طالب عباس الظاهر
الحوار المتمدن-العدد: 3974 - 2013 / 1 / 16 - 13:17
المحور:
الادب والفن
(الى الراحلين الكبيرين: محمد علي الخفاجي وهادي الربيعي)
في البدء قلت في نفسي، إن الصمت سيبقى أبلغ من كل كلام .. وإن المراثي ـــــ قطعاً- لا تليق بالفرسان .. فشاكسني الحرف -كعادته - متبرماً باستنكار حزين:
وهل إن الصمت ينفع لغة في دنيا العميان!!
ورددت في نفسي، صم .. وبكم أيضاً! قلها أيها الحرف، ولا تخشى في الحقيقة المرة شيئاً.
لكن، أسفاً سيدي الحرف.. كيف يتجرأ مثل هذا القلم المطعون بنصل الإهمال، أن ينشد رثاءً للمجروحين؟!
وأي رثاء ذاك سيفي ألم فقدهما، ولوعة الحرمان؟
بل أية كلمات تلك يمكن أن تقال في حضرة فرسان القلم، وعرسان الأبجدية؟!
فعندما يسقط شاعر؛ ينكسر قلب الحرف، وتدمع عين الكلمات، ويفيض الحزن أشعاراً في وهاد اللحظة الموحشة.. وتعشوشب أسىً صحراء الأفئدة.
عفواً سيدي الحرف.. فإني لا أجيد لغة الرثاء!، لأني لا أحب تأبين براءة الأطفال في الشعراء بحفنة كلمات، وتقييد كهولة الحكمة في سنينهم المجدبات بمجموعة جمل.
بيد إننا والحق سنبقى نرثي بفقدهم أنفسنا لا غير!.
أجل، فالأول سيظل أحد الآباء الروحيين للدراما الشعرية، حينما ارتضع حليب محنتها مجبولاً بالدمع .. من طقوس عاشوراء، وهزهزته في مهدها بيد واقعة كربلاء .. فأدرك بذائقته المرهفة مبكراً، إن الفجائع الكبرى لا تنطقها إلا مقل الشعر، وإن لسان النثر أعجز من استيعاب فورتها؛ فأطلق - بعد نكسة حزيران المشؤومة ـــــ لعنان أمنيته الرائعة .. أن تجيء ثانية بمصلح لفساد الواقع كالحسين.
وأما الثاني، فسيبقى الناسك في محراب الصوفية، وسنسمعه يرتل مزاميره الكونية.. بصمت حزين، تاركاً عنكبوت شعريته كي ينسج بهدوء دامي.. حرير لوعته بين كوى النجوم.. سكناً دافئاً، ووجوداً سرمدياً بلا أفول.
[email protected]
#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟