أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن محسن رمضان - في طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة















المزيد.....

في طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 16:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    



كشفت الأحداث المتكررة للمظاهرات في الكويت وما رافقها من محاولات التخريب والاعتداء على رجال الأمن وردود أفعال القوات الخاصة على من كانوا يرشقونهم بالحجارة والزجاجات الفارغة، وأحياناً استخدام القوة المفرطة غير المبررة مع المتظاهرين، كشفت عن خلل واضح في مفهوم طبيعة علاقة الفرد بالدولة والقانون. هذا الخلل في الفهم ناشئ بطبيعة الحال من النظر إلى الدولة ومؤسساتها على أنها دائماً الطرف المناهض المعادي للشعب، بل يتعدى أحياناً إلى النظر للدولة على أنها العدو المباشر. وأنا هنا أتكلم تحديداً عن الكويت وعن مناخها السياسي فقط دون غيرها من الدول العربية، وأتكلم عن الظرف الفكري لقطاع محدد من شعبها دون المجموع العام. وإنْ كنت في الحقيقة لا أنكر أبداً أن "الدولة" في الكويت كان لها ماضٍ غير أبيض فيما يتعلق بالعمل ضد مفهوم الدولة الديموقراطية ومؤسساتها، إلا أنني لا أستطيع أن أنكر أيضاً أن المحاولات الحالية من جانبها لفرض هيبة القانون هو حتماً محاولة جادة للتغير والسير نحو الأفضل وعلى كافة المحاور، كما أنه لا أحد يستطيع أن ينكر اليوم المسؤولية المباشرة للشعب واختياراته الديموقراطية في كارثية الحاضر الكويتي من خلال الصراع الانتخابي – الاجتماعي الدائر في الكويت وهو ذو محاور مذهبية - عِرقية - طبقية.

لا أحد بالطبع يملك أي ذرة من العقلانية يجيز لنفسه أن يتبنى فكراً يحمل بين آلياته فرض أفكاره وتطلعاته ومبادئه بالقوة. ولم يقم أي فكر أو منهج على أساس الفرض والغصب والقوة إلا وانهار فيما بعد عاجلاً أو آجلاً. ولكنه أيضاً من أساسيات قيام الدولة وحفظ كيانها هو مبدأ احترام القانون وتعاليه وفرضه بالقوة، نعم بالقوة، إذا لزم الأمر ذلك. ولن أضرب هنا أمثلة من الدول الديموقراطية الحديثة وآليات تعاملها مع الفرد لأنه من الواضح أن هناك كم لا بأس به من العواطف فيما يتعلق بهذا الموضوع، ولكنني أدعو الليبراليين إلى النظر لدول مثل فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الإمريكية خلال السنوات الثلاث أو الأربعة الماضية لأمثلة كثيرة لكيفية فرض هيبة القانون عندما خرجت المظاهرات عن سلميتها، أما التيارات الإسلامية التي من الواضح أن هناك تعاطف شعبي مع شعاراتهم التي لم ينتج عنها إلا المزيد من التراجع للخلف فأنا أدعوهم للنظر إلى التاريخ الإسلامي الأول والخلافة الراشدة، ألم يكن فرض القانون بالقوة إذا لزم الأمر هو المبدأ؟!

إن الديوقراطيات في أساسها هي نُظم تشريعية منتخبة وتداول للسلطة بشكل سلمي ديموقراطي. عندنا هنا في الكويت هو النصف الأول فقط من الديموقراطية، أي مؤسسات تشريعية منتخبة من الشعب. في هذه المؤسسات يقوم الشعب الكويتي باختيار نوابه في البرلمان، ومن ثم يقوم هؤلاء النواب، بالنيابة عن الشعب والأمة، بوضع القوانين للبلاد. أي أن القانون ما هو في الحقيقة إلا تجسيد لرغبات وتطلعات الشعب الكويتي بكل فئاته. أقول "بكل فئاته" لأن النائب في البرلمان (وأنا أفكر هنا بشكل طوباي مثالي) هو ممثل لكل الشعب الكويتي بغض النظر عن من انتخبه من عدمه. ولذلك فإن القانون يُمثل تطلعات الأمة حتى وإن اختلف بعضنا مع هذه القوانين لسبب أو آخر. لكن هذا الاختلاف لا يعني أبداً أن نجيز لأنفسنا أن نهين القانون ونتجاوزه متعمدين إذا اختلفنا معه وإلا لأصبح الوضع كشريعة الغاب الغلبة فيه للأقوى.

فعلام نختلف إذن؟

في كل السياق العام للمواجهات التي حدثت منذ سنة 2008 مع محاولات منع الانتخابات القبلية الفرعية العنصرية المخالفة للقانون وما تلاها من هجوم لمجاميع من قبيلة مطير على مبنى أمن الفروانية ومروراً بحوادث اقتحام متعددة لأبنية عامة وبحادثة اقتحام مجلس الأمة الكويتي في نوفمبر 2011 ونهاية بأحداث الأسابيع القليلة الماضية التي تنتهي عادة بمحاولات دهس (قتل) أفراد الشرطة والمصورين أو إتلاف الممتلكات العامة، في كل تلك الحوادث كان السياق متشابه. مجموعات قبلية في مجموعها العام تُصر على مخالفة القانون والافتئات عليه والتذاكي في ممارسة هذه المخالفات، ثم تقوم قوات الأمن بمحاصرة هذه الأماكن واعتقال المخالفين للقانون. ففي تلك الحوادث تقوم هذه المجاميع بالتجمهر للتعبير عن رفضها لقضية ما أو شرح وجهة نظرها، وهذا لا غبار عليه من حيث المبدأ بل هو في الحقيقة شيء صحي ومطلوب، ولكن، فجأة، يقرر هؤلاء المتجمهرون إما بمهاجمة مباني مؤسسات الدولة بالقوة أو اتلاف الممتلكات العامة أو رشق رجال الأمن بالحجارة والزجاجات الفارغة ومحاولة التعدي عليهم وأحياناً محاولة قتلهم بالدهس. ما ينتج عن هذا الفعل هو شيء بديهي في أي دولة في العالم بلا استثناء وهو استعمال رجال الأمن القوة إما للدفاع عن أنفسهم أو لفض التجمهر أو محاولة اخلاء مباني مؤسسات الدولة كما حدث في منطقة حولي أو برج التحرير أو لاعتقال أشخاص مشتبه بهم يمارس ذويهم أو أعضاء ووجهاء قبائلهم مقاومة رجال الأمن. بل إن هذه المجاميع القبلية لجأت مؤخراً إلى الدفع بالأطفال ومَنْ هم دون سن البلوغ من طلبة المدارس إلى مقدمة المواجهات والمظاهرات، وهذه ممارسة شاذة حتى على المعيار الحضاري الذي ينادون به ظاهرياً. وكان هذا هو السياق في ما يحدث في الكويت.

بعض الاعتراضات تتركز على مسألة التعسف في استخدام القوة. كمبدأ، أنا أرفض تماماً التعسف في استخدام القوة لقناعتي التامة بأننا كلنا، وبلا استثناء، سوف نقع ضحايا له إما عاجلاً أو آجلاً، هذا بالإضافة إلى رفضي القاطع لكل انتهاكات حقوق الإنسان أينما كانت وبلا استثناء. ولكن المسألة في هذه الدعاوى التي تقول بأن قوات الشرطة قد استخدمت العنف المفرط لا تُحل أصلاً من خلال استعمال عنف مضاد من جانب المتظاهرين، وإلا ما الفرق بيننا وبين ما يحدث في سوريا ومصر العراق ولبنان؟ فأي خلاف يجب أن يخضع أولاً وأخيراً في البت فيه لسلطة مستقلة ثالثة هي السلطة القضائية، وليس هناك مكان في الدولة المدنية لأخذ الحقوق بالقوة والعنف والدعوات العصبية و "فزعات الحرايب" القبلية وقذف الزجاجات الفارغة والتعدي على رجال الأمن. ليلتزم الجميع بما ورد في القوانين السارية في دولة الكويت. ليحترموا القانون أولاً. ثم بعد ذلك إذا كان أي أحد لديه ما يعترض عليه في هذه القوانين، أو هو يعترض على نتائج انتخابات مجلس الأمة الحالي الذي هو قاطعها بمحض إرادته ثم ليكتشف بأنه قد أخطأ خطئاً فادحاً في مقاطعته تلك، فلينتظر إذن مجلس الأمة القادم ويطرح تلك التعديلات على القوانين من خلال نوابه في البرلمان. ولا حلّ إلا حل القضاء أو البرلمان، وليس هناك خيار ثالث إطلاقاً في أي دولة مدنية ديموقراطية.

ما يحدث في الكويت من جانب هؤلاء المتجمهرين والمتظاهرين من تعدي على القانون وتخريب الممتلكات العامة هو مرفوض رفضاً قاطعاً. مرفوض لأنه يعادي كل أساس من أساسيات التفاعل السليم بين المواطن من جهة وبين الدولة ومؤسساتها من جهة أخرى. ولا يغرنكم التهييج العاطفي الذي يمارسه البعض من خلال كتاباته وإعلامه، فإن ما يمارسونه ما هو في الحقيقة إلا تغييباً للوعي المدني السليم بأساسيات التمدن والتحضر.

احذروا هؤلاء الذين يدغدغون عواطفكم، فوالله ثم والله، إنهم ينطبق عليهم القول المأثور:

"أسرع الناس إلى الفتنة أقلهم حياءً من الفرار"



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما نفقد خارطة طريقنا
- مشكلة اليهودية والجغرافيا عند كتبة الإنجيل
- من إشكاليات قصة يسوع الإنجيلي
- التناقضات الأخلاقية عند يسوع الإنجيلي
- هل هذه صلاة أجر ومغفرة؟
- في إشكالية الشعوب العربية
- سؤال غير بريئ لما يسمى ب -القوى الشبابية- في الكويت
- بصراحة … رأيي في أحداث مسيرة يوم الأحد
- كلمة قصيرة لمن يخاف -ثورة- في الكويت
- لأنكم مجتمع يمثل شذوذاً في كل شيء
- حتمية الصدام بين المنهج السلفي والدولة المدنية
- ميسون سويدان ... أيتها الرائعة
- أيها السياسيون الكويتيون العباقرة … يا أيها الشعب
- باغافاد غيتا – المعرفة السرية القصوى
- التدليس في الخطاب الإعلامي الديني ... محمد العوضي كنموذج
- إشكالية النص المسيحي وشخصية يسوع
- مَنْ كتب الإنجيل؟
- في نقد الطب الإعجازي المسيحي والإسلامي
- حوادث أكل لحوم البشر في التاريخ الإسلامي
- شذوذ مفهوم الوطنية في الذهنية العربية


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن محسن رمضان - في طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة