|
قراءة د/ فاطمة الكومى لنص التفكير للكاتبة غادة هيكل
غادة هيكل
الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 23:23
المحور:
الادب والفن
التفكير **** عزلوه عن محبوبته ذات الظلال الوارفة وشجر الزيزفون ، لم يطردوه منها ولكن حبسوه فى زنزانة ضيقة بعد ان كانت مدينته كلها ببراحها الواسع هى كل عالمه ، اليوم أصبح العالم أربعة جدران فقط ، له باب واحد بعد أن سرقوا مفاتيح المدينة ذات الأبواب السبع وأغلقوها على ساكنيها ، لم يتأقلم مع محبس المدينة الواسعة فحبسوه خلف باب واحد له سجان واحد وعصابة من القوادين ، فى محبسه لم يكن يتذمر ولكن جعل الصمت سلاحه ، وكيف لا وقد كانت الكلمة فيما مضى سلاحه الذى سلطه على أفواه الفاسدين فكمموا فاهه بمعزله،ولكن هل يرضيهم صمته ، هم فقط من يرونه صامتا ولكنه يحدثهم جميعا ، فهذا الواقف خلف الباب يسمع همسه ويسمع همسها معه، يتبادلان أطراف الحديث عن المدينة الضائعة فى أيدى دمى بلهاء غافية تحكم وتصدر الأوامر ينصت من بالباب لعله يسمع أطراف الحديث فيقوم بالتبليغ عن مخططه نحو المدينة ، ولكن هيهات فهو صامت ، اذن كيف الوصول إلى مكنونه ؟فليحادثه الواقف بالباب فهو أقرب الناس له ورفيقه ليلا ونهارا . يفتح الباب بصيص النور المتدفق إليه يمنعه من الرؤيا ينتظر لحظات حتى يفتح عينيه يدور بينهما حديث : لماذا العند يابنى ؟ لقد منحنى العند معرفة الشيطان وحلفائه ومن يوسوسون لهم لتبقى مفاتيح المدينة بأيدهم وتبقى انت خلف هذا الباب سجان بمفتاح مزيف يملكونه ولا تملكه ما هذا الكلام يا بنى أنا لا أفهمك ! اذن فلتنقل حديثى كما هو ليس عليك فهمه يقولون أنك تفكر وتكتب وتهاجم . وهل اصبح العقل جريمة والحلم جريمة والقلم جريمة لماذا لا تشاركهم المال والجاه وتخرج من محبسك هذا ؟ ومن يطلق المدينة من محبسها ومن يعيد لها المفاتيح المسلوبة والخزائن المنهوبة ويرسم على الجدران لوحات الحرية ؟ لم أعد قادرا على فهمك سوف أرحل . فلترحل وليأتنى غيرك من يفاوض على ثمن المفاتيح وكم سأنال منها حتى أصمت يأتيه صوت من الخارج : سوف تصمت وإلى الأبد فمكانك ليس هنا سنقف بينك وبين عقلك ونمحو ذاكرتك وننسيك مدينتك فنحن لم نستول على المدينة هى من أتت إلينا طواعية وتنكرت لمن هم أمثالك ، نحن المال والقوة ، وأنتم لا تملكون سوى عقل وقلم وورقة تبلى مع الزمن ،أعطوه حقنة لكى ينام ولا يحلم . تستمر الأيام متشابهة لا يملك سوى حلم وبعض الهمس لمحبوبته التى يراها كل يوم أجمل وشوارعها الواسعة الخالية من الفساد والنفاق وورقات التزوير وصناديق الاقتراع الخالية والنتائج المسبقة علنا ، كل يوم يراودونه يزداد صمودا، يعذبونه يزداد قوة ، يصعقونه يزداد صرامة . فى الخارج وعلى أسوار المدينة يكتبون كلماته ينشدون ألحانه يصفقون بايديهم ، لقد علمهم كيف يقفون ، كيف لا يركعون إلا للخالق ، لقد ترك لهم الحلم ، وترك لهم نور الشمس ، وترك لهم كلمات لا يمحوها ذوبان الورق ، لم ترهبهم وترهبه الجدران فلم يحن وقت الموت لك يا محبوبتى وفيك من ينشدون الحرية لك ولهم ولى ، لكسر الأغلال والقيود ، ما زال الخلاص هنا فى العقل وتهمتى هى التفكير فليكن موت الجسد و ليحيا التفكير .
غادة هيكل *** قراءة د/ فاطمة الكومى على نص التفكير النص رائع جدا وله ابعاد فلسفيه وعقليه متعددة الجوانب -جانبي طريق متوازيين -- الجانب الايمن تسير الثروه بين اصحابها -- وعلى الجانب الاخر يسير العقل بين حكمائه --- ولكن اثرت غاده هيكل الرائعه ان تجعل العقل سجينا -- ترمز بسجنه الى الحريه المسلوبه للمفكرين والمبدعين -- امام اهل الثروه والدنيا والاستهلاك بكل شئ --- وقالت فيما قالت اديبتنا الكبيره عن التفكير ---- وهو انتاج المخ البشرى من ترتيبات حياتيه على الارض وعلى مستوى النظريه --- نعم -- معضلة المفكرين بين النظريه والتطبيق --- وهو الاغبياء بالثروه والمال والاستهلاك ---- ومع الاسف دائما مايسيطرون على مجريات الامور ويضعون التفكير فى زاويه لانهم يجذبون اليهم العامه بالمال ---
البطل السجين هنا هو العقل ----- وعليه نكمل
قلت فى التعليق السابق ان التفكير هو انتاج المخ -- فماهو العقل ؟ ماذا تعنى كلمة العقل ---- ليس من مكونات الجسد الحسيه ولا النفسيه شئ اسمه العقل -- ورغم ذلك وردت كثيرا فى القران الكريم هذه الكلمه --- والعقل هو قدرة الانسان على التمييز والاختيار --- ببساطه -- يسمى من لديه القدره على الاختيار بين امرين على خلفية تميزه بينهما عاقل --- والعقل هو حجة التكليف الالهى للبشر - لايملكه من بين المخلوقات غير الانسان --- والجن ايضا مخلوق عاقل - ولذلك التكليف بافعل ولا تفعل موقوف عليهما --- ماهو التفكير --- ؟ هو قدرة الانسان على حسم المسائل --- على خلفية عقله لمعطياتها ---- وهو انتاج وحصيلة المخ البشرى - ويسمى قدرته على انتاج الاجراءات ايضا على خلفية التفكير ---
اذا من لايفكر هو يساق ومن يساق هو دابه وليس انسان ---- يكون اقرب الى اتباع الغريزه منه الى استعمال العقل ---- ولذلك ممقوتون هم العبيد ومن يقبلون بالعبوديه --لانهم تنازلوا عن موضع تكليفهم وهو العقل الذى يتبعه منطقيا التفكير --- والتفكير ينتج النظريه والنظيه هى ام الاجراءات والاجراءات هى الحياه التى ارادها الله للانسان -- والى حد ما - الاجراءات اعنى بها السلوك المقترن بحركه ----
اقول -- هذا النص لو تم نشره على مستوى رسمى ستفوز به غاده هيكل بجائزة الدوله -- ولو تم تدريسه كنص مدمج يحمل فلسفات ورؤيه للانسان والعقل والتفكير والحريه لاستفاد منه الكثيرون -- واقول راى شخصى جدا --- هذا هو افضل ماكتبته الاديبه غاده هيكل على الاطلاق -- يدل على نضوج فكرى وادبى كبير جدا - وكتبته بوعى تام يضعها فى مصاف المبدعين للنثر والمقال الفلسفى ---- غاده هيكل اثبتت انها قامه كبيره جدا فى عالم المفكريين --- واليوم اعلت شأن العقل والحريه جدا - مما يدل على انها معبئه بموضوعات غايه فى الرقى ---- تحياتى لها واحترامى
اشارت الاديبه الاستاذه غاده هيكل الى تاريخ هذا المحبوس على زمة التفكير ---- قالت الذين كانوا يكتبون عباراته على الاسوار --- نعم -- هؤلاء هم تلامذته --- هم الجامعات والمدارس والنخبه من المثقفين - وطبعا انا تاكدت انها ترمز للعقل بهذا السجين من هذه العباره --- فلو كان هو شخص مثلا - لجعلتهم عشره او مجموعه ليستقيم السرد ويكون منطقيا -- اما ان تجعله واحد - ويستحيل ان يكون هو المفكر الوحيد فى المدينه -- ويستحيل ان يحبسوا واحدا ويتركوا الفا --- فتكون الاديبه هنا جعلته واحدا كرمز فقط ---
اقامت حوارا بين السجان يدعمه القواديين وبين المفكر الذى منطقيا رفض الخروج واقتسام عرض المدينه المباح لهم --- وهذه ايضا تدل على انه رمز للعقل والحريه ---- بقى امر واحد --- وهو ان السجن كما اسلفت يسلب الانسان حريته وحقه فى الاختيار ولكن من نعمة الله انه لايسلبه الحق فى التفكير --- لايمكن ان يسلب احدا حق احد ولايستطيع فى التفكير - التفكير مثل الهواء -الهواء يتنفسه الانسان بموجب نظريه فيزيائيه وهى فرق الضغط بين خارج الرئه وداخلها يخلق التنفس --- والتفكير هو ايضا ناتج عن فارق الشغل بين الموت والحياه -- فكل انسان حى يفكر بموجب نظرية الحياه وليس بفعل تحكم اخر بمخه --- كل هذا قالته الاديبه غاده هيكل واكثر منه ----
*****
#غادة_هيكل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة فى كتاب - تاريخ الشيوعية فى مصر من 1921إلى يناير 25-
-
حوار مع السيدة المصرية المتألقة، غادة هيكل الكاتب والباحث اح
...
-
التفكير
-
مفاتيح المدينة
-
اعتذار البحر
-
بلا قيد
-
يوسف ادريس
-
مطحونة المعيشة خائفة السكن
-
اليوم نطأ الشعب بأقدامنا
-
دستور يا سيادنا
-
ابتعد عن الدم فهذا ما يريدون
-
اليوم لا يشابه البارحة
-
الاخوان فيس بوك
-
الاخوان بين المطرقة والسندان
-
أم تسأل وتجيب
-
مرسى من الميكروباص إلى المقهى
-
أنا وأنا
-
مرسى بين القطار والميكروباص
-
السادس من اكتوبر
-
ميرامار نجيب محفوظ
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|