مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova
(Marwan Hayel Abdulmoula)
الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 14:51
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم يكن يعلم العرب ان صناعة الموت عن طريق العمليات الانتحاريه ستصبح صناعه حكريه وفكريه مع شهادة اثبات تعود لهم فقط , وان روائح الموت وشعارته سوف تنتشر في اغلب المدن والشوارع العربيه تحمله اجساد الشباب المنتميه للجماعات الاسلاميه المتشدده والتي تحمل فكر الجهاد الاسود الذي ينشر الثالوث البغيض الجهل والموت والدمار لكل من يخالف رأي هذه الجماعه .
اصبح الارهاب والقتل صفه تلازم الانسان العربي والمسلم بسبب ماتقترفه وماتمارسه هذه الجماعات من انتهاك صارخ لكل القيم البشريه و الاسلاميه وللاسف تحت اسم الاسلام ابتداء بالقتل بكل اشكاله وانواعه الفردي والجماعي وحتى خطف الرهائن وذبحها وانتهاء بتفجير المنشأت الاقتصاديه والحيويه البعض من هذه الجماعات يعمل عن جهل وتشدد ديني يعود الى سنوات الجاهليه وتريد ان تربط وتعيش حياة الحاضر بالماضي البعيد والبعير ووفق اجندات داخليه خاصه بها والبعض الاخر من هذه الجماعات ذات ارتباطات واجندات داخليه ودوليه تقوم على اساس تنفيذ مهام قذره الغرض منها تشويه متعمد للدين الاسلامي والمسلمين واحداث بلبله وفوضى اوتغير يتوافق مع اجندتها المطلوبه , والنمطين من هذه الجماعات يستند نظامه الداخلي اساسا على تكفير الاخرين واقصائهم وعلى القتل عن طريق العمليات الانتحاريه من اجل الوصول الى الاهداف , حيث تعتبر العمليات الانتحاريه من اقصر الطرق واسرعها للوصول الى الاهداف او ايصال رسائل او فرض مطالب معينه , والسؤال هو لماذا ترخص قيمة النفس البشريه الى مستوى القتل السهل عند هذه الجماعات مع علمها ان كل الكتب السماويه تُحرم قتل النفس البشريه ومن ضمنها القرأن بقوله تعالى ; (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) .
تختلف العمليات الانتحاريه او التفجيريه عن الانتحار الذاتي اي قتل الذات فقط , فالاولى هي عمليه عسكريه يقوم بها شخص او مجموعه من الاشخاص تستحيل او تكاد تنعدم معها امكانية بقاء المنفذ او المنفذين على قيد الحياة وذلك بهدف تحقيق اهداف معينه , اما الانتحار هو التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته فقط.
اشتهرت العمليات الأنتحارية في العصر الحديث أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قام طيارون انتحاريون من اليابان بتفجير طائراتهم بتوجيهها إلى الأساطيل الأمريكية وكانت تعرف بعمليات "الكاميكاز" اليابانية وكذلك استعمل هذا الأسلوب من قبل الأنفصاليين في سريلانكا الذين كانوا يعرفون بنمور التاميل وكذلك العمليات الانتحارية التي دعا إليها الإمام الخميني ومفاتيح وصكوك الجنة التي كان يهبها للمنتحرين , بالإضافة إلى لبنان، فلسطين وبعض الجماعات المسلحة في العراق وافغانستان مؤخرا , وعادتا مايؤخذ مفهوم العمليات الانتحاريه الاستشهاديه بأنها عمليات ضد المحتل ومن اجل التحرر منه مثلما حدث في مواجهة فلاحي فيتنام للمحتلين الفرنسيين وكذلك العمليات الانتحارية الجماعية التي كانت تحد من وصول المؤن والأسلحة إلى القوات الإنكليزية في الهند بحيث كانت تعترض مجموعة انتحارية طرق سكة القطار والعمليات الاستشهاديه في فلسطين ضد الاحتلال الاسرائيلي وطلبان ضد حلف الناتو وكلها عمليات انتحاريه من حيث نظر الكثير هي عمليات مشروعه ودفاع عن النفس والعرض والارض ضد التواجد الاجنبي وقد انقسم الناس بين مؤيد ورافض للعمليات الانتحاريه الاستشهاديه حيث أكد الإمام الراحل شيخ الأزهر السابق، محمد سيد طنطاوي في كلية الإعلام جامعة القاهرة بأن "من يفجرون أنفسهم، من رجال المقاومة الفلسطينية في مواجهة الأعداء هم شهداء". كما أكد يوسف القرضاوي على حق المرأة في الإسهام في الجهاد. كما أيد "العمليات الاستشهادية" رئيس جامعة الأزهر السابق، أحمد الطيب، ومفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ عكرمة صبري.
بينما هناك البعض من يرفض العمليات الانتحاريه الاستشهاديه مستندين على نص القرأن يقول: "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيما, وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً"[(النساء:29-30). وهذا صريح بتحريم قتل النفس وأن النار جزاء من يفعل ذلك , وقد أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء أن الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال وأجل القربات ولكنه وصف العمليات الانتحارية بأنها لا تستند على وجه شرعي وليست من أعمال الجهاد الإسلامي وقال إن إثخان العدو وقتاله مطلوب بل ربما يكون متعيناً لكن بالطرق التي لا تخالف الشرع , واضاف إن قتل النفس بين الأعداء أو ما يسمى بالطرق الانتحارية فليس لها وجه شرعي وليست من الجهاد في سبيل الله .
التناقض والتوافق في الاراء على العمليات الانتحاريه مسئله طبيعيه , لكن العمليات الانتحاريه التي يقوم بها شباب مسلم ضد اخوته المسلمه او حتى من الطوائف والاديان الاخرى المدنيه والمسالمه هومن الاجرام والاعمال التي لاتُغفر ولايقرها اي دين ولا عقل وربط الانتحاريين وجماعاتهم والعمليات الانتحاريه وكل ماهو سئي بخيط الاسلام وضرورة محاربة الكفار في الداخل ومقارنة افراد الداخل من المسلمين بالمحتل وضرورة مقاومتهم وقتلهم دون رحمه امر مرفوض ولايمكن ان يصدر إلا عن شخص مريض نفسيا او جماعات لاتعيش الواقع او تعمل حسب الطلب , السؤال هو كيف يتم اختيار ثم اقناع المنفذين الانتحارين بالاقدام على هذه الجرائم المسماه بالعمليات الانتحاريه؟
القيام بالعمليات الانتحارية ليس أمراً سهلاً على الإطلاق الأمر يعتمد على عوامل مُتعددة وباختصار;
اولا تقوم هذه الجماعات بدراسة الضحيه الذي سيقوم بالعمليه الانتحاريه في داخل البلد المسلم ذاته عن بعد وعادتا ماتستغل هذه الجماعات الاوضاع المحيطه والمحبطه بالبلد ونفسية المنفذ ومدى ادراكه ومعرفته بمايجري من حوله ويحبذ ان يكون صغير السن وجاهل وفقير ويواجه ضغوط نفسيه يحمل علامات الاكتئاب الباحث عن الانتحار اويعاني من اسباب اخرى مثل تكسر الروابط الاجتماعية والانعزال او واقع تحت تأثير عوامل الضغوط النفسية والتي يصعب على المرء كبحها وخاصة الفقر والبطالة وهي اسباب منتشره ومتفشيه في مجتمعاتنا العربيه التي تسهل على هذه الجماعات ايجاد الضحيه المنفذ في اي مكان من مناطق البلاد والسبب في ذلك ايضا الانظمه العربيه واخطائها القاتله في ادارة الدوله وممارستها للديكتاتوريه ونشر وعي القبيله والعشيره المرتبط بالجهل , اضافه للعامل الخارجي الذي بداء في اعلان الجهاد ضد السوفيت في نهاية سبعينيات القرن الماضي وماتلتها من ظهور جماعات جهاديه مختلفه ومتخلفه تأخذ شكل العمليات الانتحاريه جزء من ابجدياتها ونظامها الداخلي واحيانا اولوياتها ولاتفرق بين الخصم مسلم او غير مسلم وعلى رأس هذه الجماعات القاعده وعملياتها في اليمن و العراق والصومال.
ثانيا تقوم هذه الجماعات باخضاع الانتحاريين لبرنامج إعداد نفسي وعقائدي ثم تقوم بادخال كورسات تخدير بواسطة اﻷبر والحبوب التي تجعل الفرد منهم خاضعا بالكامل للسيطرة ومستعدا أن ينفذ ما يؤمر به دون نقاش واغلب منفذي العمليات الانتحارية يحصلون في الساعات الأخيرة على جرعات من عقاقير طبية تساعد على تقليل الوعي والإدراك لمساعدتهم على الطاعة وعدم التراجع قبل تنفيذ هذه العمليات ثم ينقل الى موقع العمليه .
لايعرف المنفذ ان عمليته تسمى قتل متعمد وجريمه وارهاب بحق الدين والانسانيه , فالإرهاب في الوقت الحاضر يضرب فى كل مكان، وفى كل الدول، لكنه يدوى ويتكاثر ويتطور فى البلاد العربيه التى ينعدم فيها العدل والرعاية الاجتماعية حيث شيوخ الدين عديمي الضمير الذين يغسلون ادمغة ضحاياهم من المقهورين والمعدومين من ابسط حقوق الحياة ويسيروهم نحو الموت كمخرج للراحه الابديه والطريق الجنه حيث الحوريات والجنس والبيت والمآكل من كل مالذا وطاب .
ان الوقايه من الانتحار يعتبر اول الحلول من العمليات الانتحاريه وهذا لن يتم دون حضور لدولة القانون وتواجد فرص العمل وتطبيق سياسات الحد من الفقر والبطاله ومحاربة الاميه والفساد ووضع دراسات ومناهج تعليميه دينيه مرنه تدعو للتسامح والاخاء ونبذ العنف .
الكثير منا يدرك ان للعمليات الانتحارية سجل حافل في تاريخ الكثير من الشعوب والأديان بداية من القرن الخامس ق.م. مروراً بالمسيحية، والإسلام، وصولاً إلى التاريخ الحديث لكن العمليات الانتحاريه او الاستشهاديه في الدول العربيه اصبحت ظاهره مخيفه تهدد المجتمات والفرد والاسر ولايُرى في الافق اي علامات للتهدئه او الخلاص منها خاصه بعد سقوط الانظمه العربيه امام ثورات الشعوب وزيادة الضغوطات الاجتماعيه والاقتصاديه ودخول جماعات دينيه متطرفه على خط الثورات مثل ماحدث في ليبيا والجاري في سوريا كلها مؤشرات على زيادة سوء الاوضاع المعيشيه وتفاقمها وعوامل سهله لسقوط الشباب في براثن الجماعات المتطرفه المسلحه والمكتفيه ماليا وعسكريا , حيث تجيد هذه الجماعات اللعب على الحبلين الديني الخاص بها وبمصالحها من جهه ومن جهه اخرى الحكومي والاقليمي والدولي للذي يدفع اكثر, هناك دول اصبحت العمليات الانتحاريه شكلا حياتيا اعتياديا إن لم يكن ممارسه يوميه تطبق على الارض من قبل الجماعات المتطرفه مثال على ذلك مايجري في افغانستان وباكستان وبعض الدول العربيه وهذه مثلا بعض نماذج العمليات الانتحاريه التي يقوم بها اعضاء تنظيم القاعده ضد اخوتهم المسلمه في اليمن والعراق .
عمليات التنظيم في العراق;
-الهجوم على مقر الأمم المتحدة وقتل مبعوثها في العراق "سيرجيو دي ميللو"
- تفجيرات عاشوراء في مارس 2004 والتي ادت إلى قتل 271 شخص ومئات الجرحى من الشيعة.
-عملية لتفجير ثلاث فنادق وسط بغداد
-تفجيرات القحطانية والتي ادت إلى قتل 796 وجرح 1562 من أبناء الطائفة اليزيدية بالقرب من مدينة سنجار بشمال العراق.
-تفجيرات بغداد تموز 2010 وادت إلى قتل 70 شخص وجرح 400 واستهدفت الشيعة
- تفجير مركز تطوع الشرطة في بغداد 8 آذار 2009 وادى إلى قتل 28 شخص وجرح 57 من المتطوعيين في الشرطة
-الهجمات الانتحارية العراقية 2011 يناير وادت إلى قتل أكثر من 140 شخص خلال 3 ايام باماكن متفرقة
- تفجيرات العراق 23-7-2012 واسفرت عن استشهاد 114 وجرح المئات في اماكن متفرقة من العراق.
- تفجيرات العراق 13 يونيو 2012 وادت إلى قتل 84 وجرح 284 في هجمات متفرقة.
- تفجيرات بغداد 19 أغسطس 2009 واسفرت عن قتل 96 شخص وجرح 565 اخرين واستهدفت مباني حكومية.
- مجزرة عرس الدجيل حيث تم ذبح 70 شخص ورميهم في النهر .
-مجزرة العشار والتي اسفرت عن قتل 114 شخص[7].
- مجزرة كنيسة سيدة النجاة في 31 تشرين الأول، 2010 التي راح ضحيتها 58 من المصلين داخل كنيسة ببغداد.
عمليات التنظيم في اليمن;
- نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١١ هجوم إنتحاري إستهدف موكباً للإحتفال بيوم الغدير ومقتل ٢٣ شخص.
-٢٥ يوليو ٢٠١١ مصرع ٨ جنود في عمليه انتحاريه بمدينة عدن . - ١٩/١٠/ ٢٠١٢مقتل 14 عسكريا يمنيا بينهم ثلاثة ضباط في ثلاث عمليات انتحارية متزامنة في مدينة ابين .
-21 مايو2012 مقتل 86 وجرح 171 من ضباط وجنود الأمن المركزي في ميدان السبعين في صنعاء.
#مروان_هائل_عبدالمولى (هاشتاغ)
Marwan_Hayel_Abdulmoula#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟