الخيواني .. ورغم ذلك أنت فوقهم

بكر أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1147 - 2005 / 3 / 25 - 15:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

بالفهلوة فقط نستطيع أن نفك أحجية المسار السياسي والتنميط المنهجي الذي يسير عليه النظام في اليمن وغير هذا فلن نخرج إلا بتلك المقولة الشهيرة ( الله في اليمن ) .
فحين يعجز أي عاقل يملك ولو شيء من مقدار فهم وموضوعية عن تفسير ما يدور في العربية السعيدة ، لا عليه ساعتها إلا يضرب أخماس في أسداس ، فلا شيء يبدأ وينتهي بشكل طبيعي ، وهذه بلادي ، ولله الشكوى في الأول والأخير .

سجن الخيواني لأنه مارس حقه الدستوري ، وقيل لنا بأن هناك قانون وقعه الرئيس صالح بعدم سجن الصحفيين نظير لما يكتبوه ، ورغم ذلك أحيل للقضاء وتم إصدار حكم قضائي ضده أيدته محكمة الاستئناف ليبدوا لنا ( ظاهريا ) بأن قرارات الرئيس لا تنفذ ولا يلقى لها من بال ، وقد باع المجتمع المدني أحذيته ركضا خلف هذه القضية العجائبية ولم يفلح ، ثم فجأة تم إصدار حكم بالعفو عليه بشكل مرسوم ملكي يظهر المنٌة والقوة والسيطرة وتجاوز القانون برغم أن هناك قرار قضائي واضح بغض النظر عن موقفنا منه .
لنقع حينها تحت سطوة ما يشبه الجنون ، كيف تم تجاهل أمر الرئيس حين قال بعدم سجن الصحفيين ، وتم قبوله حين قال بالإفراج عنه بعد سجنه عدة شهور طويلة !!

يا ترى كم من المخالفات حدثت في قضية الخيواني جهرا دون حياء ؟ فالحيرة تكاد أن تفطر القلب وتشقه نصفين ، هل نتبع قانون أم نتسول مكرمة أم نتكئ على الأرصفة رافعين أرجلنا بعد أن نتفنا شعر رأسنا .... هل هناك قانون حقيقي نمضي عليه ونسوق به هممنا ونقبل به أم أن كل ما في الأمر رغبات مزاجية تتعدى القانون وتجعل المؤمن به سخرية وفرجة من على الشرفات الماسية .

يا أرض الله وجمال الكون ، يا بلادي التي أزهرت ذات ربيع أسطورة تغنى بها كل البشر حتى الآن ، ماذا يريدون منا ، أو ماذا نفعل حتى نقيم دولتنا التي نحلم بها ، دولة القانون والنظام لا دولة القبيلة والمكرمات والوقوف على عتبة الوالي نتسوله بتجاوز ما نراه حقا لنا لا منٌة أو منحة حتى نطبل له وندعو في المنابر لعدله وتسامحه وسعة صدره .

قد يقول قائل ، ماذا يريدون ؟ أن سجن الخيواني صرخوا وأن أفرج عنه صرخوا ، حقا ماذا نريد ، ولماذا لا يعجبنا العجب ، نقول نريد قانون يبين لنا الخيط الأبيض من الأسود ، يبين لنا ما هو لنا وما علينا حتى وأن كان هذا القانون جائر ، فقط نريده أن يطبق .
فمن غير المعقول بأن يكون هناك نص دستوري يضمن حرية الرأي والصحافة , وتعميد رئاسي بعدم التعرض للصحفيين ، ثم يسجن رئيس تحرير كتب مقالة قد تصيب أو تخطيء إلا أنها تعبر عن وجهة نظره ويعلم بقضية سجنه كل الشرفاء ، والرئيس لديه خبر بذلك ، ثم بعد إذلال ومهانة لرجل أظهر بأن اليمني لا يهان وأن ربطوا القطبان في معصميه يصدر قرار بجرة قلم ( بالعفو ) !!

ولكن ، لا يتصور أحد أنهم قد نالوا منه ، فمن كان مثل الخيواني ، ومن سحب قلمه من غمده وكتب ، فهو حتما يحمل روحه في راحته ولا يبالي ، هو يعلم كما نحن نعلم ، بأنه أن سجن أو حاولوا أن يذلوه ، أو تهيأ لهم أنهم كسبوه إلى صفهم ، بأن وقع بحريته بداية طريق جريء علينا أن نتعود عليه ولا نصاب برجفة ، فالبداية وكسر حاجز الخوف هو الأهم ، وحين نتجاوز هذه المنطقة يصبح الأمر أكثر سهولة _ نسبيا _ ويعود الفضل لرمزنا الشريف الخيواني الذي جعل من قامته تتجاوزهم دون استثناء .

الأستاذ عبد الكريم الخيواني :
أبارك لك هذا النصر ، فأنت ورغم ذاك الحكم الاعتباطي ، خرجت من قيدك ، لتعيد رسم خارطة أحلامنا كما نشتهيها لا كما يريدون أن يبيعوها في سوق النخاسة .

ويبقى الوطن لنا حتى وأن كانت قطعة أرض خلف ظهر السجان .

#بكر_أحمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات