مستوطنات غير قانونية ولكن ثابتة

الصبار

الحوار المتمدن-العدد: 1148 - 2005 / 3 / 26 - 13:25
المحور: القضية الفلسطينية
    

قررت الحكومة الاسرائيلية قبول تقرير النيابة العامة حول البؤر الاستيطانية التي انشئت بالضفة الغربية بعد الانتفاضة الثانية. وكشف التقرير ان هذه البؤر اقيمت على اراض فلسطينية خاصة، دون ان تتم مصادرتها، الامر الذي يجعلها في اعتبار الحكومة الاسرائيلية غير شرعية.

ومما كشفه التقرير ان البؤر التي يتجاوز عددها المئة، انشئت بلا قرار حكومي رسمي، أي دون اقرار خرائط هيكلية تحدد مكانها وحجمها. ومع هذا شارك في عملية البناء السرية كل الوزارات المهمة، مثل وزارة الدفاع والاسكان والداخلية التي تقر ميزانيات المجالس المحلية التابعة للمستوطنات. ولم تغب عن المشروع الوكالة اليهودية، الامر الذي يعني ان الدولة بكل دوائرها انتهكت القانون الذي وضعته بنفسها.

جاء التقرير بطلب من رئيس الوزراء شارون، والسؤال لاي غرض؟ اعضاء الائتلاف الحكومي، من حزبي الليكود والعمل، يعرفون ان المستوطنات اقيمت بشكل غير قانوني بسبب التزامات اسرائيل الدولية بالامتناع عن توسيع المستوطنات ومصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية.

وكان شارون في السابق هو من ارشد المستوطنين لاحتلال كل جبل ناءٍ والاستيطان فيه، دون انتظار قرارات الحكومة. ولكن بعد التزامه امام الادارة الامريكية باخلاء هذه البؤر مقابل دعم امريكا لخطة الانفصال، يواجه شارون اليوم صعوبة في اقناع المستوطنين بتمكينه من اخلاء البؤر التي منحها لهم على طبق من ذهب.

المفارقة ان الحكومة التي تسلمت التقرير من النيابة، لم تقرر اخلاء البؤر الاستيطانية، بل عيّنت لجنة لبحث الموضوع، الامر الذي لا يبشر باخلاء قريب. حجة التأجيل هي عدم امكانية فتح جبهة جديدة مع المستوطنين، قبل اغلاق الملف الساخن وهو الانسحاب المرتقب من غزة في الصيف القادم.

ولكن الحقيقة ان شارون لا ينوي الاقتراب من مستوطنات الضفة، بدليل انه في لقائه برئيس الامم المتحدة، كوفي انان، لم يلتزم الا باخلاء 24 بؤرة من المستوطنات التي اعترف بنفسه انها غير قانونية، وذلك فقط لانها انشئت بعد آذار 2001 الذي اعلن فيه قبوله بخريطة الطريق.

ويكشف هذا عن المضمون الحقيقي لمخطط الانفصال الاحادي الجانب عن غزة، الذي يحظى بدعم امريكي كامل. فالانسحاب من غزة ليس خطوة على طريق اخلاء مستوطنات الضفة الغربية ايضا، بل بالعكس جاء ليضمن ضم الكتل الاستيطانية الكبرى لاسرائيل، وذلك حسب ضمانات بوش لشارون قبل عام.

الدعم المادي الحكومي للمستوطنين يدل على المكانة الخاصة التي يتمتعون بها داخل المؤسسة الرسمية الاسرائيلية. وكل ما يفعله شارون اليوم هو ابراز التزامه الشكلي بخريطة الطريق مع انها لم تعد قائمة منذ دعم البيت الابيض خطة الانسحاب الاحادي الجانب.

لا شك ان هذا الموقف يزيد صعوبات الرئيس الفلسطيني ابو مازن في اقناع الفصائل الفلسطينية بتحويل الهدنة المؤقتة الى حالة ثابتة. فكل ما يريده شارون تعاون الفلسطينيين معه وتسهيل الانسحاب من غزة، دون ان تلتزم اسرائيل باخلاء المستوطنات ووقف الجدار الفاصل او الافراج عن الاسرى الفلسطينيين.

شارون لا يكتفي بمجرد هدنة مع المقاومة، بل يريد نزعا كاملا لسلاحها والقضاء التام عليها، وذلك كشرط لتطبيق خريطة الطريق وإقامة دولة فلسطينية مؤقتة. ترى ماذا كان سيطلب، لو كان المقابل دولة فلسطينية في حدود نهائية وذات سيادة كاملة؟ في الوضع الراهن تسعى اسرائيل لكسب الوقت ويخلقون وقائع على الارض، اما الفلسطينيون فيخسرون كل شيء. انها وصفة معروفة وهي تنتهي في كل مرة بانفجار شديد، ويبقى هذا مسألة وقت.

#الصبار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات