|
عنبر «مرسي» للتأديب
فريدة النقاش
الحوار المتمدن-العدد: 3974 - 2013 / 1 / 16 - 07:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
اقترح الكاتب والمفكر «صلاح عيسي» علي الرئيس مرسي إنشاء عنبر خاص في أحد السجون لحبس من تلاحقهم بلاغات الرئاسة من الصحفيين والإعلاميين، وذلك بعد أن وصل عدد البلاغات التي قدمتها الإدارة المركزية للشئون القانونية في رئاسة الجمهورية لأكثر من 500 بلاغ ودعوي وسوف يضطر الرئيس في هذه الحالة إلي تخصيص عنبر آخر في سجن النساء للصحفيات والإعلاميات اللاتي تطولهن البلاغات الرئاسية. وقال «شريف منصور» منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين الدولية ومقرها بنيويورك «إن مرسي يقدم لنا وجهين في الحديث عن حرية التعبير في مصر، واحد يقدمه إلي المجتمع الدولي، وآخر يظهره للصحفيين في الداخل». وكان الرئيس «مرسي» قد صرح لشبكة السي. إن. إن الأمريكية قبل أيام أنه ملتزم بتعزيز الديمقراطية وحرية التعبير في بلاده، وبعد أيام قليلة جرت ملاحقة قضائية من قبل الرئاسة للزميل «جمال فهمي» وكيل نقابة الصحفيين الذي كان قد وجه في عموده اليومي اتهاما للرئيس «مرسي» بإساءة استغلال السلطة، والتسبب في وفاة الزميل «الحسيني أبوضيف» الذي استشهد قبل أسابيع بعد أن أطلق عليه مؤيدون للإخوان المسلمين الرصاص عن قرب بهدف قتله أمام الاتحادية، وهي الواقعة التي لم يجر التحقيق فيها حتي الآن رغم أن نقابة الصحفيين تقدمت بملف شامل وطالبت بالتحقيق. وقدم اتحاد الصحفيين العرب في انتخاباته التي جرت في القاهرة قبل أيام ردا بليغا ضد ممارسات حكم الإسلام السياسي في مصر التي استهدفت حصار حرية التعبير وملاحقة الصحفيين والإعلاميين وذلك بإسقاط مرشح الإخوان المسلمين «ممدوح الولي» نقيب الصحفيين المصريين لرئاسة الاتحاد، وهو الموقع الذي طالما شغله النقيب المصري، ولأن العالم أصبح قرية واحدة – فما بالنا بالقرية العربية الصغيرة جدا – فإن سياسة «الوشين» للرئيس «مرسي» لم تنجح، وتعرف العالم كله علي الموقف الحقيقي للسلطة المصرية الجديدة ضد حرية الفكر والتعبير وضد الصحافة والإعلام، وهو موقف كان قد انعكس في صياغة الدستور حين لم تستجب الجمعية التأسيسية بالتيار الغالب فيها من قوي الإسلام السياسي لما قدمته نقابة الصحفيين والمجتمع المدني من مقترحات لتحصين الحريات العامة وحرية الصحافة والإعلام علي نحو خاص، ووصلت البلطجة ضد الإعلاميين لذروة غير مسبوقة حين حاصر السلفي «حازم أبوإسماعيل» وأنصاره وهو حليف لمرسي مدينة الإنتاج الإعلامي ووقعت اعتداءات بدنية علي بعض الإعلاميين.. ثم توالت الملاحقات القضائية الرئاسية ضد الصحفيين والإعلاميين. وهكذا اتسعت الشقة بين الهدف الأول لثورة 25 يناير وهو الحرية وبين ممارسات حكم الإسلاميين الذي ضاق صدره بها، ولم يكتف الحكم بالإبقاء علي ترسانة القوانين المقيدة للحريات الموروثة من العهد السابق بل أخذ يضيف إليها قيودا جديدة سواء في شكل قوانين مثل قانون «منع» التظاهر، أو في شكل مواد دستورية تبيح إغلاق الصحف والقنوات التليفزيونية وحبس الصحفيين في قضايا النشر.. إلخ. ولكن المجتمع المصري الذي اشتعلت في جنباته الثورة قبل عامين وهو يعتزم مواصلتها حتي بلوغ أهدافها كافة لم ولن يتقبل هذه الممارسات من حكم يدعي رجاله ونساؤهم أنهم شاركوا في إنجاز الثورة ولا يلتفتون للمفارقة حيث يعتدون الآن يوميا علي قيم الثورة وأهدافها وحتي شبابها. ولم يعد وصف ما هو قائم الآن بأنه ثورة مضادة كافيا إذ حقيقة الأمر هو أنه نظام فاشي ديني يمثل أفظع أشكال الفاشية في معاداتها للحرية واستعلائها علي الفقراء والكادحين واستخدامها لأدوات القوة الإجرامية في مواجهة الخصوم وصولا إلي قتلهم بالجملة بعد إرهابهم بدءا من الإرهاب الفكري وصولا إلي العنف البدني. وكما سبق أن دفع الشعب المصري وطلائعه الثمن المطلوب لإنجاز ثورة 25 يناير من دماء خيرة شبابه من النساء والرجال ومن جراح آلاف المصابين فإنه سوف يدفع بسخاء إضافي ثمن الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية في مقتبل الأيام، وقد نضج وعيه بهذه القيم والأهداف. وتتشكل الآن في رحم المجتمع المصري آلاف الأجنة التي سوف تنمو وتكبر وتولد حاملة رايات الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة بإصرار أشد لأن قوي جديدة لم تكن قد التحقت بالموجة الأولي من الثورة أخذت تأتي إليها بعد أن عرفت أن طريق التغيير إلي الأفضل ليس مفروشا بالورود ولكن بالجهد والعرق والمكابدة والصبر. ومن المؤكد أن عنابر «مرسي» لتأديب الثوار والتنكيل بطلائعهم لن تجدي فتيلا، بل لعله يتعظ من الطريقة التي سقط بها «مبارك» ويدرك أن خبرة الشعب المصري في هذا السياق هي وراءه وليست مجهولة وأنه قد تمرس جيدا علي إسقاط الطغاة.. وسوف يسقطهم حتي لو طال الزمن.
#فريدة_النقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديقي المسيحي
-
مع كامل الاحترام للدين
-
عن أوهام الفاشية الدينية
-
كشف الغطاء
-
مصراوية.. لا إخوان ولا سلفية
-
تحرير الإعلام
-
من حصاد الثورة
-
الإخوان .. ثورة مضادة
-
«طظ» في الشرعية!
-
أفكار الرئيس البالية
-
اللاعبون بالنار
-
مفهوم الرجولة
-
الشرطة الدينية
-
حرب المواقع
-
في أسبانيا: الناخبون يعاقبون اليسار لأنه نفذ سياسة اليمين
-
الاحتقان بين الخارج والداخل
-
حسابات صغيرة
-
هجرة المسيحيين
-
«وطار».. الشهداء يعودون
-
فانون والفلاحون
المزيد.....
-
-جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون
...
-
-لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ
...
-
تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا
...
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|