ما قيمة - العهد القديم - ؟ (1 - 2)

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 20:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يتعرض العهد القديم لهجوم غير مبرر من الملحدين والاسلاميين , مما يدعو بعض المدعين المسيحية الى التبرؤ منه وانكاره , على اساس انهم يؤمنوا بالعهد الجديد ويتبعوا يسوع المسيح. وهم بفعلهم هذا يتجاهلون بعض الحقائق الهامة , واحداها ان اله العهد القديم هو نفسه اله العهد الجديد , وان كل تالاسفار هى موحى بها من الله سواء كانت اسفار عبرانية او يونانية. ايضا هم يتجاهلوا وينكروا النبؤات المسجلة فى العهد القديم سواء المسيانية منها او ما يختص بالايام الاخيرة. ونذكرهم ايضا ان كل الكتب فى بيوتهم والتى يرونها تحوى الجزئين معا وهما بنفس الاهمية. وبما اننى شخص دارس للكتاب المقدس ومهتم به , اقول وبكل ثقة اننا لا نستطيع ان نفهم المسيحية كاملا بدون فهم الاسفار العبرانية.
هل يستحق " العهد القديم " اهتمامنا اليوم ؟
عام 1786 اصدر طبيب فرنسى مؤلفا بعنوان بحث فى التشريح والفيزيولوجيا , ويعتبر هذا الكتاب ادق الكتب التى تناولت بنية الجهاز العصبى فى ذلك العصر , حتى ان احد نسخه النادرة بيعت مؤخرا بأكثر من 27 ألف دولار اميركى. ولكن ما من مريض اليوم يضع ثقته فى جراح يستقى معلوماته من كتاب يتضمن ابحاثا طبية اكل عليها الدهر وشرب. فقيمة هذا الكتاب التاريخية والادبية لا تجعله مساعدا نافعا للمرضى اليوم.
ينتاب الكثيرون الشعور نفسه ازاء ما يعرف بالعهد القديم , فرغم انهم يقدرون رواياته التى تسرد تاريخ اسرائيل والشعر الجميل الذى يحتويه , يجدون ان اتباع ارشاد عمره اكثر من 2,400 سنة امر ينافى المنطق. فالمعلومات العلمية والمعاملات التجارية اليوم وكذلك الحياة العائلية تختلف اختلافا شاسعا عما كانت عليه فى الزمن الذى كتب فيه الكتاب المقدس. ويكتب فيليب يانسى , محرر سابق فى مجلة المسيحية اليوم , فى مؤلفه الكتاب المقدس الذى قرأه يسوع : " ليس العهد القديم منطقيا دائما , وأى منطق فيه يخدش الاذان فى عصرنا. لهذا السبب ولأسباب اخرى ايضا , غالبا ما يحجم الناس عن قراءة العهد القديم الذى يؤلف ثلاثة ارباع الكتاب المقدس ". وطريقة التفكير هذه ليست جديدة.
فبعد اقل من 50 سنة من موت الرسول يوحنا نحو عام 100 بعد الميلاد , جاهر شاب غنى يدعى مرقيون بان المسيحيين ينبغى ان يرفضوا العهد القديم. ويذكر المؤرخ الانكليزى روبن لاين فوكس ان مرقيون حاج بأن "الله" فى العهد القديم اله بربرى محض دعم الخارجين عن القانون والارهابيين , امثال داود ملك اسرائيل , اما المسيح فتجلى فيه بصورة جديدة ومختلفة اله اسمى بكل معنى الكلمة. ويقول فوكس ان هذا المعتقد " عرف بالمرقيونية واستمر يستقطب مؤيدين له , وخصوصا فى منطقة الشرق الناطقة باللغة السريانية , حتى وقت متأخر من القرن الرابع ". ولا تزال افكار هذا المعتقد شائعة. لذلك يكتب فيليب يانسى بعد مرور اكثر من 1,600 سنة : " ان معرفة العهد القديم تتلاشى بسرعة بين المسيحيين وقد اختفت فعليا فى المجتمع العصرى ".
فهل استبدل العهد القديم بالعهد الجديد ؟ كيف يمكن ان نوفق بين " يهوه الجنود " فى العهد القديم و " اله المحبة والسلام " فى العهد الجديد ؟ وهل يمكن ان يفيدك العهد القديم اليوم ؟
الى المقالة القادمة
توضيح : العهد القديم ام الاسفار العبرانية ؟
ترد عبارة العهد القديم فى كورنثوس الثانية 3 عدد 14 بحسب الترجمة اليسوعية الجديدة. وفى هذه العبارة تنقل كلمة العهد من الكلمة اليونانية المقابلة دياثكه. فما معنى عبارة العهد القديم فى كورنثوس الثانية 3 عدد 14 ؟
يذكر المعجمى ادوارد روبنسون : " بما ان العهد الموسوى القديم جزء من اسفار موسى , تشير كلمة دياثكه الى كتاب العهد , كتابات موسى , اى الى الشريعة ". اذا , لقد كان الرسول بولس يشير فى كورنثوس الثانية 3 عدد 14 الى الشريعة الموسوية و التى ليست سوى جزء من الاسفار المقدسة لما قبل المسيحية.
فأية تسمية ملائمة اكثر للاشارة الى الى الاسفار ال39 الاولى من الكتاب المقدس ؟ لم يقل يسوع واتباعه ان هذا الجزء من الكتاب اللمقدس هو عتيق الطراز او قديم , بل اشاروا اليه بعبارة الاسفار المقدسة. متى 21 عدد 42 - روما 1 عدد 2. لذلك , وانسجاما مع هذه العبارة من اللائق استخدام عبارة " الاسفار العبرانية " للاشارة الى العهد القديم لأن هذا الجزء من الكتاب المقدس كتب معظمه باللغة العبرانية فى الاصل. وبشكل مماثل علينا ان نشير الى ما يعرف بالعهد الجديد بعبارة " الاسفار اليونانية ". لأن اللغة اليونانية استخدمت لكتابة هذا الجزء من الكتاب المقدس الموحى به من الله.

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات