الطوفان- إلى عارف دليلة

لطفي حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1148 - 2005 / 3 / 26 - 13:16
المحور: الادب والفن
    

الطوفان
إلى عارف دليلة


سالومي تبحثُ
عن رأس المعمدان
يزيد يتربّص للحسين
و نغسل أيدينا
من دمٍ بريء
ابتدأ الطوفان يا سيّد
والوحش ذو الرؤوس السبعة
والأختام السبعة
يسقط أمام
القرنفل والقيثار
والأوزّ البريّ
والصفصاف
وليالي الشتاء الحزينة
ونوستالجيا الوطن

* * *

ابتدأ الطوفان
وأنت أفقه الدامي...
لا تعتب على وجع الكلمات
يا سيد
نحن منكسرون ويتامى
فلا تتركنا وحيدين
يا زهراً أسمر

* * *

تموز يموت
بابل تزهو
والذي يأتي لا يأتي
والبحر يستأذن
بالانصراف
ونحن يتامى ومنكسرون
فأنقذنا يا تموز

* * *

لؤلؤتين كانت مقلتاه *
والوطن ظلام
وجدولاً كان فمُه
والأرض يباب
" عصفور أحدبُ" في قفص
يغتسل كشجرة الدم
تتفتح أزهار الدفلى
في جنبيه
والقمر الحليبيّ
يسقط فوق الجدار
والقبّرات تقول: كلا
ويحفر الضوء ثغرة
ونحن هنا...
" ملل وآلهة يؤاكل بعضها بعضاً
ويأكل بعضها بعضاً" **

* * *

"ممنون" يموتُ
و"أورورا" تلملم أدمعها
قطراتِ ندى
يرتّل الصبح
تعالَ
يشتبك الغصن بالينبوع
يتكئ الغيم
على البحيرة
ترعد الأشجار
ترتجف
تنثال البروق
تهرب اللحظة الخائفة
ويهيل الفجر تراباً
على قفص بلا نور
يتهدج..
يتوهج
يتدفق..
يتعمّد

* * *

الحجر المرذول
يصير رأس الزاوية
والرجل الأعزل
ينقض الهيكل المتعفن
والأرض المستباحة
ترقص بانتصار..
ماراناثا..
ماراناثا..
الأسمر العربيّ
يصرخ في الصحراء
كل شيء باطل
إلا وجهه الحقّ
والحالم الناصريّ
ينظر في العينين المحتقنتين
" ستكون اليوم معي
في السماء"
رجل الجبال
ينزل من قمة النور
ويرى الكفّار يرقصون
حول الآلهة الكذبة
يمسك بيديك
يضرب حتى ينتصر..

* * *

اليوم الجمعة
الوقت مساء
الماء أزرق كحليّ
والسماء وحيدة بلا غيوم
رجل يلعب مع طفلته
خلف سور بعيد
صبيتان تركضان
رجل يصطاد أسماكاً صغيرة
امرأة في مركب صغير
يتدلل فوق هدوء الماء
في يدها كتاب تقرأه
بعض عصافير تهبط
فوق مخمل البحيرة
تشرب ثمّ تحلّق.
ورود تذبل
وأخرى تتألق.
روعة الزمن تخرج بكراً
من يدي الله
وأنا أشرب على مهل
شاياً بارداً
أمشي على
الأخضر الممتد
أذكر ناظم حكمت
"الحياة جميلة يا صاحبي"
وأناتول فرانس
" الحياة جميلة"
................
ويخترق اللوحة اسمُك
كوجه الموناليزا
كأيقونة شرقية
ينقلب كل شيء
يتوتر الماء
يأكل السمك الصياد
يغرق المركب
يختنق الهواء
يتلبد الأزرق
يصغر المشهد
إلى حجم قفص
وأسمع البتول تبكي
رجلاً آخر....
................
كلنا منفيّون
وظلام السجن
موسيقى الشرق الأخيرة
في الخارج نبقى
تافهين
وتموتُ في صدقك
ولا تصالحُ..
أراك قابعاً
في رطوبة عتمتك
تحزّ حجر ذاكرتك
مغيّباً في قبو
طاعناً في المتاهة
لا تعبرُ الوطن مرتين
تشرب الكأس حتى الثمالة
" كلما اتسعت رؤيتك
ضاقت العبارة "
أصمت الآن
أصمت...
لأرى مثلكَ.

8/26/2004

* عبارة ل ت.س. إليوت
** عبارة لأدونيس

#لطفي_حداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات