|
هل جاء كما تمنينا ؟
فؤاد قنديل
الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 17:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ ما يقرب من سنة كتبت مقالا بعنوان "معايير اختيار رئيس الجمهورية " أكدت فيه أن منصب رئيس الجمهورية يمثل رأس النظام الحاكم ، وهو الذى ينهض بعبء متابعة تنفيذ الاستراتيجية الأساسية للدولة وتحويلها إلى خطط وبرامج فيما يخص التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، كما أنه المسئول الأول عن أمن الأمة في الداخل والخارج ، وتحقيق التقدم في قطاعات الدولة المختلفة وعلى رأسها الصحة والتعليم والبحث العلمى والزراعة والصناعة والثقافة والنقل وكافة الخدمات الأساسية للمواطنين ، والتأكد من رسوخ حرية التعبير جنبا إلى جنب مع كل ما يحفظ حقوق المواطنين وكرامتهم ،وهو الذي يشرف على كل المحاولات العلمية الجادة لنقل البلاد من مستوي البوار الفادح والتخلف إلى حالة الرخاء والتقدم وعلى هذا الأساس تصورت أن رئيس الجمهورية القادم والذي يليق بمصر يتحتم أن يتمتع – قدر الإمكان – بعدد من المعايير ، صحيح أنني لم أنتخب مرسي بالطبع لأن إمكانياته وشكله وكلامه وكل ما ينضح به يكشف عن ضحالة غير عادية ، ومع ذلك علينا الآن بعد سبعة أشهرمن توليه حكم البلاد هو وجيشه من الجماعة أن نستكشف بعض القدرات التي تمنيناها في الرئيس ومدي تطبيقها ،وسوف نقتصر على بعض المعايير: * الثقافة .. لابد كشرط أول أن يكون الرئيس المحتمل مثقفا ثقافة عريضة شاملة شتى ألوان المعرفة من خارج تخصصه ، لأن الحاصل على الدكتوراة في تخصص بعينه حامل لعلم ما ولكنه ليس بالضرورة مثقفا ، والثقافة تتجلى في معرفته الدقيقة بتاريخ أمته وكثير من دول العالم ، كما تتجلى في درايته العميقة بالآداب والفنون والفلسفة ، فضلا عن المبادئ الأساسية لعلوم السياسة والاقتصاد والقانون، وأن يجيد إجادة تامة لغة أجنبية واحدة على الأقل . فهل ثمة علاقة من أي نوع تربط بين المعيار الأول وإمكانيات الرئيس المنتخب ؟؟؟!!!! يكفيه شرفا أنه تجنب لقاء المثقفين في معرض الكتاب. * إيمانه العميق بالديمقراطية .. والديمقراطية لا تعنى فقط حكم الشعب نفسه بنفسه ، وإنما تعنى قبول الآخر واحترام حق الاختلاف والانحياز للرأي الصائب أيا كان مصدره . هل قبض أحد الرئيس متلبسا بقبول الآخر أو احترم حق الاختلاف أو أبدي أي انحياز للرأي الصائب ؟؟!!!.. أظن أن الإعلان الدستوري الاستبدادي يجيب بإفراط عنمدي استعداد ورغبة مرسي في أن يصبح أحد الطغاة البارزين فيالعالمبعدأن انتهي أوكادعصر الطغاة. * الحرص على العدالة بكل صورها.. وفي مقدمة صور العدالة تأتى العدالة الاجتماعية وتتجلي في تقارب الأجور وتوفر فرص العمل وسبل العيش ..إن الواقع يصرخ فينا بما يعانيه المصريون من تفاوت حاد في الأجور ووصول البطالة إلى 20% من عدد الشباب القادر على العمل ومن ثم انتشار البلطجة والجريمة ، أما سبل العيش فحدث ولا حرج. * الإيمان المطلق بالعلم .. فالعلم هو الأداة الوحيدة والصالحة أبدا لتطوير الأمم وتحقيق التقدم .. العلم في رأي مرسي وجماعته لا أهمية له ، المهم الانتماء للجماعة حتى لو كان المختار لمنصب جاهل وخريج سجون وعصبي ومعقد. * ترسيخ كل أشكال وصور المواطنة .. والمواطنة تعنى رفض التمييز بين المواطنين على أساس العرق أو العقيدة أو المكانة أو اللون أوالثروة ، والكل أمام جميع المسئولين وأمام القانون سواء . هذه المسألة بالذات تتصدر كل اهتمامات مرسي ، فكل قراراته تعمل ضدالمواطنة وتدل على التمييز الفادح والفاضح بين الناس.. بين المسلم والمسيحي .. بين الرجل والمرأة ..بين عضو الجماعة والمواطن .. ارجعوا لو سمحتم ليوم احتفال سيادته بحرب أكتوبر بالاستاد لأن كل من حضروا كانوا فقط من أعضاء الجماعة ربما لأنهم هم من حرروا سيناء ، وانظروا إلى من التقي بهم في معرض الكتاب فكلهم من أعضاء الجماعة المبشرين بالجنة . وماذا يعنى قيام وزير التربية والتعليم بمحو كل أسماء الرؤساء وإضافة اسم حسن البنا فقط في كتب التاريخ .جرائم بشعة يرتكبها نظام مرسي كل يوم في حق الشعب. * الثقة بطاقات الشعب المصري ومواهبه وبإمكانية تحقيق المعجزات التى لا تقدر عليها شعوب أخرى ، وأهمية استثمار هذه الطاقات وتحفيزها نحو العمل والإنتاج عبر مناخ مشجع وفاتح لشهية التحدي. !!!!!!! * تجربته الشعبية .. إن تجربة الرئيس مع البسطاء من أبناء الشعب واحتكاكه بمشكلاتهم ومطالبهم وألوان معاناتهم لازمة لإنضاج رؤيته الاجتماعية بناء على قدراته في الإحساس بنبض الجماهير وفهم الشخصية المصرية التي لا شك تتميز بسمات مختلفة عن شعوب أخرى . وبالطبع يلحظ الجميع أن الرجل حريص كل يوم جمعة على الالتقاء بالجماهير في مسجد من المساجد ويهتم جدا بأن يحقق العدالة بين كل المساجد من أسوان إلى مرسي مطروح ، ويصر على الالتحام بالشعب ومن حوله الآلاف من الضباط والجنود المخصصين لحراسة فخامته حتى لا ينهار أمام حب الجماهير التي كثيرا ما تهجم عليه لتقبل يديه الكريمتين على ما بذله من أجل البلاد والعباد ..فيهرب حافيا من الأبواب الخلفية ويتبعه بالطبع حراسه الحفاة المدججون بالأسلحة وفي أعماقهم يلطمون الخدودللحظ الأسود الذي أوقعهم في معية هذا الصوفي الواصل . * الاستعداد لفتح آفاق التعاون مع كل الدول ما عدا الكيان الصهيوني الاستيطاني الذي يمثل أشرس أسباب التخلف والنزاع والتآمر في المنطقة . لقد قام الرئيس المنتخب بعكس ما تمنيناه فبدلا من تحسين العلاقة مع الدول العربية وتنميتها بحكم الأخوة والتاريخ المشترك والدين واللغة والثقافة والتعاون والمكرمات المتبادلة ركز كل جهوده مع الصديق الحبيب الكيان الصهيوني الملعون.ألا لعنة الله على كل من يذكر الصهاينة القتلة و المغتصبين بالخير. * التواضع .. وأهمية التواضع تكمن في أنه مستعد للحوار مع أبسط المواطنين ، كما تعنى عدم إرهاق ميزانية الدولة بالمظهريات التي تتطلبها فخامة مكتبه وأسطول سياراته وخدماته المغالى فيها ، و عشرات الملايين التي يحتاجها جيش كامل يقوم على خدمته. كما تعنى استعداده لإنكار ذاته من أجل الوطن. آه ومليون آه مما يجري وهو العكس تماما وزيادة .. أكاد أقسم أن صلاة الشيخ مرسي حرام لأنه يستخدم عددا هائلا من الحراس الذين يجب ألا يصلوا وتظل عيونهم مفتوحة أثناء تأدية الرئيس الصلاة ، وقبل الصلاة وبعدها تتعطل حركة السيارات في الشوارع التي سيمر منها الموكب المشئوم .. والموكب نفسه مكون من ثلاثين سيارة على الأقل ثمنها يتجاوز خمسين مليون من الجنيهات غير جراجاتها وخدماتها ووقودها ومرتبات سائقيها بالإضافة إلى ثلاثين سيارة صندوق أمن مركزي تحمل ألف جندي .. إن كل جمعة يكلف الدولة على الأقل عدة ملايين من الجنيهات من ميزانية شعب لا يجد معظم أبنائه ما يقتاتون به..إنه العماء الكامل وانعدام الوطنية والاحساس بهموم الجماهير هذا إلى جانب أنه يتنقل بين القصور ..الواحد منها لا تقل قيمته عن مائة مليار من الجنيهات .. بإيجازشديد يجب أن يقدم مرسي لمحاكمة عاجلة ،وأي تقصير في اتخاذ موقف حاسم ضده خيانة للوطن وللمصريين ولتاريخهم العريق وخيانة أيضا للحاضر والمستقبل ومبادئ حقوق الإنسان.
#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في عين العدو
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|