محمود عبد الغفار غيضان
الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 08:04
المحور:
الادب والفن
رجلٌ بألف ...
تنطلق الزغاريد... عصافير مطمئنة ترفرف حول دارٍ تعرفُ أعشاشها... رجالُ يتبادلون التَّحية مع السجائر وأكواب الشاي والشربات أمام ذلك الدار... يدخلونَ تِباعًا مدللين طفلاً يرقدُ في جوار أمه بجلبابٍ أبيض تمَّ تفصيله بشكل خاص لأجل هذه المناسبة، وقد رُبطت قطعةٌ صغيرة جدَّا مِن جسده بطرفِ الجلباب فور انتهاء عمليةٍ مألوفةٍ في مثل هذا العمر قام بها أحد حلاقي القرية منذ ساعات قليلة... الكل يلفُّ كلماته بألذ مذاق حلوى "عسلية" زمنهم المفضلة، ويسلمها يدًا بيد الصغير مع بعض النقود التي لم يكن التعرف على قيمتها عسيرًا، مُلقبينه قبل ترك المكان بــ"الرجل"... أمَّا العابرات أمام الدار فأصواتهن أعلى مِن المعتاد... ينادين أمه باسمه قبل ولوجِ الصالة... يضعن بيدها بعض النقود مداعبات ذلك الرجل الصغير "بالعريس" ودون تفاصيل مزعجة عن المهر وخلافه... يخطبنه لأجمل بناتهن الكبيرات... ينصرفن فور تلقي واجب الضيافة على أطراف حديث لا ينتهي حول ما جرى في القرية مؤخرًا.
في المنزل المقابل... السكونُ كلُّ الجيران... وبعض النساء المُتشحات بخرس معايرةٍ تلقين تدريب ترويضها الجبري بأعينِ أيامِ الرجال الداكنة... جالسات هناك بساحةٍ يطلُّ حزنها على السماء دون حجابٍ... يلعكن عبارات تهنئة باهتة بمولودةٍ لم يتسع لها بأرض القرية الشاسعة مكانٌ بعد... سوى.... حضن أمها.
محمود عبد الغفار غيضان
مجموعة "زمن المصاطب"
23 يناير 2013م
#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟