|
الرئيس مرسي يعيد إنتاج تجربة مبارك
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 01:56
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بعد وصول الرئيس محمد مرسي ، إلى سدة الحكم عمل على حرق المراحل ، من أجل أخونة السلطة ، وأخونة الدولة المصرية، ضارباً عرض الحائط ، بمتطلبات المرحلة الانتقالية ، وبكافة الأعراف والتقاليد الديمقراطية ، التي تكفل تحقيق ، الشعارات ، والأسباب التي قامت من أجلها ، ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ألا وهي الحرية ، والكرامة ، والعدالة الاجتماعية ، وكذلك إعادة الاعتبار لمصر ، كقوة عربية إقليمية رئيسية ، غير مرتهنة للولايات المتحدة ، ولأدوات العولمة الامبريالية . واللافت للنظر ، أن الرئيس مرسي وحزبه ، وضع نصب عينيه منذ اللحظة الأولى ، لفوزه بالانتخابات الرئاسية ، الثأر من تجربة خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر ، التي لا تزال مصر تقتات على إنجازاتها - وليس الانقلاب سياسياً واقتصادياً ، على تجربة نظام مبارك البائد. ففي خطابه الشهير والأول ، في ميدان التحرير ، هاجم نظام عبد الناصر بقوله " الستينات وما أدراك ما الستينات " متجاهلاً (أولاً ) حقيقة أن مرحلة الستينات ، هي المرحلة المشرقة ، في تاريخ مصر التي شهدت الانتهاء من بناء السد العالي ، وبحيرة ناصر ، وغيرها من المشاريع المرتبطة بهما ، ما مكن من استصلاح مليوني فدان وتوزيعها على الفلاحين ، وما مكن من توليد طاقة كهربائية ، تغطي مساحة مصر بأكملها. ومتجاهلاً( ثانياً) أن مرحلة الستينات ، شهدت إنجاز التصنيع الثقيل ومشاريع التنمية العملاقة ، التي أرست الأسس المادية ، لقبر التبعية الاقتصادية ، وتحقيق التنمية المستقلة. واللافت للنظر ، أن الرئيس مرسي – ورغم حديثه المكرور عن مشروع النهضة - يتماهى في سياسته الداخلية ، والخارجية ، بشكل شبه كامل مع سياسة حكم مبارك البائد. فعلى صعيد السياسة الخارجية ، لحكومة الرئيس مرسي نشير إلى ما يلي: أولاً: التأكيد المستمر ، منذ اللحظة الأولى لفوزه بانتخابات الرئاسة على الالتزام بمعاهدة كامب ديفيد ، مع الكيان الصهيوني ، وتأكيده مجدداً في لقائه مع صحيفة الألمانية ، أنه لا يزال على احترامه لمعاهدة السلام مع ( إسرائيل ) ، وهو بذلك يناقض ما جاء في برنامجه الانتخابي بشأن المعاهدة. صحيح أن ظروف الثورة ، وتحديات مصر الداخلية ، لا تسمح بشطب المعاهدة دفعةً واحدة ، لكن كان بالامكان تجميدها ، أو إعادة النظر في العديد من بنودها ، من أجل استرداد ، جزء من السيادة المسلوبة على سيناء ، وكان بالامكان تحجيم العلاقة الدبلوماسية ، مع الكيان الصهيوني وحصرها في أدنى الحدود ، وليس إرسال سفير مصري جديد ، إلى تل أبيب ، محملاً برسالة الصداقة الحميمة ، لرئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز. ثانياً: ترجمة هذا الالتزام بالمعاهدة ، من خلال المصادرات المستمرة للأسلحة في سيناء ، التي هي في طريقها إلى غزة ، ناهيك عن إقدام قوات الأمن المصرية على إغلاق ، وتدمير ، ما يزيد عن 120 نفقا تربط رفح المصرية بقطاع غزةً ثالثا : أن الحكومة والمخابرات المصرية ، لعبت ذات الدور الذي لعبته الحكومات والمخابات المصرية ، في عهد مبارك ، وهو دور الوسيط ما بين المقاومة والكيان الصهيوني ، دونما الانحياز لإسرائيل ، كما كان الوضع في عهد مبارك ، في حين كان من المؤمل أن تتخندق مصر بعد الثورة في خندق المقاومة ، لا أن تلعب دور الوسيط ، الضامن للهدنة. رابعاً: لا تزال حكومة الرئيس مرسي ، محافظةً على ذات التحالفات والعلاقات المتينة مع معظم دول النفط ، وتنشد الود مع واشنطن ، وترسل الرسالة تلو الأخرى ، بشأن تطوير علاقات الصداقة معها ، وترفض عملياً التحالف مع القوى العربية والاقليمية ، المعادية للكيان الصهيوني ، والتي ترفض الخضوع للإملاءات الصهيو- أمريكية . وعلى صعيد السياسة الداخلية لحكومة الرئيس مرسي ، يمكن الإشارة إلى ما يلي : أولاً: اللجوء إلى فرض سياسات أحادية الجانب ، في قضايا فرض دستور غير متفق عليه ، ومليء بالثغرات والعوار ، وبالأفخاخ ، بهدف تقييد الحريات ، وإسقاط الماضي السحيق على الواقع الراهن ، بما يخدم نهج قوى سلفية ، معادية للحياة والحضارة ، وترفض حتى الالتزام بفقه الحاضر. ثانيا : التحالف مع القوى السلفية ، التي رفضت المشاركة في الثورة وشكلت سابقاً ، احتياطياً لنظام مبارك البائد . ثالثا: إشراك أعضاء من لجنة السياسات ، إبان عهد مبارك البائد في الحكومة ، وقبل إجراء التعديل الأخير ، على حكومة هشام قنديل. رابعاً: العمل على أخونة الدولة ، من خلال أخونة المؤسسات الاعلامية الرسمية " الاذاعة والتلفزيون ، الصحافة القومية " الأهرام وغيرها " عبر تعيين موالين ومنفذين ، لسياسة حزب الحرية والعدالة ، في المواقع الأساسية فيها ، ومن خلال تعيين ، المحافظين والمحليات من لون سياسي واحد ، ناهيك عن السعي الحثيث ، لأخونة الأزهر والجيش وغيرهما . خامساً : من خلال برنامجها ، الساعي لخصخصة كل شيء ، كما كان الحال في عهد مبارك ، ولعل تبني حكومة هشام قنديل ، لمشروع قانون الصكوك الاسلامية المزعوم ، الذي يستهدف تصفية القطاع العام وخصخصته ، وخصخصة قناة السويس ، التي سبق وأن أممها خالد الذكر جمال عبد الناصر ، و سبق أن قدم الشعب المصري آلاف الشهداء ، إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، دفاعاً عن السيادة المصرية عليها. سادساً: السير كما في العهد السابق ، على نهج الليبرالية الجديدة في مجال الخصخصة ، والارتهان لصندوق النقد الدولي ، وشروطه المذلة التي تلحق أكبر الضرر ، بالغالبية العظمى من فئات الشعب ، والتي تنتقص من سيادة الدولة في مختلف المجالات ،وهو بعلاقته الجديدة مع الصندوق يناقض ما جاء في برامجه الانتخابي بشأنه. صحيح أن الرئيس مرسي ورث أوضاعاً اقتصادية بائسة ، لكن كان بامكانه اشتقاق حلول عديدة للأزمة الاقتصادية ، بعيداً عن صندوق النقد وشروطه المذلة للشعب ، والدولة المصرية . باختصار شديد ، فإن شيئا لم يتحقق ، من شعارات الثورة المصرية الرئيسية " الحرية ، والكرامة ، والعدالة الاجتماعية ، والسيادة ، والتحرر من التبعية . والمطلوب من الحزب الحاكم ، والرئيس مرسي ، إجراء مراجعة نقدية فورية لتجربته ، لجهة التلاقي ، مع بقية القوى الثورية ، على كلمة سواء فيما يتعلق بمختلف القضايا ، المتعلقة بالدستور ، والقضاء ، والسياستين الداخلية والخارجية ، من أجل استكمال تحقيق ، كامل أهداف الثورة وإلا فإن مصر ، ذاهبة إلى مرحلة غاية في الخطورة .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باب الشمس : إبداع نضالي فلسطيني جديد
-
على هامش مهرجان فتح في قطاع غزة
-
مجزرة الاستيطان تجهض حلم الدولة الفلسطينية
-
مبادرة عربية جديدة للسلام ... أية مهزلة هذه ؟
-
حول التحديات والمهام الفلسطينية الراهنة
-
فلسطين - دولة غير عضو - إنجاز كبير ..ولكن ؟
-
اتفاق القاهرة لوقف إطلاق النار في الميزان
-
صواريخ المقاومة تصنع ملحمة النصر وتاريخاً جديداً للشعب الفلس
...
-
الجبهة الشعبية تعيد الاعتبار للفعل المقاوم ضد الاحتلال
-
ذكرى بلفور مناسبة لاستخلاص الدروس وليس لممارسة طقوس كربلائية
-
مرسي يصدم مصر والأمة العربية برسالته الحميمية إلى بيريز
-
المحرقة في مدارس الأونروا مجدداً !
-
رسائل طائرة حزب الله للعدو الصهيوني ولكل من يهمه الأمر
-
فوز شافيز : هزيمة للنيوليبرالية وانتصار للشعوب ضد جلاديها
-
قراءة أولية في التصعيد الإسرائيلي ضد إيران واحتمالات الحرب
-
مؤامرة صهيو - أمريكية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين
-
أوسلو وأخواتها : خسائر صافية للقضية الفلسطينية
-
أسئلة على هامش الحراك الفلسطيني في مواجهة الغلاء
-
قمة عدم الانحياز ومحاولة استعادة روحية باندونغ
-
حراك سياسي وشعبي مصري مناهض للاقتراض من صندوق النقد الدولي
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|