فاديا الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 21:54
المحور:
الادب والفن
الصحفية و الرسّامة فاديا الرفاعي| بيروت
التقيت بها في المغرب صدفة و كانت خير من ألف ميعاد يمكن أن يجمع الإنسان بمثقفة عربية من النوع الدرويشي ...كانت في بداياتها و كنتُ في قمة الفضول أنْ أتعرّف على امرأة كان الاحترام كثيفا حولها و فيها و على وجهها , و الإبداع صارخا من كلماتها , جريدتها , أنوثتها , حتى طريقتها في الجلوس ...انتظرتُ دوري بين أولئك الأصدقاء المبدعين في الحديث معها و جاد القدر عليّ و أكّد بالفعل شعوري بوهجها و رونقها من بعيد ...
أذكر أنّ حديثنا كان ليلا قبالة بحر الدار البيضاء الجميلة و كانت هدى تستشعر كلماتي قبل الرد على أسئلتي ...هو بكل بساطة كبساطتها أجمل حوار يعرفه تاريخ كل صحفي, هدى ليست متكلفة ...كلها تلقائية و طفولة و أنثى مغرية من الدرجة الأولى, كلها بساطة و عفوية و ابتسامة ...هي الفريدة التي يرّد بريق عينيها قبل الكلمات على جنونياتي الليلية .
اسمك الحقيقي فرنسي الأصل... من أين استوحيت ِ"هدى درويش"؟
تماما هو اسم جدتي AUDA و الذي يعني الثراء باللغة الألمانية القديمة ...أما هدى فهو أنسب للمعنى العربي و ما درويش سوى سيرٌ على خطاه في حضرة الغياب " الكبير محمود سليم درويش" .
كيف هي قصة هدى درويش مع الكتابة...؟
(تضحك) ...هي قصة قديمة جديدة , قريبة بعيدة, منتهية مبتدئة, ينجبها الليل و يعيشها النهاّر...هي مثلي صعبة الشرح و التفسير...
و إن كان معناها صعب فماذا يمثل وجودها في حياة هدى ؟
هي مسألة مبدأ و احتياج إنساني كبير ...للحب , لمن رحلوا, للوطن, للحياة ...بل لمعنى الحياة ...احتياج للصداقة , للحميمية ...تعبير عن سلام الأرواح , عن محبة الله... عن جمال الطبيعة ...هي سمفونية لا لحن لها سوى الكلمات , تمثل الكتابة كل شيء لمن يعرف قيمتها.
عُرف عن كتاباتك أنها جريئة, فهل يعني أنّ هدى قد تنتمي يوما لأديبات الفراش ؟؟
الجرأة من أعراض التعبير عن الحقيقة, ليست كل حقيقة جائز قولها و رسمها كما هي ... و أصعب الحقائق هي تماما ما نعجز عن التعبير عنه , أو ما نخاف التعبير عنه ...تعيش البشرية على تاريخ من الحقائق المختلفة في مضامينها و في مسلماتها لكن الجرأة في تدوين هذه الحقائق جيلا بعد جيل هي الكينونة المعرفية الوحيدة التي تفلسف حياتهم فكيف نكتب دون جرأة...؟ لكن ذلك لا يعني حتما الانتماء لأدب الفراش ...فكل يوظّف الحقيقة كما يراها و بنسبة الجرأة التي يراها مناسبة للسرد و للبوح ...و إن كنتُ لا أحبّذ شخصيا هذا التيار في الكتابة إلا أننيّ أحترم من وظفها من الكتّاب ...فهم أيضا لهم ركائزهم المبنية على تعرية المفاهيم الإنسانية ...
ما هو مفتاح هدى درويش الإنسانة و الأديبة في الحياة في كلمة أو عبارة واحدة...؟
الحب هو منبع كل التجارب و العلاقات و الأديان و الطقوس الجميلة الحب هو في الحقيقة أكبر من معنى الحياة...لأنه من صفات الله و من أوامره ... تلتقي فيه كل الاختلافات و تتقاطع في صفائه كل المفاهيم و أنا دائما أرددّ: " كن كالمحبة...لا يختلف في عذب الشعور بك اثنان.
لم أزرْ وهران شخصيا ...ككثيرين لكن من خلال كتاباتك و معرفتي بك كنموذج عن المرأة الجزائرية ...متشوقة لطنفها و أزقتهاّ و بحرها فما سر هذه المدينة؟
لكل حب روحٌ تحتويه و قلبٌ يحتضنه ...و لكل كاتب مدينة معبودة فقد سبقني العظماء إلى قسنطينة كمستغانمي و دمشق كغادة السمان و بيروت كجبران ...و بقيت وهران تنتظر , بل أنا بقيت أنتظر فرصتي بها لأنّ فيها أساتذة افخر بهم مثل الدكتور أمين الزاوي و الصديقتين ربيعة الجلطي و زهرة مبارك.
أوّد الآن أن نتكلم باللبنانية قليلا و قد أكدت تحرياتي إجادتك لهذه اللهجة أحسن من اللبنانيين أنفسهم... لِمَ لبنان بالتحديد...؟
(تضحك مجددا) ...هذه خطورة الصحفيين ... لتستأنف: أنا أكّن كل الحب للبنانيين و كل الاحترام لبلد فيروز و جبران...أوّل مدرسة لي في النثر و في الرومانسية , حتى أننّي ما زلتُ على يقين أنّ شخصية سلمى كرامة لا يقوى على الاقتراب من نسجها أديب , بلد الأرز و الثقافة و التركيب الحضاري ...بلد قريب جدا من قلبي فيه الكثير من التعدد و الحرّيات و الجديد أننّي في المقهى الأدبي لبلياد مدينتي بدأتُ في إطلاق مشروع جديد للكتابة ...شعر باللبنانية تكملة ًلمشوار المدرسة الرحبانية في الإبداع ... إكراما لهذا الشعب الجميل الذي يستحق كل المحبة و التقدير .
كيف ترى هدى درويش الحالة التي ألت إليها الموسيقى العربية؟
الموسيقى العربية ضحية الاستعمار الثقافي لعقول الشباب , لكن تاريخها و أصالتها سوف تغلب كيد المقنعين بكل تأكيد... و أذكر في كل حديث عن الثقافة أو الأغنية الشرقية قصيدة الرائع نزار قباني "حب" التي يكون فيها العربي مستعد ليبيع المتنبي حتى يشتري شكسبير و ليبيع أم كلثوم ليشتري مادونا...
من يهواه قلب هدى و تطرب له أذنها من المغنيين حاليا؟
جاهدة وهبة دائما في الصف الأول و عن جدارة أذكر ميادة بسيليس و أميمية الخليل, لينا شماميان, كاميليا جبران , سعاد ماسي ,هبة القواس...هم كثيرون و كثيرات و اعتذر لمن لم يذكر اسمهم ...يناضلون لأن تبقى الهوية العربية في الموسيقى.
عودة إلى الكتابة ...ما سر الإبداع في الشعر و النثر و اقتحام الأدب من أوسع أبوابه و هي الرواية ...و كيف تتحكم درويش في كفتيّ الطب و الفن معا ؟
الكتابة احتياج روحي وجداني ...و الطب أيضا هو احتياج أرواح الناس إليك, هو احتياج موضوعية عقلك العلمي للتجربة , هو مهمة إنسانية يكلف الله بها من استطاع... في الحفاظ على الأمّة تماما كالكتابة فمن الرقيّ أن يكون الطبيب شاعرا, و من العظمة أنْ يكون الشاعر طبيبا...
ما جديد هدى درويش...؟
جديدي هو أنني أبحث و أعيش على محبة الآخرين...شعرا أو نثرا أو معاملة...هنالك ديوان بعنوان " لك وحدك" سيصدر منتصف السنة المقبلة في بيروت و رواية أيضا بصدد التحضير لن أفصح عنها ربما في وقت قريب و كذا أعمال ترجمة لرواية " آمال...حب يبحث عن وطن" الصادرة بالقاهرة إلى اللغة الفرنسية و نشرها بباريس نهاية 2013.
هل تعيش هدى قصة حب جارفة تدعم كتاباتها و هل من رسالة إلى أحبائها ...؟
عن الحب ...أفضل ألاّ أجيب و هو ذلك الشعور النبيل الذي يعاني مأساته في زمن المصالح و المظاهر ...( تقول مبتسمة) ...أما عن الرسالة فهنالك رسائل محبة و سلام إلى كل القلوب الباكية من ذعر ما يحدث في بلادنا العربية و في العالم أجمع ... أقول قلبي يعتصر حزنا على من سقطوا و يسقطون من الأبرياء في كل بقاع العالم ...و لأحبّاء اليسوع أتمنى عيد ميلاد مجيد و سنة مليئة بالحب و التعايش و الصفاء...سنة يعيش فيها زيتون عكا و صلبان بيت لحم حرّة أبية كما أراد الله لها...
#فاديا_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟