أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود فنون - الى فاطمة بلداتو















المزيد.....



الى فاطمة بلداتو


محمود فنون

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 22:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الى فاطمة بلداتو

كتبت فاطمة بلداتو في معرض تفاعلها مع مقالتي بعنوان "لماذا يدمرون سوريا " المنشورة على صفحتي فيس بوك وعدد آخر من الصفحات الالكترونية ،كتبت مستفسرة :
"وأنا أريد أن أسأل لماذا الدول العربية والاسلامية ؟وهل لا بد على كل دولة عربية مسلمة أن تنتظر نصيبها غدا من الانحطاط والدمار والتخريب والقضاء التام على كل مقومات الإسلام والعروبة ؟ وإلى متى ؟ وماذا ستكون الأسلحة القادمة المستعملة ضد ؟ سيدي والله لقد طال أمر هذا الذل الذي تعيشه بلادنا وطال تسبيبنا لها بهجرة الإسلام وتشريعات الإسلام والله أنّ هناك من يحاول جاهدا البحث في هذا الأمر ولكن تظل النتائج على ما هي عليه دون تغير أو تبدل أو حتى تطور لماذا ؟
الوقوف على الأسباب أمر مهم والبحث عن النتائج أيضا ... ولكن من أين تكون البداية يا ترى ؟؟..."
من المعلوم أن السؤال المثير للحيرة والجدل هو السؤال الأكثر دقة والذي يفتح الباب للاجابات الأكثر مقاربة للحقيقة وقد أجادت فاطمة طرح الاسئلة ،المعبرة عن إحساسها بمأساة الأمة العربية والاسلامية في الوطن العربي.
لقد وسعت نطاق البحث وهذا هو الصحيح لأن مسار الحراك القائم لا يقف عند سوريا فحسي ،ومن الصائب أن نلحظ ما يحيق بأمّتنا ونرصده بدقة لعل الامة تتنور وتتجه في الاتجاهات الصحيحة نحو حريتها وانعتاقها ووحدتها ..نحو كرامتها .
نعم إن الامة العربية مستهدفة وهي مستهدفة مع امم أخرى كذلك وضمن الصراع الدولي الحاد الدائر بين الامم والشعوب الفقيرة والامم والشعوب الغنية .
فالبلاد العربية تمتلك أهم الثروات التي تحتاجها الدول الصناعية وعلى رأسها النفط والكثير من المعادن .كما انها سوقا واسعة لتصريف بضائع الدول الصناعية .
يضاف الى ذلك أنها إن توحدت فستشكل قوة اقتصادية كبرى وهي يذاتها سوقا لتصريف ما تنتجه من بضائع بحكم اتساعها وعدد سكانها
لكن
الامم والشعوب الغنية وهي الدول الامبريالية منظمة ومؤطرة في تحالفات سياسية مثل دول الثماني الكبار ودول الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الدولية ،ومنظمة في أحلاف عسكرية مثل حلف الناتو الذي يمثل القوّة الحاسمة في العالم والذي يمثل المخالب الحادة لمجموعة الدول الرأسمالية الغربية ذات الطبيعة الاستعمارية الامبريالية .
انها تستهدف الاستيلاء على الثروات واستغلال الاسواق واستغلال الايدي العاملة الرخيصة في أنحاء مختلفة من العالم من أجل أن تحقق شركاتها اعلى الأرباح ومن أجل ان تربح الدول الغنية وتستقر نظمها وتراكيبها الاقتصادية الاجتماعية .
سابقا وقبل سقوط الاتحاد السوفييتي كانت مجموعة الدول الاشتراكية المنظمةفي حلف وارسو تشكل قطبا موازنا لإندفاعة القطب الرأسمالي وتحد من تسلطه وقهره للشعوب وكانت تدعم ثورات التحرر الوطني من الاستعمار الغربي وتدعم نزوع الدول المتحررة حديثا من الاستعمار نحو بناء اقتصاد وطني مستقل .لقد أصبح هذا في بطن التاريخ يا فاطمة ولكنها حقيقة تاريخية وكان الاتحاد السوفييتي صديقا نزيها لمصر الناصرية ولسوريا والعراق..
اليوم تتفرد امريكا بقيادة قطب واحد ..هذا القطب شره جدا ويعاني من الازمات الاقتصادية العميقة والتي تشكل خطرا على بقاء النظام الرأسمالي برمته ،علما أن الازمة تعصف بالكبار الى درجة خطيرة منذ عام 2008 م دون أن يتمكنوا من إيجاد علاج ناجع لها ولن يجدوا ،لأنها أزمة بنيوية تتجمع كل عناصرها في بنية وتركيب النظام الرأسمالي العالمي.
النظام الرأسمالي القائم على استغلال الانسان للإنسان بحيث تتركز الثروة في يد مجموعة لا تزيد عن 10% من السكان تحوز 85% من الثروة والباقي يتقاسمون ما تبقى بدرجات متفاوتة (رأسمال إحدى الشركات 465مليار دولار ،وأرباحها بالمليارات كذلك،شخص واحد امريكي ثروته 42 مليار دولار ...)
بينما يعيش العمال والموظفين والأجراء البسطاء بدخلهم المتواضع وبحد الكفاف – أكثر قليلا عند بعضهم ،وأقل عند البعض الآخر .
ان النظام الرأسمالي الغربي لا يقوم فقط على استغلال مواطني االدول الغربية ،بل هو منذ البداية ابتدع استثمار الشعوب الضعيفة ،واستغلال ثرواتها باسعار زهيدة وبيع منتجاته في الاسواق بأسعار عالية ,ولهذا وفي سياق منافسة الدول المتقدمة لاستغلال ثروات الشعوب المستضعفة ظهر النظام الاستعماري الجديد والذي ظل يتطور حتى بلغ المرحلة الامبريالية ،وخاض حربين عالميتين من أجل إعادة تقسيم العالم بين الضواري الإستعمارية بريطانيا وفرنسا واليابان وايطاليا والمانيا وامريكا .
لقد وصلت الرأسمالية الى مرحلة الامبريالية وفي هذه المرحلة لم تعد اسواقها في حدودها تكفيها بل وزاد من أهمية الأمر اكتشاف مزيد من الثروات في آسيا وأفريقيا ،مما عزز شهية الدول الاوروبية لإستعمارها والسيطرة عليها بكل السبل .
هذه هي المرحلة التاريخية التي تعيشها البشرية اليوم --- مرحلة الامبريالية والعولمة التي تقودها الدول الغاشمة وهي طبعا تقودها لمصلحتها ،وهي طبعا تستغل الشعوب الى أقصى الدرجات .
من أجل ذلك تريد نظاما عالميا طوعا ليدها وتريد دولا مطواعة يحكمها سلطات لا تعيق الاستثمارات الاجنبية ولا تعيق انسياب البضائع الاجنبية الى أسواقها .
من جهة ثانية وكما ذكرنا في بداية المقال هناك الشعوب والامم المستضعفة التي تحكمها حكومات مطايا للأجنبي .هذه الشعوب تدرك مأساتها وتدرك أنها تعيش في قاع الهرم وتحت وطأة انواع متعددة من الاستغلال – من قبل الطبقات الرأسمالية المحلية التي تعمل وكيلا للرأس مال الاجنبي ،ولوسطاء متعددون وصولا الى الدول الراسمالية الكبرى . وهي لا توحد قواها في مواجهة النظام العالمي الجديد المتجه حثيثا نحو العولمة .
وكي ندرك التفاعلات الدولية التي تعيش بلادنا في معمعانها يتوجب استكمال اللوحة كما يلي:
اولا :الصراع بين الدول الغنية والفقيرة كما هو وارد أعلاه.
ثانيا :الصراع بين الدول الغنية نفسها والتي تتنافس من أجل السيطرة على ثروات الشعوب واستغلال الشعوب ،وقد خاضت الدول الكبرى حروب السلب والنهب ضد بعضها من أجل تقاسم العالم تحت نفوذها ،كما أرسلت الجيوش لتثبيت سيطرتها
ثالثا : الصراع بين المنظومة الاشتراكية (وما تبقى منها حاليا )وبين النظام الرأسمالي وفي هذا السياق يأتي الصراع بين الرأسمالية والصين وفنزويلا وعدد من دول امريكا اللاتينية ومعها كوبا
رابعا : وهذا هو الاساس وهو الصراع بين الطبقات الرأسمالية والطبقات الشعبية المضطهدة من قبل النظام الرأسمالي العمال والفلاحين .
هذه لوحة الصراع الاجتماعي الاساسية والتي تأتي الصراعات الاخرى تعبيرا عنها أو لخدمتها .
ان القوى الكبرى أحيانا تخوض الحروب لمصلحتها بواسطة غيرها كما حاربت الدول الاشتراكية أمريكا في فيتنام بواسطة الثورة التحررية الفيتنامية وقضت على النفوذ الامبريالي الامريكي في جنوب شرق آسيا وكما وخاضت الحروب مع الشعوب في حروب بالوكالة لصالح الضواري مثل حرب الجهاد في أفغانستان التي خاضها الجهاديون العرب المرسلون من السعودية وبدعم وتسهيلات امريكية ضد الحكومة الوطنية التقدمية في افغانستان وضد الجيش السوفييتي الذي كان يحمي السلطة المحلية هناك حيث كان الجهاديون العرب يقاتلون لصالح أمريكا .وردا على هزيمة أمريكا في فيتنام ،وطبعا من أجل استعادة النفوذ الاستعماري في أفغانستان .كانت أفغانستان إقطاعية يحكمها أمراء الإقطاع وأمراء الحشيش وهي تحت النفوذ الاستعماري الغربي فجاءت حكومة وطنية وصفّت الاقطاع والحشيش ,فقامت امريكا والسعودية بتجنيد الاسلام دفاعا عن الاقطاع والحشيش والنفوذ الامريكي فيم عرف بالحرب الجهادية ضد الشيوعية في أفغانستان وأعادوا أفغانستان الى اواسط العصور الوسطى .
وحينما أرادت العراق أن تملك أمرها وتتحزل الى قوة اقليمية متقدمة ومنافسة ،كان لا بد من أخضاعها ،ليس إخضاعها فحسب بل وتدمير مؤسستها الاقتصادية والتعليمية والبنية التحتية والمؤسسة السياسية وكل ما هو قابل للتدمير بما في ذلك النسيج الاجتماعي وخلق النعرات الطائفية والقومية والجهوية وكل مظاهر الصراع الداخلي في العراق بالاضافة الى قتل أكثر من مليون ونصف وتشريد أكثر من خمسة ملايين عراقي عن وطنهم.
عندما أرادت الارجنتين تحرير جزر الميريلاند من السيطرة البريطانية أرسلت بريطانيا أساطيلها من الجزر البريطانية الى اقصى جنوب العالم وهاجمت الارجنتين واستعادت الجزر حفاظا على موطيء قدمها .
وفي سياق هذه الصراعات يجري تجنيد الدين والصراعات الدينية والطائفية ليس دفاعا عن دين أو طائفة بل من أجل إخضاع لأهداف تتعلق بالمنافع الاقتصادية و /أو صيانة النفوذ من أجل مصالح إقتصادية .ويمكن إخصاب اللوحة بمزيد من نماذج الصراع الانساني .
ويبرز اليوم مجددا الصراع من أجل التحرر الوطني كما كان قبل عقود ابان ثورات التحرر الوطني بعد الحرب العالمية الثانية ،يبرز من جديد مثل الثورة الوطنية في العراق ضد الوجود الاجنبي _مع ان الوجود الاجنبي وأعوانه أغرقوا العراق بالدم وتمكنوا من خلط الاعمال الثورية بتعدد من الاعمال القذرة الاخرى بالتزامن .
وفي بلادنا بشكل خاص هناك الوكلاء الذين يرسلون المجاهدين الى الجنة مقابل تفجير انفسهم في الجوامع والاسواق وفي تجمعات الطوائف الاخرى .إن أساس هذه الاعمال هو خدمة مصالح الاستعمار الغربي والصهيونية ،واليوم تبرز جماعة النصرة في سوريا وتحظى بدعم السعودية كما تحظى جماعات أخرى بدعم السعوديةة وقطر وتركيا .
------------------
في هذه الفترة من الزمن نهضت الامة العربية في حراك
جماهيري ثوري يستهدف الخلاص.
لقد تجمعت إحتقانات عديدة تطال الكرامة القومية اثر امتهان الامة العربية في مواقع عديدة
الحرب على العراق حيث وبدلا من ان تقف الدول العربية مدافعة عنها ،إصطفت مع الحلف الغربي وجاءت الدول الغربية بدعوة من حكومة الكويت والسعودية ودول الخليج والجامعة العربية وأقامت قواعد ضرب العراق في قطر والسعودية ودول الخليج وتركيا ..لقد وقفت الجماهير العربية مع العراق في الحرب الاولى والثانية وخرجت الى الشوارع بالملايين ولكنها لم تستطع تقديم مساندة فعلية للشعب العراقي وحكومته ،ولم تستطع منع حكومات العرب من التواطؤ مع الامريكان (وبالمناسبة وبعد ان تمكنوا من تدمير العراق عام 2003 كتبت الصحف كثيرا بما يفيد ان الدور القادم هو تدمير سوريا )
لقد شاهدت الامة العربية العدوان الصهيوني المتكرر على لبنان من قبل الصهيونية وكانت تنتفض تحت عنوان التضامن مع لبنان ومع الثورة الفلسطينية هناك ومع حزب الله ،ولكن الانظمة كانتى تتواطأ بكل أشكال التواطؤ .
وشاهدت جماهير الامة العربية العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطين منذ الاحتلالات الول والثاني ،وشاهدت القمع العنيف ضد الشعب الفلسطيني وتضامنت بالمسيرات والمهرجانات والتبرعات ،دون فائدة تذكر ودون أن يرتفع ضيم عن الفلسطينيين ...وهكذا دواليك .لقد كانت الجماهير العربية تراكم احتقانا وراء احتقان وهي ترى الذل وهي ترى الاقصى والشعب الفلسطيني يعاني وترى الانظمة العربية تتواطأ بل وتوسع علاقاتها بالصهيونية على كل الصعد
ان الاستهانة بالكرامة القومية تستثير الشعوب بل أن الامة عادت تستذكر مرحلة الناصرية العظيمة التي جسدت كرامة الامة العربية.
الامة العربية تدرك وتدرك بشكل متزايد أن خيراتها منهوبة وان الغرب الاستعماري يقف عثرة في طريق تطور الامة العربية ووحدتها واستقلالها .
والامة العربية أخذت تعيش الفاقة والفقر بشكل متزايد وكأنها تساهم من قوتها اليومي في معالجة الازمة الاقتصادية العالمية ..وهي تواجه البطالة والغلاء وضعف القدرة الشرائية للنقود وضيق ذات اليد .
كما أن الجماهير شاهدت من خلال الفضائيات الكثير من الصور ةوالتقارير عن حركات الشعوب ونضالها من أجل الديموقراطية .
لقد عانت شعوبنا من الفقر والمرض وكبت الحريات والبطالة والاستغلال والقمع عبر عقود وعقود .وبالمقابل خاضت الكفاح بشكل متواتر في مصر والكثير من البلدان العربية ضد الحكام وضد سياسة الاستخذاء والتواطؤ مع الامبريالية والامريكية .
لقد تعلمت الكفاح من تجربنها الخاصة وتجربة الشعوب وحاولت مقاومة القهر ،كما شاهدت حزب اللة يطرد الصهيونية من جنوب لبنان شرّ طردة وشاهدت صمود حزب الله عام 2006 وتضامنت معه وشكلت فكرة عن إمكانية قهر إسرائل لو امتلطكت الامة العربية إرادتها ولو كان لها غير هؤلاء الحكام المتواطئين لخدمة العدو .
كل شيء كان ينضج موضوعيالا استعدادالا للثورة
وكانت القوى القائدة المستعدة للمجابهة غائبة أو مغيبة
هنا ظهر جيل الشباب المتفجر ثورة وثورية (ولكن قليل الخبرة ومحدود الامكانيات )ظهر جيل الشباب ودفع الامور الى حدود الانفجار فانفجرت جماهير الامة العربية في وجه حكامها دفاعا عن كرامتها ودفاعا عن لقمة عيشها مطالبة بعيش كريم .
_____________________
هنا ظهرت المخاطر العظيمة على النظام الرأسمالي العالمي الذي يعاني أصلا من الازمة الخانقة ...أمة عربية تنتفض وفي ذاكرة الاستعمار مرحلة الخمسينات والستينات الباهرة من عمر الامة الغعربية حيث كانت وبقيادة الناصرية تتحرك تحت شعارات التحرر من الاستعمار والنفوذ الاستعمارير وشعار الوحدة العربية وتحرير فلسطين وشعار الاشتراكية ،شعار القضاء على الرجعية والاستغلال ،واقامة النظام الاقتصادي المستقل عن التبعية للاستعمار .
إذا كان الشباب العربي لم يعش هذه التجربة فإن الاستعمار لا ينسى بل انه على جهوزية للرد على مثل هذا الحراك وسرقته وقطع سياقه من أجل أن تظل مصالحه مصانه
هنا تجلى الصراع بين الدول الغنية والشعوب الفقيرة الذي ذكرناه آنفا وذلك لأن القوى المعادية أدركت أن النهوض الثوري يعني نهوضا مستمرا كي يكنس كل ظلم وكل استغلال ومن أجل الحرية والكرامة والديموقراطية .
كانت أمريكا بالمرصاد ولها قواعدهالا وأعوانها ومريديها من دول وجيوش وعملاء مجندين وجاهزين تحت الطلب
هكذا أوقفوا الثورة التونسية عند حدود ذهاب بن على الذي اجبره الجيش على الرحيل ،وتركت تونس قبل أن تستكمل ثورتها ولا تزال ،تركت لقوى لا مصلحة لها في استمرار الثورة ويكفيها ان تستولي على كراسي الحكم مع بقاء النظام الاقتصادي الاجتماعي على حاله وبقاء جميع علاقات تونس وارتباطاتها على حالها .أي انهم تمكنوا من خداع الجماهير الثائرة بطعم تغيير بن علي .
وكما نشاهد فإن الحراك الثوري في تونس لم يخمد بعد وأعتقد أنه في القريب العاجل سوف ينهض الشعب التونس ما أن يمتلك القيادة الصلبة والمجربة ويعود الى الميدان ثانية .
لقد حمل الشعب التونسي البشرى لغيره بالرغم من أن الجيش قام بانقلابه كما مرّ معنا
___________________________________
والتجربة تكررت تقريبا في مصر حيث قام الجيش باجبار مبارك على ىالتنحي ورقصت الجماهير في الشزارع اغتباطا وكأن يقوط مبارك هو نهاية المطاف وحصلت الانتخابات وكأنها في غفلة عن الشعب ليستفيق الناس على انتخابات رئيس الجمهورية وليصل التنافس في محطته الاخيرة بين نظام مبارك ممثلا بشفيق وبين التيار الاسلمي السياسي ممثلا بمحمد مرسي (هناك من يقول أن شفيق هو الذي فاز ولكن الجيش غير النتيجة )
وهنا ظلت الحالة كما هي عليه زمن مبارك فالحكم الجديد أقر بكل المعاهدات مع الصهيونية مع بقاء سيناء تحت النفوذ الامريكي وبقاء كل التزامات الرؤساء السابقين على حالها ولجوء مرسي الى الاستقراض من أجل تمويل الميزانية وقبول شروط صندوق النقد الدولي برفع الاسعار ورهن القطاع العام للرأسمال الاجنبي ..إن شيئا جوهريا لم يتغير .لقد بقي كل شيء على حاله ماعدا تغير بعض الوجوه وليس كلها .
ان الشعب المصري قد نضج سريعا وأخذ وعلى الفور يضغط على الحكم الجديد من أجل تنفيذ أهداف الثورة الوطنية الديموقراطية ومنع الحرية والعدالة من تكرار تجربة الحزب الوطني رفضوا الدستور المفصل على مقاس الاخوان .لقد كان الحراك الشعبي قبل سنتين بيد الشباب الذين تخلوأ عن المتابعة وتركوا الامر للقوى السياسية التقليدية الموروثة من زمن العهود السابقة .غير أن الحالة آخذة في التحسن لجهة تطور الاوضاع القيادية واستمرارية الثورة وعدم القبول بالوقوف عند استلام الاخوان للحكم مع بقاء النظام الاقتصادي الاجتماعي على حاله .هناك شعارات تجديد القطاع العام وتحريره من الفساد وسيطرة الدولة على اهم أفرع الاقتصاد واستعادة أراضي الدولة التي تم بيعها للقطاع الخاص وأن تسيطر الدولة على ضبط الاسعار وعلى ما يقرب من نصف الاقتصاد ،بينما مرسي مع الخصخصة وبيع القطاع العام وزيادة أعباء الديون والضرائب دون المساس بالقطاع الخاص وحرية التجارة والاسعار .
في مصر يقف الجيش والتيارات الدينية وجهاز الدولة والأمن في وجه الجماهير والانتفاضة المستمرة ،وأمريكا فاعلة في الميدان ولأمريكا رجالاتها في جبهة الانقاذ مثل عمرو موسى والبرادعي الذين يساندون التحول الديموقراطي الى حدود معينة وهم في ذات الوقت ضمانة للامريكان – هكذا يخاض الصراع في مصر اليوم
أما في ليبيا فقد كان الامر مختلفالا :لم يكن القذافي من رجالات أمريكا ولم يكن الاقتصاد الليبي تابعا بشمكل كامل والأهم ان البترول الليبي كان مؤمما لصالح ليبيا ..لذلك كان تدخل الرجعيات العربية المساند والمنفذ للمخططات الاستعمارية كان هذا ضروريا .
لقد تمكنوا من تشكيل المجلس الوطني الليبي بمشاركة الرجعيين الذين ادعوا الانقلاب على النظام وتماهوا مع الثورة الشبابية وبهذا استولو على القيادة ومن ثم استولوا على إدارة الثورة وبسرعة استنجدوا بالناتو تحت عنوان الحماية (الناس الجدد نسوا ما معنى الحماية الغربية انها شكل من أشكال الاستعمار باسم التدخل الانساني )جاء التدخل الانساني للناتو عبر مناطق الحظر والقصف الجوي والبحري وتسليح الشباب ومساعدته ماليا وعبر هذه المساعدةة استولت أمريكا على الثورة من أجل أن تستولي على ليبيا وثروات ليبيا وتتقاسمها مع فرنسا وايطاليا ،مع تخريب ليبيا تخريبا جديا يعيدها عقود طويلة الى الوراء ،وطرح برنامج إعمار ليبيا لصالح الشركات الاجنبية وقد قسمت الى ثلاث مناطق نفوذ ويمكن ان تقسم الى دويلات أو أقاليم متنافرة
ان الحال في سوريا يختلف أيضا :
سوريا تعتمد على ذاتها في كثير من الامور الاقتصادية والدولة تدير القطاع العام ةانتاج الكثير من السلع والخدمات والاعمال التجارية ،ولديها خطط وبرامج على هذا الصعيد كما أن النظام بالاساس قام بتصفية الاقطاع وذيول الاقطاع والرأس مال الاجنبي وتابعيته في سوريا وهو لا يعتمد على الغرب في التسليح لذلك يتسلح كما يريد دون اشراف من الامن الغربي وبدون حدود
والنظام السوري يدعم حزب الله الذي صمد في وجه اسرائيل وشكل لها قوة ردع تمنعها من الاعتداء على لبنان كما كانت تفعل من قبل وما استخدمه حزب الله من السلاح والصواريخ عام 2006 يملك اليوم ما هو ابعد مدى واشد فاعلية وهذا بمساندة سوريا ومن خلالها ،ومن ايران عبر سوريا مما دلل على خطورة ما تملكه سوريا من الاسلحة ،وأن ضرب حزب الله غير ممكن دون المرور على الجسد السوري – القوى الرجعية في لبنان تسعى لتصفية حزب الله وسلاح حزب الله بحجة أن السلاح لا بد وأن يكون بإشراف الدولة ،وبالطبع هذا مطلب اسرائيل وأمريكا ويحظى بمساندة الدول الرجعية العربية لذات الاسباب .ان قطع رقبة حزب الله يتم بذات السيف وفي نفس الوقت الذي تقطع فيه رقبة سوريا ،وكذلك ايران والقوى الثلاث مطلوبة للابادة .
______________________________________
سوريا توعدت هي وحزب الله وايران انه في حال تتعرض ايران للذبح علىيد الناتو فانهم جميعا سيوجهون ضربات صاروخية قاتلة محولين إسرائيل الى رهينة بأيديهم ،وهددت انه في حال تعرضها للقصف الامريكي فالقوى الثلاث سوف توجه ضرباتها لإسرائيل ..
هنا المعادلة معقدة ومربكة لقوى التدخل الاجنبي فاختارت العمل جزئيا على طريقة ليبيا بتشكيل قيادة على المقاس للحراك السوري الذي بدأ ورفع مطالب الاصلاح ...قبل ان ينهي النظام استجابته للاصلاح بدأت الامور تتوتر أكثر فأكثر وتمكنت امريكا من خلال قطر وتركيا من عقد اجتماع في اسطانبول وتشكيل قيادة أسموها المجلس الوطني السوري على غرار المجلس الوطني الليبي وطربشوا عليه برهان غليون .وما أن وقف برهان غليون أمام عدسات التصوير التلفزيوني حتى رفع عقيرته مطالبا بالتدخل الأجنبي ،وبدأت تركيا باسم المجلس الوطني بتشكيل الجيس السوري الحر والزج بالمرتزقة والسماح لشظايا القاعدة وتلاوين الجهاديين التكفيريين بالدخول الى سوريا واستقطاب من يستطيعوا من السوريين .
ان القوى التي أمكن جمعها لتشكيل القيادة هم بقايا ما يسمى باعلان دمشق والاخوان المسلمين والمؤتمر السوري للتغيير ..وهذه القوى تضم بداخلها والى جانبها كل المتواطئين مع الغرب الاستعماري والمستخذين لتركيا وقطر والسعودية ،والذين عملوا مع ال:إن جي أوز والذين يقبضون من المخابرات الاجنبية ،متماهين مع الحراك الشعبي ومدعين أنهم المعبرين عنه والتقوا بهذا مع بعض القوى الديموقراطية والتقدمية من الداخل السوري وقاولوا معا على المجلس الوطني السوري الذي لم يفلح في تأطير كل القوى في الميدان .مع ملاحظة ان القوى الاجنبية المتدخلة مولت وسلحت اية قوى مستعدة لقتال النظام مهما كانت درجة تجاوبها مع المجلس الوطني السوري الذي تشكل برعاية المخابرات الامريكية والبريطانية في اسطانبول .
وبعد ذلك وبرعاية أمريكية مباشرة وبحضوز المخابرات الامريكية والبريطانية والتركية والسعودية تم حشد مجموعة من الانصار في قطر وتم حشرهم الى أن شكلوا الائتلاف السوري المعارض .
________________________________________
ان أهداف الحراك الشعبي في المرحلة الاولى كانت تطالب بالاصلاح والقضاء على الفساد ونشر الحريات الديموقراطية .وكان تجاوب النظام متأخرا .ثم رفع الحراك الشعبي شعار اسقاط النظام وتوسع الحراك الشعبي كثيرا ليشمل كافة المحافظات السورية .
ان مطالب الاصلاح مشروعة والحراك الشعبي كان مشروعا وكانت مواجهة النظام للحراك الشعبي بعنف خاطئة .ولكن الامر تغير لاحقا
___________
لقد تمكنت القوى المتدخلة من فرض أجندتها على قوى الحراك السوري ومن خلال أعوانها وبحضور مكثف للامن الاجنبي والعلاربي الرجعي ..لقد اصبح القتال أكثر من حرب أهلية بين قوى محلية ..لقد تحول الى حرب كونية ضد سوريا تعتمد النسف والقتل والاغتيالات الى جانب مواجهة الجيش النظامي .وأصبح دور الجيش يستهدف اجتثاث مقاتلي الجيش الحر وجماعة النصرة ومختلف أشكال الكتائب التي يتم تسليحها وزجها في الميدان بمساعدات أمنية ومعلومات استخبارية ،وبأهداف تدميرية.
هنا أخذت أهداف الصراع تتضح .وتبين أنها جزء من حالة الصراع بين القوى الكبرى والشعوب والدول المعارضة لنفوذهذ ه الدولر الامبريالية
يقف في وجه النظام السوري كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل ومعها تركيا ودول الخليج الرجعية ويمارسون دورهم مباشرة ومن خلال القوى المرتزقة التي يدفعون بها من الخارج ومعهم القوى المعادية للنظام وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين وتيارات دينية أخرى ومعهم المنشقون من الجيش السوري الذين يتم استدراجهم للقاء المخابرات الصهيونية والامريكية والتركية وغيرها لتقديم ما لديهم من معلومات عن الجيش السوري والسلاح السوري وسلاح حزب الله .

________________________________________
ان سوريا تحتاج الى تغيير تقدمي ولكن نظامها اليوم يخوض حرب الدفاع عن الوطن وهو مدعوم من روسيا والصين وايران وتقف الى جانبه القوى السورية التي ترفض التدخل الاجنبي .
__________________________
ما دور الدين في هذه الصراعات ؟
من المعلوم أن الدول القوية والحكام هم الذين يستخدمون الدين ويطوعوه لمصلحتهم مهما كان الامر متناقضا .أما الناس فهم يتدينون على بساطتهم ،والسلطات تستغل هذه البساطة .
لننظر مثال أفغانستان .عندما ارادت امريكا الحرب على النظام التقدمي في افغانستان ،تحالفت مع الدين الاسلامي وقامت السعودية بالدور اللازم وجندوا الدين لاستقطاب الجهاديين بالآلاف ليذهبوا الى الجنة في سبيل تحرير أفغانستان من الكفر والشيوعية .
بعد ذلك وحينما بدأت طالبان تتنفس ورفضت تسليم بن لادن ، وعندما أرادت امريكا احتلال أفغانستان كان لا بد لها أن تشن الحرب عليها باسم الدين والتطرف الديني ومحاربة التطرف الديني .
في البلاد العربية تحالفت أمريكا مع التيارات الاسلامية السنية الوهابية وجماعات الاخوان المسلمين ليكونوا جزءا من الثورة المضادة التي تلجم الاندفاعة الشعبية الثورية عند حدود معينة وباسم حكم الدين ،واقامة النظام الاسلامي الذي يحقق العدا لة والخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .أي ليكون الحكم استبداديا .
ان الناس لا يريدون الامر بالمعروف وينتهي كل شيء ،الناس يريدون :الخبز والكرامة والحرية .يريدون عملا يريدون العدالة الاجتماعية وليس أي تسمية للعدالة .الناس يريدون أن تكون ثروات بلادهم لهم .البترول المستخرج من بلادهم يكون لهم وكافة خيرات البلاد .
المسألة ليست تأمين حاكم بلحية .المطلوب نظام حكم تقدمي عصري حضاري يؤمن الحياة الكريمة بدلا من الصبر والصدقات ويؤمّن الحريات الديموقراطية بدلا من الطاعة العمياء لسيدنا الشيخ .
تقول الصوفية "من قال لشيخه لمَ؟،لن يفلح أبدا "وتقول الديموقراطية يجب ان تقول لمَ؟حتى تفلح .



#محمود_فنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر تعود لحالة الطوارء
- مصر والتحالفات المعقدة
- مصر تعيش الصراع الثوري
- الحكيم عاش ثائرا
- لماذا يدمرون سوريا؟
- الإنتخابات الاسرائيلية في عيون المتخاذلين
- برهان غليون يبكي دما
- قراءة سريعة في انتخابات الكنيست الاسرائيلية
- كلمتين في اعلام الانتخابات الاسرائيلية
- سؤال الياس خوري الكبير
- إلى محبي قطر
- رسالة مفتوحة الى انصار امريكا الجدد
- امريكا ورثت بريطانيا
- ما هي حقيقة اتفاق التهدئة برعاية مرسي
- هل حقا هناك قوانين اسلامية ؟!!
- حماس الجديدة تتسلح بحماس القديمة
- المصالحة ونهر النيل
- التنسيف الامني المصري الاسرائيلي يعطي ثماره
- في سوريا حرب كونية
- امريكا والكرامات الربانية


المزيد.....




- اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
- اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا ...
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع ...
- صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود فنون - الى فاطمة بلداتو