف سرقاتهم, فهي المكنونة التي لا يمكن مصادرتها وهي المورّثات التي تضمن تألقَ الهوية, وهي سيمفونية الشعب بكل تنوعه وألوانه وأفراده,
ينتقي الشعبُ الفلسطيني اليومَ واحداً من أبنائه ليلخّصَهم ويمثّلَهم, ويُتوجُ ذكرى ميلاده يوماً لثقافته الوطنية, وهو الذي حمل الجرح ولخص الحكاية, وغنّى لشعبه وأرضه على موج الضوء وتخوم الماء, ورصدَ العصافير التي تموت في الجليل, وبشّرَ بآخِر الليل وأوّلِ النهار,
محمود درويش الذي لخص الإنسان وأسئلة الحياة وبلاغة الجرح ومجاز الرواية, وقارب الوراء ومفارقات الصراع, وكان ما أراد, ولم يعتذر عما فعل,
وأعلن:
"سأحمل هذا الحنين ..
إلى أوّلي وإلى أوّله ..
وسأقطعُ هذا الطريق
إلى آخري وإلى آخره .. ",
هو يومٌ وطني للثقافة الوطنية الفلسطينية, يُتوِّجُ انبعاثاتها وتفاعلاتها وحيواتها في الأرض والشعب والهواء والماء والتاريخ والنار, ويقطر مع الليمون وعصير زيتونة عمرها أربعة آلاف عام, وعرق الحداد والفلاح, وطقوس الغزل ومراعي الأمل, واللاجئين, وحنين الأطفال, وآلام الذين ماتوا قبل أن يعودوا, والذين سيُولدون ويكبرون ويُقتلون, لإبرةٍ ترسمُ على ثوبها نقوش الكنعانيين الأوائل وتسخر من الشرطية التي صاحت فجأةً فيهم:
"هو أنت ثانيةً, ألم أقتلْك؟ ..
قلتُ: قتلتِني, ونسيتُ مثلكِ أن أموت .. ",
وقد تماهى فيه الذاتي والإنساني والوجوديّ والسياسي والكوني والحاضرُ والموت والخلود والإبهام مع يوميات الحزن العاديّ, ومع قهوة الأم ورائحة المدن, وينحت صوت الملح من الرمل موالاً مبلّلاً بعشبٍ على حجرٍ,
يرتب "ذاكرةً للنسيانِ" يوماً ما, مع ملايين آخرين, من إميل حبيبي وفدوى طوقان وجبرا ومعين وغسان كنفاني وكمال ناصر وإدوارد سعيد وشموط وعبد الرحيم محمود وسميح القاسم وإلياس صنبر وريم البنّا, إلى أحمد العربي وكلِّ ذي يدين من حجرٍ وزعتر,
"هذا النشيد
لأحمد المنسيِّ بين فراشتين
مضت الغيوم وشردتني
ورمت معاطفَها الجبالُ وخبّأتني",
ومع ملايين آخرين من أشقاءَ وأحرارٍ اعتنقوا الإنسان, كما اعتنقه درويش وأصبح عنواناً لأشواقه محلّقاً بها على جناح الضّادِ, وجاعلاً منها مفردةً لفلسطين,
هو لشعبه وسؤال الحياة, حضورٌ لثقافة وكينونة شعب وترجمة لأمشاجِ الأرض والتاريخ والإنسان مع أشواق الروح وتجلّي السماء, ورؤيا البديهة حين تغنّي:
"ههنا حاضرٌ
عابرٌ
ههنا علّقَ الغرباءُ بنادقهم فوقَ
أغصانِ زيتونةٍ, وأعدّوا عشاءً
سريعاً من العلبِ المعدنيّةِ, وانطلقوا
مسرعين إلى الشاحنات".



#على_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمس إلياس خوري
- انشودة المطر
- شهادة كاتب ياسين و عبد القادر الحسيني
- الانطلاقة....كرامتنا الكاملة
- صيغة نفى
- تسمَّت باسم -الشعب-
- القرار -فكرة الدولة-
- عملية استشهادية
- موشي ديّان 56
- ضمير غائب
- إنهم شهداء
- حقبة جديدة - صوت القدس والأسرى من الجزائر
- أول نوفمبر رصيد إنساني
- فلسطين قابِلةُ العالم الجديد
- أبجدية جديدة
- تحررت الجزائر، فهل تحرر الغزاة؟
- سطرٌ في كتاب التاريخ
- المبتدأ والخبر
- جرح التاريخ
- في المصالحة


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - على شكشك - درويش ظِلآ -أنا لست لي-