أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه














المزيد.....

الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 16:18
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لكن هي أبداً لا تفنيه، ولا تستطيع. الثورة هي دائماً ابن عاق وعاصي للواقع الذي يثور عليه. هو لن يكون ثورة إلا إذا ثار في وجه هذا الواقع الأب وقتله ومزقه أشلاء مبعثرة في فوضى عارمة. ثم في هذه الفوضى ومن هذه الأشلاء نفسها، تعيد الثورة خلق واقع جديد إلى حد كبير. ما يعقب الثورة يكون واقع جديد حقاً، لكن في كل الأحوال هو مبني من ذات رفات وركام الواقع القديم. التخطيط والبناء جديدين، لكن أغلب مواد البناء قديمة. على هذا، يمكن تشبيه الثورة الناجحة بقاتل أباه. كل شخص يستطيع أن يقتل أباه؛ لكن لا يستطيع أن يفنيه كأن لم يكن أو يتخلص منه كليتاً وإلى الأبد. حتماً سوف يظل الأب حاضراً وإلى الأبد في مورثات الابن القاتل، في ملامح وجهه وفي كل خلية من جسده، في طريقة تفكيره، في نبرة صوته، وفيه كله. سيظل الأب القتيل مهما كان مكروهاً يعيش في الابن القاتل مهما طال أجله. أكثر من ذلك، سوف يمرر القاتل نفسه رغماً عن أنفه مورثات أباه القتيل لأبنائه والأجيال القادمة. مثل الأب القتيل، الماضي القديم المغضوب والمثار عليه يبقى لعنة لا تفنيها ثورة وسيظل يعيش في الحاضر والمستقبل بصورة أو أخرى. في كل الأحوال، أباك (ماضيك) يعيش فيك.

تاريخياً، الابن الإسلام ثار على أبيه الوثني-اليهودي-المسيحي وقتله شر قتلة ومثل بجثته ولا يزال، ومن أطلاله شيد الدين الجديد لبنة فوق الأخرى؛ لكن، رغم هذا، لا يزال الأب القديم يعيش في متن وروح الابن القاتل حتى اليوم، وسيظل ما بقي الإسلام حياً. الإسلام ولد في ومن واقع وثني-يهودي-مسيحي وسيظل يحمل وينقل مورثاته أمد الدهر. كذلك أيديولوجيا القومية العربية متهمة بقتل أبيها الواقع الاستعماري حيث ولدت وترعرعت وقويت شوكتها، ولولا كفاحها ضد هذا الأب الاستعماري وقتله نظرياً على الأقل في خيالها وأمانيها ما كانت هي. الثورة هي جريمة قتل. لولا قتل الإسلام أباه الوثني-اليهودي-المسيحي ما كان الإسلام؛ ولولا قتل القومية العربية أباها الاستعمار ما كانت القومية العربية. لكن في كل الأحوال، قتل الأب لا يساوي أبداً فناءه. الأب القتيل موجود أمد الدهر في جسد وروح الابن القاتل. لا براء ولا شفاء تام منه أبداً.

الإسلام كان ولا يزال له نصيب كبير في جسد وروح المنطقة العربية. وحتى لو قتله دين أو فكر آخر مثلما فعل الإسلام بما قبله، سوف يظل الإسلام القتيل حتماً مكون حاضر في الابن الثائر القاتل الجديد، كما حدث بالمثل بين الإسلام وما قبله. يصدق هذا أيضاً مع القومية العربية. هي أيضاً كانت ولا تزال مكون مهم وأصيل في المنطقة جسداً وروحاً. لكن جريمة القتل (الثورة) بالمدلول الاجتماعي هي أيضاً إضافة عظيمة، لأنها تفتح بالقوة أمام التغيير الباب الذي أوصد عنوة. لو أن باب التطوير والتغيير الطبيعي بقي موارباً بالمقدار الطبيعي، لما وقعت جريمة قتل (ثورة) ولما كانت هناك حاجة إليها أصلاً. الثورة تقع حتماً عندما يوصد في وجه المجتمع عنوة باب الإصلاح والتطور والتغير الطبيعي. إذا أوصد الإسلام أو غيره عنوة هذا الباب، سينهض حتماً ما يثور على الإسلام ويقتله في يوم ما.

رغم كل مثالبه وجرائمه ماضياً وحاضراً، لا يمكن الطعن أو التشكيك أبداً في أن الإسلام ينسب له الفضل الأساسي في تكوين هوية حضارية مميزة ومستقلة لمنطقة جغرافية مترامية قد ظلت طوال تاريخها السابق مرتعاً ونهباً وسلباً وحقل تجارب لحضارات أجنبية أخرى. كذلك أيديولوجيا القومية العربية، رغم مثالبها وجرائمها الكثيرة أيضاً إلا أن هي قد نجحت بالفعل في غرس شعور مشترك بالانتماء والهوية الوطنية والمصير الواحد بين جميع شعوب دول المنطقة من المحيط إلى الخليج.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء
- عندما يعتلي الإله سدة الحكم
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه