أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات وتأملات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد















المزيد.....


مشاهدات وتأملات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد


ايماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3984 - 2013 / 1 / 26 - 23:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشاهدات وتأملات بغدادية

اسماعيل شاكر الرفاعي

ــ 1 ــ

وأخيراً غرقت بغداد

صباح الاربعاء ــ وأنا أطل على الشارع من شقتي التي تعلو شقته ــ رأيت عامل البناء منهمكاً بمعالجة غطاء المنهول في الشارع المغمور بمياه الامطار ، بعد ليلة مطرت فيها السماء لسويعات . هل سينجح في معالجة الانسداد ويسحب ماء الشارع الذي تسرب الى شقته الارضية ؟ تمنيتُ ذلك ، ولكنني تساءلت : لماذا لم تتهيّأ أمانة العاصمة لمعالجة الانسدادات قبل حلول الشتاء ؟ أم أنها اطمأنت الى امتناع السماء عن المطر كما حدث في العام السابق ؟ .. يشير غرق بغداد الى أنّ أمانة العاصمة لم تتوقع ما جرى ، فكل المسؤولين فوجئوا بما حدث ولم يكونوا مستعدين له ، حالهم في ذلك حال المواطنين . هل كان بأمكان أمانة العاصمة ان تتنبأ بالوقت الذي ستنفجر فيه السماء عن سيول انتهكت حرمة الاهالي الآمنين ، لكي يتم درء آثارها المدمرة في الوقت المناسب ؟ نعم تستطيع ، وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة بالأنواء الجوية ، أو بأجراء البحوث المستمرة عن حالة الطقس . ولكنها لم تفعل ذلك ، فطرقت الطبيعة بقوة ابواب مسؤوليها المقفلة ..لا يوجد شئ يجبر المسؤول في أمانة العاصمة على جعل التوقع والتحسب اركاناً اساسية في خطة عمله ، طالما ان آليات عمل الوزارة التابعة لها ، لا تقوم على التخطيط . انها في أحسن الحالات تقوم على التخمين . لا يملك المسؤول العراقي معلومة جديدة عن بلاده . وكل المعلومات والحقائق التي بين يديه تنتمي في اصول تجميعها الى احصاءات القرن الماضي ، وهي معلومات لم تعد تمثل حالة البلاد الفعلية على المستوى الديموغرافي ، أو على مستوى حالة البنى التحتية . ذلك يعني ان خزين المعلومات { أضافة الى القوانين والتشريعات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل } الذي ينتمي الى قرن مضى ، والذي يُعتمد عليه قي اتخاذ القرار ، لم يعد صالحاً للانطلاق منه في التخطيط لأعمار واصلاح حالة بلاد ، توقفت فيها تنمية وتحسين شروط الحياة منذ عام 1980 ؟ أنا هنا أجتهد ــ علّ آخرون يشاركونني الاجتهاد ــ في تبيان الاسباب التي أدت الى غرق بغداد ، ولا أجتهد من أجل تبرير الغرق على طريقة المسؤولين . فلقد شعرت بالعار ، وأنا أرى الكثير من عوائل الشارع ، تهرب بأطفالها من منازلها التي فاضت بالمياه ، وتلجأ الى الشارع الذي كان طافحاً بالمياه مثل بيوتهم . لم ينطلق المسؤول العراقي من هذه الحقائق وهو يجيب على سؤال : لماذا غرقت بغداد ؟ بل انطلق من عالَم السياسة ، سياسته التي اًصطنعها في أدارة الشأن العام ، فقادته الى التبرير ، لا الى النقد ومحاسبة المسؤول المباشر . ففي يوم الجمعة 28 / 12 ، أي بعد غرق بغداد بيومين ، قال السيد رئيس مجلس الوزراء : { الوزراء مكبلون سياسياً ، اذ كلما تقدم وزير خطوة ثارت عليه المكائد والاتهامات . ] هذا حديث في السياسة { وهي سياسة شقاق وأزمات واختلاف } ، وليس حديثاً في تبيان الاسباب الحقيقية للفيضان . وهو كلام يخلو من التعاطف مع الاهالي ، ويحاول ان يجد تبريراً للمأساة . ومع ذلك أجد في هذا القول تشخيصاً دقيقاً لغياب التخطيط عن آليات عمل الوزرات ؟ اذ كيف يخطط المُكبَل والاسير وهو يفتقد حريته ؟ وحين لا تكون ثمة خطة عمل لكل وزير تتضمن انجازه الاسبوعي والشهري والسنوي ، لا يستطيع أحد سؤاله ومحاسبته على التقصير في الانجاز . وهذا ما يفسر لنا لمَ لم يصوّت مجلس الوزراء يوماً على عزل وزير او مدير عام أو احالة ملفاتهما الى البرلمان ؟ لم يحدث ذلك لأنه لا توجد خطة لجدولة الاولويات ، ولا لسقوف زمنية محددة لأنجازها . خطة العمل سلطة بيد رئيس مجلس الوزراء ، تمنح قراراته في اجراء العقاب والثواب شرعية مطلقة . ولا تهاون في ذلك فراتب الوزير العراقي أعلى من رواتب أقرانه في كل دول العالم ، ومجموع رواتب حمايات الوزراء تعادل ان لم أقل تفوق ميزانية الكثير من دول العالم ، وفي العراق اكبر تشكيل وزاري في العالم ، يستحوذ على نسبة عظيمة من ميزانية البلاد السنوية ، ومع ذلك يخرج علينا مَن يبرر غرق بغداد بالقول [ الوزراء مكبلون سياسياً ] . يُفترض في بلد مثل العراق لا يقوده حزب واحد ، وانما مجموعة احزاب ان يكون في سباق حقيقي مع الزمن لتعويض ثلاثين عاماً من الدمار المستمر ، وان يكون التشكيل الوزاري الضخم هو خزّان المعلومات الذي تفتقر اليه مؤسسات الدولة ، طالما هم ينتمون الى جهات المكان الاربع ويمثلون سكنتها على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والعرقية . فليس من المعقول ان لا يكون الوزير على اطلاع على حالة المدينة التي جاء منها ، بل يشترط فيه ان يكون خبيراً بكل مناحي الحياة فيها . هذا الذي أقوله ليس تبسيطاً لمسألة الحكم وطريقة اتخاذ القرار، بل هو جوهرها وعمقها الحيوي . فالحكومة القائمة ليست حكومة تصريف أعمال ، وميزانيتها السنوية الضخمة ليست لتشغيل ماكنة الدولة فقط بل هي حكومة : للانجاز الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، ولتشغيل طاقات الشباب المعطلة عبر الاستثمار الحكومي في البنى التحتية ، في مشاريع البناء وتوزيع الاراضي للقضاء على ظاهرة الحواسم والتجاوز على القانون ، في مساعدة الشباب على اكتشاف المشاريع الصغيرة الزراعية والصناعية والخدمية ، وايجاد نظام جوائز سنوية للمبدعين والمبتكرين ..الخ أما ودورة الفصول تمر كل عام من غير انجاز يذكر، وتبرر الحكومة عجزها الصارخ بالقول ان نسبة 75 بالمائة من الميزانية تذهب كبطارية لشحن آليات عمل اجهزة الدولة ، فماذا فعلت الحكومة لتحل هذا المأزق وهذا التحدي الخطير ؟ هل سارعت الى عقد الندوات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية لأيجاد حل لهذه العلاقة الشاذة بين دولة أخطبوطية تأكل كل شئ ولا تدع لفقرائها ولاجيال المستقبل شئ ؟ لا وقت لدى الحكومة لمجابهة مثل هذه التحديات ، بعد ان صار تفكير احزابها مركزاً على لعبة الصراع على المصالح . وحين لا يكون التخطيط لمجابهة التحديات الخطيرة هو الشغل الشاغل لها ، يعيد الواقع المتخلف انتاج نفسه ، حتى لو بلغ ريع النفط مليارات المليارات ، وغرق بغداد بعد ساعات من المطر لا اثر فيضان أو تسونامي ، دلالة على واقع التخلف المستأنف مع وجود ميزانية انفجارية قدرت هذا العام 120 مليار $ .
29 ـ 12 ـ 2012
[email protected]



#ايماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أول تعليق لترامب عن المحادثات المباشرة مع -حماس-: نحن لا نعط ...
- زيلينسكي: سألتقي بولي العهد السعودي الأسبوع المقبل
- ترامب: أريد بدء محادثات نزع السلاح النووي مع روسيا
- ألمانيا: سجن خمسة أشخاص بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة
- حظر تجول في الساحل السوري بعد مقتل 16 من قوات الأمن
- مبعوث ترامب عن الخطة العربية حول غزة: -خطوة حسن نية أولى-
- أردوغان: تركيا وقفت بشجاعة إلى جانب الفلسطينيين رغم ضغوط الل ...
- مظاهرة في السويداء رفضا لدخول قوات الحكومة السورية الانتقالي ...
- ترامب يجيب على سؤال عن زمان ومكان لقائه المنتظر مع بوتين
- الشيباني يتحدث من مكة المكرمة عن تهديدات تتعرض لها سوريا تؤث ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات وتأملات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد