محمود عساف
الحوار المتمدن-العدد: 3978 - 2013 / 1 / 20 - 13:45
المحور:
الادب والفن
اراد ان يخلوا الى نفسه فقرر ان يذهب بزيارة الى المقبرة فهي لا حياة فيها ... فركب سيرته وانطلق نحو المقبرة التي تبعد عن داخل البلدة مسيرة عشرون دقيقة بالسيارة .. فأشعل سيجارته وسرح فيه التفكير بمن سبقوه الى الموت واختلطت نفسه بمشاعر ما بين حزن عميق على البعض ممن ماتوا وحزن لا يذكر على البعض الآخر .... ومن المفارقات انه احس برغبة في الضحك ولكن منعه عقله من ذلك وتساءل اية مفارقة هذه ايريد ان يضحك في تذكر الموت والأموات ممن يعرفهم !!!!!! وتعجب من ذاته !!! .
دخل المقبرة وبدا يسير نحو بعض القبور التي يريد ان يقرا الفاتحه على ارواح ساكنيها ، وجلس امام قبر احدهم وقرأ الفاتحة ومن ثم اشعل سيجارة اخرى وجلس امام هذا القبر بالذات ونظر الى الشاهد وتمعن في الأسم الذي عليه واطال التمعن حتى انكر على عقله ان يصدق ان هذا الأسم هو يرقد الآن هنا رغم مرور سنوات طويلة على موته .
وبدا يحدثه الا تعلم يا اخي انني الى هذه اللحظات لا اريد ان اصدق انك ميت ... الا تعلم ان شخصك ماثل امامي دائما وكثيرا ما تخنقني العبرات على فراقك .... الا تعلم ان قسوة الموت هذا المجهول بكنهه وذاتيته والذي احيانا انكرها واقعا ذاتيا بداخلي رغما عني ... الا تعلم انني استشف من ابتساماتك كل ما هو جميل في حياتي .. الا تعلم انك جعلت للموت فلسفة اخرى جعلتني اتيقن انك انتصرت على الموت رغم جبروته وقوته هذا المجهول الذي يأتي رغما عنا ... ليس انكارا له بقدر ما ان فلسسفة الموت في موتك انت اصبحت نهجا احاول ان افهمه او اتفهمه علني اتيقن انك مت .
ها انا اجلس عند قبرك ولكن ماذا هل انت تعلم انني هنا ... هل تسمعني ... هل تحس بوجودي .... الا تعلم انني اترقب حضورك ... الا تعلم انني انكر على نفسي وعقلي انك مت ..... اليس هذا جنونا .. ماذا تسميه انت ؟ استمع اليّ انك لم تمت ..بل انا من قتلني موتك .......
ارى الشواهد منتصبة على القبور ولكني لا اعرف لما شاهد قبرك وحده فقط وحده يريد ان يقول شيئا لا افهمه
#محمود_عساف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟