|
المسيحية في حقبتها الأولى
عزت اسطيفان
الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 07:25
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ــ المسيحية في حقبتها الأولى ــ عند ولادة السيد المسيح وأثناء نشره لرسالته كانت فلسطين تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية وضمن ولاية سورية.بعده مباشرة إنطلق تلامذته بحملة التبشير بالرسالة ملهمين بقيادته غير المرئية ومندفعين بحماس عبر بلدان ذات ثقافات وديانات وتقاليد ولغات متنوعة.كانت أورشليم ( القدس) نقطة البداية لإنطلاق التبشير ثم تبعتها أنطاكيا .وبعد أربعين سنة أصبحت روما مركز ثقل التبشير عندما وصل إليها الرسولان بطرس وبولس،في الوقت كانت المدينة مركز السياسة والإقتصاد في العالم المعروف آنذاك. كان سلاح المبشرين الوحيد،هو ألإيمان العميق بتعاليم المسيح،وفي مقدمتها محبة القريب كمحبة النفس. بعد إستشهاد الرسولين بطرس وبولس وعدداً من الرعيل الأول من المبشرين صلباً أو تعذيباً،ظهرت الحاجة لتأسيس جمعية أو تنظيم أو مرجعيات محلية لتأمين عدم حصول تشوش أو تمزق في الجسم المسيحي اليافع،خاصة والمبشرون ينشطون في مدينة هي مركز القوانين للحياة العسكرية والسياسية والإقتصادية في العالم آنذاك،ألا وهي روما. لم تكن عملية التيشير سهلة ،بل جابهت مجتمعات غريبة لها العديد من الديانات والكثير من الآلهة والمعابد.كانت السمة الطاغية في المجتمع،هي الإغتناء والبهرجة على حساب الأغلبية والإستمتاع المبتذل والإستغلال الطبقي أو الأنسحاق والعبودية. في بداية الأمر أظهرت الدولة الرومانية سياسة التسامح تجاه نشر المفاهيم المسيحية إعترافآ منها بتعايش الثقافة الغربية إلى جانب الثقافة الشرقية. بالرغم من الظروف الإيجابية لإنتشار المفاهيم المسيحة،ظهر هناك صراع خفي بين تلك الديانة وبين الديانات القديمة السائدة( اليونانية والمصرية والفارسية )،وبالتالي خلق صعوبات وأخطاراً للمبشرين وللمؤمنين بالمسيحية وتتوجّت تلك الأخطار في عهد القيصر نيرون سنة ٦٤ ،ووقعت الواقعة عندما حصل حريق روما وأصبح المؤمنون المسيحيون كبش فداء وأتهموا بأنهم هم الفاعلون وأدوا الثمن غالياً في ألأرواح وعاشوا فترة الإضطهاد الأحمر. في تلك الظروف وفرت السلطات الرومانية الفرصة لنفسها لمحاربة العقيدة المسيحية ،بالرغم من إعتراف تلك السلطات بأن المسيحيين مواطنون مسالمون ملتزمون بالقوانين ويؤدون الضرائب وينفذون الواجبات المناطة بهم.وهكذا إستمر الموقف الرسمي المتقلب والغامض للدولة الرومانية تجاه المسيحيين والمسيحية.مع ذلك سعى المسيحيون جاهدين لإزاحة الديانات القديمة وآلهتها المتعددة ،عن طريق كسب قلوب وعقول الناس بالوعظ والإقناع وتقديم الخدمات وفعل الخير.عندما كان المسيحيون يشعرون بالتهديد والخطر ينسحبون بخفة ليوفروا لانفسهم الامان لفترة دون الهرب أو التخلي عن نشر العقيدة،وعدّوا الهروب جبناً وعاراً.كان الإضطهاد يشتد أحياناً ويخف أحياناً أخرى،ومن يعذب ويقتل دون أن يتنكرويتخلى عن إيمانه يُعَدّ شهيداً وموته نصراً للعالم في حربه ضد الشر وضد شياطين الجحيم وخلودً للسعادة الأبدية. في بداية الأمر لم يكن هناك قسيس لإقامة القداس بل كان يديره ويوعض به من دعا إليه.لم يكن هناك كهنوت بمرجعية واحدة،بل مسؤول يقف في أعلى سلم الجماعة ويساعده واعظ.بعد زيادة عدد المؤمنين وتوسع رقعة نشاطهم،تطلبت الحاجة تأسيس إكليروس "مجموعة كهنة " لوضع تجمعات المؤمنين تحت إدارة وقيادة واحدة وإنشاء كنيسة تجمعهم بإرادة وكلمة واحدة.وهكذا أصبح في بداية القرن الرابع لكل تجمع أسقف مسؤول ومؤسسة كهنوتية وبدأت عملية رعاية وحدة الكنيسة تجري وتنفذ من خلال إستشارة الأساقفة وأصبح أسقف روما ومنذ البداية المرجع الرئيس كونه خليفة الرسول بطرس والناطق بأسم كل الكنائس إعتماداً على قول المسيح لتلميذه بطرس " أنت الصخرة،وعليك سأبني كنيستي ". وتوسعت رقعة المؤمنين بالمسيحية في الشرق والغرب وازداد عددهم إبان القرن الثاني والثالث ووصل التبشير شمالاً إلى الأناضول وأرمينيا واليونان وإيطاليا، وجنوباً إلى جزيرة العرب ومصر وشمال أفريقيا، وشرقاً إلى بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس والهند. في مثل تلك الظروف تطلبت الحاجة إقامة مرجعيات تدير شؤون الكنيسة ورعاياها فتشكلت بطريركيات في أورشليم " القدس " وانطاكيا والإسكندرية وبقي البابا في روما الرمز والمرجع الرئيس لتلك البطريركيات. كان يتطلب قبول أي شخص جديد ضمن الجماعة المسيحية تزكيته وترويضه لمدة سنتين وأكثر وبعدها يردد قانون الإيمان ويُعمَد في إحتفالٍ في الكنيسة يوم أحد الفصح أو مساء عيد حلول الروح القدس .بعد ذلك يتناول القربان المقدس والخمراللذَين يرمزان الى جسد ودم المسيح المسفوح على الصليب.
#عزت_اسطيفان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وتستمر المؤامرة على العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|