أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حول المشكلة الإسلامية (3)














المزيد.....

حول المشكلة الإسلامية (3)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 23:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الروح القبلية السامة


قد نشأ الإسلام في فترة تاريخية معينة حين كان التطور المجتمعي في منطقة نشأته بشبه الجزيرة العربية لا يزال يقف عند البناء التنظيمي القبلي. وقد ورث الإسلام هذا البناء. لكن للأسف، عكس أديان قريبة ووثيقة الصلة أخرى مثل اليهودية والمسيحية، لم ينجح الإسلام في تجاوز هذا الأساس التنظيمي البدائي والبناء فوقه وظل ملازماً له حتى اليوم ويحرمه القدرة على بناء أي مؤسسات متطورة حقيقية، سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، أو حتى دينية. إذا استعرت هنا لغة التصوير الفوتوغرافي، أستطيع القول إن الإسلام أخذ صورة فوتوغرافية شاملة وكاملة لبيئة وأسباب نزوله، ثم طبعها تحميضياً في صورة القرآن والسنة وآثار السلف الأول وأخذ يطبقها، أو يتمنى أن يطبقها، كما التقطت على حالتها البكر الأولى دون تدخل أو تعديل. وقد تصادف وقت التقاط الصورة أن كانت القبيلة هي الشكل التنظيمي الاجتماعي السائد والأهم، ومن ثم كان من الطبيعي جداً أن تظهر هذه الصورة القبلية في العالمين الإسلاميين المثاليين المنشودين، أحدهما في السماء والآخر في الأرض، مع كون الوحي والرسل (أنصاف الآلهة أنصاف البشر) هي حلقة الوصل بين الاثنين. وقد ظل الدين دائماً أبداً يحلم بعالم أرضي يكون لأقصى درجة ممكنة صورة طبق الأصل من النموذج السماوي المثالي.

العائلة والعشيرة والقبيلة والجماعة والأمة كلها ذات نواة وبذرة واحدة- الشخص الطبيعي (الذكر في الأعم). لا يوجد أي اختلاف في النوع على الإطلاق بين العائلة والعشيرة والقبيلة والجماعة والأمة، كلها من مصدر شخصي (ذكري) واحد؛ الاختلاف الوحيد بينها هو في الحجم. الرابط المشترك بينها جميعاً هو الرابط الشخصي (اللحم والدم)، الذكوري تحديداً. على هذا الأساس الشخصي، العائلي، القبلي قام الإسلام ولا يزال يمارس. وقد ظلت القبيلة دائماً بمثابة روح الجسد الإسلامي، لدرجة أن انتزاعها قد يؤدي إلى هدم المعمار الإسلامي القديم كله وتأسيس إسلام آخر مختلف إلى حد انقطاع الشبه والصلة بين الاثنين. على سبيل المقارنة الإيضاحية، ثمة اختلاف شاسع بين إسلام المنطقة العربية الذي لا يزال قديماً، قبلياً، وبين إسلام بعض الدول الآسيوية غير العربية مثل تركيا، التي نجحت في تنقية إسلامها من هذه الروح العائلية والقبلية التقليدية السامة، لينفتح المجال لأول مرة في بلد مسلم منذ نشأة الإسلام ذاته أمام قيام مؤسسات سياسية واجتماعية وثقافية ودينية مستقلة وفعالة وحقيقية.

طوال تاريخه، لم يعرف الإسلام ولم يؤسس يوماً دولة حقيقية ذات مؤسسات. منذ 1434 عاماً حتى اليوم، لا تزال العائلة والقبيلة (وفي بلدان أخرى الجماعة والأمة، أو تنظيمات حزبية أو أخرى ذات مسميات حديثة لكن تسكنها نفس الروح العائلية والقبلية القديمة) هي المنتشرة والسائدة والغالبة والحاكمة. في العهد الإسلامي الأول في المدينة ثم في مكة، وأيام الخلفاء الراشدين الأربعة، القبيلة كانت تحكم، لكنها كانت قبيلة من نوع جديد- قائمة على رابطة الدين الجديد محل رابطة اللحم والدم. ثم سرعان ما عادت رابطة اللحم والدم التقليدية إلى الظهور والهيمنة مجدداً مع ما سُميت تزويراً فيما بعد دول الخلافة الإسلامية. كما من أسمائها ذاتها وعلى منوال سابقاتها ومعاصراتها في المنطقة حينذاك، كانت جميعها أنظمة حكم عائلية وقبلية بامتياز: عائلة (قبيلة) بني أمية وعائلة (قبيلة) بني العباس، تلتها عائلات (قبائل) الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين. حتى اليوم لا تزال العائلة (القبيلة) هي الأكثر انتشاراً والحاكمة في بلدان مثل السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت، وعمان والأردن والمغرب. وفي نضالها الثوري بروح الاشتراكية والقومية العربية في الخمسينات والستينيات سعياً في التبرؤ من هذه الروح القبلية الإسلامية التقليدية العضال، كادت البلدان المسلمة ذات الجذور الحضارية القديمة أو التي على اتصال بالحداثة الغربية مثل مصر والعراق وسوريا والجزائر وتونس أن تلاقي حتفها، لما كادت أن تنتكس مرة أخرى إلى "جمهوريات ملكية عائلية" متوافقة ومتجانسة وربما متطابقة في كل شيء مع الممالك والمشايخ والإمارات العائلية التقليدية المنتشرة في ربوع الموطن الأصلي للإسلام. لكن لحسن الحظ في اللحظة الأخيرة جاءها الغوث على جناح رياح ربيع عربي هبت في فصل الشتاء من تونس، الدولة العربية الأكثر حداثة واتصالاً وتأثراً بالثقافة الغربية.

على خلاف معظم الأديان والحضارات الكبيرة الأخرى عبر التاريخ، يكاد يكون الإسلام تأريخاً حصرياً لسلاسل متقاتلة ومتقطعة من الأسرات والعائلات والقبائل الحاكمة، من عائلة بني هاشم وقبيلة قريش وبني أمية وبني العباس وبني فاطمة وبني أيوب...وبني عثمان، إلى آل سعود، وآل نهيان، وآل حمد، وآل صباح...الخ. ساكنو التاريخ الإسلامي كلهم أشخاص وعائلات وقبائل. لم ينجب الإسلام مؤسسة لاشخصية مستقلة واحدة. حتى تنظيمات أكبر تدعي لنفسها العالمية مثل جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الدعوية والسلفية والجهادية، والأزهر ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين...الخ تبقى كلها مشخصنة ومسكونة بروح العائلة والقبيلة القديمة، لا تقوم على أي مما تقوم عليه المؤسسات اللاشخصية واللاقبلية الحديثة. العائلة والقبيلة تقوم على الشخص، والقواعد والأعراف والأخلاق الشخصية؛ لكن المؤسسة تقوم على "اللاشخص" أو الشخص الاعتباري، ومن ثم على أصول وقواعد اعتبارية محايدة ولاشخصية.


___________________________
هذه السلسلة هي بذرة بدائية جداً في مشروع كتاب مزمع في نفس الموضوع في الوقت المناسب. وفي سبيل ذلك، يرحب الكاتب بكافة التعليقات والمساهمات والمقترحات وعروض النشر الجادة من الجميع.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء
- عندما يعتلي الإله سدة الحكم
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر
- في وحدانية وسماوية الجسد والمرأة
- سيدنا الشيخ بديع مع سيدنا الولي مرسي


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حول المشكلة الإسلامية (3)