جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 08:29
المحور:
الادب والفن
بين رحيل العام المنصرم وحلول العام الجديد، قال لي العام الذي على عجلة من امره كالعادة: ماذا تريدين ان تمنحيني كي اضعه في رصيد الذاكرة؟ فكما تعلمين، رحيلي هو ابدي.. لذا هبي لي شيئًا منك..
قلت له بتوسل: كم اتمنى ان اهبك هذا الطوق الذي ولدت وهو يطوق رقبتي بقوة خانقة، وأنا لم اعد اطيقه واخشى ان يخنقني وانا نائمة او صاحية..
وقال العام الذي على وشك الرحيل بسخرية: اعوام واعوام مرت قبلي لم تفلح بفكه من رقبتك..ما الذي يجعلك تعتقدين بأني سأستطيع بفكه وحدي؟ فأنا لست سوى عام تعب جئت بسرعة واريد ان امضي بسرعة..فأنا هنا من باب الواجب فقط..وها أنا بانتظار نظيري كي يحل محلي؛ فما عليك سوى ان تمنحيني ما تمنحيه لكل عام منصرم—أي زهرة من زهور شبابك! انها مجرد هبة من هباتك السنوية!
اتكأت على نافذتي المطلة على حديقتي الوهمية واكتشفت بأنني وهبت كل ما كان لدي من الزهور تقريبًا، ولم يبق منها الا القليل..ومنها ما كان ذابلاً وما كان مخفيًا في أحراش الهموم اليومية. ولفتت انتباهي زهرة بنفسجية اللون وشامخة بوجه الريح، وبالرغم من برودة الجو، كانت متفتحة ونضرة..فهرعت إليها وقطفتها بألم ومنحتها للعام الذي على وشك الأنصرام..فخطفها من يدي بقوة وهو سعيد وسألني بخبث: كم تبقى لك من الزهور؟
فقلت: لا ادري، فأنا لست بارعة في الحساب وكما ان هذا لم يعد يهمني اطلاقًا. خذ زهرتك وارحل عني طالما الطوق لازال باقيًا في رقبتي.
وثم طل العام الجديد وهو الآخر حائر ولايدري ما يقول، فسأل من باب الواجب: ما هي امنيتك للعام الجديد؟
والغريب بأنني في هذا العام-بخلاف الأعوام السابقة- لم اطلب منه فك الطوق عن رقبتي، لاسيما لأنني اكتشفت بأني مطوقة من الداخل بأحكام وبأن فك الطوق او تركه لن يغير شيئًا من الأمر.. لذا فلم اقل شيء، وكل ما قمت به هو اشعال شمعة لك وانت بعيد كي تنير طريقك. ففي قرارة نفسي كنت اعرف بأن ما سأطلبه من العام الجديد سيلغيه العام الذي سيليه، وبأنني امرأة تحتفظ بزهورها للهدايا لا أكثر...
ليلة رأس السنة، 2012-2013
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟