|
من وحي ألف ليلة وليلة
أسماء الرومي
الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 21:05
المحور:
الادب والفن
كتب أحد الأساتذة الزملاء في الحوار المتمدن في 10ـ 1 ـ 2013 قائلاً:أغرب ما سمعته وشاهدته قبل أيام في إستطلاع تلفازي ،في إحدى الكليات الأنسانية العراقية عندما سأل مقدم البرنامج الطلاب : هل قرأتم قصص ألف ليلة وليلة ؟ أغلبهم أجاب بلا ، غير إن أحدهم قال : قرأتُ بعضاً منها فوجدتها مملة وتركت قراءتها ــ لا عجب يا أخي فقد شُغلنا كثيراً عن الأولاد ولسنينَ طويلة ، كان شغلنا الشاغِل التطبيل للحروب والرقص لبابا صدام ، وفي كل المجالات ، ففي المدارس كان هو الكل في الكل للأطفال .كل الأناشيد كل قصص الأطفال لم تكن لغير هذا البابا ، وغسل الأدمغة في المدارس الثانوية بكتب الثقافة القومية ، وصوت النشيد الوطني الفاشي، والأناشيد الحربية للشعراء الطبالين، كانت تضرب في رؤوسنا ، في الفرص وفي اللقاءات الأسبوعية في الساحة ، والكلمات الهتلرية من وزارة التربية وكم قُطعتْ دروسنا،لتدخل فرق أمنية وتُخرجنا مع الطلبة لمناسبةٍ ولغير مناسبة ، وكان الشعار الأوحد الذي نسير به هو الشعار الأرهابي , بالروح بالدم نفديك ... ، كان كل شئ له ومن أجله ، كنتُ أتمنى أن يرسم الطلبة أشياء جميلة ،إذ أدربهم على إستعمال الألوان وأحببها لهم عن طريق تذوق الطبيعة وألوانها وأشياء كثيرة جميلة ، لكن العديد كان يتذوق رسم الدبابات وألوان الحرب. أحد المطبقين من الأكاديمية، طلبتُ منه رسم عجلة الألوان على الجدارِ المطلِ على الساحة . حين أتم عمله ، رسم صورة صدام في أحد جوانبها ، وهل أستطيع أن أقول لا ؟ ونظر إليّ من يعملون في الأدارة معاتبين ، خوفاً من المشاكل ، قلت أيام قلائل وسيأتي أستاذه ، ليكمل درجته وسنتصرف . لا زلتُ أذكر كيف نظر أستاذ الأكاديمية بفخرٍ للصورة ... أنظري كم هو جميل ؟ والمطبق الآخر يرسم لي صاروخ ينزل وبكل قوته ،وكان زملائى يغمزون, سيفلشنا صاروخكِ ، هذا ما كانتْ ترقص به المدارس وخارج المدارس ، فمن أين يعرف الأولاد ألف ليلة وأحلام شهرزاد ؟ هنا في أوربا ، أشهر القصص للأطفال هي ما أُخذ عن قصص ألف ليلة وليلة , فمصباح علاء الدين والبساط السحري ، والطائر الخرافي الرخ ،والحدائق الذهبية ومدن العجائب ، والقباب الجميلة وكم أقتبس منها لأفلام الأطفال . هذه القصص هنا في السويد تضاهي قصص أشهر مؤلفة في أدب الأطفال , أستريد لند كرين ،ـ والتي من قصصها ، ببي ـ وأميل ، والمترجمة لأكثر لغات العالم ،كتباً وأفلاماً . ومثل السويد رأيتُ في أميركا ، في مكتبات الأطفال وفي الأفلام التي تعرض على شاشة التلفزيون ودور السينما لكنّا شُغلنا كثيراً عن أولادنا ، واليوم الشغل الشاغل أسوأ ، فالسادة الحاكمون مشغولون ببيع البلد بتراثه، وهل يهمه من يبيع الضمير .. البلد أو تراث البلد أو حتى أهله ؟ في زيارةٍ لدزني لاند ، عالم الأطفال ، في لوس أنجلس ، قبل سنوات وفي أحد الأقسام ركبنا عربةً كانت تطوف في كهوفٍ تحاكي شعوبَ العالم ، ومن أبرز ما رأيته هو ما عرض من أحلام ألف ليلة وليلة ،مصباح علاء الدين وبساط السندباد الطائر ، وكم جميلة بدت بغداد وهي تحكي القصص للأطفال . كان عالماً صغيراً يمثل كل شعوب عالمنا الذي نعيش فيه . وكنتُ قد كتبتُ هذه الخاطرة في 29ـ 5 ـ 2009 ، وسأغير قليلاً فيها. بين كهوفٍ مضيئةٍ تحكي قصصَ حبٍ للأطفال تسيرُ بنا العربة عالمٌ فاتنٌ يمثل الناس ومن كل الأجناس من كل بلادٍ ، من كل مكانٍ لكنّه عالمٌ واحدٌ سماؤه واحدة وشمسه واحدة ومشرقةٌ كانتْ في هذه السماء تلوح بأحلامها بغداد تعلو قصصاً من ألف ليلة وليلة تضئ بمصباحِ علاء الدين وتحلق ببساطِ السندباد ويدور العالمُ الصغير وبين الكهوفِ نصل لمكانٍ يمثل مجمعاً كبيراً لكل الشعوب كان الكل يحمل كتاباً واحداً به يقرأ ويتغنى والجميع أنشودةٌ وأمنيةٌ واحدة ومع ابتسامةِ حبٍ مشتركة بكل اللغاتِ تعلو الأصوات وكم عذبة وكم فاتنة تتموج الأصوات لعالمٍ واحدٍ نُنشِدُ عالمٌ يشتركُ بالأفراحِ بالأمل نتقاسم الفرحَ نتقاسم الخوفَ والدموع لأن العالمَ صغيرٌـ وشمسه الذهبيةُ واحدة ـ ودعونا نتمنى معهم ،وفقط أمنيةٌ لو إن آلهةَ الحبِ اللطيفةِ هذه والتي تجمع العالمَ في هذا المكان الصغير تخرج لعالمنا ،وبدفئها تمسُ قلبَ الأنسان ومن رقتِها ودماثةِ خلقها تخلق له مشاعراً ولقلبِه نور فلا غرورَ لا مطامعَ لاشرور لا أدعياء وكم من يفرضونَ أنفسهم أولياء بل أوصياء ـ وكم من أذىً ألحقوا بعالمِنا ؟ ألم يحن الوقت ليفهم الجميع أن العالمَ واحدٌ وهو عالمٌ صغير ؟ 16 ـ 1 ـ 2013 ستوكهولم ـ أستريد لند كرين , لو وضع نوبل في شروط جائزته أدب الأطفال لكانت هي أول المرشحين لها ـ مقطعين من الأغنية ـ وكم أرى وأقرأ العجب من هؤلاء الأوصياء والأولياء من بعض من يكتبون معنا، ممن يتصورون أنفسهم ذوي عقولٍ، فهم الأولياء وخاصةً على المرأة ؟ وويلها إن كانت زميلة لمثل هؤلاء ؟ المدعون ،والذين ينسفون كل ماكتبوا بكلماتٍ عدوانية يخاطبون بها زميلةً لهم يا لعقولٍ حجرٍ لاتساوي حتى الأنشغال بالردِ على أمثالِها
#أسماء_الرومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شمسٌ في شتاءِ ستوكهولم
-
بغداد صورٌ وشجن
-
رفرفة طائرٍ
-
شكراً خلدون جاويد
-
الدمعةُ واحدةٌ يا ابنَ سومر
-
مرّ الأمسُ من هنا
-
غني لأبناءِ القمرِ يا عيد
-
عجب أمر الزمن
-
خواطر مع الثلج
-
أسيولاً أم قطرات مطر
-
أوطانٌ تذوبُ مع النيران
-
لكنه الأمل
-
أكبر ما في الوجو
-
إنهم يمنعون النغم
-
لعيون أحبابي يشرق العيد
-
قلوبٌ ودموع
-
غصن النارنج
-
صداحٌ همسُ النورِ يا بغداد
-
أجنحة الطفولة ستوكهولم
-
صوت ودٍ من بلدي
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|