أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كريس هارمان - هل ستقضي الاشتراكية على الفردية؟














المزيد.....


هل ستقضي الاشتراكية على الفردية؟


كريس هارمان

الحوار المتمدن-العدد: 5565 - 2017 / 6 / 28 - 23:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ترجمة: حازم شيخو


إحدى وسائل المدافعين عن الرأسمالية لتشويه الاشتراكية هي الادعاء بأنها ستقضي على الفردية وأنها ستقلص كل شيء حتى يتحول إلى امتثالية بليدة، وبالمقارنة يزودوننا بانطباع بأن الرأسمالية توفر للناس حيوات متنوعة ومثيرة.

لا يوجد شيء أبعد من الحقيقة من ذلك، فالرأسمالية تدعي بأن الفردية هي فضيلتها القصوى، وهي تتحدث عن “حرية الاختيار”، عن أناس قادرين على شراء ما يتمنون من المنتجات. ولكن هذا وهم، فالخيار الذي تعرضه علينا هو شراء المنتجات نفسها للشركات متعددة الجنسيات التي تسيطر على العالم- ماكدونالدز أو برغر كينغ أو ليفيز أو رانغلر أو بيبسي أو كوك- وتقريباً فإن الشارع الرئيسي في كل مدينة أو بلدة متوسطة الحجم في بريطانيا مطابق فعلياً للآخر ويعرض البضاعة ذاتها.

والأغلبية العظمى من الناس ترتدي اللباس ذاته وتأكل الطعام ذاته وتتسوق في الأماكن ذاتها، وفعلياً تقود سيارات متطابقة، وتعيش في منازل وشقق متشابهة، وهذه العملية تطبق حول العالم مع ازدياد سيطرة الشركات العالمية أكثر وأكثر.

وهو -ذلك الوهم- يقوم أيضاً على مقدار “حرية الاختيار” التي تستطيع الناس شراءها، فالفردية محفوظة للقلة القليلة، الأقلية التي تملك الشركات الضخمة التي تسيطر على الاقتصاد، والمتوقع من البقية أن تعمل من أجل هذه الشركات، وأن تقوم بأعمال مملة في أنظمة التجميع أو في المكاتب، حيث أزيل منها أكبر قدر ممكن من الفردية.

وفعلياً، يمكن للرأسمالية أن تتطور فقط حين تشرع في تدمير فردية عمالها، فحينما نشأت المصانع الأولى في بريطانيا بدأت الطبقة الرأسمالية بصورة مدروسة بجعل العمال يشبهون بعضهم البعض إلى أقصى درجة ممكنة، لقد أُجبر العمال على اعتبار العمل هدفهم الوحيد في الحياة، والتضحية بمتعهم الشخصية الصغيرة للكدح الذي لا ينتهي. وقد أُنجزت هذه العملية أثناء الرأسمالية المعاصرة بكثافة أكبر، فأكثر ما يهم في المدارس ليس إذا ما كان الطفل يتعلم كيف يطور قدراتهها الفردية، بل بدلاً من ذلك نجد أنه يُقيَّم الأطفال- بعضهم ضد بعض- بامتحانات أكثر وأكثر، وإن هذه الامتحانات تكون ذا معيار واحد، كما لو أن الكائنات البشرية لا تختلف عن البطاطا، وتتمايز عن بعضها فقط بالوزن.

ومن المثير للاهتمام أن أكثر المعارضين شدة “للامتثالية” الاشتراكية هم عادة الناس أنفسهم الذين يصرّون على أن يرتدي الأطفال اللباس الموحد في المدارس، وأن يكونوا على المستوى نفسه من السلوك “المنضبط”. ويُوظف العديد- في المعامل ومراكز الاتصال- بوجه خاص كي يتأكدوا من أن الناس يؤدون عملهم بفعالية ويحافظون على سياسة الشركة، وقد أنفقت مصادر عديدة في تطوير علوم مصطنعة في قياس العمل والعلاقات الصناعية في مسعى لتدمير فردية العمال بوجه أكثر إتقاناً.

ولا يختلف الوضع كثيراً لغالبية الطبقة الوسطى، فقد يثور قاريء الدايلي ميل النموذجي لضرورة حماية الفرد، ولكن الأرجح أن نمط حياته مطابق لمئات الآلاف من الناس، فهم يعيشون في منازل الضواحي المتشابهة، ويعبرون عن الأفكار ذاتها، ويعيشون في مكاتب متماثلة، وتقريباً يذهبون إلى العمل بالأنواع نفسها من السيارات والقطارات. فإذا كانت هذه الرتابة والامتثالية هي ما تميز الرأسمالية، كيف يعقل أن الناس يحتفظون بفكرة أن هذه هي سمة الاشتراكية؟

عانى تطور الفردية تشنجاً مرهقاً في البلاد التي اعتادت أن تدّعي الاشتراكية مثل الاتحاد السوفييتي أو الصين، وتأتي الصورة العامة للاشتراكية حيث الجميع يرتدي ثياباً متشابهة من الممارسات غير الديمقراطية للأنظمة الستالينية، وهذا لا يعني أن كل ذلك لأن هذه الدول كانت- أو ما تزال- اشتراكية، هي ليست كذلك. بل هذا لأن المجموعات البيروقراطية الحاكمة التي أدارت البلاد كانت تحاول أن تفعل ما فعله الرأسماليون في الغرب، لقد أرادت أن تطور اقتصاداتها بأقصى سرعة عن طريق السيطرة على معايير معيشة العمال، وذلك لكي تُنافس الغرب أو بعضها البعض.

الفردية الحقيقية، والتطور الكامل للقدرات المتمايزة للفرد يمكن تحقيقه فقط في نمط اجتماعي مختلف تماماً. سيكون عالماً حيث لن يعارض الفرد والمجتمع بعضهما البعض، ولن ينافس الناس بعضهم البعض، ولن يكونوا تحت ضغط لا يلين للعمل أكثر وأكثر. الثروة الضخمة تُخلق في العالم الحديث، وتضيع في التنافس الأعمى بين الشركات والدول المتنافسة، وفي محاولاتهم لهزيمة بعضهم البعض تحتاج هذه الشركات والدول سيطرة أكبر على العمال وجهوداً أعظم منهم.

وستتحقق الفردية الإنسانية الحقيقية حين يتضامن العمال عالمياً مع بعضهم البعض، وعليهم أن يستخدموا قوتهم الجمعية لقلب الطبقات الرأسمالية وإعادة تنظيم مجتمعهم، حيث ينبغي لهذا المجتمع أن يقوم أساساً على تحقيق حاجات الناس وليس متطلبات المنافسة.



#كريس_هارمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرر المرأة والاشتراكية الثورية
- كتاب (كيف تعمل الماركسية؟) الماركسية والنسوية
- الصحافة الثورية
- دفاعاً عن المركزية الديمقراطية
- العفوية والإستراتيجية والسياسة
- أوجه تقدم حزب الله وحدوده
- من الانتفاضة إلى الثورة الاجتماعية
- النبي والبروليتاريا
- كتاب - كيف تعمل الماركسية؟


المزيد.....




- وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة ...
- تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في ...
- مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين ...
- إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا ...
- حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا ...
- افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة ...
- الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان ...
- -ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني ...
- كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
- جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كريس هارمان - هل ستقضي الاشتراكية على الفردية؟