هجار عبدالله الشكاكي
الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 19:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجهاديون التكفيريون سبب الفشل أينما حلّوا دمّروا
لنعد إلى ثلاث حوادث تاريخيّة قريبة ولنفسّر الأمور كما هي :
في تسعينيّات القرن العشرين استطاع الشعب الأفغاني وعبر المعارضة المسلّحة أن يقوم بثورة عارمة أسقطت نظام نجيب الله المدعوم من الاتحاد السوفيتي وفرضت على روسيا هزيمة تاريخيّة , كانت هذه الكتائب و المقاتلين من مختلف المشارب و الأهواء , ملحدون ديمقراطيون ليبراليون وإسلاميون وكان هؤلاء الإسلاميون مدعومون بكل أشكال الدعم من قبل الغرب والولايات المتحدة الأمريكيّة خاصّة ومن خلفهم دول الخليج العربي , ثم دخلت إيران على الخط لتدعم جهات محددة , وبعد صراع طويل بين هذه الكتائب استطاع الإسلاميون السيطرة على الحكم وإقامة نظام حكم إسلامي في أفغانستان لم يدم سوى سنوات قليلة عندما بدا الصراع من جديد بين الإسلاميين أنفسهم ودخل على اخط التكفيريون ومنظمة القاعدة قبل تسميتها ومن ثم سيطرة حركة طالبان على الحكم وما جرّه ذلك من تدمير كامل لأفغانستان وما جرّه فيما بعد من تدمير –
الحدث الثاني هو ما جرى في الشيشان فقد استطاع الشيشانيون ان يكسبوا الرأي العام العالمي لصالح قضيّتهم في ظرف دولي لم يكن في صالح روسيا ووصل الأمر بالروس إلى التفاوض مع الثوار الشيشان للبحث في فيدرالية شيشانيّة إلى أن تدخّل الجهاديون العرب و التكفيريون إلى الموضوع فانقلب التأييد الدولي إلى معاداة للشيشان الإرهابيين والسكوت عن إعمال وإرهاب موسكو التي دمّرت غروزني كما يفعل بشار بسوريا حاليّا , ولم يفعل الجهاديون التكفيريون شيئا سوى الانتقال الى العراق
الحدث الثالث قام الجهاديون التكفيريون وتحت رعاية المخابرات الروسية السورية الإيرانية وتحت راية القاعدة وتحت شعر طر د الأمريكان تم تدمير العراق وقتل نصف مليون عراقي وإبعاد السنة عن الحكم وتسليم العراق لإيران . ومن يريد الاستزادة فنورد له الصومال وحاليا مالي التي كان فيها الشعب الأزوادي الأمازيغي على بعد خطوة للاتسقلال فدخلت القاعدة لتمنع ذلك ويتم تدمير البلد
و بالتالي كل الصراعات التي يدخل فيها التيار الجهادي التكفيري هي صراعات لا تجلب سوى الدمار للبلد و بالنهاية هزيمة الشعب وبقاء السلطات المستبدّة . هذه التنظيمات عبارة عن مجموعات مركّبة ومعقّدة ومنفصلة وتقوم بتنفيذ أجندات خاصّة تبدو مفيدة وتصب لصالح الشعوب , لكنها في الحقيقة تخدم أجندات خارجيّة أو محليّة يشرف عليها الكثير من المخابرات العالميّة
--ما دخل الجهاديون لبلد الّا وكانوا سببا في مقتلة الشعب وتدمير بنيته , فهل هناك مثال أفاد فيه التكفيريون
جبهة النصرة وغرباء الشام كانت توليد قيصري من مخابرات النظام , هي نتاج علاقة غراميّة بين المخابرات السوريّة منذ 2004 وبين كل من هب ودب غشامةً ليدافع عن العراق ضد الغزو الأمريكي , حينها كانت النتيجة ابتعاد السنّة العراقيين عن العمل السياسي وسيطرة إيران على الدولة العراقيّة(معلومة مفيدة معظم زعماء القاعدة يعيشون في إيران , زوجة أسامة بن لادن من احد بيوتات الساحل وهي من عظام رقبة النظام ) وبعد تهيئة العراق لسيطرة المالكي قام النظام باعتقال أو اغتيال عناصر غرباء الشام وجبهة النصرة وزجّهم في المعتقلات , مع بداية الحراك الثوري السوري قام النظام بإطلاق سراح المعتقلين منهم , وقام النظام بتأسيس خلايا جهادية أسّست هذه الخلايا مع المطلق سراحهم من جبهة النصرة وغرباء الشام كتائب مسلّحة تبدو ظاهرا وكأنّها تُقاتل النظام وقامت المخابرات السورية بالتعاون مع الناطقين باسم جبهة النصرة وغرباء الشام ببعض التفجيرات التي تم التخلّص عبرها من بعض الضبّاط السوريين الذين لا يشكلون الحلقة الضيّقة , عندما شعر النظام أن خليّة الأزمة باتت تُشكّل خطرا عليه , ان من جهة محاولات الغرب لاستمالة خليّة الأزمة بتنفيذ انقلاب أو من جهة امتلاك خليّة الأزمة لوثائق وتفاصيل تستطيع أن تجرّ رجل بشار الأسد ودائرته الضيّقة إلى المحاكم الدوليّة , تم تنفيذ تفجير أو عملية الاغتيال في مقرّ خليّة الأزمة وقد كانت عمليّة إشاعة التسمم قبل ذلك بشهرين مقدمّة لتنفيذ المخطط من قبل النظام بشكل متقن بالتعاون مع المخابرات الروسيّة و الإيرانية . بعد ذلك انتظم أغلبيّة البعثيين وعناصر المخابرات السوريّة الذين يدعون انشقاقهم عن النظام إلى جبهة النصرة , صارت جبهة النصرة تسيطر على مناطق واسعة من سوريا , لكن هذه الجبهة لم تتقدّم خطوة واحدة باتجاه إسقاط النظام , و ربّما كانت بعض العلميات التي تجري بالهجوم على المطارات و مخازن السلاح والتركيز الإعلامي الهائل عليها هو السيناريو المرسوم من قبل النظام و الوليد القيصري-جبهة النصرة للتأكيد للعالم أن من يقاتلهم النظام هم في الحقيقة جماعات إرهابية ترفع راية القاعدة وبالتالي حصل النظام على المبتغى واستطاع ان يسير بالسيناريو الذي رسمه منذ بداية الثورة إلى اللحظة التي اقنع فيه الغرب بالتوقف عن دعم الإرهابيين والسماح له بالتخلّص منهم و القضاء عليهم .
كل ذلك من جهة النظام فماذا كان من جهة الثوار في الداخل : صار كل عشرة أشخاص يقومون بتأليف كتيبة مقاتلة ترفع الراية نفسها وتقوم تحت ستار هذه الراية بالنهب و السلب وتحصيل السلاح وقتل المجنّدين السوريين الإجباريين بصفتهم شبيحة , و الانكى ان بعض السياسيّين عن جهل أو عن سوء تدبير , وربّما عن سوء نيّ مبيّتة , صفّق لهذه الجبهة وبرر أفعالها بل وأشاد بمناقبيّتها وسموّ أخلاق عناصرها , ومنذ شهر ونصف لحد الآن لم تفعل ولن تفعل الجبهة أي شيء آ خر ولن تتقدّم أبدا لإسقاط النظام .
تضامن فئات شعبيّة معها ينم عن أمرين : الجوع و الفقر وحاجة الفئات هذه لمن يرعاها ماديّا واغاثيّا وهو متوفّر لدى الجبهة بسبب سهولة تمويلها ودعم تمويلها بطريقة غير مباشرة من قبل النظام من نحو السماح لها بالاستيلاء على مخازن الغذاء و الوقود و السلاح , ومن جهة ثانية فان التفاف الفئات الشعبيّة حولها نابع عن تفكير ديني قاصر يعتبر ان الجماعات الإسلامية التي تخلف الله في الأرض لا بد ان تحقق عدل الله في الأرض إضافة إلى الفتاوى العديدة منذ عشر سنوات عن أهلية المجاهدين تحت ستار كلمة الله أكبر بالجنّة السماويّة .
الآن صارت جبهة النصرة تهدد القوميّات الأخرى و الدروز و الاسماعيليين (تفجير السلميّة الاخير) --إشارة-لافرق من نفّذه ان كان الناظم أم الوليد القيصري جبهته- ومن شأن هذه التصرّفات ان يجعل الكثيرين من الأقليات الدينية و القومية أن تعيد اصطفافاتها التي لن تكون أبدا لصالح الثورة .
الدول الداعمة للمعارضة السورية كبحت جماح اندفاعها لما رأته من دعم شعبي وتبرير من قبل مجالس المعارضة لجبهة النصرة .
فهل من الممكن تدارك الأمر
د.هجار عبدا لله الشكاكي
#هجار_عبدالله_الشكاكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟