أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إكرام يوسف - دروس وبشاير يناير















المزيد.....

دروس وبشاير يناير


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 09:29
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


دأب السادات، منذ بدأ سياسة أسماها بالانفتاح الاقتصادي، على التبشير بعصر "الرخاء" القادم! بينما كان يتراجع تدريجيا عن مكتسبات اجتماعية حصل عليها الفقراء ومحدودي الدخل، وفرت لعبد الناصر شعبية بين هذه الفئات، وجعلت قطاعًأ كبيرا من الشعب يتغاضى عن غياب الديمقراطية وحرية التعبير في مقابل توفير مستوى من المعيشة الآدمية، والخدمات الاجتماعية، حتى راجت المقولة الشهيرة "إن السادات يسير على خط عبد الناصر بأستيكة" ردا على ما زعمه في خطاباته الأولى من أنه "يسير على خط عبد الناصر"!
وتمادى السادات في رسم صورة تداعب خيال الفقراء عن رخاء سيوفر "لكل شاب وظيفة وعربية" وأن "كل بيت حيكون فيه مية سخنة وسعادة"، كانت نتائج السياسة الجديدة، التي أسماها أستاذنا وكاتبنا الكبير أحمد بهاء الدين ـ عليه رحمة الله ـ سياسة "انفتاح السداح مداح"، تتكشف أمام الجماهير في صورة من أسماهم المرحوم الدكتور "رفعت محجوب" ـ رئيس مجلس الشعب آنذاك ـ القطط السمان، وهم فئة جديدة من الأثرياء المنتفعين من فساد نظام يغمض الأعين عن وسائل تحقيق هذا الثراء. وبعدما كان التصنيع الثقيل شعار الفترة السابقة، ظهرت بسرعة الصاروخ صناعة السلع الاستهلاكية والحلويات ومسابقاتها، وانتعش استيراد طعام الحيوانات الأليفة، ولحوم القطط وأوراك الجوارح، لبيعها للفقراء في المجمعات الاستهلاكية على أنها بلوبيف وأرانب وأوراك ديوك رومية. ومع استفحال مظاهر الثراء الاستهلاكي الفاحش لدى الأثرياء الجدد، ازداد الفقراء فقرا. وهكذا، جاءت قرارات رفع السلع الاساسية يوم 17 يناير 1977 ، صادمة لتفجر انتفاضة شعبية عارمة شملت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، قبل أن يتدخل الجيش لإخمادها بعد يومين من غياب أجهزة الدولة تماما، على نحو كان يسمح بثورة تسقط النظام وتقيم نظاما يلبي احتياجات الجماهير.
غير أن هذه الملايين التي خرجت ـ في تقديري كانت نسبتها إلى عدد السكان وقتها أكبر من نسبة عدد جماهير ثورة 25 يناير إلى عدد السكان الحالي ـ عادت إلى بيوتها بعد تفريغ شحنة الغضب، واختفاء جميع الثوار تقريبا، إما بالاعتقالات أو المطاردة والهرب! واستطاع نظام السادات احتواء الغضب الشعبي بالتراجع الصوري عن قرار رفع أسعار السلع، مع رفعها تدريجيا في صورة تخفيض حجم العبوة من كل سلعة.
وكانت جميع المؤشرات تؤكد إمكانية تغيير النظام، لولا غياب قيادة منظمة قوية تنشر الوعي بين الجماهير وتقودها. واستمرت مشكلة غياب التنظيم الثوري الحقيقي، وتراجع الوعي الجماهيري، مع القمع الوحشي لجميع محاولات المناضلين إقامة تنظيم حقيقي، أو الاقتراب من الجماهير لتوعيتهم. وربما كانت الانتخابات البرلمانية من الفرص الضئيلة المتاحة لاقتراب الثوار من جماهيرهم خلال الحملات الانتخابية. وظهر ذلك واضحًا خلال انتفاضة 77، التي رددت فيها الجماهير الشعبية ـ بعفوية ـ الشعارات التي كان يرددها الثوار خلال انتخابات البرلمان 76 ، وهي ـ بشهادة أغلب المراقبين ـ أفضل انتخابات شهدتها مصر منذ عقود، وفرت هامشًا، وإن كان محدودا، للنزاهة وحرية التعبير، في صوة مظاهرات ومؤتمرات جماهيرية لمرشحين ينتمون إلى قوى اليسار التي تتبنى مطالب الجماهير. فلم يكن غريبا ان تستوعب الجماهير شعارات حملاتهم وتحفظ هتافاتهم المعبرة عن همومها، لتصرخ بها خلال يومي الانتفاضة العفوية.
وحرصت الحكومات المتعاقبة على استمرار نفس المشكلة؛ بمواصلة القمع والملاحقة لعدم تمكين القوى الثورية من تنظيم صفوفها، ووأد محاولات اقترابها من الجماهير. وقبل قيام ثورة 25 يناير كتبت في مقال بعنوان "كل ما تهل البشاير من يناير"؛ أقول إن المنطقة العربية حبلى بثورات قادمة، وأتوقع قرب اندلاعها في مصر. وكنت أراهن على عاملين: اكتساب الثوار تراكما في الخبرات النضالية ينضجهم ويزيد وعيهم وقدراتهم، وتنامي قدرات الشباب الإبداعية لابتكار وسائل نضالية جديدة، وعلى الجانب الآخر، يزداد الطغاة ترهلا وتعفنا، ويتفاقم لديهم ما أسميته "متلازمة الغباء المصاحب للكرسي" فيتورطون في ارتكاب أخطاء تعجل بسقوطهم. وهو ما أعتقد أنه ظهر جليا في الجولة الأولى من الثورة؛ فظهرت في جانب الثوار محاولات جنينية للتنظيم وتوحيد الصفوف، مع قدرات نضالية رائعة ومبدعة، وأصرارا على تحقيق الهدف، وصل بمرور الوقت إلى تقبل حتى فكرة الاستشهاد باعتبارها وسيلة نضالية؛ وكشفت في جانب النظام غباء مستحكمًا وعفونة متراكمة عجلت بسقوط رأسه وكبار رموزه.
ولما كان الجميع يدرك أن النظام نفسه لم يسقط بعد، وإنما استبدل وجوه رموزه بوجوه أخرى ملتحية؛ فمازلت أراهن على نفس العنصرين: محاولات تنظيم الصفوف في جانب الثوار ـ وهي تحقق تقدما وإن كان بسيطا وغير ملحوظ للكثيرين ـ ومواصلة الطغاة الجدد تجاهل مطالب الثورة، وارتكاب حماقات وأخطاء وخطايا، تتفوق أحيانا على غباء من سبقوهم!
وأضيف لهما، عنصرا جديدا ظهر كأحد أهم مكتسبات الجولة الأولى، سيكون ـ في اعتقادي ـ السلاح الأهم الذي سيحسم المعركة لصالح انتصار الثورة؛ وهو تنامي الاهتمام الجماهيري بالسياسة، ومتابعة المواطنين، باختلاف مستوياتهم الاجتماعية الثقافية، بمجريات الشأن العام؛ وإدراكهم علاقته الوثيقة بلقمة العيش والاستقرار الحقيقي. وصار على الثوار التركيز على عدم السماح لأحد أن يحول بينهم وبين أهلهم. كما صار عليهم أن يتخلوا عن فكرة النضال بالنيابة عن الشعب حتى الاستشهاد. وعليهم أن يدركوا أن هذه الجماهير هي التي ستحقق النصر، وأن مكان الثوار الحقيقي وسطها؛ وهو ما يستلزم التخلي عن الخطاب الفوقي الاستعلائي، واحترام وعي الشعب وتراثه وحكمته، ومخاطبته بلغته. ولعل في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فرصة لممارسة هذا الاقتراب على أرض الواقع. فقد شهدنا نجاحات تراكمية ـ مهما بدت بسيطة ـ من حملات الشباب التوعوية في المناطق الشعبية، ومحطات المترو، وغيرها.. كما شهدنا متابعة المواطنين لجلسات مجلس الشعب المنحل، والمناقشات التي كانت تدور حولها في المقاهي الشعبية. وما دمنا أدركنا أن التنظيم والتوعية هم معركتنا الملحة؛ فالأمل مازال معقودا على ابتكار الشباب وسائل جديدة لضم الصفوف، ونشر الوعي. ولعلي اقترح من بين هذه الوسائل التفكير من الآن في وسائل للتغلب على الانتهاكات التي شهدناها في الانتخابات والاستفتاءات الماضية. ومنها ـ مثلا ـ منع المسيحيين من الذهاب إلى لجان الاقتراع، وأرى أن ينظم الشباب ـ من الآن ـ لجانا في القرى التي تكررت فيها هذه الممارسات لتوفير الحماية للمسيحيين وتشجيعهم، وتمكينهم من ممارسة حقهم المشروع في الاقتراع؛ وحصر جميع محاولات إرهابهم والتبليغ عنها ومتابعة البلاغات.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماهير هي الحل
- بارك بلادي
- دستور حيك بليل
- مستمرة.. وخائن من ينسى!
- المسلطون على أنفسهم
- جرس إنذار
- لا عدالة ولا كرامة.. ولا خير
- ليتهم يصمتون
- خدعوك فقالوا
- دببة تحمل مباخر!
- الوضوح مطلوب ياريس
- دين أبوهم اسمه ايه؟
- بأية حال عدت يا رمضان! 2-2
- بأية حال عدت يا رمضان!
- تجربة رائدة ورائعة
- على باب السفارة
- التنكيل بالضحية
- اشهد يا تاريخ!
- هانت
- أرنا مالديك يا رومل!


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إكرام يوسف - دروس وبشاير يناير